تعد المضادات الحيوية من أكثر الأدوية التي يتم وصفها للمرضى، لكن لهذه المضادات آثار جانبية، تتمثل بتلف الجهاز الهضمي وضعف المناعة، خصوصا وان الكثير من الناس يلجؤون الى تناول مضادات حيوية بجرعات عالية عند الإصابة ببعض الأمراض التي يعتقد أن المضاد الحيوي يقضي عليها، بينما ثبت علميا أن هذا يقوي مناعة البكتيريا أمام المضادات، حيث يظن معظم المرضى ان اجسام الاشخاص الذين يفرطون في تناول المضادات هي التي تصبح مقاومة للبكتيريا، ولكن في الحقيقة فان البكتيريا نفسها هي التي تطور مقاومتها للعقاقير فتصبح اشد فتكا وتنتقل من جسم الى آخر.
يقول الخبراء في هذا المجال انه خلال العقود الماضية نشأت بكتريا مقاومة للمضادات الحيوية وتحورت في الوقت الذي خفض فيه منتجو العقاقير من حجم الاستثمارات في مجال ايجاد سبل لمقاومتها ما أوجد مخاطر صحية عالمية ليصبح من المستحيل القضاء على سلالات البكتريا المقاومة للعقاقير مثل تلك المسببة للالتهاب الرئوي والسيلان وغيرها.
وظلت مشكلة البكتريا المقاومة للمضادات تؤرق العلماء في مجال العلوم والطب منذ اكتشاف البنسلين عام 1928، وتحدث مقاومة المضادات الحيوية عندما تتحور البكتريا من خلال الطفرات لتصبح مقاومة للمضادات الحيوية المستخدمة في علاج العدوى ويؤدي الإفراط في استخدام المضادات الحيوية أو اساءة استخدامها الى زيادة كبيرة في نمو البكتريا المقاومة للعقاقير، وتؤدي العدوى بالبكتريا المقاومة للعقاقير -بما في ذلك الصور المقاومة لعدة عقاقير تعالج الالتهاب الرئوي والتيفود والسيلان- الى وفاة مئات الآلاف من البشر سنويا مع تزايد هذا التوجه، من جهتها أعلنت منظمة الصحة العالمية ان سكان العالم في حيرة من أمرهم بشأن حجم الخطر الحقيقي الذي تمثله البكتريا المقاومة للمضادات الحيوية على الصحة العامة ولا يعرفون كيفية الحد من تلك المخاطر، كما حذرت المنظمة الأممية مرارا من أن العالم يتجه إلى "عصر ما بعد المضادات الحيوية" حيث سيتعذر القضاء على بعض الأمراض باستخدام الأدوية الحديثة المتاحة حاليا، ودعت المنظمة في تقرير لها إلى بذل الكثير من الجهد للحد من زيادة مقاومة المضادات الحيوية من جانب مجموعة كبيرة من الأمراض.
إذ لا تملك 75 في المئة من دول العالم أي خطط جاهزة لحماية وتطوير الأدوية المضادة للميكروبات، حسبما تقول منظمة الصحة العالمية، ووصف خبراء الأمر بأنه "وضع مروع"، وتتسم الميكروبات بالقدرة على تطوير مقاومة للأدوية التي نستخدمها لمواجهتها، وإذا أصبحت الأدوية غير فعالة، ستصبح بعض الأمراض الشائعة، كالسل، قاتلة مرة أخرى.
وتعتمد العمليات الجراحية وعلاج السرطان بصورة أساسية على الأدوية لإبقاء المرضى على قيد الحياة، ورغم التركيز الكبير بالمضادات الحيوية، توجد تحذيرات حول مقاومة مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) للأدوية المضادة للفيروسات والملاريا التي أصبحت لا تستجيب لوسائل العلاج الأخيرة.
وتقول منظمة الصحة العالمية إنه وعلى الرغم من ذلك فإن عددا قليلا من الدول لديها خطط لحفظ المضادات الحيوية وغالبيتها في مناطق غنية من العالم مثل أوروبا وأمريكا الشمالية حيث توجد أنظمة صحية أكثر تنظيما وتمويلا وقدرات علمية أكثر تطورا.
