ازدادت في السنوات الاخيرة المشكلات والازمات الصحية التي يتعرض لها الكثير من البشر ولاسباب مختلفة منها، قلة النوم وهي إحدى المشكلات الرئيسية التي تواجه الفرد في المجتمعات المعاصرة، خصوصاً وان الكثير من البشر اليوم قد انشغل كثيراً بالأجهزة والتقنيات المتطورة التي اثرت سلباً على صحة الملايين من البشر...
ازدادت في السنوات الاخيرة المشكلات والازمات الصحية التي يتعرض لها الكثير من البشر ولاسباب مختلفة منها، قلة النوم وهي إحدى المشكلات الرئيسية التي تواجه الفرد في المجتمعات المعاصرة، خصوصاً وان الكثير من البشر اليوم قد انشغل كثيراً بالأجهزة والتقنيات المتطورة التي اثرت سلباً على صحة الملايين من البشر في مختلف دول العالم، فبالعودة إلى العام 1942، كان معدل النوم يقارب ثماني ساعات، أما في السنوات الأخيرة فقد تغير الوضع وشهدت معدلات النوم انخفاضا لدى الأفراد لتصل إلى نحو ست ساعات ونصف. وانطلاقا من ذلك، يوصي الخبراء عموما بالنوم من سبع إلى تسع ساعات في الليلة الواحدة.
والنوم وبحسب بعض المصادر حالة طبيعية تصيب جميع الكائنات الحية، وتقل خلالها الحركة الإرادية في الجسم، والإحساس بما يحدث في المحيط، ولا يعتبر النوم فقداناً كاملاً للوعي، بل هو تغير لحالة الوعي، وهناك من يقول بأنّ النوم هو ظاهرة طبيعية من أجل إعادة تنظيم نشاط الدماغ، والنشاطات الحيوية الأخرى، ويحتاج الانسان إلى عددٍ كافٍ من ساعات النوم حتى يرتاح جسمه ودماغه وأعصابه، وحتى يستيقظ بحيويّة وانتعاش، وتختلف ساعات النوم حسب الفئه العمرية؛ حيث إنّ حاجة الجِسم للنوم تختلف من فئة عُمرية لأُخرى، وأحياناً تختلف من شخص لآخر من نفس المرحلة العُمرية.
ويشير الخبراء إلى أن الفوائد الحقيقية للنوم تظهر عند وضع نظام ونمط مثاليين له يلائمان ظروف كل منّا، والالتزام بهما مهما كانت الظروف ويوصي الخبراء عموما بالنوم من سبع إلى تسع ساعات في الليلة الواحدة. ولعل أبرز المخاطر التي يسببها الحرمان الجزئي أو الكلي من النوم وكما اثبتت بعض الدراسات هي، الصداع ولم يتوصل العلماء بعد إلى معرفة لماذا يؤدي الحرمان من النوم إلى الصداع، ولكن لاحظ الأطباء هذا الربط بين العاملين لأكثر من قرن من الزمن. ويمكن أن تتسبب قلة النوم بالصداع النصفي. ووجدت إحدى الدراسات أن 36 إلى 58 في المئة من الأشخاص الذين يعانون من انقطاع النفس الانسدادي النومي يستيقظون مع "صداع قوي في الصباح".
قلة النوم تتسبب ايضاً في عدم القدرة على التعلم حيث وجدت دراسة حول إنتاجية تلاميذ المدارس أن تأخير بدء الصفوف لساعة واحدة من السابعة والنصف إلى الثامنة والنصف، بإمكانها أن تزيد من درجات الاختبار بما لا يقل عن نقطتين في الرياضيات ونقطة في القراءة. وهذا الأمر لا ينطبق فقط على المراهقين، بل أيضا على الراشدين إذ إن الحرمان من النوم يضعف، بشكل كبير، قدرة البالغين على التذكر. يضاف الى ذلك انها قد تكون سبباً في زيادة الوزن وضعف البصر ومرض القلب وتشتت الذهن ومشاكل في الجهاز الهضمي وغيرها من الامراض الاخرى. ويمكن أن يضاعف الأرق احتمال الإصابة بالاكتئاب، والبحوث الأولية تشير إلى أن علاج مشاكل النوم قد يعالج أعراض الاكتئاب بنجاح.
