q
الاكتئاب أحد أشكال المرض العقلي الأكثر شيوعا ويؤثر على أكثر من 350 مليون شخص في أنحاء العالم، وتصنفه منظمة الصحة العالمية باعتباره السبب الرئيسي للعجز على مستوى العالم، ويشمل العلاج عادة إما الأدوية أو شكلا ما من العلاج النفسي أو الجمع بين الأسلوبين، ولكن حوالي نصف الذين عولجوا من الاكتئاب لا يستطيعون التحسن...

الاكتئاب أحد أشكال المرض العقلي الأكثر شيوعا ويؤثر على أكثر من 350 مليون شخص في أنحاء العالم، وتصنفه منظمة الصحة العالمية باعتباره السبب الرئيسي للعجز على مستوى العالم، ويشمل العلاج عادة إما الأدوية أو شكلا ما من العلاج النفسي أو الجمع بين الأسلوبين، ولكن حوالي نصف الذين عولجوا من الاكتئاب لا يستطيعون التحسن باستخدام المستوى الأول من مضادات الاكتئاب كما أن حوالي ثلث المرضى مقاومون لكل الأدوية المتاحة، ولم يكن الأطباء قادرين إلى الآن على معرفة ما إذا كان المريض سيستجيب لمضاد الاكتئاب الذي يقترحونه أم سيحتاج خطة علاج أقوى منذ البداية، ونتيجة لذلك كان المرضى يعالجون غالبا بأسلوب التجربة والخطأ بتجربة عقار بعد عقار لشهور ولا يشهدون غالبا تحسنا في الأعراض، في احدث تطور لعلاج الاكتئاب.

أوضحت دراسة جديدة أنه بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب المتكرر فإن تغيير الصور السلبية عن الذات من خلال العلاج الذهني قد يساعدهم أكثر من أي نوع آخر من العلاج، ويركز العلاج المعرفي على أن تحل أنماط بناءة من التفكير محل أنماط التفكير السلبية، ويركز التأمل الذهني على إدراك الأفكار والمشاعر الواردة وقبولها دون الاستجابة لها.

ضمن اطار الموضوع وفق دراسة حديثة أجراها فريق دولي من الباحثين، وُجِدَ أن حالات الاكتئاب تؤثر بشكل مباشر على الجسم والعقل على حد سواء، كما أنها تؤدي إلى خلل في الطريقة التي تُمكن الجسم من مهاجمة الجزيئات الضارة.

يؤدي الاكتئاب بالأساس إلى تغير فيما يعرف بـ"الإجهاد التأكسدي"، حيث يُسبب ذلك خللاً في إنتاج الجزيئات الحرة، ويؤثر بشكل مباشر على قدرة الجسم على التعامل معها ومع المواد المضادة للأكسدة، حيث تقول الدراسة في النهاية، إن الاكتئاب يمكن معاملته كمرض يؤثر على الصحة الجسمانية والعقلية للشخص المصاب به.

على الصعيد نفسه قال علماء إن أعراض الاكتئاب التي تتزايد تدريجيا بمرور الوقت لدى المتقدمين في السن قد تشير لعلامات مبكرة لمرض الخرف، من جهتها باحثة في علم النفس بجامعة واشنطن "تشير هذه دراسة حديثة إلى أن إساءة معاملة الطفل والصدمات لا تساعد وحسب في توقع زيادة احتمالات الإصابة بالاكتئاب المزمن عند البلوغ بل تقلص أيضا من احتمالات الاستجابة للعلاج بمضادات الاكتئاب"، فيما تشير دراسة أمريكية شملت عينة صغيرة الحجم إلى أن كبار السن الذين يعانون من فقدان حاد في السمع قد يساعد زرع قوقعة أذن لهم على تحسين أعراض الاكتئاب.

في سياق متصل أوضحت دراسة جديدة أن ليلة من الأرق قد تؤدي إلى الحد من الشعور بالاكتئاب في اليوم التالي إلا أن عدم أخذ قسط كاف من النوم لفترة طويلة يرتبط بالإصابة باكتئاب أسوأ لدى الشابات، الى ذلك طور علماء اختبارا للدم يمكنه التنبؤ بما إذا كان مريض الاكتئاب سيستجيب لمضادات الاكتئاب الشائعة وهو اكتشاف قد يجلب حقبة جديدة للعلاج المصمم ليناسب كل حالة على حدة.

