التغير المناخي هو أي تغير مؤثر وطويل المدى في معدل حالة الطقس يحدث لمنطقة معينة بحسب الخبراء، حيث تشهد الأرض تغيرات مناخية منذ سنوات فهي بالفعل مشكلة حقيقية تحدث باستمرار وتفاقمت في الآونة الأخيرة، وتؤثر مخاطرها على الناس وسبل العيش في كل مكان، لان المناخ يعد من الموارد الطبيعية الحيوية لرفاه الإنسان وصحته ورخائه.
ويرى الباحثون إن التغير المناخي يحصل بسبب رفع النشاط البشري لنسب غازات الدفيئة في الغلاف الجوي الذي بات يحبس المزيد من الحرارة، وكذلك التلوث بأنواعه الثلاث البري والجوي والبحري، ومعدل التساقط، وحالة الرياح، وهذه التغيرات يمكن أن تحدث بسبب العمليات الديناميكية للأرض كالبراكين والزلازل، أو بسبب قوى خارجية كالتغير في شدة الأشعة الشمسية أو سقوط النيازك الكبيرة، ومؤخراً بسبب نشاطات الإنسان مثل قطع الغابات وحرق الأشجار مما يؤدي إلى اختلال في التوازن البيئي، بالإضافة إلى الاحترار العالمي فهو يهدد المجتمع بطرق شتى، فزيادة الجفاف وطول أمده يمثل خطراً مباشراً على ملايين البشر، ويؤثر انخفاض المحاصيل الزراعية والأسماك على ملايين أخرى من البشر.
وفي السياق ذاته ذكرت دراسة دولية أن حرق كل احتياطيات الوقود الأحفوري في العالم قد يذيب الغطاء الجليدي للمنطقة القطبية الجنوبية بأكمله ويرفع مستويات مياه البحار في العالم أكثر من 50 مترا خلال آلاف السنين، وذوبان من هذا القبيل والذي سيقضي أيضا على الغطاء الجليدي الأصغر بكثير في جرينلاند هو أسوأ حالات التغير المناخي والتي ستُغرق مدنا تمتد من نيويورك إلى شنغهاي وتغير خرائط العالم مع تغطية المياه لمعظم هولندا أو بنجلادش أو فلوريدا، وقال العلماء في دورية "ساينس أدفانسيس" إن "حرق موارد الوقود الأحفوري التي يمكن الحصول عليها في الوقت الحالي يكفي للقضاء على الغطاء الجليدي(للمنطقة القطبية الجنوبية)".
في حين أطلق الرئيس الأميركي باراك اوباما خطته المنتظرة جدا حول "التهديد الكبير" الذي يشكله التغيير المناخي على العالم، مؤكدا ضرورة التحرك فورا وأعلن عن فرض قيود غير مسبوقة على محطات توليد الكهرباء، وقال اوباما في البيت الأبيض حيث أعلن "الخطة الأميركية من اجل طاقة نظيفة" (اميركا كلين باور بلان) انه "احد التحديات الأساسية" في عصرنا، وتتألف الخطة من سلسلة قواعد وتوجيهات ستفرض للمرة الأولى على محطات توليد الكهرباء ان تخفض بحلول 2030 انبعاثاتها من غاز ثاني اوكسيد الكربون بنسبة 32 بالمئة عما كانت عليه في 2005.
والتغير المناخي يعد من المواضيع الساخنة في السياسة الأميركية وخفض الانبعاثات مسألة سياسية حساسة اذ ان الفحم، وهو احد أكثر مصادر الطاقة تلويثا، لا يزال من أهم القطاعات الصناعية الاميركية، ولكن حتى مع زيادة الطلب على الغاز الطبيعي، تنتشر المئات من منشآت الطاقة العاملة بالفحم في أنحاء الولايات المتحدة وتوفر ما نسبته نحو 37 بالمئة من الكهرباء متقدمة على المحطات العاملة بالغاز الطبيعي والطاقة النووية، وقد رصدت (شبكة النبأ المعلوماتية) بعض الأخبار والدراسات نستعرض أبرزها في التقرير أدناه.
