الإحساس بالوحدة من اصعب ما يشعر به الانسان على الإطلاق خاصة وإن كان المرء يعاني معها من قلة الاهتمام ممن حوله، والوحدة لا تعني أن يكون الشخص وحيدا فقط من خلال جلوسه وحده ولكن من الممكن أن يكون الشخص وحيدا وسط مئات من الناس ولكنه يشعر بالوحدة...
الإحساس بالوحدة من اصعب ما يشعر به الانسان على الإطلاق خاصة وإن كان المرء يعاني معها من قلة الاهتمام ممن حوله، والوحدة لا تعني أن يكون الشخص وحيدا فقط من خلال جلوسه وحده ولكن من الممكن أن يكون الشخص وحيدا وسط مئات من الناس ولكنه يشعر بالوحدة، ويوجد الكثير من الأسباب التي تدفع الشخص إلى الشعور بالوحدة حتى وسط العائلة أو مع أهل البيت فالوحدة شعور داخلي من الممكن عدم إظهاره لمن حولك، والشعور بالوحدة هو حالة من الاحتياج إلى اتصال عميق وليس سطحيا، وهي حالة نفسية ليس لها علاقة ببقاء الشخص وحيدا، فهناك من يعيش وحده دون أن يشكو من شيء، وغيره يشعر بوحدة شديدة وحزن رغم وجود الكثير من الناس حوله.
وأشارت دراسة حديثة إلى أن الشباب يشعرون بالوحدة أكثر من الكبار، حيث يقول شخص من كل 4 أعمارهم بين 18 و30 عاما إنه يشعر بالوحدة.
فما الأسباب التي تؤدي إلى الوقوع في براثن الوحدة؟ وما المخاطر الجسدية والنفسية والعقلية التي من الممكن أن تنتج عن الوحدة وتهدد الحياة؟ وهل من حلول لتفادي الوحدة أو التعافي منها؟
هناك سبعة أسباب رئيسية للوحدة، وهي: الصمت: جدار الصمت الذي نبنيه حول أنفسنا من الممكن أن يؤدي إلى صعوبة فهمنا لأنفسنا ويشجعنا على العزلة، فلا يوجد أحد للتحدث معه، ولا أحد للجوء إليه، وهو ما يعزز الشعور بالوحدة.
الإقصاء والحزن: ما يحدث حين تتعارض الهوية الشخصية مع المجتمع هو أن تقل القدرة على التواصل، ويزداد الإحساس بالإقصاء وعدم الاهتمام والحزن الدفين الذي يعمق حالة الوحدة، الاغتراب: فوفقا لمؤسسة مايند للصحة العقلية، من أسباب الشعور بالوحدة على الرغم من كون الشخص محاطا بالناس، أنه يشعر بأن أحدا لا يفهمه أو يهتم به، مما يعمق شعوره بالاغتراب، الصدمة: فالصدمات الناتجة عن الاعتداء الجنسي أو الجسدي أو العاطفي أو الفشل العملي، يمكن أن تؤدي إلى انعدام الثقة في الناس وتجنب العلاقات العميقة معهم، ومن ثم الشعور بالوحدة.
التكنولوجيا: فتفضيل مشاهدة التلفاز، أو طول المكث على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك الإسراف في ممارسة الألعاب الإلكترونية، كلها أسباب للشعور بالوحدة، إدمان المواد الإباحية: فكلما زاد انغماس المرء في متابعة المواد الإباحية، أصبح أكثر وحدة.
غياب العلاقات الاجتماعية: فقد أكدت مؤسسة مايند للصحة العقلية أن من أسباب الشعور بالوحدة أن لا يكون لدى الشخص علاقات اجتماعية. كما أظهرت الأبحاث أن ضرر غياب العلاقات الاجتماعية يعادل ضرر تدخين 15 سيجارة في اليوم.
الشعور بالوحدة أمر لا يمكن الاستهانة به، فقد تكون له مخاطر مدمرة للصحة إلى حد الوفاة: تهديد نظام المناعة: أشارت دراسة أجراها د. ستيف كول، بجامعة كاليفورنيا، إلى أن الشعور بالوحدة يمكن أن يهدد نظام المناعة، ويحفز الجينات المسؤولة عن حدوث الالتهاب بالجسم، زيادة التأثر بنزلات البرد والإنفلونزا: أجريت دراسة في عام 2017 على 159 شخصا، ووجد أن الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة هم أكثر عرضة للإصابة بنزلات البرد بنسبة 39%، مشاكل القلب والأوعية الدموية: في دراسة أجريت عام 2016 على 181 ألف شخص، وجد أن الوحدة تزيد من الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 32% ومن الإصابة بمرض القلب بنسبة 29%، كما تزيد من الإصابة بأمراض تؤثر على القلب كالسمنة وضغط الدم، القلق والاكتئاب: يزيد الشعور بالوحدة من خطر القلق والاكتئاب بمقدار 3 أضعاف، ففي دراسة تعود لعام 2006، وجد أن المستويات العالية من الوحدة ترتبط بزيادة مخاطر الاكتئاب.
