لعل سماع كلمة "جذام" يجعل المرء يتذكر كتب التاريخ وسير الأقوام الغابرين، ولكن هذا المرض لا يزال موجودا ومنتشرا في بعض بقاع العالم، وهو داء يصيب الجلد ويؤدي عدم علاجه إلى حدوث تلف تدريجي في أعصاب الشخص المصاب وأطرافه وعينيه. ويعرف الجذام أيضا باسم "مرض هانسن...

لعل سماع كلمة "جذام" يجعل المرء يتذكر كتب التاريخ وسير الأقوام الغابرين، ولكن هذا المرض لا يزال موجودا ومنتشرا في بعض بقاع العالم، وهو داء يصيب الجلد ويؤدي عدم علاجه إلى حدوث تلف تدريجي في أعصاب الشخص المصاب وأطرافه وعينيه. ويعرف الجذام أيضا باسم "مرض هانسن".

وينتج الجذام عن الإصابة ببكتيريا المتفطرة الجذامية، ويتميز بطول فترة الحضانة -أي الفترة الزمنية بين الإصابة بالعدوى وظهور الأعراض- وهذا ناتج عن طبيعة المتفطرة الجذامية التي تتكاثر بشكل بطيء للغاية. ويمكن أن تصل فترة حضانة الجذام إلى خمسة أعوام، كما قد تصل في أحيان أخرى إلى 20 عاما.

لا يزال الجذام -وهو مرض معد ومزمن- يشكل تهديدا للبشرية لا سيما في مناطق جنوب شرق آسيا.

ووفق المعطيات الواردة على صفحة منظمة الصحة العالمية، التي اطلع عليها مراسل الأناضول، فإن معظم حالات الجذام شوهدت في جنوب شرق آسيا في عام 2022.

وبلغ إجمالي الإصابات بهذا المرض حول العالم 174 ألفا و59 حالة في 2022.

وفي قاعدة البيانات، احتلت الهند المرتبة الأولى في قائمة الدول التي كان فيها المرض الأكثر شيوعا في عام 2022، بـ 103 آلاف و819 حالة جديدة، تلتها البرازيل بـ 19 ألف و635 حالة.

في حين جاءت إندونيسيا في المركز الثالث بـ 12 ألفا و441 حالة جديدة.

وقالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالقضاء على التمييز ضد الأشخاص المصابين بالجذام وأفراد أسرهم، بياتريس ميراندا غالارزا، إنه تم قطع شوط طويل في مكافحة الجذام من الماضي إلى الحاضر.

أعراض الجذام الجلدية

نشره موقع “ويب طب” تظهر هذه الأعراض عادةً خلال أول 5- 10 سنوات من التعرض لبكتيريا الجذام، ومن أهمها:

_ بقع جلدية فاتحة أو باهتة، وعادةً تكون أول أعراض الجذام ظهورًا.

_ احمرار الجلد بسبب توسع الشعيرات الدموية وتراكم الدم فيها.

_ جفاف الجلد وزيادة سماكته.

_ كتل وانتفاخات على الجلد، خاصةً في منطقة الوجه والأذنين.

_ الثعلبة وتساقط الشعر في المنطقة المصابة.

_ تساقط شعر الحواجب والرموش بشكلٍ كامل.

_ تقرحات مستمرة في القدمين.

ويُمكن أن يُسبب الجذام نزيف الأنف والاحتقان المزمن إذا أصاب الجلد والأغشية المخاطية في الأنف.

أعراض الجذام العصبية

يُمكن أن يُسبب المرض تلف الأعصاب مع مرور الوقت، ومن أعراض الجذام على الأعصاب:

_ خدران في المنطقة المصابة، وربما تفقد القدرة على الشعور بالبرد أو الحرارة فيها.

_ ألم حارق في الجلد المصاب.

_ تنميل وخدران في الأطراف بسبب اعتلال الأعصاب المحيطية.

_ ضعف العضلات، خاصةً في الوجه، واليدين والقدمين.

_ فقدان البصر الجزئي أو العمى الكلي؛ بسبب تلف والتهاب العصب البصري.