حرق كل الوقود الأحفوري
في السياق ذاته ذكرت دراسة دولية أن حرق كل احتياطيات الوقود الأحفوري في العالم قد يذيب الغطاء الجليدي للمنطقة القطبية الجنوبية بأكمله ويرفع مستويات مياه البحار في العالم أكثر من 50 مترا خلال آلاف السنين، وذوبان من هذا القبيل والذي سيقضي أيضا على الغطاء الجليدي الأصغر بكثير في جرينلاند هو أسوأ حالات التغير المناخي والتي ستُغرق مدنا تمتد من نيويورك إلى شنغهاي وتغير خرائط العالم مع تغطية المياه لمعظم هولندا أو بنجلادش أو فلوريدا، وقال العلماء في دورية "ساينس أدفانسيس" إن "حرق موارد الوقود الأحفوري التي يمكن الحصول عليها في الوقت الحالي يكفي للقضاء على الغطاء الجليدي(للمنطقة القطبية الجنوبية)". بحسب رويترز.
وتحتوى المنطقة القطبية الجنوبية على جليد يعادل ارتفاعا في منسوب مياه البحر قدره 58 مترا، وأضافوا إنه حتى الانبعاثات الحالية من النفط والفحم والغاز الطبيعي يمكن أن تجعل الغطاء الجليدي لغرب القطب الجنوبي غير مستقر اذا استمرت لفترة تتراوح بين 60 و80 عاما، ويمثل هذا ما يتراوح فقط بين ستة وثمانية في المئة من احتياطيات الوقود الأحفوري، وقالت ريكاردا فينكيلمان كبيرة معدي الدراسة وهي من معهد بوستدام لأبحاث تأثير المناخ في ألمانيا لرويترز "ما نفعله الآن قد يغير وجه الأرض للألفية المقبلة"، وستستضيف فرنسا اجتماع قمة لنحو 200 دولة في الفترة من 30 نوفمبر تشرين الثاني إلى 11 ديسمبر كانون الأول لبحث سبل مكافحة التغير المناخي وذلك إلى حد ما بالتحول من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة.
وقدرت الدراسة أن فرض قيود على الانبعاثات لقصر ارتفاع درجة الحرارة على درجتين مئويتين قد يحد من ارتفاع منسوب مياه البحار على المدى البعيد إلى بضعة أمتار، وارتفع منسوب مياه البحر نحو 20 سنتيمترا منذ عام 1900، وقال كين كالديريا وهو أحد معدي الدراسة من معهد كارنيجي الأمريكي في بيان "إذا لم نتوقف عن التخلص من نفايتنا من ثاني أكسيد الكربون في الجو فإن الأرض التي يعيش عليها الآن أكثر من مليار نسمة ستصبح يوما ما تحت الماء".
وقال هيئة الارصاد الجوية الوطنية الأمريكية إن ذوبان قدر كبير من القطب الجنوبي أمر بعيد حتى مع ارتفاع معدلات درجة الحرارة ، وبلغت درجة الحرارة في القطب الجنوبي 71 درجة مئوية تحت الصفر، ولكن فينكيلمان قالت إن تدفق الجليد في اتجاه المحيط قد يقلل في نهاية الأمر من سمك الجليد الذي يبلغ 2700 متر عند القطب معرضا السطح لدرجات حرارة أكثر ارتفاعا.
تفكك قمم جبال الألب
في حين سجل تفكك قمم الجبال وانهيارها في الألب معدلا قياسيا عام 2015، وهو الأعلى منذ عشرين عاما، بسبب ذوبان المساحات الجليدية، ويعود ذلك إلى الاحترار المناخي، حيث بلغ عدد الانهيارات المسجلة في مرتفعات "مون بلان" 150 انهيارا منذ بداية الصيف الحالي، بحسب لودفيك رافانيل المسؤول عن الأبحاث في مختبرات أديتيم، ويقول لودفيك رافانيل "لا ينبغي النظر إلى الجبال العالية على أنها كتل متماسكة، بل هي غالبا ما تكون عبارة عن كتل صخرية يرصها الجليد على بعضها، فإذا ذاب الجليد تتعرض للاضطراب". بحسب فرانس برس.
ويعود السبب في هذه الظاهرة إلى الاحترار المناخي، وهو ما يشير إليه العلماء منذ بعض السنوات، فذوبان الجليد المتراكم منذ قرون يؤدي دورا أساسيا في الانهيارات الصخرية، واستنادا إلى صور ملتقطة عبر أوقات مختلفة، تمكن الباحثون من معرفة التغيرات التي طرأت على الكتل الصخرية في قمم شاموني والانهيارات التي وقعت في سنوات الحر، ومنذ العام 2007، أحصى العلماء بفضل شبكة مراقبة كل الانهيارات التي وقعت في مساحة تمتد على ثلثي مرتفعات مون بلان، وكان عددها 650، تراوح نطاقها بين 100 متر مكعب و45 ألفا.
