q
تكره الشتاء؟ تشعر بكآبة غير مبررة بمجرد حلوله؟ توشك على البكاء كل صباح بسبب غياب أشعة الشمس الدافئة، تشعر بكسل وخمول دائمين؟ هذا غالباً يعني أنك مصاب باكتئاب الشتاء، هو هبوط مفاجئ في المزاج وإرهاق مستمر ونقص في الطاقة والحاجة الى النوم المفرط والشهية المفرطة...

تكره الشتاء؟ تشعر بكآبة غير مبررة بمجرد حلوله؟ توشك على البكاء كل صباح بسبب غياب أشعة الشمس الدافئة، تشعر بكسل وخمول دائمين؟ هذا غالباً يعني أنك مصاب باكتئاب الشتاء، هو هبوط مفاجئ في المزاج وإرهاق مستمر ونقص في الطاقة والحاجة الى النوم المفرط والشهية المفرطة. هي أعراض شائعة لدى الكثيرين في الشتاء وتذهب بحلول فصل الربيع. يرجع خبراء الأمراض النفسية أسباب هذه الأعراض إلى الإصابة باكتئاب موسمي والمعروف أيضا باكتئاب الشتاء.

لم يتوصل العلماء بعد إلى تفسير علمي لمتلازمة الاكتئاب الموسمي أو العوامل التي تقف وراءها، لكن العديد من الدراسات رجحت الأسباب التالية: تغير إيقاع الساعة البيولوجية، بسبب تغير عدد ساعات الليل والنهار خلال الخريف والشتاء، فانخفاض شدة وكمية أشعة الشمس يسبب اضطراباً في الساعة البيولوجية قد تشعرك بالاكتئاب، انخفاض مستوى السيروتونين (Serotonin)، وهو أحد المركبات الكيميائية الموجودة في الدماغ التي تؤثر على الحالة المزاجية، نقص في فيتامين د (Vitamin D)، إذ يعمل هذا الفيتامين على الحفاظ على مستويات طبيعية للسيروتونين في الجسم خلال فصل الشتاء، وتساعد أشعة الشمس في إنتاج الكوليكالسيفيرول الذي يتحول إلى فيتامين د، إن زيادة إفراز هرمون الميلاتونين (Melatonin) في الجسم نتيجة زيادة عدد ساعات الليل وقلة التعرض للشمس نهاراً، قد يؤثر على التوازن الطبيعي للجسم، ويؤدي للشعور بالخمول وانخفاض في النشاط، بالإضافة إلى اضطرابات في النوم وتقلبات مزاجية.

اذا غابت الشمس حضر الاكتئاب الشتوي. فمع بداية هذا الفصل، يصاب قرابة 20 في المائة من سكان العالم باضطراب نفسي ويكون تأثيره على النساء أكثر من الرجال بأضعاف، ويلاحظ على الشخص المصاب به مجموعة من الأعراض كالانغلاق، حيث يشعر بخلل في تعامله مع الناس فيبتعد عن التواصل الاجتماعي، والكسل، كما يكون انتاجه ضعيفا مقارنة بالفصول الأخرى، ويبدو التغيير الذي يعيشه واضحا لأقربائه ومحيطه.

هذا ويتعرض للإصابة بالاكتئاب الأشخاص الأكثر حساسية تجاه الضوء واختفاء الشمس ولذلك نجد أن النسبة الأكبر منهم في دول الشمال مقارنة بدول الجنوب، فالمناخ الجوي يؤثر على نفسية الفرد بشكل كبير فاذا كان باردا يجد نفسه مجبرا على ملازمة مكانه أو على البقاء في أماكن مغلقة تجعل منه انسانا منعزلا وبالتالي يفكر أكثر في مشاكله الاجتماعية والأزمات التي يمر بها وتتكرر العملية تباعا فتساهم في تعقيد حالته النفسية

وقد أكد المختصون في علم النفس أنه من السهل جدا نقل الحالة من شخص الى آخر، ونجد كذلك أن النساء أكثر عرضة لهذا الاكتئاب من الرجال ويعود ذلك الى كونهن أكثر حساسية للضوء ومواجهة المشاكل الاجتماعية حسب البعض من الأخصائيين.

