التواضع يعكس أثراً بليغاً على الروح، فتشق طريقاً عميقاً من الخير للإنسان، لأن المتواضع هو ذلك الإنسان الذي يسع قلبه الآخرين، ويحتوي المواقف والأشخاص الذين يترفع عنهما الآخرون، فهو يعيش الحرية والاطمئنان والارتياح عندما يجالس الفقراء والضعفاء والمستضعفين، ولعلّه يعيش حالة عدم الارتياح والتوبيخ الروحي عندما يبتعد قليلاً...

التواضع رفعة

جاء في الخبر عن إمامنا الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «أرسل النجاشي إلى جعفر بن أبي طالب وأصحابه، فدخلوا عليه، وهو في بيتٍ له جالس على التراب، وعليه خلقان(1) الثياب. قال: فقال جعفر (عليه السلام): فأشفقنا منه حين رأيناه على تلك الحال، فلما رأى ما بنا، وتغيّر وجوهنا، قال: الحمد للّه الذي نصر محمداً (صلى الله عليه وآله)، وأقرّ عينه، ألّا أُبشركم؟ فقلت: بلى أيها الملك، فقال: إنه جاءني الساعة من نحو أرضكم عين من عيوني هناك، فأخبرني أن اللّه عزّ وجلّ قد نصر نبيّه محمداً (صلى الله عليه وآله)، وأهلك عدوّه وأُسر فلان وفلان وفلان، التقوا بوادٍ يقال له بدر، كثير الأراك، لكأني أنظر إليه حيث كنت أرعى لسيدي هناك، وهو رجل من بني ضمرة، فقال له جعفر: أيها الملك فما لي أراك جالساً على التراب وعليك هذه الخلقان؟ فقال له: يا جعفر إنا نجد في ما أنزل اللّه على عيسى (عليه السلام) أن من حق اللّه على عباده أن يحدثوا له تواضعاً عندما يحدث لهم من نعمةٍ، فلما أحدث اللّه عزّ وجلّ لي نعمة بمحمّد (صلى الله عليه وآله) أحدثت للّه هذا التواضع، فلما بلغ النبي (صلى الله عليه وآله) قال لأصحابه: إن الصدقة تزيد صاحبها كثرة، فتصدقوا يرحمكم اللّه، وإن التواضع يزيد صاحبه رفعةً، فتواضعوا يرفعكم اللّه، وإن العفو يزيد صاحبه عزّاً، فاعفوا يُعزَّكم اللّه»(2).

ولا ريب في أن التواضع يعكس أثراً بليغاً على الروح، فتشق طريقاً عميقاً من الخير للإنسان، لأن المتواضع هو ذلك الإنسان الذي يسع قلبه الآخرين، ويحتوي المواقف والأشخاص الذين يترفع عنهما الآخرون، فهو يعيش الحرية والاطمئنان والارتياح عندما يجالس الفقراء والضعفاء والمستضعفين، ولعلّه يعيش حالة عدم الارتياح والتوبيخ الروحي عندما يبتعد قليلاً عن تلك الأجواء فالمتواضع يضع ذاتياته جانباً، ويتعامل بروح تسع رغبات الآخرين، إنه يحاول أن يضيّق دائرة (الأنا) والشعور بالذات، لينطلق إلى دوائر ومساحات أوسع، تشمل الآخرين، وكل ما هو بسيط فتراه يختار المواضع الاعتيادية، والملابس المتواضعة، والطعام البسيط، وحتى كلامه ومنطقه تلمس منه روح التواضع، مع قدرته على اختيار الأحسن والأجود والأجمل والأطيب، إلّا أنه يرى الكمال الإنساني في التواضع والعيش البسيط، والقناعة بالقليل، لكي يبقى قلبه كبيراً، يحتضن الناس، وطاهراً يقطر قدسيّة ونقاءً، وتبقى نفسه شريفة وعزيزة، مترفعة عن مادّيات الدنيا وزخارفها الفانية، فيعيش بنفسه الكمال واللذّة الروحية والعقلية، مفضلاً الأخيرة على اللذة المادية. وبذلك يزداد رفعة في الدنيا قبل الآخرة، ويَكْبر مقامه في قلوب الناس الذين احتواهم بفؤاده، بل وحتى أعدائه.

