ليس الحديث عن الإمام الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي (قده) حديثاً عن فترة تاريخية قصيرة، انتهت يوم رحيله عنّا، بل هو حديث عن تاريخ سيال تترابط فيه عناصر الماضي والحاضر لتمتد إلى المستقبل.. ذلك أن امتداد الزمن في أبعاد المكان يصبح مجرد تحيز جامد ما لم تتدخل فيه الروح الإنسانية لترسم عليه ملامحها الخاصة وتصبغها بمميزاتها. وفي الأغلب فإن التاريخ الممتد من الماضي يفرض سماته على المجتمعات عندما تستسلم أمامه بانهزاميتها الجسدية في الظروف القاهرة، فيقودهم الماضي بتراكماته السلبية نحو رحلة عبثية لا هدف لها. هذا الامتداد الزمني القاهر هو الذي يفرض تأثيراته الجبرية على أناس، ضاعت حريتهم وإرادتهم أمام مصالحهم الضيقة وأطماعهم أو عبوديتهم أو خوفهم أو جهلهم.
وهنا يبرز دور العظماء الذين يستجيبون للتحديات ويقفون بصمود أمام جبروت الزمن ويكسرون بإراداتهم الصلبة جبريته واستعباده، فهم الذين يصنعون التاريخ ويرسمون بأناملهم آنات الزمن ليفرضوا تأثيراتهم الخاصة على التاريخ، وما أقل هؤلاء وما أندرهم في عصر أصبح فيه الانحلال والقيود والأطماع على أشدها، حيث تتهاوى الإرادات وتذل النفوس أمام ملذات آنية تستعبد الفرد وتمتلكه.
والإمام الشيرازي الراحل هو إرادة فذة اخترقت قيود التاريخ المفروض ليكتب لنفسه تاريخاً مميزاً ومختلفاً تكاملت فيه كل صفات الإنسان الحر والمؤمن والمجاهد في زمن كان كل شيء فيه يسير ضده ويتآمر عليه ويخطط للقضاء عليه. لقد كان تاريخه معركة حامية خاضها بقوة التحمل والصبر والاستقامة دون أن تستثيره نوازع الغضب والانتقام والضعف. فربح معركة التاريخ عندما رحل شامخاً لم يرض بالذل والعبودية ولم يستسلم لأهواء الصفقات والمساومة والانتهازية، وهكذا فإن الإرادة الفردية تسطر ملحمة خالدة عندما تنتصر بموتها على أعدائها كما انتصر الإمام الشهيد الحسين (ع) في كربلاء.
لسنا في مقام المغالاة التي هي صفة لا يحبها الإمام الشيرازي الراحل، وإنما في مقام الواجب الذي تحتمه علينا رسالة القلم من أجل كتابة التاريخ الناصع الذي سوف تقرأه الأجيال القادمة، فتتعرف على عظمائها وتستلهم منهم روح الصمود والمثابرة والأمل وعدم الانصياع للذل والعبودية. وهو واجب يحتمه علينا الوفاء للتضحيات الكبيرة التي قدمها الإمام الشيرازي (قده) من أجل حرية الأمة وعزتها، حيث بذل كل لحظة من لحظات حياته في حركة ذاتية تهدف أولاً وأخيراً إلى إنقاذ الأمة وإصلاحها فكانت حياته التي انتهت سريعاً هي خلاصة العطاء الكبير، فلم يتحمل جسده الضعيف روحه الكبيرة التي تفيض وتتفجر بالطاقة والأمل والعمل والحيوية، إذ لم يستطع ذلك الجسد الصغير أن يستوعب تلك الروح الكبيرة، ففاضت إلى بارئها مسلمة أمرها لأجل محتوم تتوفى فيه كل الأنفس.
الإمام الشيرازي أصبح تاريخاً مميزاً كتبه بنفسه، ذلك أنه (قده) صنع مشروعاً إنسانيا شاملاً تتكامل فيه كل العناصر اللازمة لخلق حقبة زمنية مختلفة ومنتزعة من التاريخ الروتيني العادي. فشمولية مشروعه ذاتياً واجتماعياً وسياسياً وحضارياً هي التي توجب علينا كحملة أقلام أن نصفه بصانع التاريخ. لذلك فإننا عندما نقرأ التاريخ الإنساني ونستلهم منه العبر فإننا نقرأ في فترات زمنية معينة كان فيها لأفراد وأمم أداؤهم الإنساني الواضح والمؤثر.