وعليه فعلى الرغم من ان الاطباء والخبراء لم يكفوا عن التحذير من الآثار الجانبية للإسراف في استخدام المضادات الحيوية، والتي ربطت دراسة حديثة بين تعاطيها خلال مرحلة الطفولة وبين خطورة التعرض للمزيد من الامراض، لكن الأسباب مازالت محل تكهنات الأطباء.
المرضى يحتاجون إلى "الراحة وليس إلى مضادات حيوية"
قال مسؤولون طبيون في بريطانيا إن مزيدا من المرضى نصحوا بضرورة العودة إلى منازلهم والخلود إلى الراحة بدلا من إعطائهم مضادات حيوية.
وأضافوا أن خُمس الوصفات المتعلقة بالمضادات الحيوية غير ضرورية لأن الكثير من الأمراض تُشفى من تلقاء نفسها، ومضوا قائلين إن المرضى "لهم دور يتوجب أن يضطلعوا به" في وقف زيادة وتيرة الإصابة بالعدوى.
وتشير التقديرات إلى أن: 5000 شخص يموتون في إنجلترا سنويا نتيجة للإصابات الناجمة عن مقاومة الأدوية؛ أربع من عشر حالات تعاني من العدوى القولونية الآن، ولا يمكن علاجها من خلال المضادات الحيوية؛ هناك توقعات بأن تؤدي الالتهابات في مختلف أنحاء العالم بحلول عام 2050 إلى قتل مزيد من الناس مقارنة بالموت نتيجة الإصابة بالسرطان الآن.
ويعد تناول المضادات الحيوية أمرا ضروريا في علاج تلوث الدم، والتهاب الرئة، والتهاب السحايا الجرثومي، والتهابات خطيرة أخرى.
لكن المسؤولين الطبيين يقولون إن المضادات الحيوية غير ضرورية لعلاج جميع الأمراض، ويرى المسؤولون الطبيون أن السعال أو الالتهاب الرئوي يمكن أن يستمر نحو ثلاثة أسابيع حتى يشفى المريض من تلقاء نفسه، لكن المضادات الحيوية يمكن أن تساعد في تسريع العلاج بيوم أو يومين لا أكثر.
وقال البروفسيور بول كوسفورد، المدير الطبي لقسم الصحة العامة في إنجلترا "لا نحتاج إلى المضادات الحيوية لعلاج الأمراض الشائعة"، وأضاف قائلا "أغلبيتنا يصابون بالتهابات من حين لآخر، وبالتالي يتماثلون للشفاء بسبب نظام المناعة الذي يتمتعون به"، ومضى قائلا إن المرضى لا ينبغي أن يذهبوا إلى الطبيب "وهم يتوقعون إعطائهم مضادات حيوية"، ومن ثم، فإن النصيحة المناسبة في حالة إصابة أجسامنا بالتهابات يمكن تحملها:
الخلود للراحة بشكل كبير
استخدام مسكنات الألم مثل الباراسيتامول
تناول الكثير من السوائل
وأوضح البروفسيور كوسفورد: "سيكون الطبيب قادرا على تحديد متى يكون أخذ المضادات الحيوية ضروريا بالفعل"، وأضاف "الحقيقة أنك إذا أخذت مضادا حيويا عندما لا تحتاج إليه، فإنك قد تطور التهابا لا تنفع معه المضادات الحيوية خلال الشهور المقبلة".
وتتسم الجراثيم بشدة الخبث، إذ عندما تبدأ في مهاجمتك ويأخذ المريض مضادات حيوية لعلاجها، فإنها لا تعدم الفرصة للتكاثر في جسمك علما بأن أشخاصا لقوا حتفهم بسبب إصابتهم بفيروسات قاومت المضادات الحيوية، وحذرت كبيرة المسؤولين الطبيين في إنجلترا، البروفيسورة، سالي دايفيس، من "النهاية المحتومة بعد أخذ المضادات الحيوية"، وإذا لم تنفع الأدوية في علاج الإلتهابات، فإنها تصبح أشد في مقاومة العلاج وبالتالي، فإن الإجراءات الطبية مثل العمليات القيصرية وعلاج السرطان يمكن أن تصبح خطيرة جدا.