توهّم باطل

عندما نتأمّل في أسباب التكبّر والكِبَر، نلاحظ أنّ أهمها توهّم الكمال، فالمتكبر يتوهم لنفسه كمالاً من الكمالات، ويتصور أنه متحلٍّ بهذه الصفة، وأن الآخرين أدنى منه وأقلّ، فيترفّع عليهم ويتعاظم وينظر إليهم بعين التحقير والازدراء، فيبدأ ينظر إلى المؤمنين على أنّ إيمانهم سطحي قشري، وهو صاحب الإيمان الحق، وهكذا ينظر إلى كل الشرائح الاجتماعية، لا سيما البسطاء منهم، بل إنه يحتقر إنسانيتهم، ويتنرفز من وجودهم، ويحاول إلغاء حركتهم ووجودهم، والشطب عليهم في الحياة. وكل ذلك إنما جاء بسبب توهّم الكمالات وتخيّل الفضل على الآخرين. ولذلك فلا غرابة في أن يتكبّر الإنسان على اللّه والرسل والدين، بعد أن كان التكبر نفسه حاجباً غليظاً، يحجب الروح عن الاتصال بربّها ويكون حجر عثرةٍ في طريق الإيمان، وحجاباً من الظلمة يغلّف الإنسان، فيجعله مظلماً لا إشراق فيه، فيسلب التكبر التوفيق من صاحبه، قال تعالى: (سَأَصۡرِفُ عَنۡ ءَايَٰتِيَ ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ}(3). وقال سبحانه: (فَٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٞ وَهُم مُّسۡتَكۡبِرُونَ)(4). فيكون التكبر الذي تولّد من طريق وهميّ سبباً لمنع الإنسان من الوصول إلى الإيمان.

كما أن من أسباب التكبر قلّة العقل وضيق الأفق الفكري، فالشخص المتصف بذلك ما إن يجد في نفسه خصلةً مميزةً حتى يتصور لها مقاماً، ومركزاً خاصاً، فيتكبّر على الآخرين بهذا الإحساس الوهمي، والضحالة الروحية. ولا يخفى ما لذلك من أضرار اجتماعية وخيمة، من قبيل اضطراب العلاقات بين الأفراد والجماعات، وما يخلّفه ذلك من عواقب ونتائج لا تنسجم مع الطبيعة الاجتماعية.

ومن هنا تظهر بجلاء فائدة وقيمة التواضع الذي أكّد عليه العقل والدين، باعتباره القاعدة الخصبة التي يجتمع الأفراد عليها، فإنّا لا نجد أحداً يكره المتواضع بسبب تواضعه، وذلك لأن التواضع صفة إنسانية يحبها ويحترمها كل إنسان، مضافاً إلى أن المتواضع إنما يتنازل بتواضعه عن بعض حقوقه، ويرفع كَلَّه وثقله عن كاهل الآخرين، وذلك ما يرغب فيه الناس. وهو بعد هذا وذاك: الدواء الشافي لمرض الكبر، والعلاج الناجح لقلع الجذور والانحرافات الفاسدة التي تولدت من مرض التكبر؛ «ضادوا الكبر بالتواضع»(5)، لأن الإنسان المتواضع لديه روحية وقلب كبيران يحوي بهما الناس، وبقية الصفات التي تصدر من بعضهم. وبذلك يكون قريباً من اللّه ومن الناس، لأنه يتواضع لكل شيء، ولا يتنفَّر من أخيه الإنسان أبداً، ولا شك أنّ هذا الأمر يقرّب المتواضع من اللّه، لأن اللّه يُحبّ هذه الصفات الحسنة. ولذا فقد نسبت بعض الأحاديث التواضع إلى العلم والتكبر إلى الجهل: «التواضع رأس العقل والتكبر رأس الجهل»(6).

