اكد العديد من الخبراء على ضرورة ان يسعى الانسان وفي ظل المتغيرات المتسارعة التي يشهدها عالمنا اليوم، والتي ساعدت في انتشار العديد من المشكلات والاخطار الصحية، على اعتماد خطط واجراءات جديدة في مجال التغذية اتباع نظام غذائي متوازن لأجل الحفاظ على صحة جيدة وتجنب الكثير من الامراض والمشكلات، والغذاء الصحي أو الغذاء المتوازن كما تشير بعض المصادر هو النظام الذي يؤدي إلى تحسين صحة الفرد. ويرى خبراء الصحة العامة أن الصحة والجمال يقومان أساسا على قواعد التغذية السليمة، إذ أن عمل وتناغم أعضاء الجسم يعتمدان على توازن العناصر الأساسية الواردة إليه عن طريق الطعام المتناول. وينصح خبراء التغذية والصحة العامة بضرورة تناول مختلف أصناف الطعام دون الاقتصار على نوع واحد فقط، هذا بالإضافة الى ترك بعض العادات والانظمة الحالية مثل الاعتماد على المأكولات السريعة والاطعمة الجاهزة او المصنعة التي تحوي الكثير من الدهون والسكريات وغيرها، خصوصا وان العديد من الدراسات قد اثبتت ان مثل هكذا اطعمة قد تكون سببا في انتشار العديد من المشكلات الصحية كالسمنة والسكري وامراض القلب وغيرها من الامراض الاخرى هذا بالإضافة الى اضرارها الاقتصادية.
النظام الغذائي المتوسطي
وفي هذا الشأن فقد حذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة (فاو) من ان النظام الغذائي المتوسطي المعروف ايضا بـ"النظام الكريتي" والمشهود له بمنافعه الصحية، يواجه خطر الزوال ما يؤدي الى زيادة معدلات البدانة والاصابة بالامراض المزمنة في المنطقة. واشارت المنظمة في تقرير عرض في المعرض الدولي في ميلانو "اكسبو 2015" الى ان "منطقة المتوسط تشهد عملية انتقالية غذائية تبعدها عن نظامها الغذائي التقليدي الذي لطالما اعتبر نموذجا لحياة صحية".
وبحسب هذه الدراسة التي اجرتها الفاو مع المركز الدولي للدراسات العليا الغذائية المتوسطية، فإن تغيير العادات الغذائية في منطقة المتوسط يؤدي الى الكثير من الاثار السلبية بينها البدانة وأيضا العجز والوفاة المبكرة. ويتألف النظام الغذائي المتوسطي او الكريتي والذي اثبتت دراسات علمية انه يقي من امراض قلبية وعائية، خصوصا من الفاكهة والخضار واللحوم الخالية من الدهون والأسماك مع تفضيل لزيت الزيتون على الأنواع الاخرى من الدهنيات.
إلا ان العولمة والتبادلات التجارية على صعيد المنتجات الغذائية والتغييرات في انماط الحياة لا سيما لناحية تبدل دور المرأة في المجتمع، كلها عوامل تسهم في تغيير العادات الاستهلاكية في دول البحر المتوسط، بحسب التقرير. وأوضح التقرير انه "في الوقت الذي تستمر فيه معاناة المنطقة الواقعة جنوب المتوسط من نقص التغذية، تواجه دول المنطقة بشكل متزايد آفة الوزن الزائد" خصوصا لدى الاطفال.
وقال الكسندر ميبيك منسق برنامج الانظمة الغذائية الدائمة في منظمة فاو ان "النظام المتوسطي مغذ ويتناسب على نحو جيد مع الثقافات المحلية ويحترم البيئة ويلائم الاقتصادات المحلية". لكن مع الزيادة في المنتجات الغذائية المستوردة من مناطق اخرى في العالم والتحول في المشهد العام المحلي في بلدان المتوسط بفعل الزراعات الاحادية المحصول، تتعرض الانظمة الغذائية التقليدية لآثار تبدل العادات الغذائية، وفق التقرير. بحسب فرانس برس.
وبحسب التقديرات، لا تزال 10 % من الانواع الزراعية التقليدية المحلية فقط، تزرع حاليا في منطقة المتوسط. كذلك تساهم السياحة والتنمية الحضرية المطردة واستنفاد الموارد الطبيعية وخسارة المهارات التقليدية في التقلص السريع للتنوع الوراثي في الزراعات والانواع الحيوانية على امتداد دول البحر المتوسط.
