لما كانت ثورة الإمام الحسين عليه السلام ثورة إصلاح ونهضة ضد الواقع السياسي الفاسد ومنهجا واضحا وصريحا يدرس به كل الأحرار باختلاف أماكنهم وألوانهم ومعتقداتهم ,ولان ا حياء شعائرها من خلال إقامة المجالس الحسينية يعد منطلقا ودروبا لكل الثائرين ضد كل أشكال العبودية ,لذلك عاشوراء شهر حزن واستذكار والهام للأحرار كما انه شهر خوف ورعب للاستبداديين والفاسدين والمارقين والدكتاتوريين من الحكام والساسة في كل بقاع الأرض ,وهذا ما يفسر سياسة الحكام اتجاه الموالين والمحبين للحسين عليه السلام ولكل من يحيي هذه الشعائر ويقيمها في شهر محرم الحرام .
لقد مرت الشعائر الحسينية بمنعطفات خطيرة وكثيرة نتيجة التحديات التي واجهتها ونتيجة لتباين السياسات والاجراءات والمخططات التي اعدت لمواجهة اهدافها ومفاهيمها التي تشكل خطرا حقيقيا على كل الممارسات التي تمارسها الحكومات الظالمة في شتى انحاء العالم ونتيجة للظروف السياسية التي مر بها العراق على وجه التحديد ,فعلى مدى الخمس والثلاثين عاما من حكم الدكتاتور صدام حسين واجه الشيعة والشعائر الحسينية والمنبر الحسيني الكثير من المخاطر ,لا لشيء سوى لأنهم أحبوا إمامهم وعشقوه كما أحبوا الحرية ,ولان صدام ومن تبعه في الرذيلة يخاف من صحوة الشعب ولأنه يعلم علم اليقين أن منهج الحسين هو منهج يهز عروش الظالمين من خلال إحياء الإرادة الحرة للشعوب ,فقد كان صدام يدعي أنه حسيني النسب تارة وتارة يتمثل بيزيد بن معاوية في حقده وكراهيته لأهل البيت عليهم السلام ,ازدواجية مضحكة ومبتذلة لا على مستوى الحاكم فقط بل حتى على مستوى الكثير من أبناء المذهب الشيعي ممن اعتنقوا صدام والبعث فكرا وعقيدة فاسدة ومنهج لكنهم وفي ذات الوقت يلبسون السواد في محرم الحرام وهم سكان حقيقيون في مناطق الشيعة عاشوا القضية الحسينية بكل تفاصيلها ومفرداتها لكنهم ولا أسف عليهم كانوا أداة قمع لكل من يحيي الشعائر الحسينية ويقيمها كونه في المخابرات أو جاسوس مبتذل لسلطة القمع سواء من يقيم الشعائر علنا وبشكل واسع أو سرا وبشكل ضيق حيث منع الشيعة من زيارة الإمام الحسين(ع) بمناسبات مختلفة وإقامة الشعائر في أيام عاشوراء وعلى وجه التحديد في العاشر منه كما منعت المجالس الحسينية التي كانت تقام في بعض البيوتات سرا والتاريخ شاهد للكثير من الجرائم التي ارتكبها نظام البعث المقبور والكثير من المجازر بحق محبي الحسين عليه السلام وما انتفاضة صفر والتي قام بها الزائرون بمواكب السائرون من النجف الأشرف نتيجة منعهم من السير إلى كربلاء في ذكرى الأربعين عام 1977م / 1397 هـ إلا وهي خير شاهد على تخوف السلطات القمعية من تلك الشعائر المباركة ومن يحييها ,كما تعد شاهدة آخر الإعتقالات التي سبقت احتلال العراق وسقوط النظام الدكتاتوري بأيام حيث طالت الكثير من الزائرين الذين تواجدوا لإحياء العاشر من محرم الحرام في كربلاء المقدسة لتكون هذه آخر ممارسة عدوانية يمارسها البعثييون ضد شيعة العراق ومن دون أن نغفل ذكر واقعة قصف قبة الإمام الحسين بالمدفعية اأبان انتفاضة شعبان الأغر عام 1991والمجازر التي ارتكبت بحق أهالي كربلاء الذين قدموا الكثير من الشهداء من اجل أن يبقى صوت الحق مدويا في كل زمان يحكم الشعوب حكام ظلمة وفجار .. لقد استبشر الشعب العراقي خيرا ربما حتى بالاحتلال وخاصة الذين نالهم الكثير من ظلم المقبور صدام وزبانيته وخاصة الشيعة منهم كونهم الطائفة الأكثر تعرضا لأذى واضطهاد الحكم البعثي لذلك وتعبيرا عن الاضطهاد رفع البعض ومن دون قصد شعارات اعتبرها الشركاء في العراق أنها طائفية من دون أن يفهم الجميع انه تعبيرا طبيعي أو ردة فعل آنية وسلوك طارئ لتحرر من بعد ضيق وعبودية وذل لسنوات طويلة . وأنا حين أريد أن أقف على الحقائق لابد لي من طرح عدة أسئلة بهذا الصدد ولأنني أريد أن اعرف حقيقة الساسة وأحزابهم اتجاه قضية مهمة :ترى هل يخاف ساسة الشيعة ورموز الأحزاب السياسية الشيعية من الشعائر الحسينية ؟