_ ألم مزمن خاصةً في مناطق الجلد المصابة.

أعراض أخرى

يُمكن أن تُسبب المراحل المتقدمة من الجذام الآتي:

_ تشوه الأنف.

_ تلف دائم في اليدين والقدمين.

_ قصر أصابع اليدين والقدمين؛ لأن الجسم يمتص الأنسجة المصابة.

_ تقرحات شديدة ودائمة في أسفل القدمين.

_ الشلل. بحسب ما نشره موقع “ويب طب”.

الجذام مرض يمكن الشفاء منه

يعد الجُذام مرضاً قابلاً للشفاء، وهو ما أشار إليه أستاذ ومستشار علاج الأمراض المُعدية الدكتور ضرار بلعاوي لبي بي سي قائلاً: "الجذام مرض يمكن الشفاء منه ولا يعد مرضاً شديد العدوى، حيث تشير التقديرات إلى أن 95 في المئة من الأشخاص لديهم مناعة طبيعية ضد البكتيريا. كما يمكن الوقاية من الإعاقة الناجمة عنه إذا ما قُدّم العلاج في المراحل المبكرة وهو ما يُمثل الطريقة الأكثر فعالية لمنع انتقال العدوى، إلى جانب تجنب الاتصال الوثيق والمطوّل مع الأفراد غير المعالجين الذين تظهر عليهم أعراض المرض، إضافة إلى رفع مستوى الوعي بأعراض الجذام وأهمية التماس العناية الطبية في الوقت المناسب".

وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن العلاج الموصى به حالياً لمرض الجُذام أو (داء هانسن) يتكون من ثلاثة أدوية: دابسون ورِيفامبيسِين وكلوفازيمين، ما أُطلق عليه فيما بعد العلاج بالأدوية المتعددة.

يُذكر أن منظمة الصحة العالمية توفر العلاج متعدد الأدوية مجاناً في جميع أنحاء العالم.

وصمة العار والتمييز 

غالباً ما يتعرض المصابون بالجُذام (داء هانسن) للوصم والتمييز، علاوة على التشوّه الجسدي، وهو ما يؤدي إلى التأخير في طلب العلاج والاستجابة له.

ووفق موقع "داروين هيلث" الطبي، فإن معاناة مرضى الجُذام لا تقتصر فقط على الأعراض الجسدية، إذ ترافقها عادة معاناة نفسية جراء ما يتعرضون له من إقصاء وتمييز بسبب وصمة العار المرتبطة بالمرض.

وأبرز هذه الآثار النفسية التي تلحق بمرضى الجُذام "الاكتئاب والقلق والعزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة"، وغالباً ما يشعرون بـ "العار والذنب وعدم القيمة بسبب التصورات السلبية التي يحملها المجتمع تجاه المرض، مما يؤدي إلى تدني الثقة بالنفس وتضاؤل الشعور بالذات"، تبعاً لما ذكر الموقع في تقريره.

من جهته، أوضح بلعاوي أن "وصمة العار المرتبطة بالمرض تؤثر بشكل سلبي على حياة المصابين به كصعوبة الحصول على عمل بسبب الخوف من العدوى أو التمييز، وفقدان الوظائف الحالية بسبب المرض أو الوصمة، وصعوبة الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل التعليم والإسكان. كما قد يتردد المصابون في طلب المساعدة الطبية خوفاً من التعرض للتمييز، وعدم الالتزام بتناول الدواء خوفاً من كشف الإصابة بالمرض".

وقال بلعاوي: "لذلك، فإن الأمر يتطلب نهجاً يشمل عدداً من المتخصصين في مجالات الرعاية الصحية والصحة العقلية، إضافة إلى توفير الدعم النفسي والاجتماعي لمرضى الجُذام وعائلاتهم، وسن قوانين تحمي حقوق مرضى الجذام، ما يُسهم بدوره في تخفيف العبء النفسي وتحسين نوعية حياة المصابين". بحسب موقع “BBC”.

انخفاض

وأضافت في حديث للأناضول: "بحسب منظمة الصحة العالمية، انخفض عدد حالات الجذام، التي كانت أكثر من 5 ملايين في الثمانينيات، إلى أقل من 200 ألف بحلول نهاية عام 2022".

