ما الفرق بين الصداع والصداع النصفي؟ لماذا لا نعرف الكثير عن الصداع النصفي؟ ما هي أسباب هذا الداء المؤلم؟ وهل يصيب هذا النوع من الصداع النساء أكثر من الرجال؟ وهل هو مميت حقاً؟ وكيف يمكن ان تخفف من آلامه؟ وهل يمكن التخلص منه بطرق غير تقليدية؟
الصداع النصفي واحد من أكثر أنواع الصداع انتشارا، أسبابه عديدة، فبرد الشتاء قد يكون مسببا له وحتى الطقس الجميل ودفء الربيع يمكن أن يسببه. ولتجنب هذا الصداع وآلامه ليس من الضروري تناول الأدوية وإنما هناك طرق أخرى لمعالجته.
قلة النوم أو الجفاف قد يسببان الصداع النصفي (الشقيقة) ولكن تغير الطقس السريع أيضا وخاصة في فصلي الربيع والخريف يسبب هذا النوع من الصداع. ويشكو كثيرون من الصداع حين تهب رياح دافئة، وتغير درجة الحرارة، والرطوبة والضغط الجوي والأشعة فوق البنفسجية، يفسر سبب تأثير الطقس علينا.
الصداع النصفي، مكن التغلب عليه بدون أدوية من خلال اتباع النصائح الاتية: تناول الطعام بانتظام وتجنب الأطعمة الدسمة والحلويات والخبز، معالجة آلام الفك والأسنان التي يمكن أن تسبب صداعا نصفيا، الاعتدال في النوم، إذ ينصح بتجنب النوم لفترة طويلة أو قصيرة، الأوكسجين أيضا يساعد في التغلب على الصداع النصفي وتجنب آلامه، لذا يمكن التنزه أو ممارسة الرياضة في الهواء الطلق.
تدليك وتدفئة الرقبة، فتقلص عضلاتها يمكن أيضا أن تكون أحد أسباب الصداع النصفي، شرب فنجان قهوة، فهي تساعد على تدفق الدم في الدماغ، شرب السوائل وخاصة الماء، للتخلص من الصداع والوقاية منه.
أسباب الإصابة بالصداع النصفي
توصل العلماء في دراسة نشرتها مجلة "نيتشر غينيتكس" إلى اكتشاف أسباب حصول الصداع النصفي أو داء الشقيقة وإصابة أشخاص به دون غيرهم، وشكلت الدراسة علامة فارقة لفهم هذا المرض المنتشر بشكل كبير، ولا تعد أسبابه مفهومة بشكل جيد.
الصداع النصفي أو داء الشقيقة هو مرض منتشر بشكل كبير في أنحاء العالم، وأسبابه ليست معروفة تماما. لكن أحد العوامل المعروفة هو أن الشرايين الصدغية تنقبض في البداية ثم تتمدد فجأة، ما يسبب ألاما في الرأس تتفاوت شدتها من شخص لآخر. ووفقا لصحيفة دي فيلت الألمانية فإن العلماء استطاعوا بعد دراسات مطولة شملت 375 ألف شخص من أوروبا وأمريكا وأستراليا أن يكشفوا سر الإصابة بهذا المرض، والذي يعاني منه حوالي 1 من كل سبعة أشخاص على سطح الأرض بحسب الدراسة المنشورة في مجلة "نيتشر غينيتكس العالمية، والتي أشرف عليها فريق دولي متخصص بالبحث الجيني حول الصداع النصفي
أسباب المرض، وفقا لصحيفة ميركور الألمانية فإن العلماء استطاعوا التوصل إلى إجابة للسؤال المتكرر وهو أسباب حصول هذا المرض وانتقائه لأشخاص دون غيرهم، ووفقا للصحيفة الألمانية فإن الجينات كانت العامل المؤثر الأبرز للإصابة في هذا المرض، حيث حدد العلماء 38 جينا لهم دور في الإصابة بهذا المرض، وشدة الألم المصاحب. ويأمل البروفيسور هارتموت غوبل، من مركز معالجة الآلام في مدينة كيل الألمانية والباحث المشارك في الدراسة الدولية أن توفر معرفة هذه الجينات على علاج فعال مستقبلي لداء الشقيقة. واستنادا إلى نتائج جديدة يأمل العلماء الآن تطوير علاجات وعقاقير مصممة خصيصا لمن يعانون من الصداع النصفي.
علامة فارقة لفهم المرض، ويقول الباحث الألماني: إن هناك اضطراب في الدورة الدموية الدماغية وبالتالي مسؤولة عن ظهور الصداع النصفي. ويضيف "الشرايين تزود الخلايا العصبية في الدماغ بالأكسجين والطاقة. وهذه الوظيفة مهمة جدا للعصب، إذ أن أي تعطيل مؤقت لهذا الأمر، يسبب نوبات الصداع النصفي".