نمط حياة غير صحي: وجدت دراسة أن الوحدة قد تتسبب في عيش أنماط حياة غير صحية، تشمل سوء التغذية وقلة النشاط البدني والتدخين وعدم ممارسة الرياضة، بالإضافة إلى الشعور بالإجهاد والمعاناة من اضطرابات الطعام والنوم، وفقدان الوزن أو زيادته، التأثير على الصحة العقلية: فقد أكدت دراسة أجرتها الدكتورة آن فينغارد كريستنسن، من جامعة كوبنهاغن، أن "الوحدة هي مؤشر قوي على صحة عقلية أسوأ لدى كل من الرجال والنساء". فهي تجعل الضغط العصبي أكثر صعوبة، وتعزز السلوك العدواني والشعور بالخوف.
الوفاة المبكرة: في دراسة أجريت على 3.4 ملايين شخص، ثبت أن الوحدة تزيد من مخاطر الوفاة المبكرة بنسبة 30%، وقالت د. جوليان هولت لونستاد، من جامعة بريغهام يونغ، "هناك أدلة قوية على أن الشعور بالوحدة يزيد بشكل كبير من خطر الوفيات المبكرة".
التغلب على الشعور بالوحدة، أطلقت حملة في بريطانيا في عام 2016 للقضاء على الشعور بالوحدة، ونصحت باتباع الآتي: التحدث إلى الأصدقاء والعائلة: خلصت دراسة إلى أن الروابط الاجتماعية ولقاء الأصدقاء والعائلة لا يحد من مخاطر الشعور بالوحدة فقط، بل يساعد على التعافي منها، ممارسة الهوايات والاهتمامات المفضلة: عبر الانضمام إلى النوادي التي تنظم النشاطات الاجتماعية وتشكل طريقاً للتعرف على الناس وإنشاء علاقات اجتماعية، العمل التطوعي: قد يكون مفيدا لما يمنحه من شعور بالقيمة والفائدة التي يقدمها، وفقا لدراسة نشرتها غارديان البريطانية تقول إن التطوع ساعتين أسبوعيا يقلل من الشعور بالوحدة.
التخفيف من قضاء الوقت على مواقع التواصل الاجتماعي: فقد قامت ميليسا هنت، من جامعة بنسلفانيا، بقياس استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على طلاب تتراوح أعمارهم بين 18 و22 عاما، وأكدت أن "الاستخدام الأقل من المعتاد، يؤدي إلى انخفاض كبير في الشعور بالوحدة"، تغيير طريقة التفكير: أثبتت دراسات أيضا أن تغيير طريقة التفكير قد يكون جوهريا في التعامل مع الوحدة بالتوقف عن المبالغة في التفكير السلبي، والتركيز على الأمور الإيجابية، الاستمتاع بالوقت: فالاستمتاع بالوقت لا يقل أهمية عن النشاط الاجتماعي، فاشغل وقتك بهواياتك واهتماماتك وبالمتعة التي توفرها لك هذه الأشياء، ولا تربط سعادتك بالآخرين، وجود حيوان أليف: وجود حيوان أليف في حياتك قد يؤنس وحدتك، ويساعد في الحد من خطر الموت المبكر، وخاصة لدى من يعيشون بمفردهم، لأنهم الأكثر عرضة لخطر الشعور بالوحدة القاتلة.
احترس! إنها أكثر من مجرد شعور غير مريح.. الوحدة قاتلة
الإحساس بالوحدة ليس مجرد شعور غير مريح، إذ يمكن أن تكون له آثار خطيرة على الصحة. ومن يعيش وحيدا يتعرض بشكل أكبر للإصابة بارتفاع ضغط الدم والسرطان. ولذا فالوحدة خطرها أكبر من التدخين والكحول والبدانة. كيف ذلك؟
رغم أن الإنسان العصري متشابك مع العالم بسبب سهولة التنقل وتوافر التكنولوجيا والعالم الرقمي؛ إلا أن الوحدة أصبحت مرضا شائعا، وهناك تشخيص صادم بقول بأنه "القاتل رقم واحد" في المجتمع العصري. ويحذر العلماء منذ 15 عاما من خطورة الوحدة على الحالة الصحية للإنسان. فقد أعد باحثون منذ ذلك الحين 148 دراسة من أنحاء العالم تتعلق بهذا الأمر وجاءت النتائج مرعبة!
