من المؤكد أن كل ما يخرج الى الكون سيدخل ضمن دوامة الطبيعة، وينتقل من مكان إلى آخر، يدور ويدور الى ان يعود مرة أخرى إلى صاحبه، لذلك عندما تصفع أحدهم بكلماتك أو بأعمالك تأكد بأنك سوف تشعر بحرارة صفعتك على وجنتيك بعد أيام.
الحياة لغز ونحن ندوس بأرجلنا على عاتقها خوفا كي نقضي عليها، أو نجلس جنبها بهدوء كي لا تقضي علينا، ولكن الأمر بسيط إلى أبعد الحدود، فيما لو أننا نعرف بأن هنالك ربّا رحيما يربط بنا كل صغيرة وكبيرة، كي نتيقن أكثر وندقق في أعمالنا وأقوالنا وحتى أفكارنا.
لذلك ورد في الآية الكريمة: مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ*-1-.
لكل فعل رد فعل، وكما تدين تدان، وما نرسله إلى الكون قد يكون على شكل أفعال أو سلوكيات أو أفكار ونوايا تؤثر في الحقل المعلوماتي للإنسان، ومن ثم ينسحب هذا التأثير على الحقل الفيسيولوجي، الله تعالى وضع هذه القوانين التي تحفظ للإنسان توازنه مع الطبيعة.
من الأمور المهمة أن ندرك أفعالنا، تجاه الآخرين ليس في حقهم فحسب بل الرابح الأول والأخير، ونحن في بعض الأحيان نكون الخاسر الأول والأخير !فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ *-2-.
إذا أدركنا هذه القاعدة وحفظناها في حياتنا، سيكون مصيرنا ضمان الدنيا قبل الآخرة، لأن الشخص الذي يعلم بأن خيره سيعود إليه، لا يتخبط في مسيرته، ولا ينزعج من عدم اهتمام الآخرين به، بل يجعل عمله خالصاً لوجه الله وعندما يكون الله مقابلك في المعاملة التي تخوضها، عليك أن تتأكد بأنه يعطيك حتى ترضى ويمنحك على قدر لطفه وكرمه، وعندما تكف الأذى عن الآخرين سيحفظك ربك بعينه التي لا تنام، فالأمر يعود إليك، هل ستنتظر الخير من الذي فعلت الخير لأجله، أم تستودع خيراتك عند الذي لا تضيع عنده الودائع؟.
جميلة تلك الكلمات والمعاني التي خطها يراع الشاعر الكبير الفرزدق عندما قال:
وإِذا افتقرتَ إِلى الذخائرِ لم تجدْ . . . . ذخراً يكونُ كصالحِ الأعمالِ
فكما تعطي بلا مقابل، سترزق بلا توقع، وتأكد بأنك عندما تعمل بصوت هادئ، سيتكلم عنك عملك غدا بصوت مرتفع، فاحذر عند اختيار خطواتك، وفي أي طريق تسير؟ أتمضي في طريق الخير أم الشر؟.
قال النبي (ص): (من يزرع خيرا يوشك أن يحصد خيرا).
وقال الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع): (عليكم بأعمال الخير فتبادروها، ولا يكن غيركم أحق بها منكم). وقال عليه السلام: " قُولُوا الْخَيْرَ تُعْرَفُوا بِه واعْمَلُوا الْخَيْرَ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِه*-3-.
أمثال وأقوال ونظريات عن الأعمال وصداها
- (كما تدين تدان) مثل شعبي.
- (الدنيا دوارة) مثل شعبي.
- (لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه) قانون الحركة: نيوتن.
تأثير الفراشة
أثر الفراشة هو الاسم العام لنظرية الشواش أو نظرية الفوضى أو (Butterfly effect) والتي وضعها العالم إدوارد لورينتز عالم الرياضيات والأرصاد الجوية عام1963، وهي تقول: «بأن رفَّة جناحِ الفَراشَةِ في مَكْانٍ مَا قَد تُسَبِّبُ إِعْصاراً في مَكانٍ آخَرَ مِنْ الأَرْضِ بَعْدَ عِدَّةِ سِنْين». أما أثر كارما الفراشة فهي بالمقابل تتحدث عن الآثار الأخلاقية، لكنها أيضاً تتوافق مع ما سبق ذكره قبل قليل، فالأثر لابد قادم، حسب المؤثِّر الذي تسبَّب به.
قانون السبب والنتيجة
لأي حدث فعلي أو فكري سيكون صدى يرتد بنفس القوة، هذا القانون هو اسم لمبادئ كونية ترمز إلى العدل الإلهي، والجدير بالذكر إن أكثر الناس يعرفون هذا القانون من خلال كتبهم السماوية أو عقائدهم أو ما ترك لهم آباؤهم، وعُرف مؤخرا تحت عنوان قانون الكارما، وهي كلمة من أصل سنسكريتي والسنسكريتية من اللغات القديمة في الأزمنة الغابرة، مثلها مثل السريانية واللاتينية والآرامية القديمة التي تكلم بها المسيح عليه السلام وجميع الأنبياء، والكارما في معناها عند الهنود الشرقيين عبارة عن قانون أخلاقي نابض في النفوس والضمائر ولم يضعه أحد، ولا يعدله أحد، وعند البعض هو فلسفة فكرية.
ما هي الـ كارما؟
وتعني العمل أو الفعل، وهي مفهوم أخلاقي في المعتقدات الهندوسية والبوذية واليانية والسيخية والطاوية. ويشير إلى مبدأ السببية حيث النوايا والأفعال الفردية تؤثر على مستقبل الفرد، مثل حسن النية وعمل الخير حيث يسهم في إيجاد الكارما الجيدة والسعادة في المستقبل، أما النية السيئة والفعل السيئ فيسهم في إيجاد الكارما السيئة والمعاناة في المستقبل، وترتبط الكارما مع فكرة الولادة الجديدة في الديانات الهندية.
يُطلَق لفظ كارما على الأفعال التي يقوم بها الكائن الحي، والعواقب الأخلاقية الناتجة عنها. إن أي عملٍ، خيِّرا كان أو شّرا، وأي كان مصدره، فعل، قول أو مجرد فكرة، لا بد أن تترتب عنه عواقب، ما دام قد نَتَج عن وعي وإدراك مسبق، وتأخذ هذه العواقب شكل ثمارٍ تنمو، وبمجرد أن تنضج تسقط على صاحبها، فيكون جزاؤه إما الثواب أو العِقاب، وقد تطول أو تقصر المدة التي تتطلبها عملية نضوج الثمار (أو عواقب الأعمال)، فالكارما هي قانون الثواب والعقاب المزروع في باطن الإنسان.
الحب الذاتي يؤثر في الكون
كل أعمالك وأقوالك وحتى نواياك ستعود إليك في يوم ما، فكما تدين تدان، إن فتحت نافذة الخير لغيرك ستفتح لك نافذة الخير بلا شك، وإن أحبطتَ أحدا سوف تُحبَط، وإن أزلت هم أحدهم سيُزال همك في يوم ما، ربما ليس الآن ولكن تيقن بأن أعمالك على قيد الانتظار.
اضف تعليق