يعرف الضحك بأنه نوع تلقائي سريع من السلوك الإنساني، ولكن لماذا نضحك؟ وهل هو موجود بين البشر فقط؟ وما هي أنواع الضحك؟ وما هي فوائده؟ وهل يمكن ان يكون علاجاً لبعض الامراض؟ وكيف بدأ وتطور؟ ولماذا ينتشر أحيانا كوباء ويستمر لساعات دون توقف؟...
في كثير من الأحيان قد نسرح بخيالنا ونضحك أو نشاهد شخصا يضحك فنشاركه بشكل تلقائي الضحك دون أن نعرف السبب، يبدأ الضحك في جلسة مع بعض الأصدقاء ويستمر لفترات طويلة حتى البكاء، ومع ذلك لم نتوقف لنفكر ما هو الضحك؟ ولماذا نضحك؟ وهل هو موجود بين البشر فقط؟ وما هي أنواع الضحك؟ وما هي فوائده؟ وكيف بدأ وتطور؟ ولماذا ينتشر أحيانا كوباء ويستمر لساعات دون توقف؟
ما هو الضحك؟
يعرف عالم الأعصاب السلوكي وباحث الضحك روبرت بروفين الضحك بأنه نوع تلقائي سريع من السلوك الإنساني.
ويقول في مقال منشور على "هاو ستاف ووركس" (Howstuffworks) إن الضحك عبارة عن مجموعة من الإيماءات والأصوات تحدث في وقت واحد بفعل الدماغ.
تتقلص 15 عضلة من عضلات الوجه ويحدث تحفيز للعضلة في الشفاه العليا، ويضطرب الجهاز التنفسي بسبب إغلاق لسان المزمار نصف الحنجرة، بحيث يحدث دخول الهواء بشكل غير منتظم، مما يجعل الضاحك يلهث.
وفي الحالة القصوى يتم تنشيط القنوات الدمعية، بحيث يصبح الوجه رطبا وغالبا ما يكون أحمر اللون أثناء فتح الفم وإغلاقه واستمرار محاولة الحصول على الأكسجين، وتتراوح الضوضاء التي تصاحب هذا السلوك بين بسيطة وصاخبة، وتوصف بالضحك الخفيف أو القهقهة الصاخبة.
اسباب الضحك
يضحك الناس من مختلف الثقافات على الرغم من أنهم قد يضحكون على أشياء مختلفة، وبحسب "ساينتيفيك أميركان" (ScientificAmerican) قد تكون للضحك أسباب معينة، منها:
- إشارة للتواصل مع شخص ما.
- طلب بقاء شخص ما.
- مجاملة الغرباء.
- توثيق علاقات الصداقة واستمراريتها.
- اختصار خطوات التعارف، إذ يوفر الضحك خطوة إلى الأمام عند تكوين علاقات شخصية.
كيف تطور الضحك؟
يظهر الضحك العفوي في الأشهر القليلة الأولى من الحياة حتى عند الأطفال الصم أو المكفوفين، ومع ذلك لا يعد الضحك سلوكا بشريا فقط، بل إنه موجود بشكل مشابه في الحيوانات، وتحديدا القردة العليا
ويبدو أنه ظهر في الأساس لخلق وتعميق الروابط الاجتماعية، عندما بدأ أسلافنا يعيشون في هياكل اجتماعية أكبر وأكثر تعقيدا حينها أصبحت جودة العلاقات حاسمة للبقاء على قيد الحياة وفقا لـ"ذا كونفرزيشن" (The Conversation).
وربما نشأ الضحك في الأساس من صعوبة التنفس أثناء اللعب مثل الدغدغة، والتي كانت شائعة بين الثدييات الصغيرة.
كان الضحك تعبيرا عن الإثارة المشتركة التي تتم تجربتها من خلال اللعب، وساهم بالفعل في تقوية الروابط الاجتماعية بين القرود وكذلك الأطفال الرضع.
وتطور الضحك مع القدرة على الكلام، فكان مرتبطا في السابق بما نشعر به فقط أو حين يثار الجسد بطريقة إيجابية كالدغدغة.
ومع القدرة على النطق وتطوير اللغة والتحكم الصوتي أصبح الضحك أكثر سهولة باستخدام الكلمات، لكنه ظل محتفظا بوظيفته في تقوية العلاقات الاجتماعية.
أنواع الضحك
ليس كل الضحك إيجابيا، فقد يكون سلبيا أو نفعيا، وطبقا لـ"ساينس" (Science) هناك أنواع مختلفة من الضحك، منها:
الضحك من أجل الحصول على المساعدة
يميل كثير من الأشخاص إلى الضحك مع أي شخص يمكنه المساعدة، سواء مع المدير في العمل من أجل الحصول على ترقية، أو عند التقديم على وظيفة.
الضحك المُعدي
الضحك المعدي سلوك مشابه لكثير من السلوكيات الأخرى غير المعروف سببها، مثل التثاؤب، فحين يبدأ شخص ما بالتثاؤب ينتقل الأمر إلى الآخرين، وكذلك الضحك.