تبدأ صناعة التاريخ من الإرادة الإنسانية التي تشكل العنصر المحوري في عملية بناءه وتشكّله. فبدون وجود الإرادة لم يحصل التقدم التراكمي للتاريخ البشري، ويمكن أن ننظر للإمام الشيرازي الراحل من خلال تلك الإرادة الفولاذية التي برزت بشكل واضح في أوائل سني حياته حيث كان من جملة المراجع الكبار وهو في أوائل الثلاثينات من عمره.
هذه الإرادة تجسدت في الواقع عبر انطلاقة علمية فذة ظهرت بكتاباته الموسوعية والتوعوية التي كانت ظاهرة غريبة وجديدة لم يستسغها الحسّاد وأصحاب النظرة الضيقة.
وقد كانت قوة إرادته (قده) تنبع من إيمانه العميق بالله سبحانه وتعالى وقوة توكله الكبير عليه حتى كان هذا التوكل يتحول إلى شجاعة غريبة تتجاوز حسابات الخوف والمصلحة، إذ مع إحساسه بالتكليف الشرعي لأي قضية معينة كان هذا التكليف يتحول إلى موقف صلد لا يتنازل عنه في مطلق الأحوال.
وانبثقت قوة إرادته من ذلك التمسك الشديد بأهل بيت رسول الله (ص) المعصومين، حيث كان متمسكاً بولايتهم، ممارساً بقوة لأخلاقياتهم. فقد استلهم إرادته الفذة من خلال مواقف أهل البيت(ع)، وكانت هذه الإرادة هي وعي عميق بضرورة أداء الدور الإلهي الذي أوجبته التكاليف الشرعية على كل إنسان.
ومن خلال هذه الإرادة الكبيرة برزت عند الإمام الشيرازي الراحل صفتان تميز بهما على طول الطريق، الأولى هي الثقة الكبيرة بالنفس وهي ثقة استوحاها من ثقته بالله عزوجل، حتى أن تطلعاته الكبيرة وطموحاته الواسعة كانت تدهش البعض، مثل طموحه للأمة الإسلامية الواحدة، أو سعيه لتطبيق شورى الفقهاء، أو تطلعه لإنقاذ الغرب ونجاته، وهو في كل ذلك كان يرى أن الثقة بالذات هي مفتاح الوصول والنجاح، إذ كان يحسن الظن بالله كثيراً، لذلك تحقق الكثير من مشاريعه وطموحاته بفضل ثقته الكبيرة بالله تعالى.
الثانية: أنه لم يعرف شيئاً اسمه المستحيل، فقد كان يتحرك بكل طاقاته لتحقيق أي هدف يؤمن به، وكان سره في ذلك إيمانه بأن الله أودع في الإنسان طاقات كبيرة قادرة على تجاوز المستحيل وتحقيق المعجزات، لو آمن الإنسان بذلك وسعى غاية سعيه. وقد كان بعض المستحيل الذي حققه هو التراث العلمي والثقافي الكبير الذي خلّفه، حيث تجاوزت مؤلفاته الألف ومئتي مؤلف منها، موسوعته الفقهية الضخمة التي تجاوزت المئة وخمسين مجلداً، وهي بذلك تعد أكبر انجاز فقهي في التاريخ الإسلامي أنجزه فرد واحد في مختلف العلوم والموضوعات.
وتظهر شمولية مشروع الإمام الشيرازي الراحل من خلال ذلك الدور القيادي الذي تصدى له، فلم يكتف بالدور المرجعي المتمثل بعملية التقليد، بل كان دوره قيادياً يسعى لتحقيق الإصلاح ورفع عناصر الانحراف والتخلف عبر الجهاد والتنظيم والتوعية والبناء، وهو بذلك لم يسع إلى منصب سياسي أو سلطة حكومية (مع أن ذلك تهيأ له في مرات عديدة لكنه رفضها)، بل كان دوره أكبر من أن يكتفي بإنجازات الحاضر بقدر ما كان يسعى لبناء المستقبل عبر إصلاح الحاضر وتوفير النموذج الصالح للامتداد.. كان بقيادته الإصلاحية ينظر إلى بناء تراكم تاريخي للأمة يهدف إلى عملية النهوض التدريجي عبر الوعي والعلم والتثقيف ورفع مستوى التفكير والإدراك عند الأمة.