ولفتت غالارزا إلى التحيز الذي يواجهه مرضى الجذام، وقالت إن هناك العديد من القوانين التمييزية ضدهم في دول أفريقية وآسيوية.

وذكرت أنه ينبغي تسليط الضوء على جهود المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يتعاملون مع مرض الجذام ودعمها.

وقالت غالارزا: "من الأهمية بمكان ضمان ظهور مرض الجذام كقضية من قضايا حقوق الإنسان ووصول أصوات المصابين به إلى المجالين السياسي والاجتماعي".

وأشارت إلى أهمية زيادة التعاون بين الحكومات والأكاديميين والمجتمع المدني بشأن قضية الجذام.

كما أكدت أهمية تشجيع المشاركة النشطة للأشخاص المصابين بالجذام في الفعاليات ذات الصلة، سواء الأبحاث أو الأنشطة الحقوقية.

والجذام مرض يمكن الشفاء منه ويمكن الوقاية من الإعاقة الناجمة عنه إذا ما قُدِّم العلاج في المراحل المبكرة. ويتعرض المصابون بالجذام للوصم والتمييز، علاوة على التشوّه الجسدي.

الوقاية من الجذام

_ توفير العلاج للمرضى وخاصة في المناطق التي ترتفع فيها مخاطر الإصابة.

_ تشجيع المرضى على الكشف ومراجعة الطبيب.

_ تفادي الاتصال الجسدي القريب مع الأشخاص المصابين بالمرض والذين يمكن أن ينقلوه لمن حولهم. بحسب ما نقله موقع “الجزيرة نت”.

ما هي أول دولة تمكنت من القضاء على المرض؟

أعلنت منظمة الصحة العالمية مؤخراً، أن الأردن بات أول دولة في العالم يجري التحقق فيها رسمياً من القضاء على مرض الجُذام.

وفي هذا الصدد قال أمين الرعاية الصحية الأولية والأوبئة في وزارة الصحة الأردنية الدكتور رائد الشبول خلال حديثه لبي بي سي: "لم يسجل الأردن حالات إصابة بمرض الجُذام منذ نحو 50 عاماً، حيث سُجّلت آخر حالة في سبعينيات القرن الماضي. كما أن الأردن لبّى كافة الاشتراطات اللازمة من منظمة الصحة العالمية التي تفيد بوجود الإمكانيات البشرية والفنية والتقنية لاكتشاف المرض وعلاجه، وعليه أعلنت المنظمة أن الأردن بلد خالٍ من الجُذام".

وذكر الشبول أن "الوزارة شكّلت فريقاً لتقييم الوضع للتحقق من القضاء على الجُذام عبر تقييم عام لأنظمة الرصد ومدى اهتمام ومعرفة الأطباء في المراكز الصحية والمستشفيات بالمرض، والقدرة على تشخيصه وامتلاك القدرات الفنية والتقنية لهذه الغاية، وبعد مراجعة مكثفة، أوصى فريق التحقق بإقرار منظمة الصحة العالمية بالقضاء على الجُذام في الأردن".

من جهتها، أشارت منظمة الصحة العالمة في بيانها مؤخراً أن "نجاح الأردن في القضاء على المرض يمثل سابقة عالمية، كما يمثل شهادة على التزامه السياسي القوي واستراتيجياته الصحية العامة الفعّالة للقضاء على المرض".

وهو ما أكّده الشبول لبي بي سي بقوله: "يبرهن نجاح الأردن على إمكانية القضاء على الجُذام باتباع نهج شامل ومتكامل، وهو بمثابة نموذج للدول الأخرى التي تتوطن فيها الأمراض والتي تعمل على تحقيق الهدف نفسه".

ويبقى في النهاية، أن يُشخّص مرض الجُذام بشكل مبكر، إذ إن ذلك يحد من الضرر ويمنع الشخص من نشر المرض ويقلل من المضاعفات طويلة المدى، بحسب عدد من المتخصصين والعاملين في هذا المجال. وفق ما نقله موقع “BBC”.

اضف تعليق