ويرى العلماء أن هذه الدراسة الجديدة هي علامة فارقة لفهم الصداع النصفي، إذ أنه كلما استطاع العلم معرفة الآلية المصاحبة لهذا المرض كلما كانت معالجته أسهل. وكانت هناك العديد من النظريات والنماذج القديمة التي حاول الأطباء فيها شرح أسباب حصول الصداع النصفي. حيث كان يعتقد بأن التهاب الأنسجة العصبية في الدماغ هو سبب هذا المرض الذي يصيب النساء أكثر من الرجال، حيث يصيب إمرأة من كل ست نساء، ورجلا من كل ثمانية، ويشكل سببا رئيسيا للتغيب عن العمل.
والجينات الجديدة التي حددت في الدراسة تعزز فرضية أن ثمة خللا في عمل الجزيئات المكلفة بنقل الإشارات بين الخلايا العصبية للدماغ، يساهم في الإصابة بنوبة صداع نصفي على ما أكد الباحثون، ويضاف إلى ذلك أن معرفة اثنين من هذه الجينات تعزز أيضاً فرضية أي دور محتمل للأوردة في الإصابة بالصداع النصفي، وبالتالي الكشف عن اضطراب محتمل في تدفق الدم.
هل يصيب الصداع النصفي النساء أكثر من الرجال؟
كثيرا ما تشكو النساء من أعراض الصداع النصفي، وهو ما عزز المقولة بأن هذا المرض يصيب النساء أكثر من الرجال، فهل هذا حقيقي، وماذا يقول العلم بخصوص انتشاره ومكافحة أعراضه؟
ما زال السبب وراء الصداع النصفي مجهولًا للأطباء، ولكن هناك بعض العوامل التي تزيد من احتمالية الإصابة به
بالرغم من اختلاف أعراضه، فإن مرض الصداع من الأمراض المزعجة التي تصيبنا بشكل متكرر، ويعد الصداع النصفي أحد الأنواع المنتشرة، والتي يمكنها أن تشكل ازعاجا للمصاب، وذلك لحدتها. ويبدو أن المقولة التي تقول بأن النساء يعانين من مرض الصداع النصفي (الشقيقة) أكثر من الرجال، هي مقولة صحيحة تماما. فوفقا لمنظمة الصحة العالمية، تتأثر النساء بشكل خاص به، حيث أكدت الدراسات أن النساء يعانين من الصداع النصفي أكثر من الرجال بثلاثة أضعاف.
وفقا للخبراء، فإن الهرمونات قد تكون السبب الرئيسي في الإصابة بالصداع النصفي، فعلى الرغم من أن الجينات وأسلوب الحياة يلعبان دورًا، إلا أن ضعف البنية لدى النساء، وتغير الهرمونات خاصة في أوقات الدورة الشهرية يشكلان عوامل إضافية للإصابة.
ما الفرق بين الصداع والصداع النصفي؟
الصداع النصفي يختلف عن الصداع الطبيعي بعدة طرق. إذ يمكن أن يدوم إلى 72 ساعة ويسبب ألمًا وغثيانا، وكذلك حساسية للضوء والضوضاء. ويمكن للصداع النصفي أيضًا تحويل الأنشطة البدنية البسيطة مثل تسلق السلالم إلى عذاب. وفق الموقع الألماني المتخصص Netdoktor.
وقد ينطوي الصداع النصفي على: ألم في أحد جانبي رأسكَ عادةً، ولكن كثيرًا ما يكون في كلا الجانبين وقد يرافقه الغثيان والقيء، وما زال السبب وراء الصداع النصفي مجهولًا للأطباء، ولكن هناك بعض العوامل التي تزيد من احتمالية الإصابة به، ومنها: العوامل الوراثية، و اضطرابات النوم والإسراف في تناول المشروبات المنبهة أو حتى ضغوط العمل، كما أن التدخين والكحول يمكن أن يزيد من فرصة الاصابة بالمرض أو زيادة حدته. ويحذر الأطباء من عدم أخذ الصداع النصفي على محمل الجد، لأن الصداع النصفي يمكن أن يحد من أنشطة المريض بشدة، كما أنه يلعب دورا مهما في برنامجه اليومي، وبعلاقاته بالأخرين.
هل الصداع النصفي قابل للعلاج؟ لا يمكن علاج الصداع النصفي تمامًا ولكن تتوفر العديد من العلاجات للحد من هذا الصداع على غرار استخدام بعض مضادات الالتهاب، واتباع نمط حياة معين إلى جانب تعاطي بعض الأدوية، مثل تحسين جودة النوم.