لذلك لم يقتصر دوره القيادي على البعد الديني، بل تعددت مهامه فتصدى لأدوار سياسية واجتماعية وتربوية وإعلامية مختلفة، فتعددت عطاءاته في مختلف الجوانب والجهات.
وتظهر أهمية مشروعه الحضاري الشامل وتصديه القيادي، في علاقته الاستراتيجية العميقة مع الجماهير، فلم تكن علاقة عادية تقتصر على وجود دور المرجع والمقلد بل كانت هذه العلاقة تقوم أساساً على التربية الأخلاقية والثقافية والارتباط العقلي والعاطفي القائم على الولاية والمحبة، فكل مقلد من مقلديه كان تلميذاً في مدرسة الإمام الشيرازي انتهل من علومه وأفكاره، فأصبح بدوره مؤسسة تقوم بدورها الشرعي والتبليغي والاجتماعي أينما وجد هذا المقلد. لذلك كان الشيرازي موجوداً في كل مكان من العالم، لأن أتباعه وتلامذته ومقلديه كانوا يشكلون امتداداً فكرياً وسياسياً واجتماعياً، وهذا هو أحد معاني الشمولية.
وكل مقلد في بيت الإمام الشيرازي (قده) كان يشعر بالأبوة العاطفية والروحية لهذا الراحل العظيم، إذ يرى من نفسه ابنا باراً قد اهتم به اهتماما خاصاً ورعاه بالتوجيه والإرشاد والمحبة، فالكثير من محبيه وأتباعه والذين رأوه شعروا باليتم والفراغ العاطفي عندما رحل عن هذه الدنيا الفانية، وهذا الارتباط الروحي والعاطفي هو الذي جعل من شخصيته وسلوكه مشروعاً دينياً وحضارياً ممتداً إلى مقلديه وتلامذته وأتباعه فتخلقوا بأخلاقه وشخصيته وصفاته التي اقتبسها من أخلاق رسول الله (ص) وأهل بيته (ع)، حتى عد أصدقاؤه وأعداؤه هذه الأخلاق ميزة خاصة تفردت بها مدرسة الشيرازي عن غيرها.
لقد شكل الإمام الشيرازي نموذجاً فريداً في عصره والعصور التي سبقته فقد طرح في مشروعه الشامل أفكارا تكاد تكون إبداعية في لغة طرحها، وانسجامها بين الدين والعصر فشكلت فكرة الحرية هاجساً ذاتياً متحركاً في مشروعه فكريا وأخلاقياً وشخصيا. اذ كان يعتبر أن معركته الأساسية هي الحرب المستمرة ضد الاستبداد والاستعمار، وأن الحرية هي المبدأ الأول الذي يجب أن ينطلق منه المشروع التغييري والإصلاحي للأمة، فكان جهاده مستمراً ضد الطغاة في كل البقاع التي ذهب إليها من أجل توعية الأمة بهذه الحقيقة التي يتوقف عليها مصيرها، لقد كانت الحرية متشربة في ذاته وقلبه وفكره حتى أصبح ذلك المتحرر الذي يرفض بشكل مطلق أن تفرض عليه القيود والأغلال. فلم يرضخ لأهواء المساومة التي كانت تعرض عليه اغراءً أو تهديداً، فتمرد على الطغاة ورفض منطق الاستغلال والاستعباد وإن كبلوا حركته وجسده، لكنه بذكائه ونضجه وعقليته المعرفية الواسعة كان يتخلص من هذه القيود ويفتح لنفسه آفاقاً جديدة ينشر منها مشروعه الحضاري. فقد كان الامام الشيرازي أقوى من العبودية والاستبداد لأن الأحرار هم السادة والحكام على قلوب الناس بعبوديتهم المطلقة لله سبحانه وتعالى.