ومعظم هذه الانهيارات وقعت على ارتفاعات بين 3100 ومتر و3500، وأكبرها سجل بين الخريف ومطلع الشتاء إذ أن الحرارة تتطلب وقتا طويلا للنفاذ إلى داخل الكتل الصخرية، ومن ثم تواصل انتشارها فيها حتى وإن عاد سطح الكتلة وبرد، بحسب ما أظهرت أعمال حفر نفذت في قمة ميدي على ارتفاع 3842 مترا، وبحسب الباحث، تواصل الحرارة تمددها في باطن الكتل الصخرية من الصيف وحتى شهر تشرين الثاني/نوفمبر وربما أكثر.
انهيار قياسي، ويقول "اعتبارا من أول شهر آب/أغسطس من هذه السنة كان ذوبان الجليد قد بلغ مرحلة يبلغها عادة في شهر تشرين الثاني/نوفمبر، أي في مستوى قياسي مقارنة مع السنوات السابقة"، ولذلك لا يستبعد العلماء وقوع انهيارات كبرى في الأشهر المقبلة، حين تبلغ الحرارة المرتفعة باطن الصخور، إذ لا يمنع الشتاء البارد من تفاعل الحرارة المرتفعة في باطن الصخور امتدادا لحر الصيف، كما جرى في شتاء العام 2011 حين انهارت ثلاثة ملايين متر مكعب من الجليد في بيز كنغالو في سويسرا، وفي شتاء العام 1997 حين انهار 2,5 مليون متر مكعب في الجانب الإيطالي من مون بلان.
ورغم الحجم الكبير لهذه الانهيارات إلا أنها لا تشكل حتى الآن خطرا جديا على السكان، إذ أنها تقع على ارتفاعات عالية جدا، لكن المتسلقين هم الأكثر تأثرا بهذه الظاهرة، إذ يجبرون على التخلي عن بعض مناطقهم المفضلة لممارسة هوايتهم أو الذهاب إليها في بداية الموسم قبل أن يشتد الحر.
عصر جليدي "مصغر"
من جهتهم حذر علماء بريطانيون من أن الشمس ستشهد بحلول 2030 ظاهرة تسمى "مينيموم دو موندر" تؤدي إلى انخفاض محسوس في دراجات الحرارة في الأرض، تماما كما حدث في الفترة ما بين 1645-1715، ولاحظ عالم الفلك الأمريكي جون أ-إدي آنذاك أن عدد البقع الشمسية السوداء والمجال المغناطيسي للشمس وكل أشكال نشاطها كانت أدنى مما هي عليه اليوم، أكدت دراسة أجرتها "الجمعية الفلكية البريطانية" أن نشاط الشمس مرشح للانخفاض بنسبة 60 بالمئة في أفق 2030-2040، متسببا في انخفاض درجات الحرارة تماما كما حدث في الفترة ما بين 1645-1715، وهذه الفترة معروفة علميا بـ " مينيموم دو موندر".
وللتأكيد على هذه الفرضيات، وضعت الهيئة العلمية البريطانية نموذجا جديدا للدورات الشمسية يسمح بالتنبؤ بالنشاط الشمسي بدقة غير مسبوقة، ويقوم على تحليل حركة المجالات المغناطيسية في داخل وعلى سطح الشمس، وهي ظاهرة يصطلح عليها علميا "تأثير دينامو"، في نفس الشأن، نقل الموقع الإلكتروني لـ "الجمعية الفلكية البريطانية" عن البروفيسور فالنتينا زاركوفا قولها: "لقد لاحظنا أن اثنين من الموجات المغناطيسية داخل الشمس لديهما تركيب مختلف من حيث المواد، هذه الموجات مسؤولة عن دورات الطقس في الأرض في إطار دورة زمنية عمرها 11 عاما.. النتائج التي توصلنا لها دقيقة بنسبة 97 بالمئة وتشير إلى أنه بحلول 2030 سوف نشهد انحدارا شديدا في درجات الحرارة ".
من جهته، يرى عالم الفيزياء الفلكية في جامعة "باريس-ديدرو" إيتيان باريزو أن هذا الاكتشاف يجب أن يؤخذ على محمل الجد، ويقول إنه يتم إجراء تجارب للتأكد من احتمالات اتجاه الأرض نحو عصر جليدي "مصغر" والنتائج الأولى إيجابية، كما أكدت فالنتينا زاركوفا على أن النتائج المتوصل لها لا لبس فيها وأن الأرض ستشهد خلال الدورة الشمسية 26 في الفترة ما بين 2030-2040 ظاهرة "مينيموم دو موندر".