على صعيد ذي صلة قال علماء إن مادة السيلوسيبين وهي المادة المخدرة في الفطر السحري ربما تكون ذات يوم علاجا فعالا للمرضى الذين يعانون من الاكتئاب الحاد والذين لا تحقق معهم وسائل علاجية أخرى أي نجاحـ وينمو الفطر السحري في جميع أنحاء العالم ويستخدم منذ العصور القديمة لأغراض غير طبية وفي الطقوس الدينية.

وتقدر منظمة الصحة العالمية أن نحو 350 مليون شخص في العالم يعانون من الاكتئاب وهو اضطراب ذهني شائع من أعراضه الحزن واللامبالاة والإرهاق والشعور بالذنب والتقدير المنخفض للذات والنوم المتقطع وفقدان الشهية وقلة التركيز.

وفقا لكبير الباحثين ويلم كويكن من جامعة أوكسفورد البريطانية فإن مزج أساليب العلاج الذهني بالعلاج المعرفي ينبغي أن يكون خيارا بالنسبة للمرضى، وقال كويكن لرويترز هيلث في رسالة بالبريد الإلكتروني "الأمر يتعلق بالخيار بالنسبة للمرضى وإضافة خيار آخر للأشخاص المعرضين بشكل كبير للإصابة بالاكتئاب مرة أخرى كي يظلوا بحالة جيدة على المدى الطويل"، وقال ريتشارد ديفيدسون الذي كتب الافتتاحية المصاحبة للدراسة "عندما يتم المزج بين العلاج الذهني والعلاج المعرفي فإن أحد الأشياء التي نشهدها هي تدريب الناس على اعتبار أفكارهم مجرد أفكار وألا يقعوا في شراكها". بحسب رويترز.

وحلل فريق البحث بيانات 1258 مشاركا من تسع تجارب عشوائية محكومة قارنت بين العلاج المعرفي المستند إلى العلاج الذهني بأشكال أخرى من العلاج للاكتئاب المتكرر بين الأشخاص الذي خرجوا بشكل كامل أو جزئي من حالة اكتئاب، وبشكل عام فإن الأشخاص الذين تلقوا العلاج الذهني المعرفي كانوا أقل عرضة بنسبة 31 في المئة للإصابة بالاكتئاب مرة أخرى بعد 60 أسبوعا مقارنة بأشخاص تلقوا أشكالا أخرى من العلاج.

وكان هذا النوع من العلاج مفيدا بغض النظر عن العمر والجنس والتعليم والحالة الاجتماعية، لكن فائدته تجلت بشكل واضح بين الأشخاص الذين ظهرت عليهم أعراض الاكتئاب الحاد مقارنة بأنماط أخرى من العلاج.

44 سببا جينيا للاكتئاب الشديد

توصل علماء دوليون إلى 44 من المتغيرات الجينية التي قد تزيد من مخاطر الإصابة بالاكتئاب الشديد وقالوا إن كل البشر يحملون بعضا منها على الأقل، وقال العلماء إن النتائج الجديدة قد تساعد في تفسير سبب عدم استجابة البعض لمضادات الاكتئاب وتحسن حالاتهم كما قد تمهد الطريق أمام أدوية جديدة، وخلص العلماء أيضا في الدراسة، وهي الأكبر من نوعها، إلى أن الأساس الجيني للاكتئاب هو نفسه أساس اضطرابات نفسية أخرى مثل الفصام.

ويؤثر الاكتئاب الشديد على حوالي 14 بالمئة من سكان العالم وهو أكبر مسبب للعجز على المدى البعيد. لكن حوالي نصف مرضى الاكتئاب فقط يستجيبون جيدا للعلاجات الموجودة، وقال الباحث جيروم برين الذي عمل مع فريق البحث وهو من جامعة كينجز كوليدج في لندن ”إن المتغيرات الجينية الجديدة المكتشفة يمكن أن تبث الحياة في علاج الاكتئاب من خلال فتح الباب أمام وسائل لاكتشاف علاجات جديدة أفضل“. بحسب رويترز.

ونشرت الدراسة في دورية (نيتشر جينيتكس) وتشمل بيانات أكثر من 135 ألف مريض بالاكتئاب الشديد، وقالت الباحثة كاثرين لويس وهي خبيرة في جامعة كينجز كوليدج في لندن وعملت مع فريق البحث ”تسلط هذه الدراسة ضوءا ساطعا على الأساس الجيني للاكتئاب لكنها مجرد خطوة أولى، ”نحتاج إلى المزيد من البحث لكشف النقاب عن المزيد من الأسس الجينية وفهم كيف تعمل الجينات والضغوطات البيئية معا لزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب“.