الضحك العصبي
يرتبط ذلك النوع من الضحك بالأوقات العصيبة التي يزداد فيها القلق والتوتر، مثل الموت أو الرسوب في الامتحان، ويحدث الضحك العصبي في محاولة لاشعورية لتقليل التوتر والهدوء، ولا يمكن السيطرة عليه ويتحول إلى بكاء.
الضحك البطني
من أكثر أنواع الضحك صدقا، وحين يكون نابعا من الأعماق مع صحبة حقيقية لا يمكن التوقف قبل أن يمسك الشخص بطنه من كثرة الضحك ويلهث بحثا عن الهواء.
الضحك القاسي
يمكن أن يكون الضحك قاسيا ويمارسه الكثيرون بغرض السخرية أو الاستهزاء من الآخرين والذي يرتبط عادة بسلوك التنمر، ويترك أثرا سلبيا في نفس المتلقي.
الضحك وسيلة علاجية
يبدو أن الضحك ليس فقط لغة عالمية تربط الناس بعضهم ببعض بل يحمل أيضا فوائد صحية جمة. باحثة ألمانية تكشف أن الضحك قد يستخدم كوسيلة علاجية بصورة أكبر مما هو عليه الحال اليوم.
ترى باحثة ألمانية أنه يمكن استخدام الضحك كوسيلة علاجية بصورة أكبر مما هو عليه الحال اليوم. وتقول باحثة علم النفس يني روزندال من مستشفى "ينا" الجامعي: "لا أعتقد أن الإمكانات قد استنفدت، حتى لو كان الضحك لا يكتب لنا كوصفة طبية"، مشيرة إلى أن بعض العروض المتخصصة قد تكون مفيدة للوقاية من التوتر أو للأشخاص الذين يعانون من الوحدة.
وتضيف روزندال إلى أن ما يعرف باسم "حركة المهرج الطبي" وصلت أيضا إلى المستشفيات.
وتؤكد على أن الضحك ليس له تأثير إيجابي على الحالة المزاجية فحسب، بل يستفيد منه أيضا نظام القلب والأوعية الدموية والجهاز المناعي، مضيفة أن الدراسات لم تكتف برصد التأثير الإيجابي للضحك عبر مزحة أو لسبب آخر، بل وجدت أيضا أن الضحك المصطنع - مثل يوجا الضحك - له أيضا تأثيرات قابلة للقياس.
في المقابل تشير روزندال إلى أن الضحكة السريعة ليست كافية، وتقول: "أنت بحاجة إلى جرعة من الضحك لتحقيق تأثيرات تعزز الصحة".
وفي الأعوام السابقة نشرت روزندال مع طالبتها كاترينا شتيفي دراسة مراجعة في دورية "علاجات تكميلية في الممارسة السريرية"، بحثت مسألة ما إذا كان الضحك صحيا حقا. وكانت الإجابة المقتضبة: نعم. وقامت الباحثتان بتقييم إجمالي 45 دراسة أجريت على مدار الثلاثين عاما الماضية.
ولم تكن الباحثتان سباقتين إلى إجراء مثل هذه الدراسة؛ ففي عام 2019 قام باحثون هولنديون بتحليل العديد من الدراسات حول تأثيرات العلاج بالضحك. وجاء استنتاجهم أنه ربما يكون للضحك المصطنع تأثيرات أكثر إيجابية من الضحك النابع من الفكاهة.
ورأى الباحثون أن العلاج بالضحك يمكن أن يكون وسيلة علاجية واعدة، لكنهم أشاروا في الوقت نفسه إلى أن الأبحاث الجيدة حول هذا الأمر لا تزال محدودة. وفقًا لموقع “DW”.
فوائد الضحك
هناك مزايا متعددة للضحك نفسيا وجسديا وعاطفيا وفقا لمنظمة "هيلب غايد" (Helpguide)، منها:
راحة الجسد
تخفف الضحكة الجيدة التوتر الجسدي والإجهاد، وتترك عضلات الجسم مسترخية لمدة تصل إلى 45 دقيقة، الضحك يقوي جهاز المناعة، حيث يقلل هرمونات التوتر ويزيد الخلايا المناعية والأجسام المضادة لمكافحة العدوى، وبالتالي يحسن مقاومة الجسم للأمراض.
والضحك يحمي القلب، حيث يحسن وظيفة الأوعية الدموية ويزيد تدفق الدم، مما يساعد على الحماية من النوبات القلبية ومشاكل القلب والأوعية الدموية الأخرى، وأيضا يحرق السعرات الحرارية، حيث إن الضحك لمدة 10 إلى 15 دقيقة يوميا يمكن أن يحرق ما يقارب 40 سعرا حراريا.
تحسين الصحة النفسية
الضحك يوقف المشاعر المؤلمة، لا يمكن الشعور بالقلق أو الغضب أو الحزن عند الضحك، فهو يساعد على الاسترخاء وتحسين المزاج، حيث يقلل التوتر ويزيد الطاقة، مما يتيح الاستمرار في التركيز وإنجاز المزيد.