وبحسب ما أورده موقع "أتلانتيكو"، فإن كانت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" حذرت في 2014 من احتمال مرور الأرض بمثل هذه الظاهرة ولو أنها لم تكن على يقين تام، حيث تنبأ العلماء بنسبة 20 بالمئة أن درجات الحرارة على الأرض تتجه نحو تغييرات معتبرة، إلى ذلك، قال العالم الفلكي ريتشارد هاريسون من مختبر "روتفورد آبلتون" في تصريح لـ "بي بي سي" إن الأرض ستشهد فصول شتاء قاسية وعصرا جليديا" مصغرا" مستندا إلى انخفاض في عدد البقع الشمسية منذ 2011.
وشهدت الأرض ما بين عامي 1645 و1715 عصرا جليديا مصغرا تسبب في فصول شتاء قاسية نجم عنها تجمد بعض الأنهار في أوروبا مثل "التايمز" في المملكة المتحدة و"السين" في فرنسا، وفي أمريكا تجمدت معظم الأنهار، ويضيف الباحث إيتيان باريزو في هذا الصدد "طوال عقود من الزمن، كانت درجات الحرارة أدنى من المعدل الطبيعي""، وكانت فرنسا قد شهدت في تلك الحقبة درجات حرارة تدنت إلى ما دون 25 درجة مئوية تحت الصفر.
استمرار ظاهرة النينيو
من جانبها أعلنت هيئة الأرصاد الجوية الاسترالية ان ظاهرة النينيو بالمحيط الهادي تتزايد مع توقع استمرار ارتفاع درجات الحرارة وتراجع هطول الأمطار حتى العام القادم، وقال المكتب في بيان على موقعه الالكتروني إن درجات حرارة سطح مياه المحيط في جميع المناطق الخاضعة لعمليات الرصد ارتفعت بواقع درجة مئوية واحدة عن متوسط معدلاتها خلال عشرة أسابيع متتالية أي ازيد بواقع اسبوعين عن المستوى القياسي المسجل عام 1997. بحسب رويترز.
وقال البيان "جميع الأنماط المناخية الدولية التي استعرضها مكتب الأرصاد توضح ان من المرجح زيادة قوة النينيو ومن المتوقع استمراره حتى مطلع عام 2016"، وزاد من ارتفاع الحرارة هبوب رياح أضعف أو رياح تجارية عكسية في مناطق واسعة من المنطقة المدارية بالمحيط الهادي. وقال المكتب إنه عادة ما يصل النينيو الى ذروته في أواخر الربيع في نصف الكرة الجنوبي أو مطلع الصيف قبل ان يضعف مع حلول العام الجديد.
والنينيو ظاهرة مناخية تتسم بدفء سطح المياه في المحيط الهادي وتحدث كل ما يتراوح بين أربعة و12 عاما ما قد يتمخض عن موجات جفاف وحر لافح في آسيا وشرق افريقيا وهطول أمطار غزيرة وفيضانات في أمريكا الجنوبية، ويجلب النينيو أحوال طقس جافة دافئة لمعظم مناطق الساحل الشرقي لاستراليا ويزيد من حدة أحوال تقترب من الجفاف لبعض المناطق الشمالية الشرقية للساحل.
وفي حالة حدوث ظاهرة النينيو يكون الشتاء أقل برودة من المعتاد والأمطار أقل أيضا في فصل الربيع على شرق أستراليا وستكون درجة الحرارة أعلى من المعتاد في النصف الجنوبي من أستراليا، وهذه الاحوال لن تكون مواتية لزراعة القمح في استراليا وانتاج السكر على مستوى العالم وهو ما قد يدعم الاسعار التي انخفضت في الآونة الاخيرة. ويؤثر الطقس الجاف على الانتاج الزراعي في استراليا مع توقع انخفاض انتاج سلع رئيسية مثل القمح والسكر.
ارتفاع الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي
بينما سجل مستوى مياه المحيطات ارتفاعا اضافيا سنة 2014 بعدما بلغت غازات الدفيئة المسببة للاحترار المناخي مستويات تركيز قصوى في الغلاف الجوي، بموازاة تسجيل درجات حرارة قياسية في العالم هي الاعلى منذ 135 عاما، وفق تقرير لباحثين من العالم اجمع، وقال غريغ جونسون الاخصائي في علم المحيطات في الوكالة الاميركية للمحيطات والغلاف الجوي "حتى في حال حافظنا على المستويات الحالية لغازات الدفيئة، ستواصل درجات حرارة البحار ارتفاعها على مدى مئات وحتى الاف السنين". بحسب فرانس برس.