ارتفاع معدلات الوفاة

قال باحثون إن الاكتئاب مرتبط بارتفاع احتمالات الوفاة بين كبار السن بعد استبدال صمام الشريان الأورطي بالقلب مع وصول هذه المعدلات لأعلى مستوى لها بين من تستمر أعراض الاكتئاب لديهم لفترة طويلة بعد الجراحة.

ودرس الدكتور جوناثان أفيلالو من المستشفى اليهودي العام في مونتريال وزملاؤه الصلة بين الاكتئاب ومعدلات الوفاة بين كبار السن الذين تجرى لهم عمليات استبدال صمام الشريان الأورطي سواء عن طريق القسطرة أو الجراحة في إطار تحليل مخطط له بشكل مسبق لدراسة دولية، وجرى تقييم حالات 1035 مريضا (متوسط أعمارهم 81 عاما و41 بالمئة منهم رجال) خضعوا لتدخل عن طريق القسطرة أو أجريت لهم جراحة لاستبدال صمام الشريان الأورطي في الفترة من 2011 إلى 2015 في وقت إجراء العملية وبعد ستة أشهر وبعد 12 شهرا من إجراء العملية لتحديد درجة الاكتئاب وفقا لمقياس الاكتئاب لدى كبار السن. بحسب رويترز.

ونشر الموقع الإلكتروني لجمعية الطب الأمريكية لأمراض القلب يوم 17 يناير كانون الثاني نتيجة فحص الاكتئاب التي جاءت إيجابية لدى 326 مريضا (31.5 بالمئة) رغم أن 98 منهم فقط (8.6 بالمئة) ورد الاكتئاب في سجلاتهم الطبية السابقة، وبعد 12 شهرا توفي 62 (19%) من أفراد المجموعة المصابة بالاكتئاب وتوفي 83 (11.7%) من أفراد المجموعة غير المصابة بالاكتئاب، وكانت أسباب الوفاة تتعلق بأمراض القلب في 31 بالمئة من الحالات ولا تتعلق بذلك النوع من الأمراض في 39 بالمئة من الحالات وغير معروفة في 30 بالمئة من الحالات، دون ملاحظة فروق في أسباب الوفاة استنادا إلى درجة الاكتئاب.

وكان من بين المتغيرات المرتبطة بشكل واضح بجميع حالات الوفاة الاكتئاب وضعف الإدراك والضعف الجسدي. ولم تتأثر النتائج بما إذا كان استبدال الصمام تم عن طريق جراحة أو عن طريق قسطرة، وبعد تحييد المتغيرات الأخرى كان الاكتئاب في وقت إجراء العملية مرتبطا بدرجة كبيرة بمعدلات الوفيات سواء في الشهر الأول أو بعد 12 شهرا، وكان الاكتئاب المستمر، وهو الاكتئاب الذي تم تشخيصه وقت العملية وظل مستمرا حتى المتابعة بعد ستة أشهر، مسؤولا عن زيادة معدلات الوفاة إلى ثلاثة أمثالها عند المتابعة بعد 12 شهرا.

وقال الدكتور أفيلالو لرويترز ”أعتقد من المهم للعاملين بالمستشفيات أن يدركوا أن الاكتئاب ربما تم تشخيصه بأقل من حقيقته في سجلات المريض الإلكترونية وإن من المهم طرح بعض الأسئلة المحورية للتأكد من أعراض الاكتئاب لدى الكبار“.

وأضاف في رسالة بالبريد الإلكتروني ”نظرا للتداخل الموثق بين أعراض معينة لأمراض القلق والاكتئاب... من المهم -وهو ما يمثل تحديا في بعض الأحيان- التأكد من الأعراض قبل إعطاء مضادات الاكتئاب الدوائية أو غير الدوائية“، ومضى يقول ”الاكتئاب والضعف الجسدي عادة ما يتزامنان... ويجسدان مجموعة من أعراض الشيخوخة التي يتعين أن توضع في الاعتبار لدى تقييم المرضى المسنين قبل إجراء هذه العمليات“.