وبحسب تلك الدراسات فإن الوحدة والإنعزال الاجتماعي لهما أكبر تأثير على عمر الإنسان، ويفوق تأثيرهما إدمان الكحول والبدانة. كما هناك تزايدا في عزلة البعض عن المجتمع أمكن ملاحظته منذ سنوات.
العزلة إذا ليست مجرد شعور غير مريح، وإنما مسألة يمكن أن تكون لها آثار خطيرة وتأثير سلبي على الصحة. والسؤال هنا هو لماذا ذلك؟، الإجابة على هذا السؤال، كما يعتقد العلماء، لها علاقة بماضي البشرية، حين كان العيش المشترك شرطا أساسيا للبقاء على قيد الحياة. فالحياة وسط المجموعة أسهل وقاسمها المشترك العمل الجماعي لتأمين الغذاء والتناسل وقبل كل شئ الحماية من المخاطر كمواجهة الحيوانات المفترسة.
أما الخروج من الجماعة فيعني مواجهة مخاطر الحياة منفردا، وهو ما ينتج عنه توتر نفسي يدفع الجسم لمواجهة إنذارات صحية عديدة، بسبب فقدان الأمان المتوفر في المجموعة، وقام علماء بإجراء تجربة على شخصين لقياس نسبة التوتر لديهما، وذلك عن طريق فحص اللعاب لمعرفة نسبة هورمونات الإجهاد لدى كل منهما، والنتيجة:
الشخص الذي يتمتع بعلاقات اجتماعية ارتفعت لديه نسبة هرمون الكورتيزول باعتدال، فالانتماء للمجموعة منحه الأمان، حسب ما يعتقد الباحثون، أما الشخص الذي يعاني من الوحدة فكانت نسبة الكورتيزول لديه مرتفعة، وأظهرت دراسات أخرى بأن النسبة كانت مرتفعا طيلة اليوم، والنتيجة: يحصل الجسم على إمدادات لمواجهة أعراض صحية محتملة، فيقل النوم وترتفع نسبة السكر والضغط، كما تتدنى كفاءة جهاز المناعة بسبب الكورتيزول، الوحدة والانعزال عن الناس تسببان الإصابة بأمراض خطيرة كأمراض السرطان والأوعية الدموية وأمراض القلب، وبالتالي فهي ليست مجرد أزمة نفسية اجتماعية فقط، يحذر أخصاء الصحة.
الشباب أكثر إحساسا بالوحدة
عندما تفكر في كلمة "وحيد"، فإن الصورة التي تتبادر إلى ذهنك عادة هي لشخص مسنّ يعيش بمفرده، وقلما يزوره أحد. وفي استطلاع بي بي سي، ذكر 27 في المئة من المشاركين الذين تجاوزوا 75 سنة، أنهم في أغلب الأحيان يشعرون بالوحدة.
وهذا المعدل أعلى من بعض استطلاعات الرأي الأخرى، ربما لأن استطلاع الرأي الحالي كان عبر الإنترنت وهذا يعني أننا لم نختر المشاركين، وقد يكون استقطب الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة أكثر من غيرهم.
إلا أن التفاوت بين الفئات العمرية كان لافتا. إذ تبين أن الفئة العمرية الأكثر شعورا بالوحدة والانعزال هي فئة الشباب من سن 16 إلى 24 عاما، فقد ذكر 40 في المئة منهم أنهم في أغلب الأحيان يشعرون بالوحدة.
وقد تدعونا هذه النتائج للتساؤل، لماذا يشعر هذا العدد الكبير من الشباب بالوحدة؟ ربما لأنهم أكثر استعدادا للإفصاح عن مشاعرهم مقارنة بكبار السن الذين قد يحاولون التأكيد على استقلاليتهم، لكن حتى عندما سألنا المشاركين من كبار السن عن المرحلة العمرية التي شعروا فيها بالوحدة، أجاب أكثرهم بأنها مرحلة الشباب.