وأضاف جونسون خلال مؤتمر صحافي هاتفي تناول هذا التقرير الذي نشرته الوكالة الاميركية للمحيطات والغلاف الجوي بشأن "حالة المناخ" وشارك في انجازه 413 عالما من 58 بلدا، "ارتفاع درجة حرارة المحيطات يترافق مع تمددها وبالتالي سيواصل مستوى مباه البحار ارتفاعه"، وحذر العلماء في تقريرهم من سرعة التغيرات الطارئة على المناخ مقارنة مع مرحلة ما قبل الثورة الصناعية، من دون أي حل في الافق.
وجاء في التقرير الذي نشرته الوكالة أن "ثاني اكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز، وهي ابرز الغازات المنبعثة في الغلاف الجوي، بلغت مستويات تركيز قياسية في الغلاف الجوي" سنة 2014، وشهدت اوروبا ايضا اكثر الاعوام حرارة وبفارق كبير مع تحطيم الارقام القياسية السابقة في حوالى عشرين بلدا اوروبيا، بحسب هذا التقرير وهو الخامس والعشرون من سلسلة تقارير مستندة الى بيانات تم جمعها من جانب المراصد البيئية ونشرت عبر حوليات الوكالة الاميركية للمحيطات والغلاف الجوي.
كذلك جرى تسجيل درجات حرارة سنوية من بين العشر الأعلى في كثير من بلدان آسيا، كما شهدت افريقيا درجات حرارة اعلى من المعدل في معظم انحاء القارة، في حين شهدت استراليا ايضا درجات حرارة قياسية للمرة الثالثة بعد حد اقصى مسجل سنة 2013، وفي اميركا اللاتينية، عرفت المكسيك اكثر اعوامها حرارة في حين شهدت الارجنتين واوروغواي للمرة الثانية درجات حرارة قصوى.
وفي استثناء للمنحى العام، كان شرق اميركا الشمالية المنطقة الوحيدة في العالم التي شهدت درجات حرارة ادنى من معدلاتها، كما أن المحيطات التي تقدم اداة جيدة لقياس تاثيرات الاحترار المناخي لكونها تمتص كميات كبيرة من انبعاثات ثاني اكسيد الكربون والحرارة، شهدت ايضا العام الماضي درجات حرارة قياسية في حين بلغ مستوى مياه البحر اعلى مستوياته.
وقد نجم ارتفاع مستوى مياه البحر خصوصا عن "ارتفاع حرارة المحيطات وذوبان الجليد" مع تسجيل ارتفاع قدره 6,7 سنتيمترات سنة 2014 مقارنة مع المعدل المسجل سنة 1993 عند اطلاق عمليات القياس لمستوى مياه المحيطات بواسطة الاقمار الاصطناعية، واعتبر غريغ جونسون أنه حتى في حال اعتماد البشر تدابير قوية وحاسمة لمكافحة الاحترار، لن يكون في الامكان تغيير الاتجاه السائد حاليا على الصعيد المناخي بشكل فوري، وقال الاخصائي في علم المحيطات "الامر اشبه بقطار لنقل البضائع، يجب اعطاؤه دفعا قويا لاطلاقه، لكن القطار على السكة حاليا وسيواصل تقدمه لفترة طويلة بعدما حاولنا وقف دفعه".
التهديد الكبير
على صعيد اخر اطلق الرئيس الاميركي باراك اوباما خطته المنتظرة جدا حول "التهديد الكبير" الذي يشكله التغيير المناخي على العالم، مؤكدا ضرورة التحرك فورا واعلن عن فرض قيود غير مسبوقة على محطات توليد الكهرباء، وقال اوباما في البيت الابيض حيث اعلن "الخطة الاميركية من اجل طاقة نظيفة" (اميركا كلين باور بلان) انه "احد التحديات الاساسية" في عصرنا، وتتألف الخطة من سلسلة قواعد وتوجيهات ستفرض للمرة الاولى على محطات توليد الكهرباء ان تخفض بحلول 2030 انبعاثاتها من غاز ثاني اوكسيد الكربون بنسبة 32 بالمئة عما كانت عليه في 2005. بحسب فرانس برس.
وقال الرئيس الاميركي انه "ليس هناك تحد يشكل تهديدا اكبر لمستقبلنا وللاجيال القادمة، من التغيير المناخي". واضاف "في معظم الاوقات، الاشكاليات التي نواجهها موقتة ويمكننا انتظار تحسن الامور اذا عملنا بجد"، وتابع محذرا "لكن هذه واحدة من الحالات النادرة بحجمها وآثارها، التي لا يمكن ان تنعكس ما لم نقوم بحلها ولن نتمكن على الارجح من التأقلم معها بشكل كاف".