صحة القلب
وفي هذا الشأن خلصت الدراسة إلى أن الذين ينامون أكثر من أو أقل من 6 إلى 8 ساعات في اليوم أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والشرايين أو الوفا وقال باحثون إن النوم ما بين ست وثماني ساعات في الليلة مفيد للقلب. وخلصت دراسة جديدة إلى أن النوم عدد ساعات أقل أو أكثر قد يؤيد إلى أمراض الشريان التاجي أو إلى الجلطات. ونصح البحث، الذي قُدم إلى مجلس أبحاث القلب في ميونخ بألمانيا، بتجنب الإفراط في النوم أو التقليل منه للحصول على أفضل حالة صحية للقلب. وقال معد الدراسة إبامينونداس فانوتاس، من مركز أوناسيس لجراحة القلب في أثينا في اليونان "ما خلصنا إليه هو أن النوم الزائد عن الحاجة أو النوم أقل من اللازم قد يضر بالقلب". وأضاف "الأمر يتطلب المزيد من الأبحاث، ولكننا نعلم أن النوم يؤثر على العمليات البيولوجية مثل تمثيل الغلوكوز وضغط الدم والالتهابات، وكلها أمور تؤثر على أمراض القلب والأوعية الدموية".
وتم في الدراسة تحليل البيانات التي جمعت من أكثر من مليون شخص في 11 دراسة. وخلصت الدراسة إلى أن الذين ينامون أكثر أو أقل من 6 إلى 8 ساعات في اليوم أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والشرايين أو الوفاة. ومقارنة بمن ينامون ما بين 6 و8 ساعات في الليلة، يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين لمن ينامون ساعات أقل بنسبة 11 في المئة. بينما تزيد النسبة إلى 33 في المئة لدى من ينامون أكثر من 8 ساعات، حسبما خلصت الدراسة. وأضاف فاونتاس أنه "من غير المرجح أن يؤدي النوم لعدد ساعات أكثر أو أقل بين الحين والآخر إلى التأثير على الصحة، ولكن الأدلة تشير إلى أن تراكم النوم لساعات أطول من اللازم أو أقل من اللازم أمر يجب تجنبه".
وقالت إيملي ماكغارث، كبيرة الممرضات في الجمعية البريطانية للقلب "النوم بصورة جيدة ليلا هام للصحة. فيما يتعلق بصحة القلب وأمراض الشرايين، تشير هذه الدراسة إلى وجوب وجود توازن بين النوم أكثر من اللازم أو أقل من اللازم". وأضافت "لا يجب أن تؤدي هذه الدراسة إلى دق نواقيس الخطر الذين يفضلون منا السهر أحيانا أو الاستلقاء في الفراش لساعات طويلة في عطلة نهاية الأسبوع". وأضافت "ولكن إذا كانت لديك متاعب في النوم بصفة مستمرة، يجب التحدث إلى الطبيب. إضافة إلى التاثير السلبي على نوعية الحياة، فإن الحرمان من النوم يؤثر على الحالة الصحية للقلب".
نشاط الدماغ
الى جانب ذلك كشفت دراسة أن طبيعة عمل الدماغ تختلف بين مَن يستيقظون مبكرا ومَن ينامون حتى ساعات متأخرة. وأجرى باحثون دراسة مسحية لمتابعة إشارات الدماغ للأعضاء المختلفة في الجسم بين مجموعتين: الأولى تضم مَن ينامون في وقت متأخر (حوالي الثانية والنصف فجرا) ويستيقظون بعد العاشرة صباحا، والثانية تشمل مَن ينامون قبل الحادية عشرة مساء ويستيقظون قبل السابعة صباحا.