كما أن بعض التغييرات يمكن أن تساعد المصابين على مواجهة المرض، حيث يوصي أطباء الأعصاب بوثيق الأيام التي يصاب فبها المريض، للتأكد من ماهية الطعام المتداول، أو العادات التي قد تؤثر على الاصابة بالمرض. ينصح الأطباء كذلك لمن يعاني من هذا المرض التزام الروتين اليومي في حياته مثل اتباع تمرينات منظمة، والالتزام بمواعيد طعام ثابتة.، وبالإضافة إلى علاج الوخز بالإبر، فإن تناول المكملات الغذائية مثل المغنيسيوم وفيتامين B2 يمكن أن يقلل من تكرار نوبات المرض.
الصداع النصفي في بعض الأحيان هو وسيلة لجسمك للإشارة إلى أنه يجب عليك قضاء بعض الوقت في إجازة. لذا فإن الاستماع إلى الجسم في بعض الأحيان، واتباع نمط الحياة متوازن يعد جزءًا مهمًا في العلاج.
يؤدي إلى الموت
حذَّرت دراسة أمريكية-دنماركية مشتركة من أن الصداع النصفي (الشقيقة) قد يؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب وجلطات الدم والسكتة الدماغية، وأشارت الدراسة -التي أجراها باحثون من مستشفى جامعة آرهوس الدنماركية وجامعة ستانفورد الأمريكية ونشرتها دورية "بريتيش ميديكال جورنال"- إلى أن مرض الصداع النصفي بمنزلة عامل خطر وقوي لمعظم أمراض القلب والأوعية الدموية والسكتة الدماغية لدى الرجال والنساء على حدٍّ سواء، موضحةً أنه "قد يكون سببًا للموت في بعض الحالات".
اطَّلع الباحثون على بيانات 51032 دنماركيًّا يعانون من الصداع النصفي، وفق بيانات السجل الوطني للمرضى بالدنمارك، الذي يتضمن متابعتهم لـ19 عامًا تقريبًا (من يناير 1995 إلى نوفمبر 2013)، وقارنوا بينهم وبين 510320 شخصًا ممن لا يعانون من الصداع النصفي، وبلغ متوسط عمر الأشخاص الذين يعانون منه 35 عامًّا، وتبلغ نسبة النساء بينهم 71%.
ووفق نتائج الدراسة، فإن خطر التعرض لنوباتٍ قلبيِّة يَزيد بـ1.47 ضِعف لدى المصابين بالصداع النصفي، ويبلغ 1.8 ضِعف بالنسبة للسكتةِ الدماغيَّة، وأكثر من 1.58 مرة بالنسبة لخطر التعرض للإصابة بالجلطات الدموية الوريديَّة، وأكثر من 1.38 مرة بالنسبة لخطر التعرُّض لمرض الرجفان الأذيني؛ إذ وجدت الدراسة أنه من بين كل ألف شخص يعانون من الصداع النصفي، 25 شخصًا تعرضوا لأزماتٍ قلبيةٍ، مقارنةً بـ17 ممن لا يعانون من الصداع النصفي، و45 شخصًا أُصيبوا بسكتاتٍ دماغيَّةٍ، مقارنةً بـ25 آخرين من غير المصابين بالصداع النصفي، و27 مريضًا أُصيبوا بجلطاتٍ دمويَّةٍ وريديَّةٍ، مقابل 17 ممن لا يعانون من الصداع النصفي، و47 أُصيبوا بالرجفان الأذيني، مقابل 34 ممن لا يعانون من الصداع النصفي، و19 أُصيبوا بفشل القلب، مقابل 18 ممن لا يعانون من الصداع النصفي.
تخفف من آلام الصداع النصفي؟
تتراوح شدة نوبات الصداع النصفي (الشقيقة)، لكن الإصابة بالمرض غالبا ما تعيق أو على الأقل تؤثر بالسلب على أداء أنشطة الحياة اليومية. فكيف لعدد من المشروبات البسيطة أن تساعدنا في التخفيف من آلام الصداع النصفي؟
الصداع النصفي هو عرض عصبي يصيب ما يقرب من 12 بالمئة من سكان الولايات المتحدة، وفقا للمركز القومي للصحة التكميلية NCCIH التابع لإدارة الصحة الأمريكية، بينما في أوروبا، تشير دراسة منشورة حديثا على دورية الصداع والألم التابعة لموقع Springer Nature العلمي، إلى "غياب التعامل الطبي الأمثل مع الصداع النصفي" لدى آلاف المرضى.
