تقف الأرض على أعتاب مرحلة جديدة من حيث معدل ارتفاع درجات الحرارة العالمية والذي قد يصل إلى مستوى لم يشهده العالم طيلة السنوات الألف الماضية، إذا كان هناك اختلاف بين العلماء على أسباب ارتفاع حرارة الأرض فإن هم يتفقون جميعا على أن حرارة الأرض في ارتفاع مستمر...
تقف الأرض على أعتاب مرحلة جديدة من حيث معدل ارتفاع درجات الحرارة العالمية والذي قد يصل إلى مستوى لم يشهده العالم طيلة السنوات الألف الماضية، إذا كان هناك اختلافا بين العلماء على أسباب ارتفاع حرارة الأرض فإنهم يتفقون جميعا على أن حرارة الأرض في ارتفاع مستمر، وهذا ما أثبتته قياسات درجات الحرارة خلال السنوات الثلاثين الماضية.
وارتفاع حرارة الأرض أمر خطير للغاية لأنه يُؤدي إلى نتائج كارثية، فاستمرار تلك الزيادة في درجة حرارة الأرض يُؤدي إلى ذوبان جبال الجليد في القطبين وبالتالي ارتفاع مستوى البحر ما ينتج عنه إغراق المناطق الساحلية، وكل ذلك يُحدث تغيرات كبيرة في مناخ الأرض تتفاوت بين الأعاصير، موجات الجفاف، الفيضانات والحرائق.
اما عن أسباب ارتفاع درجات الحرارة هذا العام الى مستويات قياسية لم يسبق الوصول اليها من قبل في السنوات الماضية هو تلوث الهواء والغلاف الجوي للأرض والذي تسبب في احداث التغييرات المناخية وتغير نسب الغازات في الغلاف الجوي وأيضا الوصول الي ظاهرة لاحتباس الحراري والتي يحذر منها العلماء انها قد تسبب مشاكل في ارتفاع درجات الحرارة والتأثير على المحاصيل الزراعية وارتفاع منسوب المحيطات، حيث ان استمرار استهلاك الوقود الاحفوري خاصة الفحم وعدم ايجاد آليه سليمة للتحكم العوادم والغازات الناتجة عن حرق البترول والفحم يزيد من ظاهرة الاحتباس الحراري.
ومع ظاهرة الاحتباس الحرارة وارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، يؤثر ذلك سلبا على المحاصيل الزراعية حول العالم، كما يؤدي ارتفاع درجة الحرارة الي ذوبان الجليد وارتفاع منسوب المحيطات والبحار، وبالتالي تنشئ ظواهر الفيضانات والتصحر وغيرها من الظواهر المصاحبة لارتفاع درجة الحرارة، ومن المتوقع ازدياد عدد أيام الحر الشديد إلى ثلاثة أضعاف بحلول عام 2080 وبعد ذلك مما يؤدي إلى حالات وفاة نتيجة الإجهاد الحراري أو الجفاف أو أمراض تتعلق بالقلب والجهاز التنفسي.
وعليه تشير المعطيات الى إن موجات الحر أصبحت أكثر تكرارا في العالم خلال العقود الأخيرة، مما يستدعي الحكومات والمؤسسات المعنية بالبيئة استنفار كافة الجهود والاستعدادات للحد والتقليل من اثار التغييرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة القياسية.
ارتفاع درجات الحرارة الجامح
أطلقت لجنة المناخ التابعة للأمم المتحدة تحذيرا شديد اللهجة، مشيرة إلى أن "العالم قريب بشكل خطير من ارتفاع درجات الحرارة الجامح، وأن اللوم يقع على عاتق البشر بشكل لا لبس فيه"، وحذر العلماء في تقرير صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، من أن "مستويات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي مرتفعة، بما يكفي لضمان اضطراب المناخ لعقود، إن لم يكن لقرون".