وكشفت الدراسة أنه بالنسبة للفريق الأول الذي ينام متأخرا، فقد قام المخ بإرسال إشارات أقل، خاصة في المناطق المخصصة للإدراك والوعي. وأوضحت الدراسة أن هؤلاء أيضا عانوا من ضعف التركيز وبطء ردود الفعل وشعور متزايد بالرغبة في النوم. ورجح الخبراء أن هذه الأعراض تنتج عن الضغوط التي يعاني منها هؤلاء خلال يومهم في العمل، مطالبين بإجراء دراسات إضافية للتعرف على أثر السهر ليلا على صحة الإنسان العقلية وأدائه في العمل أو الدراسة.
وضمت العينة 38 شخصا نصفهم ينامون باكرا والنصف الآخر ممن اعتادوا السهر لساعات الصباح الأولى ثم أخضعوا للفحص باستخدام أشعة الرنين المغناطيسي للكشف عن إشارات المخ. وطلب من العينتين إجراء بعض الاختبارات العقلية والمهام العملية على مدار 12 ساعة يوميا بين الثامنة صباحا والثامنة مساء مع الإبلاغ عن مدى رغبتهم في الحصول على غفوة من النوم خلال اليوم.
واتضح أن المبكرين في الاستيقاظ كانوا أكثر نشاطا وأقل رغبة في النوم، كما كانوا أسرع في رد الفعل وأدوا بشكل أفضل في الاختبارات كلها. وكشفت الدراسة أن المتأخرين في الاستيقاظ تحسن أداؤهم في المهام التي أعطيت لهم حول الساعة الثامنة مساء، ورغم ذلك لم يكونوا في أي وقت أفضل من المبكرين في الاستيقاظ. واتضح أن المبكرين في الاستيقاظ استمتعوا بكم من إشارات الدماغ، في المناطق المسؤولة عن الإدراك والتركيز والوعي، أكبر بكثير ممن استيقظوا في وقت متأخر. بحسب بي بي سي.
وقالت إليس تشيلدز، رئيسة فريق العمل بمركز الصحة العقلية في جامعة بيرمينغهام، " يمكن أن تكون هذه النتائج بسبب أن المتأخرين في الاستيقاظ يعملون خارج ساعات تركيزهم". وأشارت إلى أن اليوم المعتاد للعمل يكون بين التاسعة صباحا والخامسة مساء، لكن إذا قامت المجتمعات بتغيير نمط يوم العمل سيؤدي ذلك إلى إنتاجية أكبر ويعود بشكل أفضل على صحة المواطنين العقلية.
وطلب من العينتين إجراء بعض الاختبارات العقلية والمهام العملية على مدار 12 ساعة يوميا بين الثامنة صباحا والثامنة مساء مع الإبلاغ عن مدى رغبتهم في الحصول على غفوة من النوم خلال اليوم. واتضح أن المبكرين في الاستيقاظ كانوا أكثر نشاطا وأقل رغبة في النوم، كما كانوا أسرع في رد الفعل وأدوا بشكل أفضل في الاختبارات كلها. وكشفت الدراسة أن المتأخرين في الاستيقاظ تحسن أداؤهم في المهام التي أعطيت لهم حول الساعة الثامنة مساء، ورغم ذلك لم يكونوا في أي وقت أفضل من المبكرين في الاستيقاظ.
واتضح أن المبكرين في الاستيقاظ استمتعوا بكم من إشارات الدماغ، في المناطق المسؤولة عن الإدراك والتركيز والوعي، أكبر بكثير ممن استيقظوا في وقت متأخر. وقالت إليس تشيلدز، رئيسة فريق العمل بمركز الصحة العقلية في جامعة بيرمينغهام، " يمكن أن تكون هذه النتائج بسبب أن المتأخرين في الاستيقاظ يعملون خارج ساعات تركيزهم". وأشارت إلى أن اليوم المعتاد للعمل يكون بين التاسعة صباحا والخامسة مساء، لكن إذا قامت المجتمعات بتغيير نمط يوم العمل سيؤدي ذلك إلى إنتاجية أكبر ويعود بشكل أفضل على صحة المواطنين العقلية.