بدائل طبيعية للمضادات الحيوية
تستخدم المضادات الحيوية للوقاية من بعض الأمراض وعلاجها. وللمضادات الحيوية بدائل طبيعية توجد في بعض الأغذية، إلا أن تناولها بشكل متكرر يفقدها فعاليتها ويجعلها مصدر خطر على صحتنا.
تعرف المضادات الحيوية بأنها أدوية تستخلص من البكتيريا. وبالرغم من استخدامها للوقاية من الأمراض وعلاجها، إلا أن المضادات الحيوية سلاح ذو حدين، فتناولها بشكل متكرر يفقدها فعاليتها ويجعل الجسم يرفضها.
وللمضادات الحيوية بدائل طبيعية نجدها في بعض الأغذية كالثوم مثلاً، إذ يمنع الثوم تكاثر البكتيريا وذلك بفضل الكبريت ومادة الأليسين، التي يظهر تأثيرها عند تقطيع الثوم وهرسه، إلا أن مادة الأليسين تفقد مفعولها لدى تسخين الثوم.
ويعتبر زيت الخردل من البدائل الطبيعية للمضادات الحيوية. ويوجد هذا الزيت العطري النفاذ في الفجل ونبات أبو خنجر والخردل. ويمنع زيت الخردل نمو البكتيريا في الجهاز التنفسي والأمعاء وهو مفيد جداً في حالات العدوى الالتهابية.
والعسل أيضاً من البدائل الطبيعية للمضادات الحيوية، إذ يفرغ النحل إنزيمات في العسل لإبقائه خالياً من الجراثيم، وبذلك تنشأ مادة بيروكسيد الهيدروجين، التي لها خصائص مضادة للجراثيم. إضافة إلى مادة الميثيل غليوكسال، وهو مركب سكري يكافح البكتيريا بفعالية ويوجد بكثافة في عسل مانوكا النيوزلندي.
بكتيريا مفترسة كمضاد حيوي!
كشفت دراسة أميركية عن وجود نوع من البكتيريا المفترسة تتميز بسرعة حركتها الكبيرة، التي قد يستخدم مستقبلاً كمضاد حيوي للقضاء على أنواع معينة من البكتيريا الممرضة، ولتنقية المياه. بحسب وكالة الانباء الألمانية.
ربما أصبح من الممكن في المستقبل استخدام هذه البكتريا الصيادة كنوع من المضادات الحيوية الحية. حيث قال باحثون من أمريكا إن هذه البكتيريا التي تسبح بسرعة كبيرة، تستفيد عند صيد فرائسها من قوى التدفق الناجمة عن حركتها وحركة فرائسها. وأوضح الباحثون في دراستهم التي نشرت في مجلة "بايو فيزيكال جورنال"، أن هذه الحركة السريعة للبكتيريا تجعلها قادرة على الوصول إلى مناطق ذات كثافة بكتيرية مرتفعة مما يزيد من فرصها الهجومية.
فحص الباحثون تحت إشراف ستيف بريس من جامعة ولاية أريزونا الأمريكية، بمدينة تِمبْ بكتيريا الأعلوقة المتطفلة والتي تستطيع السباحة بسرعة كبيرة جداً بفضل حركتها الخيطية الدائرية. وبمجرد وصول هذه البكتريا إلى فريستها البكتيرية، تعلق بجدارها الخلوي وتتغلغل إلى داخلها ثم تلتهم أحشاء ضحيتها، بل تتكاثر داخل هذه الأحشاء. وبعد أن تنفجر خلية العائل جراء تكاثر الخلية المفترسة داخلها، يخرج نسل هذه الخلية المفترسة، ويواصل البحث عن فرائس جديدة.
ورغم اكتشاف بكتيريا الأعلوقة قبل أكثر من 50 عاماً، إلا أن الباحثين لا يعرفون الكثير عن كيفية عثورها على فريستها حسبما أوضح بريس، مضيفاً أنه من غير الواضح على سبيل المثال ما إذا كانت هذه البكتريا تعثر على فريستها من خلال تعقب أثرها الكيميائي، أو تصطدم بها صدفة من خلال البحث المتواصل والعشوائي.