وبالرغم من كونه مشكلة شائعة يعاني منها الكثيرون،لا يوجد علاج محدد للصداع النصفي حيث يحتاج غالبا للتخلص منه تغيير أسلوب الحياة أو النظام الغذائي المتبع، ويقدم موقع Healthline الطبي اقتراحات بعدد من المشروبات يمكن بتناولها التخلص من الصداع النصفي أو خفض شدته، مع التأكيد على ضرورة استشارة الطبيب والجهات الصحية المتخصصة لمعرفة سبب الإصابة بالصداع النصفي ومحاولة علاجه.
القهوة الخالية من الكافيين، يتسبب تناول الكثير من الكافيين في إصابة البعض بالصداع النصفي. ونظرا لصعوبة تخلي هؤلاء عن القهوة، يمكن لتناول البديل الخالي من الكافيين أن يكون حلا جيدا، مع ضرورة تقليل جرعات الكافيين بشكل تدريجي ليعتاد الجسم على غيابها ويتجنب سبب أي إصابة محتملة بالصداع.
وتناول القهوة الخالية من الكافيين لا يعني غالبا عدم حصول الجسم عليه إطلاقا. فالمنتجات المصنفة باعتبارها خالية من الكافيين تخلو عمليا من 97.5 بالمئة من الكافيين، وفقا للجمعية الأمريكية للصداع النصفي، ما يعني استمرار وجوده حتى ولو بنسبة محدودة.
الشاي الأخضر، إن كنت تبحث عن بديل صحي للقهوة، فالشاي الأخضر يعدّ حلا مثاليا لاحتواء الكوب منه على مقدار متوسط من الكافيين يتراوح ما بين 30 و 50 مليغرام من الكافيين مقارنة بـ 80 و100 في القهوة، وفقا لإدارة الأغذية والدواء الأمريكية FDA، ويقترح البعض تناول الشاي الأخضر للتخفيف من أعراض الصداع ولكن المزيد من البحث مطلوب لإثبات فعالية الشاي الأخضر بالنسبة للصداع النصفي.
الأقحوان، تساعد خصائص زهرة الأقحوان في التخفيف من أعراض الصداع النصفي، والتي تتضمن الألم والحساسية من الضوء والغثيان، وفقا للمركز القومي للصحة التكميلية في الولايات المتحدة، ويمكن تناول الأقحوان عن الطريق تناول الشاي المستخلص من زهوره أو من خلال أقراص ومكملات طبية. ولا ينصح بمضغ أوراق زهرة الأقحوان نفسها، كما لا ينصح بتناوله للسيدات أثناء الحمل أو الرضاعة.
النعناع، لشرب النعناع واستنشاقه فوائد محتملة في علاج الصداع النفسي، خاصة لدى الشعور باهتزاز في الدماغ، وفقا لموقع المكتبة القومية لعلوم الطب بالولايات المتحدة، كما يتسم النعناع بخلوه من مادة الكافيين بما يجعله المشروب المناسب قبل النوم دون الخوف من تسببه في الإصابة بالأرق.
شاي الزنجبيل، يتم إعداد هذا النوع من الشاي باستخدام جذور الزنجبيل. ويساعد تناوله عادة في علاج بعض الأعراض المصاحبة للصداع النصفي مثل الغثيان والقيء.
عصائر الخضروات (سموذي)، عدم تناول المقدار الكافي من الخضروات يمكن أن يتسبب في انخفاض مستويات حمض الفوليك الذي يساعد في التخفيف من أعراض الصداع النصفي، وفقا لدراسة منشورة على موقع المكتبة القومية لعلوم الطب.
ولكن لا يوجد دليل علمي حتى الآن يثبت أن الحصول على تلك المادة على هيئة أقراص يمكن أن يساعد كتناول الخضروات التي تحتوي عليها. وينصح الموقع بتجربة عمل مشروب بخلط أوراق السبانخ مع التوت واللفت.
شرب الماء، يجب شرب ما يكفي من المياه باستمرار خلال اليوم لتجنب الإصابة بنوبات الصداع النصفي، خاصة لدى فقدان الجسم لكميات من المياه بسبب ممارسة الرياضة أو لارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، ويمكن إضافة مذاق ممتع للمياه من خلال بضعة شرائح من الفاكهة، بما يحفز على شربها بكميات أكبر.
عصائر البرتقال والجريب فروت، نظرا لتمتعه بنسبة مرتفعة من الماغنسيوم، يمكن لعصير البرتقال المساعدة في علاج الصداع النصفي. وفي حال سبب تناولك للبرتقال في بعض المشاكل أو أردت التنويع، يمكنك استبداله بعصير الجريب فروت لاحتوائه أيضا على نسب مرتفعة من الماغنسيوم.
طرق غير تقليدية للحد من ألم الصداع النصفي!