ساعة إضافية
على صعيد متصل أظهرت الدراسات أن فوائد النوم لساعات أطول ووفقا لنمط ثابت، متنوعة ومختلفة ووفيرة. وتقول ريتشل ساليس، الأستاذة الجامعية المساعدة والمتخصصة في ما يُعرف بـ "طب النوم" والاضطرابات الخاصة به في جامعة جونز هوبكنز الأمريكية، إن التزامك بهذا الأمر "سيحسن حالتك الشعورية، وستكون لديك طاقة أكبر وأفكار أفضل، وستسهم وقتها على نحو أكثر جدوى" في جهود فريق العمل الذي تنتمي إليه، أو في أنشطة المؤسسة التي تعمل بها.
ولا يقتصر الأمر على هذا الحد، بحسب ساليس، التي تقول إن ذلك سيؤدي أيضاً إلى "تحسين حالتك المزاجية، وأن يكون لديك سبب أكثر وجاهة للانخراط والتعامل مع من حولك وتبادل الأفكار مع الآخرين". وعلى الجانب الآخر، ستتجلى الآثار السلبية لعدم النوم بشكل كاف عليك بشكل واضح، إذ يمكن أن تجد نفسك "تكتسب مزيداً من الوزن، ويبدو عليك الإرهاق والاعياء مع ظهور ما يُعرف بجيوب ما تحت العينين" من فرط التعب.
وأوضحت الكثير من الدراسات أن تحقيق الاستفادة القصوى من النوم يستلزم ما هو أكثر من إضافة ساعة واحدة لحصيلتنا اليومية منه. فالنوم أمر جوهري، وليس شيئا يمكن أن نكتفي باختلاس قدر ضئيل منه. وأظهرت دراسة أمريكية أن الطلاب الذين ينامون ثماني ساعات في كل ليلة، يحققون نتائج أفضل في اختبارات نهاية العام. كما كشفت دراسة أخرى أُجريت في جامعة ميشيغان أن قلة النوم تؤثر سلباً على الذاكرة وكذلك على أداء المرء الوظيفي في مجالات مهنية متنوعة، تبدأ مثلاً من العمل في مجال الجراحة وتصل إلى امتهان حرفة إعداد الخبز. في الوقت ذاته، أشارت دراسة ثالثة إلى أنه إذا لم تنم لليلتين متواليتين ست ساعات كاملة في كل منهما، سيصيبك الخمول والكسل خلال الأيام الستة التالية.
وكشفت دراسة سويدية تابع القائمون عليها حالة أكثر من 40 ألف شخص على مدار 13 عاماً النقاب عن أن معدل الوفيات كان أعلى بين من ناموا منهم لفترات أقصر، خاصةً بين من تزيد أعمارهم على 65 عاماً. وبطبيعة الحال، يدرك الكثيرون أهمية النوم لساعات أطول. لكن المشكلة أن الأمر لا يسلم في أغلب الأحيان من تأثير عدة عوامل، مثل طبيعة حياة المرء وعمله وأطفاله وأصدقائه ومدى تمتعه باللياقة البدنية. كما أن البعض لا يهتم بالنوم لساعة إضافية، طالما وجدوا في أنفسهم القدرة على أداء المهام الأساسية المنوطة بهم.
وربما يكون مفاجئاً لك أن تعلم أن نومك لست ساعات في الليلة ليس كافياً، وأن الباحثين يعتبرون افتراضك بأنك نِلتَ بذلك كل ما تحتاجه من نوم "خطأ كبيرا". ومن بين هؤلاء الخبراء، ريتشيل ساليس التي تقول إن الناس قد يتمسكون ببعض العادات السيئة لفترات طويلة للغاية تجعلهم يعانون من مشكلات صحية، وتدفعهم في نهاية المطاف إلى الذهاب إلى الأطباء المتخصصين في علاج اضطرابات النوم. وقد يكون من بين المشكلات التي تظهر بعد سنواتٍ طويلة من ممارسة تلك العادات السيئة؛ زيادة الوزن والصداع النصفي والشعور بإعياء وإرهاق مستمريْن.