وأكد الباحثون أن معرفة كيفية عثور هذه البكتريا على فريستها يمثل الخطوة الأولى في طريق استخدامها بشكل هادف كمضاد حيوي لصيد بكتيريا مُمْرِضة بعينها. كما أوضحوا إمكانية استخدام هذه البكتريا مستقبلاً في تنقية المياه. وأشاروا إلى أن من بين فرائس هذه البكتيريا المفترسة، بكتيريا معوية مثل الإشريكية القولونية، التي يمكن أن تصيب الإنسان بعدوى شديدة فضلا عن أن هذه البكتريا لا تهاجم خلايا الحيوانات الثدية.
ورسم الباحثون حركة بكتيريا الأعلوقة المفترسة وحركة بكتريا الإشريكية القولونية في سائل باستخدام ميكروسكوب بالغ الدقة، وسجلوا ذلك من خلال مقاطع فيديو. إذ وجدوا أن بكتيريا الأعلوقة تتسبب من خلال حركة سباحتها السريعة في حدوث تيارات تركزها في نطاقات بعينها مما يزيد بشكل واضح من احتمال التقائها بضحيتها من البكتيريا. وقال الباحثون إن تحليلاتهم ونماذجهم الحسابية أظهرت أن المواد الكيماوية لا تلعب على الأرجح دوراً في تقفي أثر الفريسة.
اكتشاف مضاد حيوي داخل الأنف البشري
نشرت مجلة نيتشر عن مضاد حيوي جديد يمكن أن يشكل حماية للبشر لفعاليته الكبيرة، والمضاد الحيوي الذي تنتجه بكتيريا في الأنف قد يشكل وسيلة للتغلب على عدم استجابة بعض الجراثيم العنقودية للمضادات الحيوية العادية.
اكتشف علماء في ألمانيا بكتيريا مخبأة في الأنف تنتج مضادا حيويا يمكن أن يقتل العديد من مسببات الأمراض الخطيرة بما في ذلك البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية. وقال الباحثون إن هذه النتيجة التي نشرت في دورية (نيتشر) قد تؤدي في يوم ما إلى ظهور فئة جديدة كاملة من العقاقير لمكافحة الأمراض البكتيرية المقاومة للعقاقير.
وقال أندريس بيشيل كبير الباحثين وهو من جامعة توبنغن للصحفيين عبر الهاتف إن التجويف الأنفي غني بنظام بيئي يحوى 50 أو نحو ذلك من أنواع البكتيريا المختلفة. وقال إن هذا "هو السبب في إمعاننا النظر في هذا الجزء بالذات من الجسم. وقد أدى بنا إلى بعض النتائج غير المتوقعة والمثيرة التي ربما تكون مفيدة جدا في البحث عن مفاهيم جديدة لتطوير المضادات الحيوية".
ونشرت مجلة "نيتشر" أن النتائج المعملية أثبتت أن المادة التي تحمل اسم "لوجدونين" تقتل سلالات من البكتيريا تتمتع بمقاومة تجاه مضادات حيوية أخرى. وأضافوا أنه يتم إفراز هذه المادة عن طريق بكتيريا المكورات العنقودية "ستافيلوكوكس لوجدونينسيس" الموجودة في الأنف بشكل طبيعي لدى بعض البشر. ويبحث العلماء منذ أعوام كثيرة عن وسيلة لمكافحة الجراثيم التي لا يمكن أن تضرها المضادات الحيوية المعتادة لأنها تتمتع بمقاومة تجاهها. جدير بالذكر أنه يندرج ضمن مسببات الأمراض نوعية بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين "ستافيلوكوكس أوريس" التي يزداد الخوف من الإصابة بها داخل المستشفيات بصفة خاصة.
وحتى الآن تُعزل معظم المضادات الحيوية عن البكتيريا التي تعيش في التربة أو البكتيريا البيئية الأخرى ولكن الباحثين قالوا إن هذا الاكتشاف يسلط الضوء على قيمة الميكروبات البشرية كمصدر جديد محتمل.
وقال بيشيل "الجسم البشري به كثير من المواضع البيئية المختلفة. "ربما يكون هذا المكان المناسب للبحث عن مضادات حيوية بشرية جديدة." وشدد بيشيل على أن البحث في مرحلة مبكرة جدا وأن الفريق سيحتاج لسنوات عمل كثيرة وإن الوضع المثالي سيكون التعاون مع شركة للمنتجات الدوائية قبل إمكان تطوير واختبار مضاد حيوي جديد في تجارب سريرية.