وهذا يعني أن الحياة العصرية والأجهزة التكنولوجية ليست السبب الوحيد لانتشار الشعور بالوحدة بين الشباب، إنما ثمة عوامل أخرى ترتبط ببلوغ مرحلة الشباب نفسها، ولعلنا نتصور دائما أن الشباب في هذه المرحلة العمرية من سن 16 إلى 24 عاما، يكونون أكثر انطلاقا ومرحا، ولكننا ننسى أنها أيضا فترة انتقالية، بها تحديات جديدة مثل بدء الدراسة الجامعية، أو الالتحاق بوظيفة جديدة، وهذا يعني الابتعاد عن أصدقائهم القدامى الذين تربوا معهم منذ الصغر، وفي الوقت نفسه، فإن الشباب في هذه المرحلة يحاولون استكشاف ذواتهم وإمكاناتهم والبحث عن موطئ قدم في العالم الجديد.
وفوق ذلك، فإن هؤلاء الشباب لم يألفوا مشاعر الوحدة، ولا يعرفون أنها قد تظهر وتزول من وقت لآخر، ولم تتح لهم الفرصة من قبل للبحث عن طرق تعينهم على التغلب على هذه المشاعر، مثل شغل أنفسهم بأنشطة أخرى أو البحث عن الصحبة.
يعتقد 41 في المئة من الناس أن الوحدة قد تكون إيجابية
هذه النتيجة تتفق مع أفكار بعض الناس، مثل عالم الأعصاب الراحل جون كاسيوبو، الذي رأى أن الشعور بالوحدة تطور لدى البشر على مر العصور لأنه قد يكون مفيدا، مع أنه شعور موجع، إذ أن العيش وسط مجموعات طالما ساعد البشر في النجاة من المخاطر والبقاء على قيد الحياة. والفكرة تتلخص في أن الفرد إذا شعر بأنه منبوذ من جماعة، سيدفعه الشعور بالوحدة إلى التواصل مع الآخرين، والبحث عن أصدقاء جدد أو إحياء أواصر الصداقة القديمة، لكن المشكلة أن هذا الشعور بالوحدة قد يصبح مزمنا، وعندئذ سيكون له تبعات وخيمة على الصحة النفسية والبدنية.
إذ أثبتت دراسات عديدة أن الشعور بالوحدة، أي ذاك الشعور المؤلم بالوحشة الذي ينتاب المرء رغم أنه قد يكون محاطا بالكثير من الأصدقاء، قد يؤدي إلى تدهور الصحة النفسية والجسدية، وخلصت دراسات إلى أن الشعور بالوحدة المزمنة يزيد من مخاطر الإصابة بالاكتئاب بعد عام واحد. وبينما ذكر 41 في المئة من جميع المشاركين أن الوحدة قد يكون لها جوانب إيجابية، فإن هذه النسبة انخفضت إلى 31 في المئة فقط بين المشاركين الذين قالوا من البداية إنهم كثيرا ما يعانون من الوحدة.
فقد تقترن الوحدة بالبؤس والكآبة، حتى إن المرء إذا اعترته مشاعر الوحشة والوحدة لفترة طويلة سيعجز عن رؤية أي جوانب إيجابية لها.
من يشعرون بالوحدة ليسوا أقل قدرة على مخالطة الآخرين
يفترض البعض أحيانا أن الشعور بالوحدة قد ينتاب المرء حين يعجز عن إقامة علاقات صداقة، وفي هذه الحالة قد يساعدهم تحسين مهاراتهم الاجتماعية في التخلص من هذا الشعور. لكن النتائج أثبتت العكس، بداية، تقاس مهارة التفاعل الاجتماعي عادة بمدى قدرة المرء على قراءة مشاعر الآخرين وتعديل ردود فعله لتتوافق معها.
فقد ترتسم على وجوه الآخرين مثلا علامات القلق أو ربما الاستياء من شيء بدر منك دون أن تقصد، ويتطلب قياس هذه المهارة عرض مجموعة من الوجوه أو الأعين فقط على الأشخاص لتقييم مدى كفاءتهم في الاستدلال على المشاعر بالنظر إلى العيون وتعابير الوجه، وقد حصل الأشخاص الذين قالوا إنهم كثيرا ما يشعرون بالوحدة في هذا الاختبار على نفس متوسط الدرجات الذي حصل عليه الأشخاص الذي قالوا إنهم لا يشعرون بالوحدة.
لكن لوحظ بعض التفاوت في الدرجات في مقياس عدم الثبات الانفعالي، إذ حصل الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة على درجات أعلى من غيرهم. فربما يكون القلق الذي يستولي عليهم في المواقف الاجتماعية هو الذي يخلق حاجزا يعيقهم عن التواصل مع الآخرين، وليس مهاراتهم الاجتماعية.