مادة يصعب استبدالها
من جانب اخر فالسكر منتشر في جميع المواد الغذائية، من صلصات الطماطم إلى اللحوم المعالجة، لتعزيز النكهة واللون أو الحفاظ على المكونات أو الادخار في إنتاجها، ما يصعب جدا استبداله في الصناعات الغذائية. وتسعى منظمة الصحة العالمية إلى مكافحة البدانة من خلال تخفيض السكر "المخفي" أو "الحر" الذي لا يأتي على شكل قطعة في القهوة أو مسحوق في الحلويات، بل ذاك الذي تضيفه الصناعات الغذائية إلى منتجاتها والعصائر والعسل والسوائل التي تتضمن نشاء الذرة وحبوب أخرى.
لكن المنظمة قد خسرت هذه المعركة حتى قبل خوضها، على حد قول مايكال موس الحائز جائزة "بوليتزر" عن التحقيقات التي أجراها عن قطاع الصناعة الغذائية والذي لديه عدة مؤلفات في هذا الخصوص. الذي أكد أن السكر يصعب استبداله كثيرا في المنتجات الغذائية، حتى اكثر من الملح والدسم، شارحا أنه بمثابة "المكون العجيب في الصناعة"، فهو يستخدم لجذب المستهلك وتخفيض نفقات الانتاج. وأضاف "عند إعداد صلصة، بدلا من استعمال طماطم طازجة حمراء، تستعمل طماطم رخيصة يضاف إليها السكر لإضفاء نكهة طبيعية إليها ... فالسكر هو أفضل حليف لتخفيض النفقات".
وطوال أكثر من 10 سنوات، حقق مايكل موس في ممارسات المجموعات العملاقة في هذا القطاع في أميركا الشمالية وتوصل إلى نتيجة مفادها أن الصناعيين طوروا دراسات وتجارب متقدمة لاعتماد النقطة المعروفة ب "بليس بوينت" التي تحدد كمية السكر المثالية. وشرح أنهم "لا يكتفون بإضافة السكر إلى منتجاتهم، بل يحسبون الكمية المحددة التي ستدفعنا إلى شرائها"، لأن المستهلك الذي اعتاد استهلاك السكر في كل المواد "بات يرغب في تناول منتجات محلاة. وأصبحت هذه العادة تشكل مشكلة عند الأطفال الذين لم يعودوا يستطيبون الخضار.
وصرح فيليب ريزيه مدير مركز الدراسات والتوثيق الخاص بالسكر (اس إي دي يو سي) في فرنسا الذي يضم في الوقت عينه عدة مجموعات في هذا المجال أن "كمية السكر ضئيلة جدا في المنتجات المالحة. وبالنسبة إلى اللحوم المعالجة ومعلبات الخضار، فهي تتراوح بين 0,1 و3%، لتعزيز النكهة والطعم واللون". وللحفاظ على المكونات، لا بد من إضافة نسبة سكر أقلها 50%، كما هي الحال في المربيات. وتتضمن رقاقات الفطور "70% من الكربوهيدرات، ربعها سكريات". بحسب فرانس برس.
وأوضح ريزيه أن 80% من السكر المستهلك في البلدان المتقدمة "يتم تناوله عبر منتجات محلاة وملونة، مثل الحلويات والشوكولا والكاتشاب. وقد بقيت هذه النسبة ثابتة خلال السنوات العشرين الأخيرة". وذكرت منظمة الصحة العالمية دراسة جاء فيها أن "80% من المنتجات التي تباع في المتاجر الكبيرة في الولايات المتحدة تحتوي على سكر مخفي". ويستهلك السكر بنسب أكبر في الولايات المتحدة، بالمقارنة مع أوروبا. ولفت مايكل موس إلى أن "الصناعيين يحاولون غشنا مع القول إن بعض أنواع السكر هي أقل ضررا من غيرها، لكن من المنظور الغذائي، السكر هو عينه. وحتى عند تقديم مواد مخففة، فهم يرفعون فيها نسب الملح والدسم على حساب السكر للحفاظ على الطعم".
لبن الأمهات الطبيعي
على صعيد متصل قال خبراء بريطانيون إن حالة الهوس التي انتابت بعض أوساط عشاق اللياقة البدنية والساعين الى اشباع رغباتهم الجنسية ومن يعانون من الأمراض المستعصية على مواقع التواصل الاجتماعي ودفعتهم الى الاقبال الشديد على شراء لبن الأم الطبيعي وشربه تمثل مخاطر صحية بالغة. وقال المتخصصون في دورية الجمعية الطبية الملكية إن هناك قلة من الأدلة التي تعضد مقولة ان هذا اللبن الذي يجري تداوله الكترونيا في تجارة مربحة للمشترين من البالغين يمثل نوعا ما من الغذاء الفائق الجدوى الذي يمكن ان يعود بفوائد جمة على الصحة واللياقة مع تجنب الاصابة بالإمراض.