واكد اوباما الذي جعل من قضية البيئة احدى اولوياته منذ 2008 على التهديد الذي يشكله التغيير المناخي وخصوصا محطات توليد الكهرباء مصدر غاز ثاني اوكسيد الكربون، وتثير هذه القضية جدلا حادا في الولايات المتحدة حيث ما زالت محطات تعمل على الفحم تنتج 37 بالمئة من احتياجات البلاد من الكهرباء، ووصف اوباما القيود التي فرضت على محطات توليد الكهرباء بانها "اهم مرحلة" تقوم بها الولايات المتحدة في مكافحة تبدل المناخ.
ورحب الاتحاد الاوروبي على الفور بخطة اوباما و"جهوده الصادقة" لخفض انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون، من جهتها، هنأت وزيرة البيئة الفرنسية سيغولين روايال على موقع تويتر للرسائل القصيرة، الرئيس الاوباما على "التزامه" قبل مؤتمر باريس، وتشير روايال بذلك الى الاجتماع الذي سيعقد في باريس باشراف الامم المتحدة ومشاركة 195 دولة للبحث في كيفية ابقاء ارتفاع حرارة الكرة الارضية الناجم عن تركز غازات الدفيئة في الجو، دون درجتين مئويتين.
وكان اوباما اكد قبل خطابه هذا ان هذه الاجراءات ستخفض كلفة الطاقة في المستقبل بالنسبة للمواطنين العاديين وتخلق وظائف في قطاع الطاقة المتجددة وتضمن خدمات طاقة موثوقة بشكل اكبر، وتسبب محطات توليد الكهرباء نحو 40 بالمئة من انبعاثات ثاني اكسيد الكربون، اكثر الغازات المسببة للاحتباس الحراري والتغير المناخي، وكان اقتراح اول طرحته ادارة اوباما في العام الفائت حدد هدف التخفيض بـ30 بالمئة، غير ان نسبة 32 بالمئة الطموحة اثارت معارضة شرسة ولا سيما في اوساط الجمهوريين الذين نددوا باجراءات "قاسية تتجاوز الحدود"، واكدوا انها "ستاتي بعواقب مدمرة على اقتصاد" الولايات المتحدة.
والتغير المناخي من المواضيع الساخنة في السياسة الاميركية وخفض الانبعاثات مسألة سياسية حساسة اذ ان الفحم، وهو احد اكثر مصادر الطاقة تلويثا، لا يزال من اهم القطاعات الصناعية الاميركية، ولكن حتى مع زيادة الطلب على الغاز الطبيعي، تنتشر المئات من منشآت الطاقة العاملة بالفحم في انحاء الولايات المتحدة وتوفر ما نسبته نحو 37 بالمئة من الكهرباء متقدمة على المحطات العاملة بالغاز الطبيعي والطاقة النووية.
واضاف اوباما في التسجيل ان التغير المناخي واسبابه مدعومة ببيانات علمية، فيما يشكك عدد من الجمهوريين بحدوث ظاهرة الاحتباس الحراري برمتها او في مسؤولية البشر عنها، وقال السناتور الجمهوري لامار سميث تعليقا على الخطة ان ادارة اوباما "تواصل فرض تشريعات مكلفة وغير ضرورية"، واضاف انه بهذه الخطة "ستغلق محطات لتوليد الكهرباء في البلاد وسترتفع اسعار الكهرباء وسيخسر آلاف الاميركيين وظائفهم".
ودان رئيس الحزب الجمهوري رينس بريبوس الاجراءات معتبرا انه قد يكون لها "عواقب مدمرة على الاقتصاد الاميركي"، لكن المعارضة لم تقتصر على معسكر الجمهوريين اذ انتقدت مجموعة الضغط المؤيدة لاستخدام الفحم "اميريكان كواليشن فور كلين كول الكتريسيتي" ايضا الاجراءات الاثنين وقالت انها ستلاحق ادارة اوباما امام القضاء لانها "تطبق خطة غير قانونية تدفع الاسعار الى الارتفاع"، وشددت رئيسة وكالة حماية البيئة الاميركية جينا ماكارثي على ان القواعد "منطقية وقابلة للانجاز"، وتابعت "يمكنهم تقليص تلوث الكربون باي طريقة يرونها منطقية".
