q

"صدقوا الأمل لا الدعاية الكاذبة".. هذا التحذير يجب أن يكون مصاحباً لكل خبر ينشر عن جديد أبحاث علاج السرطان، ولكنه لن يكفي وحده، فمن الأهمية بمكان أن يكون لدى كل مهتم خلفية ولو بسيطة عن أنواع هذا الوحش الذي يهدد حياة الملايين حول العالم وإلى أين وصلت الأبحاث لعلاج كل منها، ليتمكن من التفرقة بين الأخبار الصحيحة وضجيج الأكاذيب.

فالعناوين الجيدة صحفياً مُختصرة وجذَّابة، لكنَّ العلم السليم يسير بخطواتٍ منتظمة في قضيةٍ معقدة على مدى فترةٍ طويلة، وكما تصف المُدوِّنة كاي كارتين، التي تعاني حالةً متقدمة من سرطان الجلد، هذه المسألة: "تميل وسائل الإعلام إلى اختيار سطرٍ واحدٍ لعنونة أحد التقارير ونشره، ولكنَّها لا تلفت انتباه المتابعين أو تُسلِّط الضوء على أن الدواء الجديد قد يحمل مجرَّد فائدةً محتملة، أو حقيقة أنَّ فاعلية العديد من هذه الأدوية لم تُثبَت سوى في الاختبارات المعملية أو على الفئران". بحسب هاف بوست عربي.

وتتابع "وفي الكثير جداً من الأحيان لا تُثبت فاعلية هذه الأدوية عند تجربتها على البشر. ومن القسوة بالنسبة للمرضى الحاليين ادعاء هذه الأخبار بعناوين مُضلِّلة"، وفق ما نقلته صحيفة الغارديان البريطانية، الإثنين 14 أغسطس/آب 2017، عن كارتين.

من أفضل طرق التعامل مع السرطان طريقة فرِّق تسُد، إذ إنَّ علاج جميع أنواع السرطان التي تصيب الجزء نفسه من الجسم بالطريقة نفسها لا يُعَدُ جيداً بدرجةٍ كافية، ويجب معالجة كل حالة بالدواء المناسب.

فعلى سبيل المثال، تحتاج بعض أنواع سرطان الثدي إلى بروتينٍ يُسمَّى HER2 لتواصل البقاء، ويمكن معالجتها بدواء هرسبتين. وتعتمد أنواعٌ أخرى من سرطان الثدي على هرمون الإستروجين، ويمكن معالجتها باستخدام أدويةٍ أخرى، مثل دواء تاموكسيفين، لحرمان الخلايا المُصابة من الحصول على هذا الهرمون.

جاستين ألفورد، كبيرة مسؤولي المعلومات العلمية في مؤسسة Cancer Research UK البريطانية لأبحاث السرطان، توضِّح: "مع استمرار العلم في كشف المزيد عن السرطان، بدأنا التفكير فيه بطريقةٍ مختلفة، وكما علمنا أنَّه إذا أصاب وَرَمان الجزءَ نفسه من الجسم، ليس شرطاً أن يتصرفا بالطريقة نفسها. بعض الأورام تكون أكثر عدوانية، وقد تقاوم بعضها أحد الأدوية، ولكنَّها تستجيب لدواءٍ آخر. وقد ساعد فهمنا لهذه السمات الفريدة لأورامٍ مختلفة على إنتاج واحدٍ من أكثر مجالات البحث إثارةً فيما يتعلق بجميع أنواع السرطان: الطب الشخصي".

الطبيب والسرطان

عندما قاربت جلسة الاستشارة على الانتهاء، مال المريض الذي أفحصه إلى الأمام وقال: "إذاً، أيها الطبيب، لم يشرح لي أحد خلال كل ذاك الوقت، كيف سأموت تحديداً؟"، تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية يعرض تجربة طبيب سأله مريض كيف يتسبب السرطان في الموت؟

"إنه في الثمانينات من عمره، وشعره أبيض وتجاعيد وجهه مليئة بالخبرة، وقد رفض أخذ جولة أخرى من العلاج الكيماوي واختار العلاج بالمسكّنات. ولأنه أكاديمي بشدة فهو يتساءل عن جسم الإنسان ويريد تفسيرات وافية".