واضافوا ان المزاعم القائلة بانه يساعد في حالات الضعف الجنسي وعلاج السرطان ليس لها أي أساس طبي اكلينيكي بل على النقيض إذ حذروا من ان شراء لبن الأم الطبيعي غير المبستر الذي يباع من خلال المواقع الالكترونية يمكن ان يعرض المستهلكين لكثير من الامراض المعدية الخطيرة منها الالتهاب الكبدي والايدز والزهري. وقالت سارة ستيل الاخصائية بوحدة سياسات الصحة العامة بجامعة كوين ماري في لندن إن تناول لبن الأم الطبيعي قد ينطوي على مخاطر محتملة اذا استخدم كبديل للغذاء الصحي المتوازن.
وقالت إنه من الوجهة الغذائية فانه يحتوي على بروتين أقل اذا ما قورن بحليب الأبقار مثلا. وقالت ستيل "يتعين ان يأخذ المشترون المحتملون حذرهم من انه ما من دراسة علمية قد دللت على ان الاستهلاك المباشر للبالغين من لبن الأم الطبيعي للاغراض العلاجية الطبية يجئ بأي فائدة". وأضافت ان عدم التزام الامهات بالاشتراطات الصحية اللازمة عند تحضير اللبن وعدم تعقيم الأدوات على أكمل وجه وعدم مراعاة ظروف التخزين الطويل الأمد للبن ونقله يمكن ان يعرض المستهلكين أيضا لامراض تتعلق بالتلوث البكتيري للغذاء. بحسب رويترز.
وقالت ستيل "فيما تقول كثير من الأمهات على المواقع الالكترونية إنهن اجرين فحوصا خاصة بالفيروسات خلال فترة الحمل فان الكثيرات منهن لا تدركن ان هذه الفحوص يجب ان تجري بصورة دورية". ومضت تقول "الأنشطة الجنسية وغيرها .. قد تعرض النسوة لفيروسات يمكن ان ينقلنها دونما قصد الى المستهلكين".
دهون الأسماك والزيوت النباتية
في السياق ذاته قالت دراسة جرت في السويد إن الرجال والنساء الذين يتناولون وجبات من الأسماك والخضروات ربما يعيشون عمرا أطول ممن لا يتناولون هذه الاطعمة. وقالت الدراسة إن أكثر من أربعة آلاف من الرجال والنساء -يبلغون من العمر 60 عاما ممن توجد لديهم في الدم أعلى نسب من الدهون العديدة غير المشبعة التي تحتويها الأسماك والخضروات- هم أقل عرضة بواقع نحو 15 مرة للوفاة جراء أمراض القلب وغيرها وذلك بالمقارنة بمن لديهم مستويات أقل من هذه الدهون.
وقال المشرف الرئيسي على الدراسة أولف ريسيروس الباحث في مجال التغذية بجامعة أوبسالا السويدية "تعضد الدراسة الارشادات الغذائية الحالية التي تنصح بتناول كميات كافية من الاسماك والخضروات ضمن اغذية صحية بالنسبة الى القلب". والدهون العديدة غير المشبعة والدهون الاحادية غير المشبعة هي الدهون التي تضمن مستويات صحية من الكوليسترول لا سيما عندما تستعمل بديلا عن الدهون المشبعة والمتحولة او الكوليسترول الضار.
وتوجد الدهون غير المشبعة في أسماك مثل السلمون والسلمون الارقط (تراوت) وأسماك الرنجة وفي خضروات وفاكهة مثل ثمار الافوكادو والزيتون والجوز والزيوت النباتية مثل زيت فول الصويا وزيت الذرة وزيت القرطم وزيت عباد الشمس وزيت الكانولا وزيت الزيتون. وتقول الارشادات الغذائية الحالية إنه يتعين الا يتناول البالغون أكثر من 20 الى 35 في المئة من السعرات الحرارية اليومية من الدهون. ويجب ان تكون هذه الدهون غير مشبعة على ألا تزيد نسبة الدهون المشبعة على عشرة في المئة علاوة على نسبة اقل بقدر الامكان من الدهون المتحولة.
ويقول ريسيروس وزملاؤه في دورية الجمعية الامريكية لأمراض القلب إن الادلة الحالية تشير الى ان أنواع الدهون التي يستخدمها البالغون ربما تكون أهم من كمياتها فيما يتعلق بالتاثير على الاحماض الدهنية التي تسري في الدم والمخاطر التي يتعرض لها القلب والاوعية الدموية. وتضمنت الاختبارات قياس مستوى مختلف انواع الدهون لدى 2193 امرأة و2039 رجلا من السويد ثم تمت متابعة حالات نصفهم على مدى 14.5 عام على الاقل. بحسب رويترز.