أم أنهم لا يخافونها ولا يقفون عند إحيائها مهما اتسعت ؟وإذا كانت الحكام في كل بقاع الأرض تخافها لأنها تهدد كراسيهم وسلطانهم كونهم يمثلون الظلم والشعائر الحسينية تمثل الخروج على الظالمين والفاسدين والتحرر من عبوديتهم فلماذا لا يخافها ساسة الشيعة ؟هل لأنهم حكموا البلاد والعباد بشكل ديمقراطي وعادل ؟هل هم مثاليون في حكمهم ونزاهتهم ؟أم أنهم وهذا هو الأهم تيقنوا أن سياستهم التي اتبعوها اتجاه الشيعة أثمرت عن شلل الإرادة وإخضاع الشيعة لسلطة المحسوبية والمنافع الذاتية والبحث عن كل ما يخدم مصالحهم دون النظر إلى طبيعة السياسي ومنهجه الفاسد تجاه الوطن والشعب ؟ وللإجابة على كل تلك الأسئلة وغيرها لابد لنا أن نقيم الأحزاب السياسية والسياسيين من الشيعة كما لابد أن نقيم الشعب والأمة الشيعية على ضوء ما تتعرض المصالح الوطنية من خراب ونهب للثروات وتمزيق للصف الوطني وضياع للقضية الشيعية المغيبة والتي ربما البعض سيصفني اليوم بالطائفي من دون أن يعلم البعض أن القضية الحسينية هي قضية وطن وشعب كامل لان الحسين منهج للجميع وإمام لكل حر أبي ,وبكل الم أقول اليوم خطر السياسيين وأحزابهم كبير ربما لا يقل في خطورته عما كان عليه في زمن الطغاة الذين حكموا العراق على مر السنين والخطورة تكمن أنهم أي ساسة الشيعة ساهموا في تفريق وتمزيق الصف الثوري وغيبوا الحس الثوري والسلوك الثوري الذي كان سمة الشيعة في تصديهم للظلم الشعور بالتحرر الذي يعول عليها في كل زمان للتخلص من الاستبداد وقوى الظلام .
فالانتماءات البعيدة عن الوطن والمواطنة تساهم في تشظي الشعوب وهذا ما حدث فقد تفرق الشعب إلى أحزاب وفرق وتناسى الجميع اسم الوطن والانتماء للوطن . إن الشعائر الحسينية يبدو أنها باتت رهان الساسة في بقاء نفوذهم في الوسط الشيعي الذي لابد أن يصحوا الجميع من نومهم العميق الذي مهدوا له الساسة ولنضع الجميع على طاولة التشريح ,ولنقف عند الحقائق كلها ,فالأحزاب السياسية وقياداتها هم ليس على ذات النهج الحسيني الواضح والمستقيم بل هم أعداء للحسين(ع) والعدل والمساواة ,فالفاسد لا يمكن أن يكون حسينيا والقاتل والحاقد والسارق لأموال الشعب والمتحزب حد الذل والتابعون والخائنون لا يمكن أن يكونوا إلا جزءا من قتلة الحسين (ع) ومن يقول غير ذلك فليفسر لنا الاثنينية في سياسة الساسة فكيف يكون مع الحسين من يسمح للشعائر الحسينية بإقامتها بينما من باب آخر يقتل ويعتقل كل من يخرج عن إرادتهم ويتظاهر عليهم ؟بل كيف لايكون الساسة خطرا على القضية الحسينية وقد تحولت بعض المنابر الى ابواق للاحزاب وساستها من خلال بعض المحسوبين على المنبر الحسيني ,والسؤال للشعب أيضا كيف ترفع شعار هيهات منا الذلة وأنت بين أحضان الساسة مرميا تبحث عن فتات الخبز في فضلات الساسة ؟
إن إحياء الشعائر الحسينية لابد أن تكون نموذجا للخروج على الظالمين والتخلي عن الساسة الفاسدين والحيلولة دون تسنمهم مقاليد أمور الأمة وان كانوا من أبناء المذهب الواحد فشعائرنا حسين وعدالتنا حسين وتحررنا يجب أن يكون حسينيا وإلا فنحن والساسة اشد خطر على نهج الحسين ومنهجه وعلى الشعائر الحسينية نفسها .لذلك لابد من جعل مجالس عاشوراء ومنابر عاشوراء صرخة حق ترعب الساسة من خلال الطرح الواعي والمسؤول وليخافها حتى من يحسب على الصف الشيعي من السياسيين.
اضف تعليق