قلت له: "ماذا سمعت؟". فقال بخفة: "القصص المعتادة"، ولكن القلق كان واضحاً على وجهه، وشعرتُ فجأة بأنني أريد حمايته، قلت له بلطف: "هل تريد أن نتكلم في هذا الأمر اليوم؟"، متسائلاً إذا كان يريد أن تكون زوجته معه.

قال وقد أعجبته مزحته: "كما ترى، يقتلني الفضول لأعرف"، إذا كنت مريضاً بالسرطان أو كان أحد من يهمك أمرهم مصاباً به، فربما وردت تلك الفكرة في ذهنك. السؤال: "كيف يموت الناس بالسرطان؟"، هو الأكثر بحثاً على جوجل، ومع ذلك من النادر أن يسأل المريض طبيبه عن هذا الأمر. وكطبيب فقد الكثير من المرضى وشارك في عدد من المحادثات حول الموت والاحتضار، سأبذل ما في وسعي لأشرح الأمر، ولكن قبل ذلك قد تساعدنا قصة في ذات السياق.

بعض الناس يخافون مما يمكن أن ينكشف لهم إذا سألوا هذا السؤال، وآخرون يريدون أن يعرفوا ولكن أحباءهم يثنونهم عن ذلك، ذات مرة قالت زوجة لزوجها: "عندما تذكر الموت تتوقف عن المحاربة".

وهناك قصة محفورة في عقلي لمريضة شابة، طلبت مني قبل أيام من وفاتها أن أخبرها بالحقيقة لأنها صارت محتارة وعائلتها المتدينة لم تكن تخبرها بشيء. بدأت بإخبارها وأنا أمسك بيدها: "أخشى أنك تحتضرين"، ولكن في تلك اللحظة دخل زوجها غاضباً - وقد سمع ما قلته لها - من أنني أقتل الأمل لديها في وقت حرج. وبينما نظرت له معتذرة، كان هو يصيح بي ويخرجني من الغرفة، ثم بعد ذلك أجبرها على الذهاب للمنزل.

العلاج الكيماوي يفاقم المشكلة

يُمكن لمُصابي السرطان كذلك أن يموتوا جرّاء الإصابة غير المُتحكم بها التي تسحق موارد الجسم المعتادة، فالإصابة بالسرطان تُضعف المناعة والعلاج الكيماوي المُستخدم في الآونة الأخيرة يُضاعف المشكلة عبر تثبيط نخاع العظام. يمكن اعتبار نخاع العظام المصنع الذي يُنتج الخلايا الدموية، ويمكن لوظيفته أن تضعُف جرّاء استخدام العلاج الكيماوي أو أن تتسلل إليه الخلايا السرطانية، كما يمكن للوفاة أن تقع نتيجة إصابة حادة. ويمكن أيضاً لضعف وظائف الكبد الموجود مُسبقاً أو للفشل الكلوي الناتج عن الجفاف أن يُصعّب من اختيار المضاد الحيوي المناسب.

علاج السرطان مخبأ في خزانة حمامك تعرف عليه؟

فَقدت هيلين هيويت كلاً من والدتها وشقيقها الأصغر وطفلها بسبب مرض السرطان، حسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية، وعلى الرغم من تغلبها بنجاحٍ على سرطان الثدي، إلا أنها تُصارع حالياً عدة أورامٍ في رئتيها، وهناك خطرٌ كبيرٌ أنْ تصاب بأنواعٍ أُخرى من الأورامِ السرطانية، بسبب تشوهٍ وراثيٍ في حمضها النووي.

وعلى الرغم من ذلك، تُعَد هيلين رائدةً في انتهاجِ طريقةٍ غير مألوفةٍ لمواجهة هذا الغريم المألوف بشكلٍ زائدٍ عن الحد. حيث تتعاطى هيلين توليفة من الأدوية التجريبية المألوفةِ للغاية للجميع بجانب العلاج الكيميائي التقليدي، والجراحة، والعلاج الإشعاعي، حتى أنّ بعض هذه الأدوية ربما تكون في دولاب حمامك.

أحد هذه الأدوية هو "ميتفورمين" Metformin دواء مرض السكري، والذي ربما يُساعد في تجويع خلايا السرطان المتعطشة للسكر بجانب وظيفته في جعل الخلايا السليمة أكثر حساسية لتأثير هرمون الأنسولين.