البيئة الأسرية والجينات

ربط الباحثون وللمرة الأولى بين البيئة التي ينشأ فيها المرء وجيناته الوراثية من ناحية ومخاطر إصابته بالاكتئاب الشديد من ناحية أخرى، وعكف الباحثون على دراسة تشخيص الإصابة بالاكتئاب بين أكثر من 2.2 مليون شخص في السويد وآبائهم وأمهاتهم وتوصلوا إلى أن العوامل الوراثية والبيئة الأسرية تلعبان نفس الدور في مخاطر ”انتقال“ المرض من الوالدين إلى الأبناء، وكتب الباحثون في دورية جاما للطب النفسي أن النتائج التي اعتمدت على المقارنة بين أبناء بالتبني وآخرين بيولوجيين من أسر سليمة وأخرى محطمة، تتعارض مع نتائج سابقة كثيرة لدراسات ثنائية خلصت إلى أن الاستعداد الجيني يلعب الدور الأكبر في توارث الاكتئاب، وقال الدكتور كينيث كندلر، وهو أستاذ الطب النفسي وعلم الوراثة البشرية والجزيئية بجامعة فرجينيا كومنولث في ريتشموند وقائد فريق البحث، إن ”أحجام عينات (معدي الدراسات الأخرى) كانت ضئيلة جدا ولم تكن دائما نموذجية“.

وأضاف في رسالة بالبريد الإلكتروني ”دراسات التبني ربما تكون أقوى طريقة متاحة لفهم آلية الانتقال من الوالدين للنسل... من أهم ما يميز هذه الدراسة هو تكرار نتائج الآباء بالتبني والبيولوجيين مع نتائج الآباء المتوفين أو أزواج الأمهات وزوجات الآباء. إن هذا يزيد ثقتنا في تلك النتائج بدرجة كبيرة“.

وأفادت تقارير للمعهد القومي للصحة النفسية بالولايات المتحدة في 2015 بأن حوالي 7 بالمئة من إجمالي البالغين في الولايات المتحدة، أي ما يعادل حوالي 16.1 مليون فرد ممن لا تقل أعمارهم عن 18 عاما، عانى من حلقة واحدة على الأقل من الاكتئاب الشديد العام الماضي. ويرتبط هذا الاضطراب النفسي بمشكلات كبيرة في العمل أو الدراسة أو الصحة وتعاطي المخدرات وزيادة خطر الانتحار. بحسب رويترز.

وقالت جوان لوبي الأستاذة في كلية الطب بجامعة واشنطن في مدينة سانت لويس ولم تشارك في البحث ”إذا كان لديك استعداد وراثي للإصابة بالاكتئاب فربما يتعين عليك تعزيز عوامل ما في بيئة تربية الأطفال لحمايتهم من انتقال الاكتئاب. أرى شخصيا أن للأمر علاقة بمساعدة الأطفال على النمو عاطفيا. يجب أن يتعلموا اختبار ومعالجة وتنظيم مشاعرهم بدلا من دفنها في الرمال“.

ربع الفتيات في سن 14 عاما "تظهر عليهن أعراض الاكتئاب"

قال باحثون بريطانيون إن رُبع الفتيات في سن 14 عاما تظهر عليهن أعراض الإصابة بالاكتئاب مقارنة بواحد من كل 10 فتيان في نفس العمر، وركزت الدراسة التي مولتها الحكومة البريطانية، وشملت أكثر من عشرة آلاف مراهق، على رصد علامات الاكتئاب خارج نطاق التشخيص الطبي، وأشارت الدراسة إلى أن معدلات زيادة الخطر تقترن بالخلفيات الفقيرة التي ينحدر منها الشخص أو كان ذي طبيعة عرقية مختلطة أو بيضاء البشرة.

وتوصلت دراسة شملت الآباء إلى أن الكثير منهم لا يدركون حجم القلق الحقيقي الذي ينتاب أطفالهم، ويقلل الآباء عادة من أهمية ما تشعر به بناتهم من توتر، في الوقت الذي يبدون فيه اهتماما بالأبناء الذين لا يصرحون شخصيا بأي قلق.

وقالت برفيتا باتالاي، المشرفة على الدراسة من جامعة ليفربول، إن المراهقين لاسيما الفتيات يتعرضون أكثر لاعتلالات الصحة العقلية مقارنة بالأجيال السابقة، على الرغم من كون الدراسة لم تتناول ذلك بالبحث، ويعتقد الخبراء أن عوامل كثيرة قد تسهم في حدوث ذلك، من بينها التوتر المصاحب للامتحانات والاضطرابات بسبب شكل الجسم.