تعزيز الترابط الاجتماعي
مشاركة الضحك مع الآخرين تقوي العلاقات معهم وتسهل جذبهم وإنشاء علاقات اجتماعية وتعزز العمل الجماعي، حيث تخلق مساحات من الألفة.
صحة القلب
في نتيجة يتوقع أن تحسن حياة ملايين الناس، توصلت دراسة حديثة إلى فوائد مذهلة للضحك على صحة القلب. الدراسة الأولى من نوعها استمرت لأشهر، شارك فيها العشرات وترى أيضا أن الضحك قد يساعد مستقبلا في تقليل الاعتماد على الأدوية.
اتباع نظام صحي خاص، الاهتمام بالصحة النفسية والجسدية والحصول على قط وافر من النوم. هذه بعض الأشياء، التي ينصح بها منذ سنوات خبراء صحة الناس من أجل الحفاظ على صحة قلوبهم، والبقاء بصحة جيدة. وفيما يستمع البعض إلى نصائح خبراء الصحة، ويأخذها على محمل الجد. يجد البعض الآخر صعوبة في ذلك، ويتجاهلها في نهاية المطاف. بيد أن هذا الوضع يمكن أن يتغير باتباع طريقة بسيطة للغاية، وفي متناول الجميع للحفاظ على صحة القلب.
أما عن هذه الطريقة، فهي أن دراسة برازيلية حديثة توصلت إلى أن الضحك مفيد للقلب، إذ يؤدي إلى تمدد الأنسجة داخل القلب، وزيادة تدفق الأكسجين حول الجسم، حسب ما أورده موقع صحيفة "الغارديان" البريطانية.
واعتمدت النتائج على دراسة شملت 26 شخصا يبلغ متوسط أعمارهم 64 عاما. ويعاني جميع هؤلاء الأشخاص من مرض الشريان التاجي، وهو ناتج عن تراكم الترسبات في جدران الشرايين التي تزود القلب بالدم، حسب صحيفة "الغارديان".
كما أن هذه الدراسة البرازيلية تُعد الأولى من نوعها لتحديد ما إذا كان العلاج بالضحك، يمكن له أن يُحسن أعراض المرضى، الذين يعانون من أمراض القلب.
واستمرت الدراسة ثلاثة أشهر، حيث تم تقسيم المشاركين فيها إلى مجموعتين. مجموعة طُلب منها مشاهدة برنامجين كوميديين مختلفين لمدة ساعة كل أسبوع، وبما في ذلك مسلسلات كوميدية شهيرة.
أما المجموعة الثانية فقد عُرض عليها مشاهدة فيلمين وثائقيين مختلفين حول مواضيع تتعلق بالسياسة أو غابات الأمازون المطيرة.
ولاحظ الخبراء في نهاية الدراسة أن المجموعة، التي شاهدت البرامج الكوميدية تحسنت بحوالي 10 في المائة في اختبار لقياس كمية الأكسجين، والتي يمكن لقلبهم ضخها حول الجسم. أيضا، تحسنت نفس المجموعة في اختبار ثان لقياس مدى قدرة الشرايين على التوسع، حسب صحيفة "الغارديان".
كما خلصت الدراسة أيضا إلى أن المرضى، الذين يعانون من مرض الشريان التاجي والمشاركين في دورة العلاج بالضحك، انخفض لديهم الالتهاب وتحسنت صحتهم.
وقال المشرف على الدراسة البروفيسور ماركو سافي من البرازيل "لقد وجدت دراستنا أن العلاج بالضحك يزيد من القدرة الوظيفية لنظام القلب والأوعية الدموية". وأضاف في تصريحات نقلها موقع صحيفة "نيو يورك بوسط" الأمريكية "وجدت هذه الدراسة أن العلاج بالضحك، هو تدخل جيد يمكن أن يساعد في تقليل هذا الالتهاب، وتقليل خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية".
ويرى البروفيسور في مستشفى كلينيكاس دي بورتو أليغري في البرازيل أن العلاج بالضحك قد يساعد في التقليل من الاعتماد على الأدوية. وأضاف:"يجب على الناس أن يحاولوا القيام بأشياء تجعلهم يضحكون مرتين على الأقل في الأسبوع". وأردف:" الضحك يساعد الناس على الشعور بالسعادة بشكل عام"، وفق ما أشار إليه موقع صحيفة "نيو يورك بوسط" الأمريكية. حسب ما نشره موقع “DW”.
العلاج بالضحك
يساعد الضحك على تحسين الصحة النفسية، وهو ما ألهم العلماء لاستخدامه من أجل علاج الاكتئاب وأثبت فعالية كبيرة وفقا لدراسة منشورة في مجلة "الأكاديمية الكورية للتمريض".
وقد أجرى الباحثون الدراسة لفحص كيفية تأثير علاج الضحك على مستويات السيروتونين والاكتئاب لدى النساء في منتصف العمر.
ووجدت الدراسة أن تنشيط السيروتونين -وهو أحد أهم النواقل العصبية الكيميائية التي تستخدمها خلايا الدماغ للتواصل في ما بينها من خلال الضحك- قد ساعد النساء في تقليل الاكتئاب والسيطرة عليه.
اضف تعليق