وربما تضم القائمة أيضاً توقف التنفس لفترات أثناء النوم، أو السقوط في سِنةٍ من النوم لفترات قصيرة للغاية، يتوقف خلالها ذهنك عن العمل خلال ساعات النهار. ويحدث ذلك في بعض الأحيان دون أن تُغلق عينيك حتى، وهو أمر يشكل خطرا واضحا على من يقودون سياراتهم في تلك اللحظة. رويت غرويبر، وهي أستاذة جامعية متخصصة في الطب النفسي بالمختبر المخصص للدراسات والتجارب المتعلقة بالنوم في جامعة ماكغيل الكندية، فتقول إنه على الرغم من عدم وجود عدد بعينه من ساعات النوم ينبغي على الجميع الالتزام به، فإن ثمة طريقة يتسنى للناس من خلالها التعرف على قدر النوم الملائم لهم.
وباختصار تتمثل الطريقة في أن تغتنم فرصة وجودك في عطلة أو عدم التزامك بأي واجبات في اليوم التالي، لتذهب إلى الفراش في موعد معقول على أن تدع نفسك تستيقظ بشكل طبيعي في الصباح دون الاستعانة بمُنَبِهات. وبعد ذلك، يتعين عليك إحصاء عدد الساعات التي خلدت خلالها للنوم، ليصبح هذا العدد هو الهدف الذي يجب أن تنشد تحقيقه في كل ليلة. بجانب ذلك، عليك أن تلاحظ بدقة متى غفوت ولم تستطع البقاء مستيقظاً، ومتى استيقظت.
وتقول غرويبر: "بمجرد تحديدك (لعدد ساعات النوم)؛ يتعين عليك الالتزام به مهما كانت الظروف. رتب أوقات فعل كل شيءٍ آخر على نحوٍ يسمح لك بالذهاب إلى فراشك في الموعد" الذي وجدت أنك خلدت فيه للنوم من تلقاء نفسك، ولتحرص على أن تستيقظ في الموعد الذي أفاق فيه جسمك بشكلٍ طبيعي. وربما تكون نتيجة هذه التجربة بالنسبة للبعض لا تعدو نومهم ساعة إضافية، لكن قد تصبح فترة النوم المطلوبة أطول بالنسبة لآخرين. فالخبراء يقولون إن الكثير من الناس يعانون من الحرمان من النوم دون حتى إدراك ذلك.
وبالطبع هناك أمور يتعين الانتباه إليها لضمان الوصول إلى النتائج المنشودة إذا ما قررت اتباع هذه الطريقة لحساب عدد ساعات النوم المناسبة لك. من بين ذلك إدراك أن اختياراتنا بشأن ما نفعله خلال ساعات النهار، تؤثر على مدى فاعلية تلك الطريقة. وهو ما يعني مثلا ضرورة تجنب احتساء القهوة أو الكحول بإفراط، إذ أن ذلك يمكن أن يؤثر على إيقاع الساعة البيولوجية في الجسم.
وتقول غرويبر إنه يتعين على البالغين الراغبين في النوم لفترات أطول ونيل قسطٍ أكبر من الراحة، العمل على ممارسة تمارين رياضية لنحو 150 دقيقة أسبوعياً. وتصف الانخراط في هذه التمارين بأنه أمرٌ يحقق التوازن للمرء، قائلة : "إذا أراد شخص ما أن يتمتع بصحة أفضل، فعليه أن يكون نشيطاً". وربما يتعين علينا هنا الاطلاع على رأي سيغريد فيزي، أستاذة الطب في مركز مختص بالدراسات المتعلقة بالنوم والنشاط اليومي للجهاز العصبي بجامعة بنسلفانيا، إذ تشير إلى أن المرء قد يندهش من طول الفترة التي سينامها في نهاية المطاف نتيجة لتجربة مثل تلك التي تحدثنا عنها سابقاً، لكنها تدعو إلى تنحية هذه المشاعر جانباً.