المراهقون "يتأثرون باكتئاب الأب"

توصلت دراسة علمية إلى أن الاكتئاب عند الآباء وكذلك الأمهات يؤثر على الأطفال، بالرغم من الأمهات تكن غالبا محور التركيز عند معالجة الاكتئاب لدى المراهقين، وبحثت الدراسة، التي أجرتها جامعة يونفرسيتي كوليدج لندن، حالة 14 ألف عائلة في بريطانيا وأيرلندا، وأشارت الدراسة إلى إن كلا الوالدين لديه دور في حماية الأبناء المراهقين من الإصابة الاكتئاب، وحث الباحثون الآباء على طلب المساعدة عند ظهور أعراض الاكتئاب، وذلك من خلال استشارة أطبائهم.

وتقول الطبيبة جيما لويس، المشرفة على الدراسة، إنه بسبب أن الأمهات يقضين وقتا أطول مع الأطفال، فغالبا ما يُلقى عليهن اللوم عند ظهور أي مشاكل نفسية لدى الأبناء، لكنها أوضحت أن الدراسة أظهرت أنه يجب "أن نُشرك الآباء أكثر في الصورة"، وأضافت لويس "إذا كنت أبا لم تسع للعلاج من الاكتئاب خاصتك، فربما ينعكس ذلك سلبا على ابنك".

وتابعت "نأمل أن تشجع نتائجنا الآباء الذين يعانون من الاكتئاب على التحدث إلى أطبائهم"، واعتمدت الدراسة على عينتين كبيرتين من السكان، وهما 6 آلاف أسرة في أيرلندا، ونحو 8 آلاف أسرة في بريطانيا، وخلال الدراسة، طُلب من الآباء والأمهات والأطفال، في سن سبع وتسع سنوات وما بين 13 و14 عاما، ملئ استبيانات عن مشاعرهم.

مادة في فطر عيش الغراب تبشر بعلاج للاكتئاب

كشفت دراسة طبية قدرة مركب كيميائي يسبب الهلوسة موجود في فطر عيش الغراب على إعادة تشكيل الدماغ المصاب بحالة اكتئاب غير قابلة للعلاج، وهو ما يعزز الآمال في إيجاد علاج مستقبلي فعال.

وأجريت دراسة صغيرة على 19 مريضا تم منحهم جرعة واحدة من مادة سيلوسيبين المخدرة، وهي عبارة عن مركب كيميائي يسبب الهلوسة، يوجد في أكثر من 200 نوع من عيش الغراب.

وكشفت النتائج عن تحسن حالة نصف المرضى وزوال شعورهم بالاكتئاب، كما شعر هؤلاء المرضى بتغير في نشاط في أدمغتهم استمر لمدة خمسة أسابيع.

ومع هذا، حذر الباحثون في جامعة امبريال كوليدج لندن من أن يلجأ المرضى إلى فطر عيش الغراب لعلاج أنفسهم دون استشارة طبيب، وأشارت مجموعة دراسات صغيرة إلى أن مادة السيلوسيبين يمكنها أن تساهم في علاج الاكتئاب من خلال "تسهيل عمل الدماغ بانسيابية"، وهو ما يسمح للأشخاص بالهروب من دائرة أعراض الاكتئاب.

لكن التأثير الدقيق لهذه المادة على الدماغ غير معروف حتى الآن، وأجرى الباحثون مسحا بالرنين المغناطيسي على أدمغة مرضى الاكتئاب قبل منحهم مادة السيلوسيبين، ثم أجري المسح بعد يوم من إعطائه، عندما عاد المرضى إلى حالة "الهدوء".

وبحسب النتائج التي نشرت في دورية ساينتفيك ريبورتس، كان لمادة السيلوسيبين تأثير على منطقتين هامتين في الدماغ. المنطقةالأولى هي اللوزة العصبية الدماغية والتي هدأ نشاطها، وهي المنطقة المشاركة بقدر كبير في معالجة مشاعر مثل الخوف والقلق.

والمعروف أنه كلما انخفض نشاط تلك المنطقة كلما زاد تحسنت الأعراض الناتجة عن الاكئتاب.