أعراض اكتئاب الشتاء

يعبر مفهوم اكتئاب الشتاء أو ما يعرف بالاكتئاب الموسمي عن الحالة الشعورية التي تتمثل في الاضطرابات النفسية التي تحدث للإنسان نتيجة التغير في المناخ، ويشيع انتشاره في فصلي الخريف والشتاء، لكنه يكثر في الأخير، ويكثر حصوله في فئة المراهقين وعند النساء بشكلٍ أكبر من الرجال، وتتمثل أعراض الإصابة بهذه الحالة بالآتي: النوم لفتراتٍ طويلةٍ نسبياً بشكلٍ يزيد عن حاجة الجسم خاصةً خلال فترة النهار، وبالتالي الشعور بالأرق في الليل. العزلة وعدم المشاركة في الحياة الاجتماعية والعائلية، والميل للوحدة. زيادة الوزن بشكلٍ ملحوظ. الشهية المفتوحة والإفراط في تناول بعض الأطعمة خاصةً السكريات والإكثار من الدهون بما يوصف بالحالة التي تعرف بالشراهة. الشعور بآلامٍ متفرقةٍ في الجسم. بطء الحركة والخمول والكسل وعدم القدرة على إنجاز أي شيء.

الأسباب.. من الشمس وحتى الهرمونات

في العديد من الحالات، يتضاءل النشاط خلال أشهر الشتاء نتيجة انخفاض الغذاء المتاح، وقلة التعرض لأشعة الشمس التي تختفي عادة وراء السحب لفترات طويلة -وخاصةً بالنسبة للأشخاص النهاريين بطبيعتهم-. بعيدًا عن الإنسان، نلاحظ أن بعض الكائنات الحية تتغلب على قلة الغذاء والشمس من خلال السبات الطويل، وهو يعد مثالًا متطرفًا. ويفترض العلماء أن الطعام كان شحيحًا في معظم عصور ما قبل التاريخ البشري، وأن الميل نحو المزاج المنخفض خلال أشهر الشتاء كان يمكن أن يتم التكيف عليه عن طريق تقليل الحاجة إلى تناول السعرات الحرارية.

واقترح العلماء أسباب تقريبية مختلفة وراء هذه الاضطرابات الشتوية. أحد الاحتمالات هو أن اكتئاب الشتاء يرتبط مع نقص مادة السيروتونين Serotonin، ويمكن أن تلعب ظاهرة «تعدد أشكال» السيروتونين دورًا مهمًا، على الرغم من أن هذه الفرضية كانت موضع نزاع بين الأطباء.

الأبحاث أشارت إلى أن الفئران غير القادرة على تحويل السيروتونين إلى أسيتيل سيروتونين (عن طريق إنزيم معين لا يوجد في الفئران)، تظهر لديها تعبيرات سلوكية مشابهة لأعراض الاكتئاب، ومضادات الاكتئاب مثل «فلوكستين» تسبب زيادة كمية الإنزيم؛ وبالتالي زيادة كمية أسيتيل سيروتونين، وهو ما جعل هذا الدواء مضادًا للاكتئاب.

نظرية أخرى تقول إن السبب قد يكون ذا صلة بهرمون الميلاتونين الذي ينتج في الضوء الخافت، والظلام بواسطة الغدة الصنوبرية؛ لأن هناك اتصالات مباشرة بين شبكية العين والغدة الصنوبرية. ويتم التحكم في إفراز الميلاتونين بواسطة الساعة البيولوجية الذاتية، ولكن يمكن أيضًا منع أو تقليل إفراز الميلاتونين نتيجة الضوء الساطع.

وتناولت إحدى الدراسات ما إذا كان بعض الناس يمكن أن يكونوا مهيئين أكثر للإصابة باكتئاب الشتاء على أساس السمات الشخصية. ويبدو أن الترابط بين سمات شخصية معينة، ومستويات أعلى من العصبية، والقبولية، والانفتاح، وأسلوب التكيف، شائع في أولئك الذين يعانون من اضطراب الشتاء الموسمي.

النساء أكثر عرضة للاكتئاب الأزرق

كشف دراسة حديثة أن حوالي 80٪ من الذين يعانون من الاكتئاب الشتوي الحزين هم من النساء، وخاصة في مرحلة البلوغ المبكر.