واوضحت "لا يفرض على اي منشأة تطبيق هذه الاجراءات بمفردها، او جميعها في آن، بل في اطار مجهود يشمل الشبكة بكاملها وعلى فترة زمنية"، وصرحت المرشحة الديموقراطية الى البيت الابيض هيلاري كلينتون ان هذه الاجراءات تشكل "خطوة كبرى الى الامام"، ومن المقرر ان يزور الرئيس الاميركي في الاشهر المقبلة الاسكا لتسليط الضوء على تبعات الاحتباس الحراري، كما سيستقبل البابا فرنسيس في البيت الابيض حيث سيطلق الرجلان نداء مشتركا للتحرك.
التغير المناخي يهدد مناطق الدلتا
فيما تسعى الدول الغنية لبناء بنى تحتية لمواجهة خطر الفيضانات في مناطق الدلتا المأهولة على اراضيها الا ان هذه المقاربة ستصبح مكلفة جدا وغير كافية مع ارتفاع مستوى المحيطات وتسارع وتيرة العواصف المرتبطة بالاحتباس الحراري، وجاء في تمارين محاكاة نشرتها مجلة "ساينس" العلمية الاميركية ان هذه الدول قد تعاني من فيضانات مدمرة كتلك التي تواجهها الدول الفقيرة غير القادرة على بناء السدود او قنوات لتحويل مياه سواعد الانهر في مناطق الدلتا. بحسب فرانس برس.
وقد قام هؤلاء الباحثون بمحاكاة تأثير التغير المناخي خلال العقود المقبلة على 48 منطقة دلتا كبيرة في العالم يعيش فيها 340 مليون شخص، وتفيد تقديرات اخيرة ان مستوى المحيطات سيستمر بحلول العام 2015 بالارتفاع وسيزداد عدد الفيضانات التي قد تتسبب باضرار تقدر بالف مليار دولار سنويا في اكبر 136 مدينة ساحلية في العالم، وقال الباحثون ان "دراستنا تظهر ان القدرة الاقتصادية والعزم على ايجاد حلول هندسية ستكون حاسمة في المحافظة على مناطق الدلتا بشكل مستدام".
وقد حلل هؤلاء الباحثون ايضا النشاط البشري الذي يقوم على ردم المزيد من المساحات على البحر للحصول على اراض اضافية للبناء والزراعة ما يمنع تراكم الرواسب الذي يسمح برفع مستوى التربة، ويؤدي ذلك الى انخفاض في مستوى الاراضي في وقت يستمر فيه مستوى المحيطات بالارتفاع على ما اكد الباحثون، وتبين للباحثين ان مناطق الدلتا في الدول الفقيرة اكثر عرضة للخطر الا ان الخطر يستمر في الارتفاع في المناطق الواقعة في بعض الدول الغنية بنسبة اربعة اضعاف او ثمانية احيانا.
وهم ذكروا خصوصا دلتا ميسيسيبي في جنوب الولايات المتحدة او دلتا الراين والرون في اوروبا، وفي مقال منفصل نشرته مجلة "ساينس" ايضا، اوضح ستين تيمرمان من جامعة انفير في بلجيكا وماثيو كيروان من "فيرجيينا انستيتوت اوف مارين سانيس" ان الحل قد يكون في وضع استراتيجيات تسمح للانهر بنقل الرواسب الى حقول الدلتا، واشار الى مشروع طموح في منطقة ميسيسيبي قد يجنب خسارة 500 الف هكتار من المستنقعات وتخفيض الاضرار الناجمة عن فيضانات في نيوارلينز وعلى سواحل لويزيانا ب5,3 مليارات سنويا.
اليسوند مرصد مميز للاحترار المناخي
الى ذلك تشكل ني-اليسوند النروجية في القطب الشمالي مرصدا مميزا للاحترار المناخي فممرها البحري (فيورد) لم يعد يغطيه الجليد بالكامل خلال الشتاء وواجهة المثلجات الساحلية تتراجع مئات الامتار سنويا فيما تظهر انواع بحرية جديدة في مياهها، وتقع هذه البلدة بأبنتيها القليلة الملونة والمكرسة كليا لاغراض البحث على جزيرة سبيتزبرغ، وتستضيف منذ نهاية تموز/يوليو نحو 140 شخصا من علماء اوروبيين واسيويين يقومون بمهمة من اسابيع قليلة وتقنيين مكلفين طوال العام متابعة اجهزة القياس ومشرفين على الامور اللوجستية من غذاء وتدفئة وكهرباء. بحسب فرانس برس.