الصداع النصفي هو واحد من أسباب ضعف القدرة على الإنتاج والعمل حول العالم، وأحيانا لا تكون العلاجات المتاحة كافية للتخلص منه بشكل كامل. إلا أن دراسة حديثة اقترحت طريقة إضافية للمساعدة في الحد من ألم الصداع النصفي. ما هي؟
للتخلص من الصداع النصفي وما يتسبب فيه من إزعاج، ينصح أطباء بعدم الاكتفاء بتناول العلاجات أو مسكنات الألم المتاحة فقط. فقد توصل باحثون إلى الآثار الإيجابية التي يمكن أن تنتج لدى تغيير المريض للنظام الغذائي الذي يتبعه يوميا، وفقا لدراسة منشورة حديثا على موقع BMJ الطبي.
"فما اعتاد أجدادنا على تناوله من دهون يختلف تماما من حيث الكم والنوع مقارنة بأنظمة الغذاء الحديثة"، على حد تعبير دايزي زامورا، الأستاذة المساعدة في كلية الطب بجامعة نورث كارولينا الأمريكية والمشاركة في الدراسة.
وتشرح زامورا أن جسم الإنسان بطبيعته لا ينتج الأحماض الدهنية المشبعة، التي زادت بشكل ملحوظ في نظامنا الغذائي بسبب إضافة الزيوت للكثير من المنتجات الغذائية المصنعة كرقائق البطاطس أو الشوفان والمقرمشات وغيرها.
ولذلك ركزت الدراسة في فحص الأحماض الدهنية المشبعة، وخاصة زيوت أوميغا 6 وأوميغا 3 على وجه التحديد. فبينما تساعد الأحماض من نوع أوميغا 3 في التقليل من الالتهابات، تعمل بعض مشتقات أوميغا 6 على تعزيز الشعور بالألم.
ولكن نظرا للكم الهائل من المنتجات الغذائية المصنعة التي يستهلكها العالم اليوم، فغالبية سكان الولايات المتحدة يتناولون الآن كميات أقل من زيوت أوميغا 3 (التي تقلل من الالتهابات) وكميات أكبر من زيوت أوميغا 6 (التي تعزز الشعور بالألم).
وللتأكد من الدور الذي تلعبه تلك الزيوت في عملية الإحساس بالألم بسبب الصداع، طلب المشرفون على الدراسة من 182 مصاب بالصداع النصفي الالتزام بنظام غذائي محدد على مدار 16 أسبوعا، إلى جانب تناولهم للأدوية والعلاجات المعتادة الموصوفة لهم من جانب الأطباء.
وتنوعت البرامج الغذائية في الدراسة ما بين برنامج أول يحافظ على متوسط الكمية التي يستهلكها الفرد في الولايات المتحدة من نوعي الزيوت، وبرنامج ثاني يزيد فيه معدل استهلاك زيوت أوميغا 3 مع الإبقاء على معدل زيت أوميغا 6 بدون ارتفاع، وبرنامج ثالث يزيد فيه استهلاك زيوت أوميغا 3 مع خفض استهلاك زيت أوميغا 6.
ووجد الباحثون أن من اتبع النظام الغذائي الثاني والثالث لاحظوا انخفاض معدل الإصابة بالألم، مقارنة بمن اتبع النظام الأول الشبيه بما يتناوله غالبية سكان الولايات المتحدة، ولكن ما بين المجموعات الثلاث، حصلت المجموعة الثالثة ذات الكميات الأعلى من زيوت أوميغا 3 والكميات الأقل من أوميغا 6 على أفضل نتائج. كما تمكن بعض المشاركين في المجموعة الثالثة من تقليل كميات ما اعتادو على تناوله من أدويةبسبب انخفاض عدد أيام إصابتهم بالصداع النصفي.
ونبة الباحثون إلى أن الدراسة اعتمدت على قيام المشاركين بتناول الطعام الذي يحتوي على الزيوت، دون الحصول على مكملات غذائية، وتوجد أحماض أوميغا 3 في كل من بذور وزيت الكتان وزيت الجوز والأطعمة البحرية والطحالب وفواكه البحر، وفقا لموقع ويب طب. بينما توجد أحماض أوميغا 6 في المأكولات النباتية وزيوتها كزيت الذرة وزيت وبذور عباد الشمس وزيت السمسم، كما يتواجد في الأطعمة المعدة من المصادر الحيوانية كاللحوم ومنتجات الألبان والبيض.
لماذا لا نعرف الكثير عن مرض "الصداع النصفي"؟
يصيب داء الصداع النصفي أو "الشقيقة" واحدة من بين كل خمس سيدات، ويحتل المرتبة الثانية بين الأمراض التي تعيق المريض عن ممارسة حياته الطبيعية، قياسا بعدد السنوات المعدلة حسب العجز والإعاقة. ورغم ذلك فإن هذا المرض لم يستوف حقه من البحث والدراسة، وبعض الأخصائيين لا يعترفون بأنه مرض عصبي حقيقي.