أما المنطقة الثانية فكانت شبكة الوضع الافتراضي، والتي تجمع مناطق مختلفة في الدماغ، وكان هناك استقرار كبير في تلك الشبكة بعد تناول السيلوسيبين، ويقول الطبيب روبن كارهارت-هارس، مسؤول البحث عن مركب الهلوسة في امبريال كوليدج، إنه تم "تهدئة" الدماغ المكتئب وأعاد المركب تشغيله.

وأضاف لبي بي سي أن "بعض المرضى قالوا إنه تم إعادة تشغيل أدمغتهم وتهيئتها مرة أخرى، وأنهم ولدوا من جديد. وأخبرني أحد المرضى أن دماغه أصبح نظيفا وأعيد تشكيله".

ورغم النتائج السابقة، فهذه مجرد دراسة صغيرة ولا يوجد بها "مجموعة ضابطة"، أي اختبار المركب على مجموعة من الأصحاء وعمل مسح لأدمغتهم لمقارنة التغيرات في أدمغة المرضى.

وهناك ضرورة حاليا لتوسيع نطاق البحث قبل اعتماد مركب السيلوسيبين الموجود في فطر عيش الغراب كعلاج فعال ضد الاكتئاب.

ومن جهته، يرى الأستاذ الجامعي متيول مهتا، من معهد الطب النفسي في كينغز كوليدج لندن، أن الأمر المثير في الكشف الأخير هو التغير الذي يطرأ على الشبكات المعروفة لدينا بتأثيرها على الاكتئاب، بعد تناول جرعة واحدة من السيلوسيبين، وقال مهتا "لدينا الآن أساس منطقي واضح للنظر في آليات طويلة الأجل حول الدراسات التي تجرى وفق ضوابط علمية".

هل "اكتئاب ما بعد الإجازة" حالة مرضية حقيقية؟

مائدة أطباق متنوعة لذيذة وكبيرة، ومنزل العائلة الكبير المزدحم بأفراد الأسرة كلّها من صغيرها إلى كبيرها، وموسيقى أعياد الميلاد تملأ المكان.. تختفي كل همومك لوهلة من الزمن.. يرن هاتفك، فتستيقظ من أحلامك لتدرك أنك تجلس اليوم على مكتب عملك! هل هذه حالك بعد انتهاء موسم الأعياد؟ أنت لست لوحدك.. تسمى هذه الحالة على مواقع التواصل الاجتماعي "اكتئاب ما بعد الإجازة،" ورغم أن الأطباء لم يطلقوا عليها اسماً رسمياً بعد، إلّا أن العديد منهم يقرّون بها وبمدى تأثيرها على النشاط البدني والعقلي، بل ويؤكدون أنها حالة طبيعية جداً قد تصيب أشخاص كثر بعد العودة إلى العمل عند انتهاء العطلات وموسم الأعياد.

ويقول أستاذ الطب النفسي والعلوم العصبية السلوكية في جامعة لويولا في إلينوي، أنجيلوس هالاريس، إن حدة المزاج التي تصاحب العائدين إلى العمل هي حالة طبيعية، قد يكون لها أسباب عدة، مضيفاً: "غالباً ما يقوم الناس خلال موسم الأعياد بالتخلص من عاداتهم الروتينية، فيفرطون في الشرب، ويكثرون من تناول الطعام، بالإضافة إلى عدم نومهم لساعات كافية. ويتسبب كل هذا في نهاية العطلة، بوعكة صحية إثر التعب المتراكم على مدة حوالي 14 يوماً"، ويتزامن هذا الإجهاد الجسدي، الذي يأتي فجأة بعد شعور بالإيجابية والفرح إثر تجمع الأسرة والأحباء، مع هم الإجابة على ملايين رسائل العمل الإلكترونية، ما يزيد من الشعور التعب والتوتر بعد فترة الإجازات، ولا يعتبر هذا الشعور السلبي حكراً على من استمتعوا بإجازاتهم فقط، إذ أن الحالة هذه قد تصيب من أمضوا فترة أعياد مملة لم تصل توقعاتهم، بحسب قول أستاذ علم النفس في جامعة ولاية ميشيغان، راندي هيلارد.