وقد جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله: «في ما أوحى اللّه عزّ وجلّ إلى داود (عليه السلام): يا داود كما ان أقرب الناس من اللّه المتواضعون، كذلك أبعد الناس من اللّه المتكبرون»(7).

أعلى الدرجات

لا يخفى أن التواضع درجات، وليس على وتيرة واحدة، لأنه صفة كمال، والكمال ذو مراتب. فهناك من يتواضع في الملبس أو المأكل أو في المجلس... ولكن جوهر التواضع وأعلى مراتبه هو أن يذلّ الإنسان نفسه وكيانه أمام اللّه، فيشعر بذلّ الروح، وفقر الحال، ونقص مرتبة الوجود، فيتذلَّل قلباً للّه عزّ وجلّ. ومعنى ذلك أن تعترف الروح بأنها في أشدّ الحاجة لكسب الكمال من اللّه، وأنها في أشدّ الذل والفقر، وبذلك تنهل من فيض اللّه عزّ وجلّ، فتتصف بالطهارة والخير، فتشرق بذلك ويشع منها كل خير وحبّ للناس. ولذلك جاء في ما: «أوحى اللّه عزّ وجلّ إلى موسى (عليه السلام): أن يا موسى أتدري لم اصطفيتك بكلامي دون خلقي؟ قال: يا رب ولم ذاك؟ قال: فأوحى اللّه تبارك وتعالى إليه: أن يا موسى، إني قلّبت عبادي ظهراً لبطن، فلم أجد فيهم أحداً أذلّ لي نفساً منك. يا موسى إنك إذا صليت وضعت خدَّك على التراب»(8).

نعم، وكلّما اتجه الإنسان نحو التواضع الحقيقي كبر في أعين الناس، وزاد شرفه، وحسن صيته. ولذا قيل: «تمام الشرف التواضع»(9). وأبرز شيء في هذا المقام هي كنية أمير المؤمنين (عليه السلام) (أبو تراب)، فقد كان كثير العبادة والسجود للّه عزّ وجل، وكان يسجد على التراب الحارّ طاعةً للّه، ويمرِّغ وجهه الشريف بالتراب خضوعاً وتواضعاً له عزّ وجلّ، فأطلق عليه الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) كنيته المفضلّة (أبو تراب)(10). وكذا باقي الأئمة الأطهار (عليهم السلام) فلقد كانوا يظهرون للّه عزّ وجلّ تواضعاً منقطع النظير في العبادة، وذل النفس، ومن شدة تواضع رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أنه كان يجلس بين ظهراني أصحابه فيجيء الغريب فلا يدري أيُّهم هو حتى يسأل(11).

المحبّة والوئام

لقد قلنا من خلال الحديث الذي افتتحنا به المحاضرة: إن ثمرة التواضع هي الرفعة في الدنيا قبل الآخرة، والشرف فيها والفوز في الجنان، والقرب من اللّه في الدنيا وجواره في‌ الختام... على أن هناك ثمرة أخرى لها فضل كبير، وعليها أجر عظيم، لأننا إذا لاحظنا كل تلك الثمرات السابقة وجدناها تعود بالفائدة على نفس المتواضع، من قبيل الرفعة وزيادة الشرف، وحب اللّه له، وفوزه بالمقام الاجتماعي المرموق، فضلاً عن فوزه بما ادّخره اللّه له في الآخرة.