داهمتني أول نوبة صداع نصفي في إحدى الأمسيات بعد عودتي من المدرسة. كان صداعا عاديا في البداية ثم تحول إلى ألم مبرح كأنه يشق رأسي من شدته، وصاحبه تشوش في الرؤية وصار الضوء في الغرفة يؤلمني، وبعدها بدأ الغثيان والقيء.
هذه النوبة عاودتني مرات لا تحصى في السنوات الأخيرة، واضطررت بسببها أن أترك وظيفتي وأصبحت أشعر أنني ضعيفة ومعدومة الحيلة.
ويصنف مرض الشقيقة عادة ضمن أنواع "الصداع". لكن الصداع المعتاد يمكن السيطرة عليه بقرص أو قرصين من مسكن يحتوي على باراسيتامول، في حين أن الشقيقة هي ألم عنيف يمزق الرأس، وأحيانا يكون من الشدة بحيث يوهن المريض ويعيقه عن ممارسة أنشطته المعتادة، ولم يتوصل الأطباء بعد لسبب واضح للشقيقة، فقد يكون مرده تغير الهرمونات أو نشاط غير طبيعي للدماغ، وبالتالي لا يوجد بعد علاج للقضاء عليه أو الحد من نوبات الصداع النصفي على المدى الطويل.
ليس من المستغرب إذن أن تنتهي دراسة شملت 195 دولة عن العبء العالمي للأمراض، إلى أن نوبات الصداع النصفي تحتل المرتبة الثانية بين الأمراض التي تعيق المرضى عن ممارسة أنشطتهم اليومية المعتادة قياسا بعدد السنوات المعدلة حسب الإعاقة أو العجز، وتلقي نوبات الصداع النصفي بظلالها القاتمة على الاقتصاد أيضا، فقد قدرت دراسة إجمالي عدد الأيام التي تغيبها الموظفون في المملكة المتحدة بسبب الصداع النصفي بنحو 25 مليون يوم في السنة.
على عكس الصداع المعتاد، فإن داء الصداع النصفي هو ألم مبرح يسبب ضبابية في الرؤية والقي، غير أن الصداع النصفي، رغم ما يسببه من عبء اقتصادي وصحي ثقيل، لا يزال واحدا من أقل الأمراض التي تمول علاجاتها في العالم.
ويعد هذا الاضطراب أيضا أكثر انتشارا بين النساء، إذ يصيب واحدة من بين كل خمس سيدات، بينما يصيب واحدا من بين كل 15 رجلا، وقد أجرت جامعة في أريزونا دراسة على فئران نصفهم من الذكور والنصف الأخر من الإناث، وتوصلت إلى أن سبب انتشار الصداع النصفي بين النساء قد يكون سببه ارتفاع مستويات الإستروجين وانخفاض نسب نواقل أيونات (شوارد) الصوديوم والبروتونات NHE1، التي تنظم نقل البروتونات وأيونات الصوديوم عبر أغشية الخلايا، وإذا انخفضت مستويات هذه النواقل، ستزيد إشارات الألم التي يرسلها الجسم للدماغ، وتقول إميلي غالوواي، إحدى الباحثات في الدراسة: "استنادا إلى نتائج الدراسة، نرى أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالصداع النصفي بسبب زيادة اضطرابات الهرمونات الأنثوية، وهذه التغيرات تؤثر على نواقل أيونات الصوديوم والبروتونات".
لكن مرض الشقيقة هو الأقل حظا بين الأمراض بحثا وتمويلا، إذ تشير إحصاءات إلى أن مرض الشقيقة، رغم ما يسببه من خسائر اقتصادية فادحة، يظل الأقل تمويلا بين الأمراض العصبية في أوروبا.
وفي الولايات المتحدة أنفق على أبحاث الربو ما يعادل 13 ضعف المبالغ التي أنفقت على الصداع النصفي، وأنفق على مرض السكري 50 ضعف المبالغ التي أنفقت على الصداع النصفي، رغم أنه يصيب 15 في المئة من السكان. لا أحد ينكر بالطبع أن الربو ومرض السكري من الأمراض المهددة للحياة.
وكشأن سائر أبحاث الرعاية الصحية، فإن أغلب أبحاث الصداع النصفي أجريت على الذكور من الحيوانات، رغم أن الصداع النصفي أكثر انتشارا بين النساء، وقد يعكس إهمال النساء في أبحاث الصداع النصفي اتجاها عاما في مجال الرعاية الصحية للاستهانة بآلام المريضات. وقد يجسد أيضا أشكال التعميم والتنميط الجنسي المرتبطة بالصداع النصفي الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ.