كما تم وصف كل من دواء ستاتين Statin الخافض للكوليستيرول والمضاد الحيوي من أجل فائدة إضافية، ألا وهي إخماد الالتهاب الذي يُعد وسيلة تستخدمها الخلايا السرطانية من أجل النمو، وهناك أيضاً العلاج الشائع للدودة الشريطية، ميبيندازول Mebendazole الذي قد يثبط نمو الأوعية الدموية في الأورام السرطانية.

سَعت هيلين وراء هذه الأدوية بعد أن اكتشفت ظهور جذورٍ لورمٍ سرطانيٍ مباشرةً عقب خضوعها لعمليةٍ جراحيةٍ لإزالة ورم بإحدى رئتيها، وصرحت هيلين، طبيبة أمراض القدم في القطاع الصحي NHS والمقيمة في ولفرهامبتون Wolverhampton "بأن تجربة شيء من شأنه إضعاف الأورام دون أن يكون له تأثير كبير عليّ من ناحية الأعراض الجانبية بدا شيئاً منطقياً"، وعلى الرغم من أن الحكم لم يَصدر بعد فيما إذا كانت هذه الأدوية تحدث فارقاً، إلا أن هذه الأدوية ليست الوحيدة التي تخضع لإعادة تقييم شامل من بين الأدوية المألوفة في خزانة الأدوية، بدءاً بالأسبرين Aspirin ومروراً بمُضادات الحموضة Antacids، ومُثبطات بيتا Beta Blockers وانتهاءً بالمسكنات ومضادات الالتهاب إبوبروفين Ibuprofen، حيث أضحت كلها تحت البحث باعتبارها مضادات محتملة للسرطان. بحسب هافينغتون بوست عربي.

وبخلاف وسائل العلاج القديمة التي تستهدف وتدمر الخلايا السرطانية المنقسمة بشكل مباشر، يبدو أنّ العديد من هذه الأدوية المعاد تطويعها، تستهدف الخلايا السليمة، التي تتعاون مع الخلايا السرطانية وتدعم نموها بحسب تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية.

عقار جديد يعالج أشرس أنواع السرطان

كشفت دراسة جديدة عن عقار مناعي جديد أدى إلى ضمور أورام سرطان هودجكن (أو لمفوما هودجكن، وهو أشرس أنواع سرطان الدم) لدى 66% من المرضى.

تقرير نشرته صحيفة The Independent البريطانية ذكر أن العقار المناعي اسمه نيفولوماب Nivolumab، وقد أبهر الباحثين بنتائجه التي قلصت أورام ثلثي المرضى الخاضعين للدراسة الحديثة بصورة ملحوظة، حيث أسهم العقار في خلوّهم من أعراضهم السرطانية لما يقرب من 8 أشهر.

يقول د. غراهام كولينز، المستشار في أمراض الدم في أمانة مؤسسة مستشفيات جامعة أكسفورد، وهو أيضاً عضو في فريق البحث: "في كل عام يشخّص 2000 شخص في المملكة المتحدة بمرض لمفوما هودجكن، وللأسف فإن أغلبهم هم ممن في العشرينات والثلاثينات من العمر".

ويتابع الطبيب الباحث القول إن استفحال السرطان وتطوره في مريض ما رغم وجود العلاج أمرٌ يجعل ما باليد حيلة لعلاجه ومداواته، "لكن لأول مرة ضمن تلك الفئة من المرضى شهدنا علاجاً مناعياً يقلل بشكل ملحوظ من وطأة السرطان عند أغلب المرضى. إن نيفولوماب يمنحنا أملاً حقيقياً في الشفاء من المرض، والأمل الآن منعقدٌ على ترجمة ذلك فعلياً بإنقاذ حياة المرضى وأعمارهم أكثر مما كان ممكناً من ذي قبل".

ونيفولوماب عقارٌ من جيل جديد من العقاقير "الذكية" التي تحول دون الخلايا السرطانية وحماية نفسها من نظام مناعة الجسم، وقد أثبت العقار فاعليته أمام الميلانوما التي هي من أخطر أنواع سرطان الجلد، كما ربح معركته أيضاً أمام أحد أنواع سرطان الرئة.

