q
استفاضت النصوص الدينية في التحذير من عقوق الوالدين؛ وأوعدت عليه بأشد العقاب في الآخرة، لما في العقوق من نكران للجميل، ومقابلة الإحسان بالإساءة. فالوالدان بذلا جهوداً كبيرة في تنشئة أولادهم، والعمل على رعايتهم وتربيتهم حتى كبروا، وسعوا بجد واجتهاد من أجل توفير المأكل والمشرب والمسكن لهم، كل...

عقوق الوالدين من كبائر الذنوب وأعظم الآثام؛ وهو أمر يستنكره الشرع والعقل، ويدل على ضعف الإيمان، وقساوة القلب، وموت الضمير، وتبلد المشاعر الإنسانية وتلاشي القيم الأخلاقية.

العقوق هو كل قول أو فعل أو سلوك يؤدي إلى إغضاب الوالدين، أو إدخال الحزن في قلبيهما، أو أذيتهما، أو الإساءة إليهما، أو هجرانهما، أو مقاطعتهما وما أشبه ذلك.

استفاضت النصوص الدينية في التحذير من عقوق الوالدين؛ وأوعدت عليه بأشد العقاب في الآخرة، لما في العقوق من نكران للجميل، ومقابلة الإحسان بالإساءة.

فالوالدان بذلا جهوداً كبيرة في تنشئة أولادهم، والعمل على رعايتهم وتربيتهم حتى كبروا، وسعوا بجد واجتهاد من أجل توفير المأكل والمشرب والمسكن لهم، كل ذلك من أجل إسعادهم، وتوفير مستلزماتهم واحتياجاتهم، والعمل على الارتقاء بهم في مختلف جوانب الحياة؛ فالواجب الأخلاقي والإنساني –فضلاً عن الواجب الديني– يقتضي الإحسان إليهما، والبّر بهما، وخصوصاً في مرحلة الشيخوخة والمرض؛ فمن عقّ والديه فقد ارتكب جرماً شنيعاً وفعلاً محرماً ومعصية كبيرة.

ان أدنى العقوق هو التأفف من قول الوالدين أو عند أمرهما بعمل ما، وإطهار الضجر والتبرم من ذلك، والتثاقل عن تلبية مطالبهما، وقد نهى القرآن الكريم عن العقوق في أدنى صوره كالتأفف فضلاً عن أعلى مراتبه، ودعا إلى الرحمة بهما والشفقة عليهما، كما في قوله تعالى: ﴿فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا﴾.

من أشكال العقوق:

أ‌- التعامل بسوء الخُلُق معهما، ويكون ذلك بعبوس الوجه لهما، أو عدم الرد عند مناداتهما له، أو عدم الإصغاء عند حديثهما، أو مقاطعة كلامهما، أو تكذيب قولهما، أو الاستخفاف بهما، وما أشبه ذلك.

ب‌- عدم زيارتهما بعد الزواج، وإهمالهما، ومقاطعتهما، وعدم السؤال عنهما، وتقديم طاعة الزوجة على طاعتهما، أو الإساءة إليهما إرضاءً لزوجته، أو لميول نفسية مرضية عنده.

ت‌- إدخال الحزن في قلبيهما بأي فعل أو سلوك أو قول يؤدي إلى ذلك، وقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «مَن أحزَنَ والِدَيهِ فَقَد عَقَّهُما».

ث‌- حدة النظر إلى الوالدين، فقد روي عن الإمام الصّادق عليه السلام: «مِن العُقوقِ أن يَنظُرَ الرّجُلُ إلى‏ والِدَيهِ فيُحِدَّ النَّظَرَ إلَيهِما».

ج‌- الإساءة إليهما برفع الصوت عليهما وتوبيخهما، قال تعالى: ﴿وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا﴾ ومعنى القول الكريم في الآية: «إن ضَرَباك فَقُلْ لَهُما: غَفَرَ اللَّهُ لَكُما» كما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام).

ح‌- عدم مراعاة الآداب عند التعامل معهما، أو الاستخفاف بهما واحتقارهما، أو التلفظ عليهما بألفاظ نابية وما أشبه.

خ‌- الغياب الطويل عن زيارتهما، أو هجرانهما نهائياً، والتخلي عنهما خصوصاً عندما يكبران ويصبحان بحاجة للمساعدة والرعاية.

والآثار السيئة المترتبة على العقوق، هي: موجب لدخول النار، وسبب للشقاء والتعاسة، والتعجيل في عقوبة العاق في الدنيا قبل الآخرة، وأن العاق يبتلى بأولاد يعقونه، ورؤية أهوال عظيمة عند سكرات الموت، وغيرها من الآثار السيئة والمساوئ الكبيرة التي تصيب العاق لوالديه.

لذلك لابد من لزوم الإحسان إلى الوالدين، والبّر بهما، تطبيقاً لقوله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ وقوله تعالى: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾.

اضف تعليق