ويمكن أن نقول عن حركة الإمام الشيرازي (قده) أنها مشروع حضاري شامل لأنه كان مشروعاً ناضجاً قام على الفهم الصحيح والوعي السليم والحركة العقلانية، والأهم من ذلك هو تجسّد المشروع الحضاري بشكل عملي على أرض الواقع، وهذا الأمر هو الذي يعطي حركته الصدقية والواقعية في مبادئها وأهدافها. إذ نرى الإمام الشيرازي الراحل كان يمثل تجسيداً عملياً وواقعياً لأهم المبادئ التي رفع رايتها بشكل متواصل وهو مبدأ اللاعنف والسلم.
فقد كان يرى أن مشكلاتنا لا تحل ومبادئنا لا تطبق إن لم نسلك طريق اللاعنف ونقضي على العنف في أجسادنا وأفكارنا وقلوبنا، فاللاعنف عنده (قده) هو طريق العقل وسلوك الأنبياء ولغة المنطق وحوار العقلاء، وهو الأسلوب الذي يقضي على البغضاء والعصبية والانتقام والثأر والجريمة، إذ مع اللاعنف يربح الجميع وتتحقق الغايات والمصالح. لقد تجسد فيه اللاعنف بشكل عميق حتى كانت مدرسته الشخصية المتمثلة بسلوكه الأخلاقي الذاتي أكثر بروزاً من أفكاره التي انتشرت في كتبه ومحاضراته، إذ كان يصفح عمن أساء إليه قبل أن يكمل كلامه، وكان القلب الواسع الذي يتحمل الإهانات ويغض الطرف عنها، والصدر الواسع الذي يتقبل المعارضة ويستقبل النقد، وقد كان قلبه مفتوحاً للجميع دون استثناء ودون تمييز بين عدو أو محايد أو صديق أو شيعي أو سني أو مسلم أو مسيحي، فكان بيته مفتوحاً لكل من كان يريد أن يلتقيه في أي وقت شاء وهذه حقيقة يقرها الجميع.. هذا التسامح الكبير كان يتحول إلى موقف حازم وصمود ذاتي عندما يظلم الطغاة الناس، فقد كان يتحمل ويصبر على الظلم الذي يلحق به ولكنه كان يتخذ موقفاً قوياً (دون قوة عنفية) ضد الظالمين ويدافع عن المظلومين وخصوصاً عندما يكون الظلم تحت عباءة الدين والسلطة، وقد دفع الثمن كبيراً بتضحيات من أجل اتخاذ الموقف الشرعي السليم في أوقات الشدة والمحنة والفتنة.
وإني لأظن أن الإمام الراحل كان يتألم في داخل نفسه بشكل مستمر، عندما كان يرى الشكاوى التي ترد إليه من قبل المظلومين وهو لا يستطيع أن يفعل شيئاً اذ كيف يستطيع ذلك وهو المكبل والمقيد والمحاصر في بيته إن كان هو من أكثر الناس الذين حاق بهم الظلم والجور والتعسف.
إن مشروع الإمام الشيرازي الشامل ارتكز على محور اللاعنف مبدءاً وفكراً وسلوكاً، ورفض العنف جملة وتفصيلاً، وهذا هو الذي يجعل هذا المشروع الشامل أوسع من الزمان والمكان ليشغل حيز كبيرا من التاريخ الحاضر والمستقبل.
لقد كان الأفق والرؤية التي يتمتع بها فقيدنا الراحل أوسع من ان تقيد بالزمن الحاضر. إذ كان يرى المستقبل من خلال منظاره الخاص الذي يتفرد به عن الآخرين، حتى أن تنبأه بالكثير من قضايا المستقبل كان يدهش الكثيرين، وفي أحيان كان الامر يتحول إلى سخرية من قبل بعض أصحاب الآفاق الضيقة. لذلك فأن سماحته لم يقبل أن يتقيد بالتكتيكات الآنية التي كانت تفرضها المصلحة الشخصية الحاضرة لمرجعيته من أجل بعض المكتسبات الجزئية، بل كان يعطي الأولوية القصوى للاستراتيجية التي تنظر للمستقبل من أجل بناء أفضل وأقوى، وإن كان ذلك يؤدي إلى خسارته للمصالح الآنية، فالبعد الاستراتيجي لمشروعه النهضوي الشامل هو أكبر من أن يخضع للاتفاقات والمساومات المصلحية الحاضرة.