أما الثمرة الأخرى فهي أن التواضع للناس في الكلام والجلوس والتعامل والمأكل والمركب... كل ذلك يخلق حالة من المحبّة والوئام والاطمئنان بينه وبين الناس، لأنهم سوف يشعرون بأن المتواضع لا يعرف في حياته إلّا السلم، ولا يظهر من منطقه وشكله وسلوكه إلّا الخير والحبّ لهم فيحاولون أن يقتدوا به، ويعتبروا منه، وكل واحد يحاول أن يجذبه إلى ساحته كي يستفيد من خيره، وحينئذٍ سيكون العنصر المشترك الذي تلتف حوله الناس دائماً، لا سيما إذا تعلق الأمر بقضاء حوائج المجتمع، فإن المتواضع تراه لا يردّ أحداً لشدة تواضعه، بل ويقوم على خدمتهم جهد إمكانه، ويخفض لهم جناحه، فيزرع حبّه في قلوبهم، ومودّته في أوساطهم، مصداقاً لما قاله أمير المتواضعين (عليه السلام): «بخفض الجناح تنتظم الأمور»(12). ولقوله كذلك: «ثمرة التواضع المحبة»(13). وهكذا يعيش أفراد المجتمع حالة الانفتاح على المتواضعين بغية الاكتساب والتعلّم منهم، والتأسي بهم، باعتبارهم أفراداً وعناصر يميل العقل والقلب إليهم. وكلما كثر الأفراد المتواضعون في المجتمع كانت عاقبته على خير، ولا يصدر منه إلّا الخير لعالم الإنسانية.

مَع العَالِم والمُتعَلِم

والتواضع في مجال تحصيل العلم من أهم الأمور التي ركّز عليها الإسلام، لأنه النافذة الوحيدة للحصول على أكبر قدر ممكن من العلم والآداب والسلوك الحسن، لأن الإسلام لا يرضى بأن يعيش الإنسان حالة العلم بلا تقوى وموعظة وأدب بارع. وطريق ذلك هو التواضع، إذ هو القناة التي من خلالها يكون العالم مؤدَّبا تقياً، وواعظاً روحياً نزيهاً، لأن طالب العلم إذا اتّصف بالتواضع وجسّده في سلوكه، وأوجده في أعماق روحه فسوف يظل ينعت نفسه بالفقر العلمي والأدبي، فيظل ينهل من الأستاذ إلى أن يصل إلى كمال لائق، من حيث العلم والأدب والورع. اما إذا اعتقد الطالب أنه أفضل من الأستاذ، وأخذه العجب بنفسه، ومارس الكبر والأنفة والتعالي على الأستاذ، فهو حينئذٍ قد خلق حاجباً كبيراً، ومانعاً من تحصيل العلم، لأنّه يشعر ويعتقد بأنه أفضل وأحسن وأعلم، فيقوم رويداً رويداً، بترك حلقة الدرس، باعتقاده أنّه أخذ كفايته من العلم، وعندما يمارس الاحتكاك مع الناس، ويصطدم بفقر روحه، وقلّة معلوماته، وسوء سلوكه، حينذاك يشعر ويندم على كل لحظة لم يغتنمها في تحصيل العلم، وفوّتها بشعوره التكبري الخاطيء. 

وكذا الكلام عن الأستاذ والعالم، فكلّما كان متواضعاً لطلابه في إعطائهم الدرس تفاعلوا معه، والتفّوا حوله، واستفادوا، وتمكن من إيصال علمه وفكره لهم، لأن تواضعه يدعوه لذلك، وبالتالي يكون قد صنع جيلاً من العلماء الذين اقتدوا به أخلاقياً، فصاروا مثل أستاذهم متواضعين وعلماء. أما إذا عاش الأستاذ حالة الكبر والتكبر والاستعلاء، وبدل أن يُسمع طلابه كلمات العلم والأدب، يقوم بتسميعهم كلمات التحقير وعدم الفهم والوضاعة، فإن الخسارة لن ترجع إلّا عليه هو، لسقوطه من أعينهم، وانفضاضهم من حوله، مضافاً إلى أنه هو بنفسه لن يجد الانسجام والطمأنينة مع جماعة يرى نفسه أعلى وأفضل وأشرف منهم، يحجبه عن الانفتاح عليهم حذره من أن يصلوا إلى مرتبته، ويرتقوا إلى درجته. وبذلك تجده يعيش الفقرين؛ الاجتماعي والروحي معاً.