الإحساس بالوحدة لا يزيد في فصل الشتاء
قبيل احتفالات أعياد الميلاد، كثيرا ما تطلق المؤسسات الخيرية التي تقدم خدمات للمسنين حملات دعائية تظهر مسنين يعيشون في عزلة عن الناس، ومن المعروف أن ليلة عيد الميلاد هي مناسبة للتجمع ولم شمل العائلة، ولهذا فإن الكثيرين ترعبهم فكرة قضاء هذه الليلة بمفردهم، وأطلقت سارة ميليكان حملة ناجحة على تويتر تحت عنوان "يوم عيد الميلاد" لتساعد الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة في إيجاد أشخاص يتحدثون إليهم.
وإذا كنت تعيش في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، فإن احتفالات أعياد الميلاد تكون في منتصف الشتاء، حيث يقصر النهار ويطول الليل ويمكث الناس في منازلهم لفترات أطول، وهذا يزيد من الشعور بالعزلة والوحشة.
ولاحظنا من نتائج الاستطلاع أن الشعور بالوحدة لا يتفاقم في فصل الشتاء، إذ سألنا المشاركين عن الفصل أو الوقت الذي اشتد فيه الشعور بالوحدة، وأجاب أكثر من ثلثي المشاركين أن شعورهم بالوحدة لم يختلف في فصل الشتاء عن سائر الفصول، ومع أن عددا قليلا من المشاركين اختاروا فصل الشتاء، فإن البعض قال إن الشعور بالوحدة يشتد في فصل الصيف، إذ يحرص الناس في احتفالات عيد الميلاد على التجمع ودعوة أصدقائهم حتى لا يقضي أحد هذا اليوم بمفرده، لكن في فصل الصيف، عندما يسافر الجميع لقضاء الإجازة الصيفية، قد تشعر أنك وحيد، ولهذا ربما ينبغي أن نهتم بالأشخاص الذين يشعرون بالوحدة في جميع فصول السنة، وليس في الشتاء فقط.
الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة أكثر تعاطفا مع الأخرين
استخدم الاستطلاع مقياسين للتعاطف أو المشاركة الوجدانية مع الآخرين، أحدهما يتعلق بالألم البدني، ويقيس مدى إشفاقك على شخص قد أغلق الباب على يده مثلا، أو أمسك بآنية ساخنة بيديه العاريتين، أو يتأوه من لدغة نحلة، أما المقياس الأخر فهو يقيم مدى إحساسك بالآلام النفسية للأخرين، إذا رأيت مثلا طفلا يتعرض للتنمر والابتزاز في المدرسة، أو شخصا يشعر أنه منبوذ لأنه غير مدعو إلى حفل عيد ميلاد، أو هجرته شريكة حياته
وبالرغم من أن جميع المشاركين في مقياس التعاطف مع الألم البدني حصلوا على درجات متساوية تقريبا، إلا أن المشاركين الذين قالوا إنهم كثيرا ما يشعرون بالوحدة أحرزوا درجات أعلى من المتوسط في مقياس التعاطف مع الألم النفسي، ولعل ذلك يرجع إلى أنهم عانوا من الشعور بالرفض من الآخرين، ويدركون كم هو مؤلم، فهم أكثر تعاطفا مع الآخرين عندما يرونهم يتعرضون لنفس المواقف التي تعرضوا لها من قبل.
دراسة علمية تنسف أسطورة"عش وحيدا.. تموت مبكرا"!
نسفت دراسة حديثة أسطورة " عِش وحيدا.. تموت مبكرا"، بعد أن أكدت أن الوحدة لا ترتبط بتفاقم أمراض القلب أو الإصابة بأزمات قلبية تؤدي إلى الوفاة. العلماء أكدوا أن الحياة بدون شريك لا تؤدي إلى الوفاة المبكرة، فكيف ذلك؟
أشارت دراسة علمية حديثة إلى أن المرضى الذين يعانون من متاعب في القلب وحالتهم مستقرة لا يواجهون خطر تدهور مشاكلهم الصحية إذا عاشوا بمفردهم. وللتوصل لتلك النتيجة تابع الباحثون 32 ألف مريض من 45 دولة لمدة خمس سنوات.