يشرح هيلارد أن الباحثون يرون هذا في الكثير من الدراسات حيث يضع الأشخاص آمالاً كبيرة لفترة الأعياد معتقدين أنهم سيمضون أوقاتاً مثالية، بأجواء أعياد إيجابية، ومن ثم تظهر عطلتهم لتكون غير ذلك، ما يحبطهم في النهاية"، كما يساهم فصل الشتاء وطقسه البارد على تعزيز هذه المشاعر السلبية، إذ تغيب الشمس في وقت مبكر من اليوم، وتعتم الشوارع، ما يسبب "الاضطراب العاطفي الموسمي،" لا سيما للأشخاص الذين أمضوا عطلهم في رحلات مشمسة ومناطق صيفية.

وينصح هيلارد بـ"مداواة" مشاعر الاكتئاب بعد العودة إلى العمل، من خلال تذكر أن زملائك جميعهم يمرّون بذات الحالة، وأن هذه فترة قصيرة ستمر مع كل إنجاز صغير تحققه يومياً، قد يبعث لك شعوراً صغيراً من السعادة والتفاؤل.

كما يُنصح أيضاً، بتطوير أفكار إيجابية، والابتعاد عن التذمر الدائم في مكان العمل، والبحث عن أشياء صغيرة تساهم في رفع معنوياتك شيئاً فشيء، ويؤكد هيلارد أن تخصيص الوقت لإمضاء ليلة مع الأصدقاء أو الأقارب بعد العودة إلى العمل، هو شيء مهم جداً سيساعد على تخطى "اكتئاب ما بعد الإجازة،" شرط ألا تفرطوا في الشرب وتناول الطعام والسهر!

العلاج بالصدمات الكهربائية الخفيفة ربما يخفف القلق والاكتئاب

قال باحثون إن الأشخاص الذين يعانون من القلق والاكتئاب ربما يشعرون ببعض التحسن عن طريق العلاج بالصدمات الكهربائية الخفيفة لكن لم يتضح إلى أي مدى سيفيد هذا العلاج وما إذا كان يصلح لحالات أخرى، وينقل هذا العلاج، المعروف باسم التحفيز الكهربائي عبر الجمجمة، تيارا كهربائيا يماثل قوة بطارية تسعة فولت عبر قطب كهربائي من الجلد إلى المخ، وفحص الباحثون بيانات 26 تجربة سريرية للعلاج بصدمات كهربائية أجريت على عينة عشوائية من مرضى بحالات ألم مزمنة مختلفة لبحث ما إذا كان بالإمكان حصولهم على علاج بديل أو الاستمرار في الالتزام بالرعاية المعتادة.

وكشف التحليل أن معظم هذه التجارب كانت صغيرة أو أجريت في مدى زمني قصير للغاية مما يصعب معه التوصل إلى دليل قاطع بأن العلاج بالتحفيز الكهربائي عبر الجمجمة وحده مفيد لعلاج حالات من بينها الصداع وألم المفاصل والعضلات والعظام والأرق والاكتئاب، وأشار الباحثون في دورية (أنالز أوف إنترنال مديسين) إلى أن أربع أو خمس من التجارب على المصابين بالاكتئاب والقلق أجريت قبل أكثر من 40 عاما وبأجهزة علاج بالصدمات لم تعد موجودة حاليا، وفي أكبر التجارب وأحدثها أبدى المرضى تحسنا بدرجة أفضل فيما يتعلق بأعراض الاكتئاب والقلق عند علاجهم بالصدمات مقارنة بالرعاية المعتادة التي تتضمن العقاقير المضادة للاكتئاب. وشملت الدراسة 115 مريضا واستمرت لمدة خمسة أسابيع.

وقال قائد الفريق البحثي بول شيكيلي من مركز (وست لوس انجليس فيترانس أفيرز) الطبي إنه في حال توصلت الدراسة إلى النتائج ذاتها على مدى ستة أشهر أو عام فإن ذلك ربما يوفر دليلا ”محدودا“ على فعالية العلاج بالصدمات الكهربية. وأضاف أنه إذا توصلت دراسات أخرى، شملت مثل هذا العدد من المرضى وللمدة ذاتها، إلى نفس النتائج فإن ذلك ربما يمثل دليلا أقوى، وكتب الطبيب واين جوناس المدير التنفيذي لبرامج (صمويلي إنتجريتيف هيلث) في ولاية فرجينيا الأمريكية، في مقال مرافق لهذا البحث نشرته الدورية، ”هذه المعلومات مخيبة للآمال“، وأضاف أن عدم وجود أدلة كافية على فعالية العلاج بالتحفيز الكهربائي عبر الجمجمة، اعتمادا على مجموعة من الدراسات غير المستفيضة، لا يعني بالضرورة أنه غير فعال.