لذلك فأن الكثير من أفكاره التي تمسك بها كمشروع استراتيجي لبناء المستقبل مثل قضية الحرية ومكافحة الاستبداد والأخوة والأمة الواحدة وتطبيق أحكام الإسلام وطرحه لمفهوم اللاعنف ونشر الكتب والتوعية الفكرية، كانت سببا رئيسياً لتعرضه وعائلته وتلامذته ومؤسساته للحصار والمضايقة والمصادرة، وأدت إلى ضياع الكثير من مصالحه المرجعية الخاصة، بالإضافة إلى ضياع الكثير من المكتسبات التي كان يمكن أن ينالها. لكن عظمة مشروعه الحضاري تنبثق من هذه النقطة وهي عدم التفريط بالأهداف والأفكار حتى نستطيع أن نمتلك المستقبل، وننقذ الأمة وإن أدى ذلك إلى ضياع بعض المصالح الشخصية. وإني أذكر في فترة عاصرت فيها الإمام الراحل، كانت فترة شديدة إذ اعتقل وطورد الكثير من أقربائه وأصدقائه وتلامذته وصودرت الكثير من مؤسساته حتى أحرقت كتبه، بل وصل الامر الى التهديد بالقضاء عليه وعلى عائلته بشكل تام، عبر إعداد لائحة اتهامات خطيرة، لكنني رأيته مثل الجبل الشامخ الذي لا تهزه العواصف والرياح بل أقوى من الجبل (كما في الروايات الشريفة) إذ كان يقول: سأستمر وسأبقى على مبادئي وأفكاري وإن بقيت وحيداً..
هذه الرؤية المستقبلية التي تضحي بالمصالح الذاتية من أجل مصالح الدين والأمة العامة هي التي توجب علينا أن نخلد تاريخ هذا المشروع ونكتبه بأقلامنا. ومن المميزات الواضحة لهذا المشروع الشامل، هو ذلك الإرث الحضاري الكبير الذي خلّفه الإمام الشيرازي الراحل للأمة. إذ بالإضافة إلى التراث العلمي والمؤسسات الكبيرة خلف سماحته قاعدة جماهيرية كبيرة من مختلف الفئات والتوجهات التي بايعت الإمام الراحل على الالتزام بمشروعه الحضاري الشامل في حياته وبعد مماته، هذه الفئات تشكل العصب الرئيسي الذي سيرفد الأمة بأفكار البناء والإصلاح والوعي، لذلك فإن مشروع الإمام الشيرازي سوف يستمر وينتقل إلى الأجيال اللاحقة عبر الأجيال التي ربّاها وعلّمها بإخلاص وتفاني، فأحبته بصدق وآمنت به بقوة.
ويشكل سماحة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) الامتداد الحقيقي لمشروع الإمام الراحل (قده)، إذ إن السيد صادق كان الظهير والسند القوي والرفيق الأول للسيد الراحل في مشروعه الكبير، فشارك في بناء هذا المشروع لبنة لبنة وآمن بقوة بمبادئه وأفكاره ودعم مواقفه الشرعية والدينية والسياسية في كل الأوقات. لذلك فأن سماحته (دام ظله) يشكل الامتداد الواقعي لهذا المشروع الذي يعتمد على الإخلاص والجهاد والتفاني والتضحية من أجل نشر الدين مبادئ الإسلامي ونزاهة سمعته ونقاء حركته ونظافة القائمين عليه. ولكنك أيها القلب الكبير رحلت عنّا وخلفت فينا فراغاً كبيراً وأحاديث حزن وشجون..
أيها الراحل عنّا في غمرات الظلام والشدة، كنا نقتبس منك نوراً فنرى الحياة على حقيقتها ونكتشف الوقائع..
أيها الراحل كنت الأمل الذي يعطينها القوة والطاقة للاستمرار في الحياة رغم الحصار والضيق الذي نعانيه..
اللهم اجعله لنا شفيعا نستظل به في يوم الحساب كما كان لنا شفيعاً وظلاً وحامياً في الدنيا..
اللهم ألهمنا الصبر والعزيمة لنتحمل هذا المصاب الكبير.
اللهم ارزقنا الأمل بتعجيل فرج صاحب العصر(عج) الأمل الكبير في حياتنا سريعاً عاجلاً..
اضف تعليق