تاريخ الصداع النصفي
يعد هذا الصداع النابض من أقدم الأمراض التي سجلها البشر على الإطلاق. إذ عثر على مخطوطات مصرية قديمة تعود إلى عام 1200 قبل الميلاد تصف بالتفصيل حالات صداع تشبه أعراض الشقيقة. وكتب أبقراط أيضا عن الاضطرابات البصرية والقيء وهي أعراض تصاحب عادة الصداع النصفي.
وينسب الفضل في اكتشاف الصداع النصفي للطبيب الإغريقي أريتايوس من كبادوكيا، الذي وصف بدقة في القرن الثاني بعد الميلاد آلام الصداع النصفي التي تتركز في جانب واحد من الرأس والفترات التي لا يعاني فيها المريض من أعراض.
وارتبط علاج الصداع النصفي وأسبابه تاريخيا بالكثير من الخرافات والشعوذة، وظهرت ممارسات عديدة لعلاج الصداع النصفي في العصور الوسطى غير مثبتة علميا بداية من العلاج بالفصد أو الحجامة والسحر إلى إدخال فص ثوم في شق داخل المعبد.
وبعض الخبراء الطبيين أوصوا بعملية التربنة، أي حفر ثقوب في الجمجمة لعلاج الصداع النصفي. وكانت هذه العملية البشعة تُجرى عادة لإخراج الأرواح الشريرة من أشخاص كانوا أغلب الظن يعانون من أمراض نفسية، ولكنها ربما كانت بداية الربط بين الصداع النصفي والدماغ، لاحظ الأطباء للمرة الأولى أن الصداع النصفي أكثر شيوعا بين النساء منه بين الرجال في القرن التاسع عشر. واعتقدوا أن الدماغ هو أصل الداء، إذ وصفوا الحالة بأنها اضطراب يصيب "الأمهات من الطبقة الدنيا"، لأن عقولهن ضعفت بسبب العمل اليومي، وقلة النوم، والرضاعة وسوء التغذية، وكثيرا ما كان الناس يسخرون من النساء اللائي يصبن بنوبات الصداع الحادة، ومن هنا بدأت وصمة الأمراض العصبية التي تلاحق المرضى حتى الأن.
تقول جوانا كيمبنر، أستاذة مشاركة لعلم النفس بجامعة روتجرز، بالولايات المتحدة: "ظل الناس لوقت طويل ينظرون للصداع النصفي على أنه مرض يصيب الرجال والنساء المثقفين من الطبقة العليا. إذ كان يُعتقد أن الأجهزة العصبية الرقيقة لدى الأشخاص الذين نشأوا في هذه البيئات تساعد الرجال على الأقل على ارتياد أفاق العلوم والفنون"، وتضيف: "كان الناس يعتقدون آنذاك أن النساء أقل قدرة من الرجال على العمل الفكري والإبداعي، وأن 'أجهزتهن العصبية الرقيقة' لا تحتمل تدفق المعلومات".
وميّز طبيب الأعصاب الأمريكي هارولد وولف، الذي يعد من أكبر الباحثين في مجال الصداع في العصر الحديث، بين مرضى الصداع النصفي الرجال ونظرائهم من النساء. إذ كان يرى أن الرجال طموحون وناجحون ولا يصابون بالصداع النصفي إلا من أثر التعب، في حين أن النساء يصبن بالصداع النصفي بسبب عدم تقبلهن لدورهن في المجتمع، وبخاصة كراهيتهن للعلاقة الحميمة، وتضيف كيمبنر: "في نهاية القرن العشرين، اقترن الصداع النصفي بالزوجات المصابات بمرض عصبي...".
العلاقة بين الدماغ والصداع
لا أحد ينكر أن اضطراب الصداع يرتبط بالصحة النفسية. وأكدت دراسات عديدة وجود علاقة بين الصداع النصفي ومجموعة من الاضطرابات النفسية، إذ خلص استعراض لمجموعة دراسات أجريت عام 2016 إلى أن أغلب المصابين بالاضطراب الوجداني ثنائي القطب يعانون من الصداع النصفي، وأن المصابين باضطراب الصداع النصفي أكثر عرضة بمقدار مرتين ونصف للإصابة باضطراب القلق العام، وأن المصابين بالاكتئاب أكثر عرضة من غيرهم بثلاثة أمثال للإصابة بنوبات الصداع النصفي.
