كلما تطورت الحياة وتعددت وسائل الاتصال بين الشعوب والامم ازدادت الحاجة الى المعايير والقيم الاخلاقية ليست في المجتمعات الشرقية فحسب بل للعالم اجمع, وقد قال رسول الرحمة والانسانية محمد بن عبد الله (ص): (انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق) وهذا الحديث الشريف يؤكد على اهمية الاخلاق التي بواسطتها يمكن ضمان وجود حياة وعلاقات اجتماعية سليمة تمنح العيش بسلام وامان للمجتمعات .ويعد تقدم وسائل الاتصال التي جعلت العالم كقرية واحدة احد الاسباب المهمة التي تدعو حكومات الدول الاسلامية والمؤسسات التربوية والمربين والمهتمين بالتنشئة الاجتماعية الى ايجاد وسائل وبرامج تساهم في غرس كل القيم الانسانية والأخلاقية في نفوس الاجيال كي تتمكن من المحافظة على ارثها الاخلاقي والديني وانتقال العادات والتقاليد والسلوكيات السليمة التي لاتمت للجهل بصلة من جيل الى جيل ,وحتى لاتتاثر شعوبنا المسلمة بانحراف الشعوب الاخرى عن مسار الفهم الصحيح للتطور والتقدم والذي بات يمثل للبعض ان ذلك لم يتحقق او لم يفهم فهما صحيح مالم يرافقه التخلي عن الاخلاق والقيم الاخلاقية التي اوصت بها كل الاديان السماوية والتي امرنا الله سبحانه وتعالى بالالتزام بها .
ان بناء المجتمعات بناءا سليما لايتم من دون ان تملك مؤسسات تربوية متطورة ومستقلة وغير متاثرة باي قيود او تاثيرات سياسية او طائفية او اثنية ,كما لايتم بناء اجيال واعية ومثقفة ومن دون ان يكون هناك معلم واعي مؤمن بقضيته ومهنته ,واذا استطاعت الامم ان تنشيء مثل هكذا مؤسسات تربوية ورسل علم وفضيلة فانها سوف تساهم في تاسيس منظومة تربوية تفهم ان النظم والقيم والمعايير لاتتاصل بمجرد الاعلانات والقاء الخطب والمواغظ من حين الى اخر في قاعات مغلقة من الجانب الشكلي ومن جانب الشخوص العاملة بجهل تحت سقفها ,فالقيم والاخلاق تتاصل عن طريق التنشئة والتربية عبر المراحل التعليمية, اي عن طريق تكوين القناعات العقلية والعلمية, ومن ثم دفعهم الى ممارستها عمليا وبقناعة في حياتهم الاجتماعية في ضوء المعايير والقيم العامة.
لقد كانت المفاهيم والدعوات للالتزام بالمعايير والقيم الأخلاقية الإنسانية العامة ربما لغرض ايجاد بيئة امنة لحماية العالم من مخاطر الحروب والتقدم العلمي الذي يهدد امن وسلامة الشعوب لما له اثر في تصنيع الاسلحة التي تقتل الانسان شرقتلة واغلبها من دون اهداف وغايات عليا, اما اليوم فالدعوة الى التمسك بمعايير الاخلاق يعد ضرورة للفرد وعلاقاته الاجتماعية كما ضرورة للعلاقات الدولية لانها تساهم في ضبط السلوكيات من جانب الالتزام وتنفيذ التعهدات والعقود والوعود ,ومن المؤسف ان اكثر الدول التي لاتلتزم بالقيم والمعايير الانسانية والاخلاقية هي امة (لااله الا الله محمد رسول الله)، حيث اصبحت بعض الدول الاسلامية مثالا للاعتداء والغش والتامر والخديعة وكانها امة غريبة عن مكارم الاخلاق والمثل العليا وتلك حقيقة تبينها الاعتداءات التي تقوم بها بعض الدول الاسلامية على جارتها من الدول التي تربطها بها روابط الدين والدم والتاريخ واللغة من التي وقعت تحت طائلة التامر الغربي والصهيوامريكي.
ان من واجبات مؤسساتنا التربوية اليوم بشكل خاص والاعلامية والدينية بشكل عام وفي ظل عراق يعيش حالة من التراجع في كل شيء هي ضرورة ان تلعب دورا اساسيا في تحصين الاجيال وتقوية نفوسهم بكل مكارم الاخلاق التي تحدد وترسم لنا شكل وصورة سلوك الفرد وترشده الى اصلاح النفس ,فاصلاح النفس لايتم من دون وعي الفرد نفسه وايمانه بالأشكال والأ فعال الاخلاقية والتي تعني الصدق والامانة والوفاء والشرف واحترام حرية الاخرين والالتزام بمالايرضاه الدين والعرف ومحبة الاخرين والايثار وهذه وغيرها من القيم الاخلاقية العليا االتي اوصى بها ديننا الاسلامي لانها مهمة في حياة المجتمعات الراقية ,وليكن في اذهان الجميع ان هذه القيم العليا لايمكن ان تنحصر في زاوية التنظير بل يجب ان تكون سلوكيات ظاهرة في تعاملات افراد المجتمع بعضه مع البعض الاخر..
ان المتامل لواقع امتنا الاسلامية اليوم تامل الواعي والمسؤول يدرك تمام الادراك حاجتنا الى الجهاد والاجتهاد في ايجاد الحلول المناسبة لمواجهة ازمة الاخلاق التي نعاني منها وتعاني منها كل الشعوب الاسلامية والعربية منها على وجه التحديد ,الازمة الاخلاقية التي جعلت العالم كله ينظر الى الانسان المسلم على انه شخص لايجيد سوى مهنة القتل والخديعة ,ولايتلذذ الا بطعم الدم ,بل ربما اصبح الكذب والتامر صفة ملازمة لصفات وملامح سلوك ومفاهيم الانسان العربي المسلم ,وتلك احكام لم تات من باطل كلها رغم ان هناك تجني كبير الجوانب في بعض على شعوبنا ولكن كل تلك الاتهامات لم تكن لو لا ان امتنا اعطت صورة للجميع على انها لاتستطيع العيش الا في اجواء الازمات التي جعلت منها امة انشطارية.
ان الحاجة كبيرة اليوم للبحث عن وسائل تعيد للامة الاسلامية كرامتها وعزتها بصورة عامة ,وللشعوب العربية خاصة ,واكثر خصوصية لنا كذلك كشعب عراقي يعيش اليوم مرحلة ازمة حقيقية بكل شيء ,الحاجة ملحة للبحث عن وسائل تعيد ايماننا بديننا وقيمنا الاخلاقية والانسانية ,علينا ان لانعيش لناكل!!، لاننا فوق هذا الفهم للحياة ,علينا ان ننصب تمثالا لفشلنا كي نراه كل يوم لعلنا بذلك نصحو من غفوتنا ومن ذلنا وهواننا ,ولعلنا ندرك بعض ماتبقى لنا من كرامة وعزة وانسانية وعقيدة ووطن وحياة.
اضف تعليق