أما بالنسبة للنساء الأكبر سنا، ينخفض انتشاره ويعتقد بعض الباحثين أن هذا النمط يرتبط بالدورات السلوكية من أسلافنا القدامى.

ويرى روبرت ليفيتان الأستاذ في جامعة كاليفورنيا، “لأنه يؤثر على نسبة كبيرة من السكان في شكل من معتدل الى معتدل يشعر الكثير من الناس بأن الحزن هو بقايا من ماضينا، فيما يتعلق بحفظ الطاقة”، ف”قبل عشرة آلاف سنة، خلال العصر الجليدي، كان هذا الاتجاه البيولوجي البطيء خلال فصل الشتاء مفيدا، وخاصة بالنسبة للنساء في سن الإنجاب لأن الحمل يحتاج طاقة مكثفة. ولكن الآن لدينا ما يعرف ب”مجتمع ال24 ساعة”، يعمل طوال الوقت لذلك يصبح الشتاء أحيانا مصدر ازعاج” لأنه سيتسبب في حفظ تلك الطاقة.

وقد يفسر السيروتونين (هرمون السعادة وتحسين المزاج أوالهرمون المضاد للاكتئاب) أيضا لماذا النساء أكثر عرضة للحزن من الرجال حيث تقول ماكماهون: “هناك صلة وثيقة بين استراديول، الهرمون الرئيسي للإناث، وناقل السيروتونين “لدينا فكرة جيدة أن مستويات متقلبة من استراديول خلال مراحل معينة مثل سن البلوغ أو بعد الولادة، يمكن أن تؤثر على الطريقة التي يتم فيها إنتاج السيروتونين.” وهو ما سيؤثر على ضرورة على المرأة.

السؤال الأهم

قبل أن نتحدث عن العلاجات الخاصة بالأنواع الشديدة من اكتئاب الشتاء، سيهمنا بالطبع تناول التعامل مع الحالات البسيطة والمتوسطة من هذا النوع من الاضطرابات. لإدارة الأعراض في المنزل والتحكم فيها، عليك الحصول على قسط كافٍ من النوم، وتناول الأطعمة الصحية. تعلم معرفة وتشخيص العلامات المبكرة التي تشير إلى أن الاكتئاب يزداد سوءًا. وعليك وضع خطة مسبقة للتعامل في هذه الحالة.

عليك أيضًا محاولة ممارسة التمارين الرياضية بصورة أكثر من المعتاد، واختر الأنشطة البدنية التي تجعلك أكثر سعادة في المعتاد. لا تستخدم الكحولات أو أنواع المكيفات غير المشروعة. هذه يمكن أن تجعل الاكتئاب أسوأ، كما يمكن أن تسبب لك التفكير في الانتحار، عندما تكافح ضد هذا الاكتئاب، عليك الحديث عما تشعر به مع شخص تثق به. حاول أن تكون حول الناس الذين يهتمون بك بإيجابية. ويمكنك أيضًا التطوع أو المشاركة في أنشطة جماعية.

تشمل علاجات الاضطراب العاطفي الموسمي الكلاسيكي (في فصل الشتاء) العلاج بالضوء، والأدوية، والتعرض للهواء المتأين، والعلاج المعرفي السلوكي، وتناول هرمون الميلاتونين في أوقات محددة بدقة، والعلاجان الأخيران بالطبع يجب أن يكونا تحت إشراف كامل من طبيبك المعالج.

العلاج باستخدام الضوء أثبت فعاليته كثيرًا؛ لأن له علاقة بإفراز الميلاتونين، والذي يؤثر في دورات المزاج الموسمي من الحزن. العلاج يتضمن استخدام صندوق ضوئي يحتوي على أكثر من شمعة ضوئية بينها واحدة للضوء الأبيض، وثانية للضوء الأزرق أو الأخضر، كل منها في نطاق محدد من الأطوال الموجية.

العلاج بالضوء الساطع أيضًا فعال مع المريض الذي يجلس على مسافة محددة، عادة 30- 60 سم، أمام الصندوق الضوئي مع عينين مفتوحتين لكن دون تحديق مباشر في مصدر الضوء لمدة 30- 60 دقيقة. وتشير دراسة نشرت في مايو (أيار) 2010، إلى أن الضوء الأزرق غالبًا ما يستخدم لعلاج اكتئاب الشتاء.