وخلال فترة الدراسة توفي 265 رجلا و191 امرأة فيما اصيب خلالها 294 رجلا و190 امرأة بامراض تتعلق بالقلب والاوعية الدموية. وقالت سامنتا هيلر اخصائية التغذية بمركز رعاية العظام والعضلات والاداء الرياضي التابع لجامعة نيويورك التي لم تشارك في هذه الدراسة إن النصحية الغالية هي : تناولوا الكثير من النباتات والقليل من اللحوم.
الميول والهوية الجنسية
من جانب اخر ذكرت دراسة أمريكية جديدة أن طلاب الجامعات من المثليين والمتحولين جنسيا أو ثنائيي الجنس يملكون أعلى نسبة لخطر الإصابة باضطرابات في الأكل. وشملت الدراسة التي نشرت في دورية (أدوليسنت هيلث) طلابا في 233 جامعة أمريكية بينهم أكثر من 200 ألف شخص ذوي ميول جنسية طبيعية وخمسة آلاف غير متأكدين من ميولهم و15 ألفا من المثليين أو ثنائيي الجنس و479 من المتحولين جنسيا. وقالت ألكسيس دنكان المشرفة على الدراسة من كلية جورج وارن براون للعمل الاجتماعي في جامعة واشنطن في سانت لويس إن هذه الدراسة هي الأولى التي تشمل ما يكفي من الأشخاص المتحولين جنسيا لإجراء مقارنات ذات معنى مع غيرهم من ذوي الميول الجنسية المتنوعة.
وتحدث الطلاب في استبيانات وزعت عليهم بين عامي 2008 و2011 عن حالتهم النفسية وما إذا كانوا قد استخدموا المخدرات وعن سلوكهم الجنسي وتاريخ التغذية. كما ذكروا في هذه الاستبيانات ما إذا كانوا قد تلقوا علاجا أو تم تشخيصهم من قبل أخصائي بإصابتهم بفقدان شهية أو بشره الطعام في السنة السابقة وما إذا كانوا يتقيأون ما يتناولونه أو تناولوا أدوية ملينة أو حبوب الحمية في الشهر الذي سبق توزيع الاستبيان.
وقارن الباحثون بين الميول الجنسية المتنوعة وبين النساء ذوات الميول الطبيعية الذين تتركز عليهن في العادة الدراسات بشأن اضطرابات التغذية. وقال 1.5 في المئة من الطلاب إنه جرى تشخيصهم بالاصابة باضطراب في الأكل خلال العام الذي سبق في حين قال ثلاثة في المئة انهم تقيأوا ما اكلوه أو لجأوا للأدوية الملينة خلال الشهر الذي سبق كما استخدم أكثر من ثلاثة في المئة حبوب الحمية.
وأشار الباحثون إلى أن هذه التقارير كانت الأكثر شيوعا بين الأشخاص المتحولين جنسيا وأقل شيوعا بين الطلاب الذكور ذوي الميول الجنسية الطبيعية. وأظهرت الدراسة ان الطالبات السحاقيات أو الثنائيات الجنس كن أقل ميلا للإفصاح عن إصابتهن باضطراب في الأكل في العام الذي سبق اجاباتهن مقارنة بالنساء ذوات الميول الجنسية الطبيعية.
في حين أن الطلاب المتحولين جنسيا كانوا اكثر ميلا بمرتين للافصاح عن استخدام حبوب الحمية أو التقيؤ أو استخدام الأدوية الملينة خلال الشهر الذي سبق الدراسة. وذكرت الباحثة مونيكا ألجارز من جامعة آبو أكاديمي في فنلندا أن الدراسة الجديدة تؤكد الكثير من الجوانب التي تم التوصل إليها في دراسات سابقة لكنها تضم عددا أكبر من المشاركين وتقارن بين الأشخاص المتحولين جنسيا وذوي الميول الجنسية الطبيعية. بحسب رويترز.
وقالت ألجارز إنها توصلت في دراسة سابقة إلى أن الأشخاص المتحولين جنسيا يسعون للنحافة في محاولة لقمع التكوينات الجسدية التي يفرضها جنس ولادتهم أو تأكيد سمات الجنس الذي حددوه لأنفسهم. وأشارت إلى أنه من المهم الإدراك كيف يمكن لاضطرابات الطعام أن تكون مرتبطة باضطرابات الهوية الجنسية وعدم الرضا حيال الجسد بين الأشخاص المتحولين جنسيا. وأضافت "في ملحوظة اكثر إيجابية ذكر الكثير من الاشخاص المتحولين جنسيا أن علاج تغيير الجنس يمكن أن يخفف عدم الرضا تجاه الجسد والاصابة باضطرابات الأكل."
اضف تعليق