الكيتامين "سريع المفعول" في علاج الاكتئاب والميل للانتحار

تفيد دراسة أمريكية بأن استخدام الكيتامين في علاج حالات الاكتئاب الحاد والميل إلى الانتحار أظهر "فوائد واعدة"، ويستخدم الكيتامين حاليا مخدرا، لكنه غير مرخص به كدواء، وتوصلت الدراسة إلى أن استخدامه بواسطة الرش في الأنف يؤدي إلى تحسن "ملحوظ" في أعراض الاكتئاب خلال الساعات 24 الأولى من التشخيص، وقالت الكلية الملكية للأطباء النفسيين إن الدراسة "مهمة" وإنها أدت إلى "الاقتراب خطوة من السماح بوصفه للمرضى في نظام التأمين الصحي الشامل في بريطانيا".

ويعد التقرير، الذي أصدره باحثون من مؤسسة جانسين للبحوث والتطوير، وشركة جونسون اند جونسون، وكلية ييل للطب، أول دراسة تتناول الكيتامين كعلاج للاكتئاب تجريها شركة أدوية، ونشرت الدراسة في دورية الطب النفسي الأمريكية. وأجريت على 68 شخصا كانوا على وشك الانتحار، وعولج جميع المرضى خلال فترة بقائهم في المستشفى مع تناولهم عقاقير مضادة للاكتئاب، وإضافة إلى ذلك أعطي نصف المرضى الكيتامين في شكل إيسكيتامين (وهو جزيء من جزيئي الكيتامين) بالرش في الأنف، أما النصف الآخر فأعطوا عقار لا يحتوي على مادة فعالة، وتوصلت الدراسة إلى أن الذين استخدموا إيسكيتامين تحسنت حالتهم بدرجة كبيرة في ما يتعلق بأعراض الاكتئاب، من جميع النواحي، خلال الأسابيع الأربعة الأولى من العلاج.

ولكن التأثير بدأ في التلاشي مع حلول اليوم الـ25، ويقول القائمون على الدراسة إن العقار قد يكون علاجا سريعا وفعالا لمن يعانون من اكتئاب حاد، وعلى وشك الانتحار، وقد يساعد في المراحل الأولية من العلاج، لأن معظم العقاقير المضادة للاكتئاب تستغرق من أربعة إلى ستة أسابيع حتى يظهر مفعولها الكامل، ويمر الدواء، الذي يعطى في صورة رذاذ الأنف، حاليا بمرحلة ثالثة من الاختبارات قبل أن يرخص باستخدامه في العلاج.

وليس هناك أي تقارير تفيد باحتمال إدمان استعمال إيسكيتامين، أو بسوء استعماله، خلال ما تم من تجارب، لكن المشرفين على الدراسة يحثون على إجراء المزيد من البحوث على احتمال سوء استعمال الكيتامين، ويقولون إن هذه البحوث يجب أن تنظر إلى ذلك خلال الاختبارات اللاحقة، ويدرس علماء في بريطانيا أيضا الكيتامين كعلاج للاكتئاب بواسطة حقنه في الوريد، وأظهرت نتائج دراساتهم تطابقا مع الدراسات التي جرت عليه عن طريق الرش في الأنف، ويقول علماء إن الكيتامين كبخاخ أسهل من حيث إجراء الاختبارات، ولا يحتاج إلى معدات كثيرة، ويقول الطبيب جيمس ستون، الذي يعمل في الكلية الملكية للطب النفسي، إنه إذا سمح بوصفه للمرضي في عيادات التأمين الصحي الشامل في بريطانيا فسوف يكون المستهدف به من يعانون من حالات اكتئاب حاد، باعتباره الخط الثاني أو الثالث في العلاج، إن لم تنجح العقاقير الأخرى، كما يمكن استخدامه بدلا من العلاج بالصدمات الكهربائية، ونظرا لأن الكيتامين مرخص به للاستخدام بواسطة الأطباء كمخدر، فإنه يمكن وصفه كعلاج للاكتئاب بدون ترخيص، في العيادات الخاصة في الولايات المتحدة وبريطانيا، لكن لا يمكن وصفه للمرضى في عيادات التأمين الصحي الشامل في بريطانيا إلا بعد ترخيصه، ومازال الأطباء في بريطانيا يختبرون الكيتامين في علاج الاكتئاب منذ عام 2011.

اضف تعليق