فالممر البحري (فيورد) الذي بنيت على ضفافه ني-اليسوند "لم يعد يتجمد بالكامل منذ العام 2007 " على ما يقول سيبستيان بارو المستشار العلمي في شركة "كينغ باي" النروجية المكلفة التدابير اللوجستية، ويتذكر يورغن غراسير التقني في محطة الابحاث الفرنسية-الالمانية "افيبيف" الذي يشرف على حوالى خمسين جهازا يسجل البيانات المناخية والجوية والكيميائية وغيرها، قائلا "في التسعينات كان بامكاننا ان نجتاز الممر بالبحري بدراجات مخصصة للجليد"، ويضيف "تمكننا من المشي عليه للمرة الاخيرة في شتاء 2003-2004".
وتتمتع جزيرة سبيتزبرغ الرئيسية في ارخبيل سفالبارر بمناخ معتدل نسبيا بالنسبة الى خط الطول الذي تقع عليه (79) بسبب التيار البحري "غولف ستريم" الساخن الذي يمر على طول واجهتها الغربية، لكن خلال السنوات العشرين الاخيرة عرفت هذه المنطقة احترارا هائلا تراوح بين درجة مئوية و1,2 درجة في كل عقد مقارنة بـ0,8 درجة متوسط ارتفاع الحرارة في العالم في المرحلة ما بعد الثورة الصناعية، وادى على ما يبدو التوسع الكبير لمفعول الدفيئة على المستوى العالمي الى تعديل التيارات البجرية والجوية خصوصا في هذه المنطقة من العالم الواقعة على بعد الف كيلومتر فقط من القطب الشمالي.
يضاف الى ذلك ذوبان الغطاء الجليدي والمثلجات التي باتت تعكس اكثر اشعاع الشمس ما يؤدي الى امتصاص اكبر للحرارة من قبل اليابسة او المحيطات، لذا ترتفع الحرارة فيما تعطي هذه الاضطرابات فكرة عما سيحصل في مناطق باردة اخرى، ويوضح سيبستيان بارو "بتنا نرى انواعا لم تكن قطبية شمالية في الاساس"، ويقول "سمك الغادس الاسمر من المحيط الاطلسي بات يأتي الى هنا كما اننا ترى سمك الطراخور" مشيرا بيديه الى خليج الملك (كونغزفورد) من مكتبه في مختبر متطور حول علم الاحياء البحري.
وتؤكد كورنيليا بوشولز الاخصائية في الانظمة البيئية البحرية هي ايضا "في السابق كنا نجد في الممر البحري نوعين او ثلاثة من الكريل" نوع من القريدس الشفاف هو في اساس السلسلة الغذائية لكثير من الانواع (اسماك وفقمة وحيتان...)، وتابعت تقول "بتنا نجد الان خمسة انواع من الكريل مع ان ايا منها لا يكمل دورة كاملة من التكاثر هنا"، وقد حمل التغير في التيارات البحرية على الارجح هذه الانواع الجديدة من الكريل الى هذه المياه القطبية وذلك على حساب مناطق اخرى قد يتراجع فيها مخزون الاسماك.
وتقلص المثلجات هو ايضا من المؤشرات الفاضحة للاحترار على نطاق العالم ولا سيما على صعيد سبيتزبرغ التي تغطيها المثلجات بنسبة 60 %، فالمثلجة الواقعة في اعماق خلي ني-اليسوند وهي باسم "مثلجة التاج" " تراجعت كيلومترا منذ العام 2012 هذا امر لا يصدق" على ام تقول هايدي سيفيستره من جامعة سفالبارد في لونيربين في اقصى شمال الارض، واضافة الى مجيء انواع جديدة فان الثروة النباتية البحرية تتأثر ايضا بارتفاع متوسط حرارة الممر البحري.
وتوضح ليديا ميسينغفلد من جامعة بون التي تقوم بمهمة في ني-اليسوند "ندرس في المختبر كيف ان الطحالب تتكاثر في درجات حرارة مختلفة واي نوع منها يهيمن في ظل هذه الظروف"، الهدوء يسيطر على البلدة ولا تعكر صفوه مجموعات السياح الذين يأتون بالسفن لساعة او ساعتين ولا اصوات الاوز المهاجر الذي يأتي سنويا من اسكتلندا، ويقول مارتن لونين وهو عالم طيور يدرس هذا الاوز منذ 20 عاما "منذ العام 2007 باتت هذه الطيور تبكر هجرتها ب15 يوما وهذا امر ملفت، فهي تكيفت مع الربيع الذي بات يحل في وقت ابكر هنا".
اضف تعليق