والآن تأتي هذه الدراسة لتكشف عن فاعلية نيفولوماب أمام داء هودجكن لدى المرضى الذين لم يسجل لهم تجاوبٌ مع غيره من العلاجات، وكان 80 مريضاً تتراوح أعمارهم بين 18 - 72 قد خضعوا لاختبارات وتجارب المرحلة الثانية من هذه الدراسة.

ومرض هودجكن ينشأ في النظام اللمفاوي في الجسم، ويصيب خلايا الدم المناعية المعروفة باسم خلايا "ب" اللمفاوية، في عام 2013 أصيب 1954 شخصاً في بريطانيا بهذا المرض، وكان معظم المصابين من الشباب اليافعين في العشرينات، فضلاً عن كبار فوق الـ70، نتائج التجربة كشفها فريق البحث في الاجتماع السنوي لرابطة أطباء الدم الأوروبية الذي عقد بكوبنهاغن بالدنمارك، وعما قريب ستنشر النتائج في مجلة "لانسيت" للأورام وأمراض السرطان The Lancet Oncology.

وقال جوناثان بيرس، المدير التنفيذي في رابطة أمراض اللمفوما: "من المهم تطوير أنواع جديدة مبتكرة من العلاجات وجعلها في متناول أيدي مرضى اللمفوما. نريد لجميع المصابين بمرض اللمفوما تلقي أفضل أنواع العلاج والعناية، وكلما زادت الخيارات المتوافرة أمامنا لتحسين نتائج المرضى وظروف حياتهم، كلما كان ذلك أفضل".

نهاية السرطان

قدم باحثون ألمان طريقة جديدة لمهاجمة خلايا السرطان تدعى "حصان طروادة"، وهي تحاكي هجوم الفيروسات على الجسم، فينتج الجهاز المناعي أجساماً مضادة تهاجم خلايا الأورام، تم تجربة تلك الطريقة على ثلاثة أشخاص فقط حتى الآن، وهي تعتبر أحدث ما توصل إليه علم العلاج المناعي، الذي يهدف إلى تنشيط مناعة الجسد لمحاربة المرض، وفق تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، الخميس 2 يونيو/حزيران 2016.

ويُصنع "حصان طروادة" في المعمل، وهو يتكون من جسيمات نانوية تحتوي على الحمض النووي الريبوزي للسرطان، وهو نوع من الشفرة الجينية، مغلف داخل غشاء من الأحماض الدهنية. هافينغتون بوست عربي.

تحقن الجسيمات في جسد المريض فتحدث تأثيراً مشابه لهجوم فيروسي عليه، ثم تخترق خلايا مناعية متخصصة. تلك الخلايا المتغصنة تفك شفرة الحمض النووي الريبوزي الموجود في الجسيمات النانوية، مما يتسبب في إطلاق مضادات السرطان، تنشط مضادات الخلايا التائية المقاومة للسرطان محفزة بذلك الجسم لمهاجمة الأورام.

بعد تجربة العلاج على الفئران، تمت تجربته على ثلاثة أشخاص مصابين بسرطان الجلد بجرعات منخفضة، كخطوة أولى في عملية طويلة ومتأنية لتجربة العلاج على البشر، وقال فريق الباحثين إن الثلاثة الذين تم تجربة العلاج عليهم تولدت لديهم استجابة مناعية قوية.

علاج كافة أنواع السرطان

وأضاف الباحثون أن نجاح التجارب المقبلة قد يمهد الطريق لعلاج كافة أنواع السرطان، يسمى العلاج الجديد "لقاح الحمض النووي الريبوزي" (RNA vaccine) وهو يعمل بنفس طريقة اللقاح الوقائي، عن طريق محاكاة عاملٍ معدٍ وتدريب الجسد للتصدي له.

وكتب يولاندا دي فريس، وكارل فيجدور، الخبيران بالمركز الطبي بجامعة رادبود في نيجامجن بهولاندا، "من المثير للإعجاب أن مرضى السرطان الثلاث تولد لديهم استجابة مناعية". وذلك في تعليق لهما نشرته مجلة Nature. ولكنهما أكدا على أنه من الضروري إجراء المزيد من التجارب على مستوى أوسع للتأكد من نتائج تلك الأبحاث.

اضف تعليق