المضادات الحيوية في الصغر تسبب السمنة في الكبر
لا يكف الخبراء عن التحذير من الآثار الجانبية للإسراف في استخدام المضادات الحيوية، والتي ربطت دراسة حديثة بين تعاطيها خلال مرحلة الطفولة وبين خطورة التعرض للسمنة مع التقدم في العمر، لكن الأسباب مازالت محل تكهنات الأطباء.
كشفت دراسة حديثة عن آثار جانبية جديدة لتناول الأطفال للمضادات الحيوية، إذ أن تعاطي هذه الأدوية في مرحلة مبكرة من عمر الطفل يؤثر عليه في مراحل متقدمة من العمر ويؤدي لزيادة الوزن بعد ذلك، حسب نتائج هذه الدراسة. وفحص الباحثون البيانات الصحية الخاصة بنحو 164 ألف طفل ومراهق تقريبا في المرحلة العمرية من ثلاث سنوات وحتى 18 عاما. وشملت البيانات عدد مرات تناول الأطفال للمضادات الحيوية وطول ووزن الجسم. وأظهرت النتائج أن الأطباء وصفوا المضادات الحيوية أكثر من مرة لواحد من كل خمسة أطفال ممن شملتهم الدراسة، التي نشرتها دورية " International Journal of Obesity" العلمية، وسبق ورجحت دراسات سابقة وجود علاقة بين السمنة وتناول المضادات الحيوية خلال فترة الطفولة، بيد أن البيانات التي استندت عليها هذه الدراسات كانت تعتمد في الأساس على ذاكرة الأمهات. لكن الدراسة الحديثة تعد أكثر ثقة إذ تعتمد على بيانات مسجلة من الدفاتر الصحية الخاصة بالأطفال.
ومن المعروف أن المضادات الحيوية تزيد من وزن الماشية، لذا فإن فكرة خلط أغذية الماشية ببعض المضادات الحيوية، مسألة معروفة لدى بعض تجار الماشية.
تأثيرات على صحة الجنين؟
ووفقا للقائمين على الدراسة، فإن تناول المضادات الحيوية خلال الطفولة يؤثر على الوزن في جميع المراحل العمرية، لكن هذا التأثير يزيد مع التقدم في السن. ولم تكشف الدراسة عن السبب الذي يجعل المضادات الحيوية تؤدي للسمنة، لكن الأطباء رجحوا أن المضادات الحيوية تؤدي لتلف البكتيريا النافعة في جسم الطفل وبالتالي تتسبب في تغييرات في آلية عمل الأمعاء وبالتالي تتغير آلية التعامل مع المواد الغذائية التي تدخل للجسم.
المثير للاهتمام أن دراسة أجريت قبل عدة أشهر في الدنمرك، خلصت إلى أن تعاطي الأم للمضادات الحيوية خلال فترة الحمل، يحدد درجة تعرض الطفل بعد ذلك للسمنة والوزن الزائد، وفقا لتقرير نشره موقع "هايل براكسيس نت" الألماني.
ولا تعني نتائج هذه الدراسات الامتناع التام عن إعطاء الأطفال المضادات الحيوية، والتي تعتبر ضرورية في علاج بعض الأمراض وتحمي الطفل من تأثيراتها الخطيرة بعد ذلك. لكن القائمين على الدراسة حذروا من إعطاء المضادات الحيوية دون ضرورة، لاسيما الآباء والأمهات الذين يلحوا على الطبيب لوصف المضاد الحيوي لعلاج المشكلات غير الخطيرة التي ربما يتعرض لها الطفل كالتهاب الأذن مثلا، ومن الآثار الجانبية أيضا، أن المضاد الحيوي يفقد تأثيره مع استخدامه بشكل زائد عن الحد، إذ أن البكتيريا تبدأ في مقاومته.