وكان كل من شملتهم الدراسة، يعانون من اعتلال في الشريان التاجي. ولكن حالتهم مستقرة إذ لم يتسبب ذلك لهم في مشكلات إضافية خلال عدة أشهر على الأقل. وكان نحو 11 بالمائة منهم يعيشون وحدهم.
وبعد حساب العوامل التي قد تزيد احتمال الإصابة بمشاكل القلب، مثل العمر والجنس والتدخين ومرض السكري، لم يخلص التحليل إلى ارتفاع احتمالات الإصابة بأزمة قلبية أو جلطة أو قصور في القلب أو الوفاة بسبب مرض القلب عند من يعيشون وحدهم مقارنة بغيرهم، لكن الدراسة التي نشرت في دورية "هارت" وجدت فارقا بين الرجال والنساء إذ ارتفعت احتمالات الإصابة بمضاعفات قلبية لدى الرجال الذين يعيشون وحدهم بنسبة 17 بالمائة. وقال كبير باحثي الدراسة الدكتور سوميت غاندي، الذي يعمل في مستشفى سانت مايكلز وجامعة تورونتو، لرويترز هيلث "الرجال الذين يعيشون وحدهم وكانوا من قبل متزوجين أو يعيشون بصحبة نساء قد لا يكون لديهم سبل قوية للتأقلم مع أوضاعهم ولا شبكة دعم اجتماعية كافية"، وأضافت الدراسة أن الأبحاث السابقة أشارت إلى أن المرضى الذين يعيشون وحدهم ربما تزيد لديهم مخاطر الإصابة بمضاعفات قلبية مشيرين إلى أن النتائج الجديدة ربما تكون نتيجة تحسن أساليب الرعاية الطبية والمتابعة.
7 أمراض خطيرة يسببها الشعور الدائم بالوحدة
قد يشعر البعض منا بالوحدة من حين لآخر، لكن الشعور الدائم بالوحدة وعدم وجود شبكة من الدعم الاجتماعي حولنا قد يكون سببا في أمراض خطيرة تصيبنا، فالشعور بالوحدة لا يؤثر فقط على صحتنا النفسية ولكن يتعداها لصحتنا البدنية ويجعلنا أكثر عرضة للإصابة بالأمراض.
هذه الأمراض والأعراض التي تصيب الإنسان نتيجة الشعور بالوحدة يحددها موقع "This Insider" في:
الوفاة المبكرة
الوحدة وعدم وجود أصدقاء حول الفرد يزيد من مخاطر الوفاة المبكرة، فقد توصلت دراسة أجريت على 300.000 شخص إلى أن عدم وجود شبكة اجتماعية حول الفرد أو عدم حصوله على الدعم الاجتماعي يزيد من خطر الوفاة المبكرة مثل خطر تدخين 15 سيجارة في اليوم الواحد، وفي المقابل فإن المشاركين الذين خطوا بشبكة اجتماعية قوية ازداد لديهم احتمال البقاء على قيد الحياة بنسبة 50%، وفقا الدكتورة جوليان هولت لونستاد، أستاذة علم النفس وعلم الأعصاب في جامعة بريجهام يونج الأمريكية، دراسة أخرى أجريت على 3.4 مليون شخص وجدت أن العزلة الاجتماعية تزيد من مخاطر الوفاة المبكرة بنسبة 30%.
الاكتئاب
الوحدة من أهم العوامل التي تؤدي إلى الاكتئاب، ففي دراسة تعود لعام 2006 والتي شارك فيها متطوعون في منتصف العمر وكبار السن، وجد أن المستويات العالية من الوحدة ترتبط بزيادة مخاطر الاكتئاب بالإضافة إلى أن هذه العلاقة بين الوحدة والاكتئاب تظل مع الفرد طوال حياته.
تزيد الالتهاب
الوحدة تزيد من مخاطر حدوث التهاب في الجسم، ففي دراسة أجراها البروفسور "ستيف كول" أستاذ الطب النفسي والعلوم السلوكية بجامعة كاليفورنيا الأمريكية، وجد أن الوحدة تحفز الجينات المسئولة عن حدوث الالتهاب بالجسم.
الالتهاب في أساسه هو استجابة طبيعية من الجسم هو آلية للدفاع تحميه من العدوى والإصابة، أما الوحدة والعزلة فهي مرتبطة في ذهن الإنسان الأول بمهاجمته من قبل حيوان مفترس أو مجموعة غريبة من الناس، لذلك يحفز الجسم آلية الالتهاب للدفاع عن نفسه عندما يكون وحيدا، ولكن الكثير من الالتهاب يمكن ان يؤدي لأمراض خطيرة مثل السرطان.