أعظم الشرف

يروى أن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أعطى كلاً من أبي سفيان وعينية بن حصن وسهيل بن عمرو مائة من الإبل، فقالوا: يا نبي اللّه، تُعطي هؤلاء وتدع جُعيلاً (وكان من أصحاب الرسول المجاهدين والمساكين) وهو رجل من بني غطفان؟ فقال: «جعيل خير من طلاع الأرض مثل هؤلاء، ولكني أعطي هؤلاء أتألَّفهم، وأكِلُ جعيلاً إلى ما جعله اللّه عنده من التواضع»(14). وقال علي (عليه السلام): «ما تواضع إلّا رفيع»(15). فالذي يترفع عن الماديات وزخارف الدنيا ومباهجها، وموادّها الفانية، يكون متواضعاً حقيقياً، لأنه يطلب الحب الذي لا خدشة فيه، وهو حب اللّه عزّ وجلّ ويطلب النعيم الذي لا يزول، وهو الجنة. فالعاقل يدعوه عقله إلى التواضع، والتواضع يدعو إلى الترفع عن الماديات. ويطلب شرفاً وعزّاً آخر، أما الإنسان الذي يلهث وراء نعيم هذه الدنيا، فهذا من دون أدنى شك يمتاز بضعف في عقله، وضيق في أُفقه الفكري، واتساع مساحة الجهل فيه، ويعيش ظلام الروح، لذلك فهو يتصور أن الشرف والعزّ والرفعة في هذه الدنيا والتكالب على فنائها.

وكفى بالإنسان أن تكون نفسه بصيرة بأمره إذا تأمّل وتفكّر وتدبّر في أمره، فالعقل لديه القابلية على اختيار الطريق المستقيم أو المنحرف، ولكن عندما يترك الإنسان عقله ويتحرك بوحي الشهوات والهوى، يقع في المهالك. ولذا قال أحدهم: ما رضيت عن نفسي طرفة عين ولو أن أهل الأرض اجتمعوا على أن يضعوني كاتّضاعي عند نفسي ما أحسنوا ذلك.

(بَلِ ٱلۡإِنسَٰنُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦ بَصِيرَةٞ * وَلَوۡ أَلۡقَىٰ مَعَاذِيرَهُۥ)(16).

«اللّهم صلّ على محمّد وآله، ولا ترفعني في الناس درجةً إلّا حططتني عند نفسي مثلها، ولا تُحدث لي عزاً ظاهراً إلّا أحدثت لي ذلّةً باطنةً عند نفسي بقدرها»(17)، بحق محمد وآل محمد.

من هدي القرآن الحكيم

الشرف والرفعة بالتقوى

قال تعالى: (يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ قَدۡ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكُمۡ لِبَاسٗا يُوَٰرِي سَوۡءَٰتِكُمۡ وَرِيشٗاۖ وَلِبَاسُ ٱلتَّقۡوَىٰ ذَٰلِكَ خَيۡرٞۚ ذَٰلِكَ مِنۡ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ لَعَلَّهُمۡ يَذَّكَّرُونَ}(18)

و قال سبحانه: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٞ}(19)

وقال عزّ وجلّ: (فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُمۡ وَٱسۡمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنفِقُواْ خَيۡرٗا لِّأَنفُسِكُمۡۗ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ}(20)

لا للكبر

قال جلّ وعلا: (إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَٰدِلُونَ فِيٓ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ سُلۡطَٰنٍ أَتَىٰهُمۡ إِن فِي صُدُورِهِمۡ إِلَّا كِبۡرٞ مَّا هُم بِبَٰلِغِيهِۚ}(21)

وقال عزّ اسمه: (إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُسۡتَكۡبِرِينَ}(22).

وقال جلّ شأنه: (فَلَبِئۡسَ مَثۡوَى ٱلۡمُتَكَبِّرِينَ}(23).

حقيقة الدنيا

قال عزّ من قائل: (وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلۡغُرُورِ}(24).

وقال جلّ ثناؤه: (فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا}(25).

وقال تعالى: (ٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا لَعِبٞ وَلَهۡوٞ وَزِينَةٞ وَتَفَاخُرُۢ بَيۡنَكُمۡ}(26).