وخلصت دراسة أخرى إلى أن نحو واحد من بين كل ستة مصابين باضطراب الصداع النصفي قد هموا بالانتحار في مرحلة ما من حياتهم، ولكن الدكتور مسعود أشينا، أستاذ طب الأعصاب ومدير وحدة أبحاث الصداع النصفي لدى البشر بمركز الصداع الدنماركي يقول: "لا نعرف بعد طبيعة العلاقة بين الصداع النصفي وهذه الأمراض النفسية. فإن الصداع النصفي اضطراب واسع الانتشار، ولذا، فإن احتمالات تزامن الإصابة بهذا الاضطراب وأمراض نفسية أخرى مرتفعة أيضا"، ورغم ذلك، لا شك أن المعاناة من الصداع النصفي قد تؤدي إلى تدهور الصحة النفسية، ويقول إيسم فولر تومسون، مدير معهد يُعنى بالحياة والشيخوخة بجامعة تورنتو: "ليس من المستغرب أن تزيد مستويات القلق لدى شخص لا يعلم متى ستداهمه نوبه الصداع النصفي، وما إن كانت ستتداخل مع أعباء الأسرة والعمل"، كما يؤدي الشعور بالعجز والوهن المصاحبين للصداع النصفي إلى تفاقم أعراض الاكتئاب.
إلا أن اضطراب الصداع النصفي لا يزال في نظر الكثير من علماء الأعصاب وأفراد المجتمع، على حد قول أشينا، مرضا حميدا. ويتابع: "ولكن إذا نظرت إلى انعكاسات هذا الاضطراب على حياة المصاب والمجتمع ككل، ستجد أن الصداع النصفي يمثل مشكلة جسيمة"، وتقول أمال ستارلنغ، أستاذة مساعدة لطب الأعصاب بمؤسسة "مايو كلينيك" بولاية أريزونا، إن بعض المختصين لا يصنفون الصداع النصفي كمرض عصبي حقيقي. ولهذا عجز أخصائيو الصداع عن إيجاد مسوغ مقبول لإجراء أبحاثهم وإقناع الأخرين بضرورة الحصول على التمويل، وقد يكون التحيز ضد المرأة هو أحد أسباب صعوبة الحصول على تمويل لإجراء أبحاث عن اضطراب أكثر انتشارا بين النساء. إذ تعاني النساء لإقناع الأطباء بأن آلامهن ليست وهمية، وتزيد نسبة الخطأ في تشخيص حالاتهن مقارنة بالرجال.
حالة شائعة
يقول خبراء إن حجم المصابين بمرض الشقيقة كفيل بأن يجعل الأخصائيين على دراية واسعة بهذا الاضطراب. ولكن كيبمنر تقول: "الصداع هو أكثر الأعراض شيوعا بين المرضى في قسم الأمراض العصبية وأقلها تناولا في كتب ودراسات طب الأعصاب، وهذا يعني أن الأطباء المتدربين لا يعرفون الكثير عنه".
لكن علاجا جديدا من المتوقع أن يطرح قريبا للحد من نوبات الصداع النصفي، وهو دواء يسمى "إيرنوماب"، يؤخذ عن طريق الحقن مرة شهريا، ويعمل على حجب مستقبل الببتيد المرتبط بجين كالسيتونين في الدماغ، والمعروف بأنه يحفز نوبات الصداع النصفي، وفي مايو/ أيار عام 2018 وافقت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية على عقار أخر يستهدف نفس المستقبل في الدماغ، وتقول ستارلنغ: "الجديد في هذا العقار أنه معدّ خصيصا لاستهداف الصداع النصفي، وهذا يزيد من فعاليته في علاج المرض ويقلل من أعراضه الجانبية".
وقد وصف لي بالفعل أحد الأطباء "حاصرات مستقبلات بيتا" لعلاج الصداع النصفي، إذ اكتشف الأطباء أن "حاصرات البيتا" التي توصف لعلاج الذبحة الصدرية وارتفاع ضغط الدم، تمنع أيضا نوبات الصداع النصفي، غير أن حاصرات البيتا، رغم فعاليتها في علاج الصداع النصفي، فإنها تسبب أعراضا جانبية عديدة، بداية من الإنهاك والدوار، ووصولا إلى السكتة القلبية إذا توقفت فجأة عن تناولها.
وظهرت أيضا أجهزة حديثة كهربائية ومغناطيسية، منها أجهزة محمولة ترسل نبضات مغناطيسية إلى الدماغ لتغيير البيئة الكهربائية للألياف العصبية والحد من استجابتها المفرطة للمثيرات، وبعد أن مرت ستة أشهر، لم أعان خلالها إلا من نوبة صداع نصفي واحدة، أحاول الآن تقليل جرعات حاصرات البيتا وإيقافها تماما. إذ نُقلت إلى المستشفى منذ شهرين بعد أن اشتبه الأطباء في إصابتي بنوبة قلبية، لحسن الحظ أنه كان إنذارا كاذبا، ولكنه نبهني إلى أهمية وجود علاج للصداع النصفي لا يؤثر على سائر أعضاء الجسم. ولعل هذا الدواء الجديد يساهم قريبا في القضاء على آلام مرضى الشقيقة.
اضف تعليق