وتقول: "إذا وجدت نفسك قد تمكنت من النوم، فإن ذلك يعني أنك بحاجة إلى ذلك بالفعل". وتشدد أيضا على ضرورة التزام كلٍ منّا بنمط النوم الملائم له ومواعيده بدقة. وتروي لنا ساليس كيف خاضت التجربة بنفسها، قائلةً: "ذهبت إلى الفراش في الساعة الحادية عشرة واستيقظت في السابعة". وأشارت إلى أنها فعلت ذلك حتى في أيام عطلات نهاية الأسبوع. وواصلت ساليس تجربتها في هذا الشأن لمدة أسبوعين، ولم تكن تسمح لنفسها بأن تحظى بنوم القيلولة. وكانت النتائج مبهرة بالنسبة لها، إذ تقول إنها لا تزال تتذكر ما قالته لنفسها بعد خمسة أيام فحسب من بدء التجربة.
بمجرد تعرفك على نمط النوم الطبيعي والملائم بالنسبة لك، سيكون الأمر كله مرهوناً بمدى نجاحك في تحقيق التوافق بين مواعيد النوم والاستيقاظ وإيقاع الساعة البيولوجية لديك. فبرأي ساليس، سيؤدي عدم حدوث هذا التناغم إلى شعور بالحرمان من النوم حتى لو استغرقت فيه عشر ساعاتٍ متواصلة. فمجرد إضافة ساعة نوم إضافية لا يكفي لمنحك الراحة التي تنشدها خلال الليل، ما لم يكن ذلك متسقاً ومتزامناً مع أوقات نومك واستيقاظك الطبيعية.
وتعود فيزي هنا للقول إن الناس يفشلون بشدة في بلورة أحكام وتقديرات دقيقةٍ بشأن عدد ساعات النوم التي يحتاجون إليها. وأشارت إلى أن هذه الحالة تستمر عادة إلى أن يأتي وقت يقرر فيها المرء أن يحظى بفترة نومٍ أطول، وعندها يدرك بغتة أنه صار بفضل ذلك يتعامل مع ما يمر به خلال يومه بسلاسةٍ أكبر، وبات كذلك أكثر نجاحاً في إنجاز ما هو منوطٌ به من أعمال. كما سيشعر الإنسان في تلك الحالة أنه أشد اهتماماً بالآخرين وفي حالة مزاجيةٍ أفضل، بل وقادر على التركيز على نحوٍ أكبر كذلك.
لكن على المرء أن يدرك أيضاً أن استمرار إحساسه بالخمول والكسل بعد شروعه في نيل قسطٍ أكبر من النوم، قد يمثل بحسب الخبراء مؤشراً على أنه يعاني من مشكلة صحية أكثر إلحاحاً. غير أن ذلك لا ينفي أن إقدامك على تحسين طبيعة نومك يمثل - كما تقول ساليس - واحداً من تلك القرارات شديدة الأهمية المتعلقة بالصحة، التي تعود عليك بفوائد هائلةٍ دون أن تكلفك شيئاً يُذكر. وتضيف أن هذه المسألة تشكل واحدةً من الأمور ذات الصلة بمختلف الجوانب والمجالات المتعلقة بصحة الإنسان. بحسب بي بي سي.
ولذا من الممكن القول إن تكريس بعض الوقت لتحديد قدر النوم الذي يحتاجه جسمك، والالتزام بذلك، يمكن أن يكون أحد أفضل "الاستثمارات" التي تُقْدِمُ عليها في حياتك. فرغم أن تحليك بالدقة والوضوح في عملك هو أمر عظيم لا ريب، فإن اتسامك بالحيوية والنشاط يفوق ذلك أهمية. وفي النهاية تعتبر ساليس أن من يعانون من الحرمان من النوم يصبحون أشبه بحطام السيارات. وتتساءل قائلة: "هل يمكنك تصور (وجود) جراح مخ وأعصاب يعاني الحرمان من النوم؟" مُشيرةً إلى أن الأمر هنا سيتحول إلى مسألة حياة أو موت بالنسبة لمرضاه.
اضف تعليق