من هدي السنّة المطهّرة

الشَرَف والرِّفعة بالتقوى

قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): «أحب العباد إلى اللّه الأتقياء...»(27).

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «أوصيكم، عباد اللّه، بتقوى اللّه التي هي الزاد وبها المعاذ...»(28).

وقال الإمام الباقر (عليه السلام): «... أحب العباد إلى اللّه عزّ وجلّ وأكرمهم عليه أتقاهم وأعملهم بطاعته...»(29).

وقال الإمام الصادق (عليه السلام) لعمرو بن سعيد الثقفي: «... أوصيك بتقوى اللّه والورع والاجتهاد...»(30).

لا للكبر

قال الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): «إنّ في النار قصراً يجعل فيه المتكبرون ويطبق عليهم»(31).

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إيّاك والكِبرَ، فإنه أعظمُ الذنوب وأَلأَمُ العيوب وهو حِليَةُ إبليس»(32).

وقال الإمام الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: (وَلَا تَمۡشِ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَحًاۖ}(33): «أي: بالعظمة»(34).

وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر»(35).

حقيقة الدنيا

قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): «اتقوا الدنيا فوالذي نفسي بيده إنها لأسحر من هاروت وماروت»(36).

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن الدنيا كالحيّة لين مسها قاتل سمها...»(37).

وقال الباقر (عليه السلام): «... ما الدنيا وما عسى أن تكون الدنيا هل هي إلّا طعام أكلته أو ثوب لبسته أو امرأة أصبتها»(38).

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن الدنيا منزل قلعة وليست بدار نجعة...»(39).

* مقتطف من كتاب القطوف الدانية-الجزء الثالث، وهو مجموعة من محاضرات المرجع الراحل الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي

.............................................

(1) ثوب خلق: أي بال يستوي فيه المذكر والمؤنث لأنه في الأصل مصدر الأخلق وهو الأملس والجمع خلقان.

(2) الكافي 2: 121.

(3) سورة الأعراف، الآية: 146.

(4) سورة النحل، الآية: 22.

(5) غرر الحكم ودرر الكلم: 820.

(6) غرر الحكم ودرر الكلم: 124.

(7) الكافي 2: 123.

(8) الكافي 2: 123 في رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام).

(9) غرر الحكم ودرر الكلم: 317.

(10) انظر إعلام الورى: 1: 307، ومسند أحمد 4: 263.

(11) انظر مكارم الأخلاق: 16.

(12) غرر الحكم ودرر الكلم: 302.

(13) غرر الحكم ودرر الكلم: 327.

(14) ربيع الأبرار 2: 140.

(15) غرر الحكم ودرر الكلم: 684.

(16) سورة القيامة، الآية: 14-15.

(17) الصحيفة السجادية، من دعائه (عليه السلام) في مكارم الأخلاق ومرضي الأفعال.

(18) سورة الأعراف، الآية: 26.

(19) سورة الحجرات، الآية: 13.

(20) سورة‌ التغابن، الآية: 16.

(21) سورة غافر، الآية: 56.

(22) سورة النحل، الآية: 23.

(23) سورة النحل، الآية: 29.

(24) سورة آل عمران، الآية: 185.

(25) سورة لقمان، الآية: 33.

(26) سورة‌ الحديد، الآية: 20.

(27) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر 1: 5.

(28) نهج البلاغة، الخطب الرقم: 114 من خطبة له (عليه السلام) وفيها مواعظ للناس.

(29) الكافي 2: 74.

(30) الكافي 2: 76.

(31) المحجة البيضاء 6: 215.

(32) غرر الحكم ودرر الكلم: 166.

(33) سورة لقمان، الآية: 18.

(34) تفسير القمي 2: 165.

(35) الكافي 2: 310.

(36) نهج الفصاحة: 163.

(37) غرر الحكم ودرر الكلم: 246.

(38) الكافي 2: 133.

(39) غرر الحكم ودرر الكلم: 247.

اضف تعليق