متى يحتاج الأطفال للمضادات الحيوية ومتى تضرهم؟
المضادات الحيوية أدوية فعالة ضد الأمراض البكتيرية ولكن ليس ضد الأمراض الفيروسية. لكن استخدامها المستمر والخاطئ يبطل مفعولها. فمتى يجب إعطاؤها للأطفال ومتى ينبغي الانتظار؟ وما الفرق بين المرض البكتيري والفيروسي؟
حين يشعر طفل بالمرض أو يصاب مثلاً بالحمى أو التهاب اللوزتين، يذهب الوالدان به إلى الطبيب، الذي يصف له مضادات حيوية. ويعتقد بعض الآباء والأمهات أن المضادات الحيوية غير ضارة. فهل هذا صحيح؟ ومتى يجب أن يتناول الأطفال مضادات حيوية؟
تشدد الجمعيات الألمانية التخصصية، مثل الجمعية الألمانية لطب الأطفال والأمراض المُعْدِية، على أن الأطفال المرضى يجب ألا يتناولوا المضادات الحيوية إلا عند الضرورة القصوى، مثل أن يكون المرض بكتيرياً وليس فيروسياً. وهذا ينطبق على المرضى البالغين أيضاً، ذلك أن المضادات الحيوية لا تستطيع فعل أي شيء ضد الفيروسات، التي غالباً ما تسبب السعال وسيلان الأنف.
كما يحذر باحثون أمريكيون من أن الإفراط في إعطاء الأطفال في سن النمو المضادات الحيوية يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية، مثل الحساسية والسمنة. ومن المهم جداً أن يتم إجراء الأبحاث عن كثب على مثل هذه الآثار الجانبية على المدى الطويل.
بالتعاون مع صديقه يوهان فيسكوت، أنشأ فريرديش باير في مدينة فوبرتال مصنعا صغيراً لإنتاج الأصباغ، تحول مع مرور الزمن إلى واحد من أكبر مصانع الأدوية في العالم.
المضاد الحيوي فعال ضد المرض البكتيري لا الفيروسي
ومن الممكن إجراء فحص يسمى "سي آر بي" لمعرفة ما إذا كان سبب المرض هو البكتيريا أم الفيروسات. ويقول أطباء أن التفريق مهم بين الفيروس والبكتيريا. فالفيروس قد يكون له تطعيم وقد لا يكون له، أما البكتيريا فليس لها تطعيم غالباً، ولكنْ لها علاج. ومن المهم ألا نخطئ في التفريق بينهما، وعدم إعطاء مضادات حيوية للمريض إلاّ حين يكون المرض بكتيرياً، وذلك لأن الفيروسات لا تستجيب للمضادات الحيوية.
وفي هذا الشأن، يقول الأخصائي الألماني يوهانس ليزه، رئيس قسم الأمراض المُعدية والمناعة في مستشفى الأطفال الجامعي بمدينة فورتسبورغ الألمانية، لموقع "شبيغل" الإلكتروني إن الطفل إذا كان يعاني من التهاب اللوزتين والسعال وسيلان الأنف، فإن هذا دليل على وجود مرض من النوع الفيروسي عادة.
وتكون المضادات الحيوية ضرورية في حالة الالتهاب الرئوي الجرثومي والتهاب سحايا الرأس والتهابات المسالك البولية، وكذلك في بعض حالات التهاب اللوزتين الصديدي. وكثيراً ما تستخدم المضادات الحيوية عند الإصابة بنزلات البرد المصحوبة بأعراض الحمى وفي حالة التهابات الأذن الوسطى والحلق. لكن الاستخدام المستمر والخاطئ للمضادات الحيوية، لدى الإنسان أو الحيوان على حد سواء، يؤدي إلى ازدياد مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، وفق ما يذكر موقع "غيزوندهايتس إنفورماتسيون" الإلكتروني. وقد تفاقمت الحال إلى درجة تنظيم منظمة الصحة العالمية حملة ضد مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية.
الانتظار أفضل خيار أحياناً
أما في حالة التهابات الجهاز التنفسي وبعد أن يبلغ الطفل سناً معينة، ينبغي على الوالدين الانتظار وعدم إعطاء الطفل في البداية مضادات حيوية فوراً، بل مراقبته لمدة 48 ساعة، لأن بمرور هذا الوقت قد يُشفى نحو 80 إلى 90 في المائة من الحالات من تلقاء نفسها، كما يقول الطبيب ليزه. ولكن إذا استمرت الحمى بعد مرور هذه الفترة، يجب على الوالدين عندها الذهاب إلى الطبيب، كي يفحصه ويقرر ضد أو لصالح العلاج بالمضادات الحيوية.
اضف تعليق