العلاج بالضوء يمكن أن يتضمن أيضًا التعرض لأشعة الشمس، إما عن طريق قضاء المزيد من الوقت خارج المنزل، أو استخدام جهاز تحكم معين يعكس أشعة الشمس في نوافذ المنزل أو المكتب. وعلى الرغم من أن العلاج بالضوء هو العلاج الرئيسي للاضطراب العاطفي الموسمي، يجب تجنب أشعة الشمس المباشرة لفترات طويلة، أو الأضواء الاصطناعية التي لا تمنع مجموعة الأشعة فوق البنفسجية بسبب إمكانية الإصابة بسرطان الجلد.

وقد ثبت أن مضادات الاكتئاب المعروفة باسم «مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية SSRI» فعالة في علاج الحزن والاكتئاب من هذا النوع. مضادات الاكتئاب الفعالة هي: فلوكستين، وسيرترالين، وباروكسيتين. ويمكن أن تتزامن هذه العلاجات مع التعرض للضوء في أوقات محددة.

تجنب الاكتئاب الشتوي بـ 4 خطوات فقط!

حلّ فصل الخريف بألوانه الزاهية، ليليه الشتاء المميز بلونه الأبيض الناصع والبرد القارس المسبب للحزن والخمول عند أولئك الذين يعانون من "الإحباط الشتوي".

ويتجاهل البعض الآثار الجانبية السلبية التي يمكن أن يجلبها موسم الخريف والشتاء، ففي حال كنت عرضة للاضطراب العاطفي الموسمي، وهو شكل شائع من الاكتئاب الذي يحدث في الوقت نفسه كل عام، يجب عليك طلب المشورة الطبية المهنية.

ولكن يمكن للأشخاص اتباع بعض الخطوات الضرورية في هذه الحالات، وهي:

- العلاج بالضوء

يعد هذا العلاج بسيطا بالنسبة للذين يعانون من اكتئاب الشتاء أو "winter blues"، ويتمثل في الجلوس أمام صندوق ينبعث منه الضوء لمدة 30 دقيقة يوميا، أثناء تناول الطعام والقراءة أو مجرد الاسترخاء.

وتعد أفضل الصناديق تلك التي تحتوي على أنابيب الضوء الفلورسنت الأبيض، حيث ينبعث منها 10 آلاف لوكس من الضوء على الأقل، ومع العلاج المنتظم، شهد بين 50% و80% من المرضى في الدراسات التجريبية، تحسنا واضحا في الأعراض، وفقا للمنظمة الوطنية للأمراض العقلية، ويمكن لبعض المرضى أن يشهدوا تحسنا واضحا في أقل من يومين.

- الخروج إلى الهواء الطلق

تشير بعض الدراسات إلى أن مغادرة الأماكن المغلقة، يمكن أن يحسن مزاجك أيضا، ويقول الدكتور مارك سيرفيس، الأستاذ في الطب النفسي السريري ونائب رئيس قسم الطب النفسي في جامعة كاليفورنيا، يمكن للأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب الموسمي المعتدل أن يشهدوا تحسنا، من خلال زيادة الوقت الذي يقضونه خارج المنزل، ويوصي السيد سيرفيس بضرورة المشي صباحا، أو تناول وجبة الغداء في الخارج.

- تناول فيتامين د

تظهر الدراسات أن فيتامين (د) وكذلك بعض المكملات الغذائية، تلعب دورا هاما في تعديل وتحسين المزاج العام، وتوصي المعاهد الوطنية للصحة، البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و70 عاما، بضرورة الحصول على 600 وحدة دولية من فيتامين (د) يوميا، ويمكن العثور على فيتامين (د) في الأسماك الدهنية والفطر والحليب وحبوب الإفطار.

- ممارسة الأنشطة الرياضية

تشير إحدى الدراسات إلى أن ممارسة التمارين الرياضية لمدة 25 دقيقة يوميا، يمكن أن تكون فعالة في تحسين المزاج كالعلاج الضوئي اليومي.

اضف تعليق