أمراض القلب
تزيد الوحدة من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ففي دراسة تعود لعام 2016 وأجريت على 181.000 شخص، وجد أن الوحدة تزيد من مخاطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 32% وتزيد من مخاطر الإصابة بمرض القلب التاجي بنسبة 29%.
أكثر تأثرا بالبرد والأنفلونزا
في دراسة تعود لعام 2017 وجد أن الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة هم الأكثر عرضة للشعور بأعراض البرد، أجريت الدراسة على 159 شخصا ووجد أن الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة منهم هم الأكثر عرضة للإصابة بأعراض البرد الحادة بنسبة 39%، وفي دراسة أخرى تعود لعام 2007 وجد أن الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة يركز جهازهم المناعي على محاربة البكتيريا أكثر من الفيروسات، ما يجعلهم عرضة للكثير من أنواع العدوى.
اضطرابات تناول الطعام
في دراسة تعود لعام 2012 وجد أن هناك علاقة قوية بين الشعور بالوحدة واضطرابات تناول الطعام مثل البوليميا أو الشره العصبي أو فقدان الشهية واضطراب الشراهة عند تناول الطعام، وبالتالي تصبح الوحدة سببا في فقدان أو زيادة الوزن، ووفقا للدراسة فإن الأشخاص الذين يكتسبون الوزن فإنهم يستخدمون الطعام كوسيلة للتغلب على مشاعر الوحدة وتخديرها مؤقتا.
تجعل الضغط العصبي أكثر صعوبة
الشعور بالضغط العصبي بصورة يومية يصبح أكثر صعوبة مع الشعور بالوحدة وعدم وجود أشخاص يخففون عنك، ففي دراسة تعود لعام 2007 وجد أن وجود شبكة من الدعم الاجتماعي يقلل من شعور الفرد واستجابته للضغط العصبي.
إليك 12 طريقة للتغلب على الشعور بالوحدة
بات من السهل أن تشعر بالعزلة عن الآخرين كأنك لا تنتمي إلى أي فئة اجتماعية، رغم كثافة العالم حولك، فإذا كنت تشعر غالبا بالوحدة، فاعلم أنك لست الشخص الوحيد، فعدد كبير من الناس يشعرون بالوحدة أكثر من أي وقت مضى.
ولتتغلب على مشاعر الوحدة عليك أن تكون مدركا لطبيعة عواطفك وأن تفهم جيدا نفسك، وأن تكون على استعداد لإحداث تغييرات جذرية بحياتك، وفي مقال نشرته مجلة "كيريوس مايند ماغازين" الأميركية، قدمت الكاتبة رايلي كوبر 12 طريقة يمكنك من خلالها التغلب على مشاعر الوحدة.
1. تخلص من الاستنكار الذاتي
الشعور بالوحدة يجعلك ترى الأشياء من منظور سلبي. فمثلا، إذا لم يرسل لك صديق رسالة نصية، فيمكنك أن تفكر بسهولة أنه يكرهك. وما تحتاج لمعرفته هو أن مشاعر الوحدة قد تتحول بسهولة إلى سخط تجاه الأصدقاء الجيدين وحتى أفراد عائلتك، لذلك عليك قضاء المزيد من الوقت مع الأشخاص المقربين منك وإجراء محادثة صادقة معهم. ولا تتوانى عن زيارة أقربائك مرة أو مرتين كل شهر، مشاركتك بأنشطة صحية تذكرك بالأشياء الجيدة المحيطة بك.
2. التغلب على التشكيك بالذات
يتطور شعور الوحدة بسهولة مما يفقدك الثقة بنفسك. وعندما تعاني من هذا الشعور ستبدأ حتما التشكيك في مصداقية حب أحبائك لك. ويمكن للحظات الشك أن تتحول لحالة من عدم الأمان وحتى القلق، مما يجعلك ترغب بالابتعاد عن كل من حولك، ولتتجنب ذلك، كن واعيا بقيمتك وعامل نفسك وكأنك تستحق أكثر من ذلك. وذكر نفسك دائما بأن الآخرين يحبونك في كل حالاتك.
3. الشعور بالوحدة لا يعني أنك وحيد
فقدان أحد أفراد عائلتك أو أصدقائك، أو الالتقاء بصديق قديم واسترجاع ذكريات سيئة يثير لديك مشاعر الوحدة ويجعلك تظن أنك وحيد. لكن ما تحتاج لتذكره هو أنه لمجرد أنك تعاني من مشاعر الوحدة، فهذا لا يعني أنك وحدك في العالم وأنك لست محاطا بأشخاص يحبونك حقا ويهتمون بك.
4. لا تلقي اللوم على نفسك أبدا
إلقاء اللوم على نفسك يجعلك تشعر بالسوء تجاه نفسك. ما تحتاج لفهمه هو أن لكل منا حياة مختلفة، ويشعر بالوحدة بسبب مجموعة متنوعة من الظروف، لهذا لا فائدة من مقارنة نفسك بالآخرين أو إلقاء اللوم على نفسك.
5. ادعم واهتم بالآخرين
في هذا العصر أصبحنا منغمسين بمشاكلنا الخاصة بحيث بتنا ننسى الآخرين ونتجاهلهم عن غير قصد، وإذا أظهرت اهتماما أكبر بمشاكل الآخرين فسترى أن مشاعر الوحدة شائعة لدى كثير من الأشخاص. لذلك تركيزك على مشاعر شخص آخر يعاني من الوحدة وإجراء محادثة مفتوحة وعميقة معه سيكون مفيدا لكليكما.
6. ابتعد عن السلبية
إذا كنت ترغب بالتغلب على الشعور بالوحدة يجب النأي بنفسك عن الأشخاص الذين يساهمون بذلك. فلا فائدة من توقع الدعم والحب من الأشخاص الذين يشعرونك بالوحدة. ما عليك فعله هو توجيه اهتمامك بمجموعة تشترك معها في الهوايات نفسها.
وتعد النوادي الحرفية والقراءة واليوغا من أفضل المجموعات التي يمكنك الانضمام لها، فالتفاعل مع الأشخاص والمشاركة باجتماعات أسبوعية وأنشطة تحفيزية يساعدك على التغلب على الشعور بالوحدة بسهولة أكبر.
7. اجعل توقعاتك واقعية
وضعك توقعات منطقية عند مقابلة أشخاص جدد طريقة صحية وفعالة لتجنب الشعور بالخذلان. فلا تتوقع من شخص ما الانفتاح عليك ومشاركته قصة حياته لك بعد اجتماعك به مرتين فقط. وإذا لم تنشئ توقعات واقعية، يمكنك بسهولة معاداة الآخرين، فمثلا، يصبح الشخص المقرب لديك والمشغول طوال الوقت في نظرك أنانيا أو يصبح غير جدير بصداقتك. ولتتجنب ذلك، تأكد من ألا تضع توقعات مبالغا فيها حيال الأشخاص.
8. تقبل مشاعرك
لا فائدة من قمع مشاعرك وإخفاء ما تشعر به. ما تحتاج لفهمه هو أن مشاعرك السلبية تعد جزءا لا يتجزأ منك. تقبل ما تعايشه وشخصيتك كما هي، لا تقم بإهدار طاقتك لتجنب أي شيء. لهذا عليك دائما ترك مشاعرك تتدفق بحرية وعليك تقبلها بكل صدر رحب.
9. قم بشيء ذي طابع إبداعي
عند الإشارة إلى الإبداع، المقصود هو القيام بنشاط بسيط كالرسم أو الرقص أو الحياكة. وما عليك سوى ممارسة نشاط يخلصك من التفكير بالوحدة ويشحنك بالطاقة الإيجابية.
10. مارس الرياضة
يمكن لممارسة التمارين البدنية أن تحدث معجزات لصحتك الجسدية والعقلية. وتعد الرياضة بمثابة محارب قوي للوحدة، لأنها تساعد جسمك على إطلاق الإندورفين، وهي مادة كيميائية في دماغك تجعلك تشعر بالاسترخاء ومفعما بالحيوية.
11. اعتن بنفسك
بدلا من السقوط بدائرة اليأس والشفقة على الذات، قدم الدعم لنفسك واستكشف أعماق مشاعرك بالذهاب في رحلة والقيام بنشاطات مثيرة. وتذكر أن الحفاظ على صحتك النفسية والجسدية والعاطفية يجب أن يكون دائما ضمن أولوياتك الرئيسية.
12. لا تخجل من طلب المساعدة
إذا كنت تشعر بأنك لا تستطيع التغلب على الوحدة بمفردك، فلا تخجل أو تخف من اللجوء لأحبائك أو الاختصاصيين للحصول على المساعدة والدعم. لا تنس أبدا أن شعورك بالوحدة لن يكون أبديا وأن لديك القدرة على التغلب عليه بقليل من الصبر والتعاطف.
اضف تعليق