هذا بالإضافة إلى "موجات الحرارة المميتة والأعاصير القوية والظروف الجوية المتطرفة الأخرى التي تحدث الآن، ومن المرجح أن تصبح أكثر حدة"، ووصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، التقرير بأنه "رمز أحمر للبشرية"، داعيا إلى "وضع حد فوري لطاقة الفحم وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى عالية التلوث".
وقال غوتيريش في بيان: "أجراس الإنذار تصم الآذان..يجب أن يكون هذا التقرير بمثابة ناقوس الموت للفحم والوقود الأحفوري، قبل أن يدمروا كوكبنا"، ويأتي تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ قبل ثلاثة أشهر فقط من مؤتمر كبير للأمم المتحدة بشأن المناخ سيعقد في غلاسكو باسكتلندا، حيث ستكون الدول تحت ضغط للتعهد باتخاذ إجراءات مناخية طموحة وتمويل كبير.
وأفاد التقرير بأنه "ما لم يتم اتخاذ إجراءات فورية وسريعة وواسعة النطاق لتقليل الانبعاثات، فمن المحتمل أن يتجاوز متوسط درجة الحرارة العالمية عتبة الاحترار البالغة 1.5 درجة مئوية خلال العشرين عاما القادمة".
وأشار إلى أن الانبعاثات "التي تسببها الأنشطة البشرية بشكل لا لبس فيه، دفعت متوسط درجة الحرارة العالمية اليوم إلى 1.1 درجة مئوية أعلى من متوسط ما قبل الصناعة، وكانت ستدفعها بمقدار 0.5 درجة مئوية أكثر، لولا تأثير تلطيف التلوث في الغلاف الجوي".
وبحسب "رويترز"، يحذر العلماء من أن "ارتفاع درجة حرارة أكثر من 1.5 درجة مئوية فوق متوسط ما قبل العصر الصناعي يمكن أن يؤدي إلى تغير مناخي جامح مع تأثيرات كارثية، مثل الحرارة الشديدة لدرجة أن المحاصيل تدمر، أو يموت الناس لمجرد وجودهم في الهواء الطلق"، وأوضحت أن "كل 0.5 درجة مئوية إضافية من الاحترار ستزيد أيضا من شدة وتواتر درجات الحرارة الشديدة والأمطار الغزيرة، فضلا عن الجفاف في بعض المناطق، نظرا لأن درجات الحرارة تتقلب من سنة إلى أخرى، إذ أن العلماء يقيسون الاحترار المناخي من حيث متوسطات 20 عاما".
ولفت إد هوكينز، المؤلف المشارك في اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، عالم المناخ بجامعة ريدينغ في بريطانيا، إلى أن "كل جزء من الاحترار مهم، وأن العواقب تزداد سوءا مع ازدياد دفئنا"، حيث أنه "من المؤكد تقريبا أن الغطاء الجليدي في غرينلاند سيستمر في الذوبان، وستستمر المحيطات في الاحترار، مع ارتفاع مستويات السطح لعدة قرون قادمة، ولقد فات الأوان لمنع هذه التغييرات بالذات، وأفضل ما يمكن أن يفعله العالم هو إبطائها حتى يكون لدى البلدان المزيد من الوقت للاستعداد والتكيف"، بحسب "رويترز".
وقال تامسين إدواردز، المؤلف المشارك للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، عالم المناخ في كينغز كوليدج لندن: "نحن ملتزمون الآن ببعض جوانب تغير المناخ، وبعضها لا رجعة فيه لمئات إلى آلاف السنين، ولكن كلما قللنا من الاحترار، زادت قدرتنا على تجنب أو إبطاء هذه التغييرات..لا يزال لدينا خيارات لنختارها".
في حين أن التقرير كشف أنه "حتى لإبطاء تغير المناخ، فإن الوقت ينفد في العالم"، من جهته، أوضح هجويري روجيلي، عالم المناخ في إمبريال كوليدج لندن، المؤلف المشارك للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، قائلا: "لقد غيرنا كوكبنا بالفعل، وسيتعين علينا أن نتعايش مع بعض هذه التغييرات لقرون وآلاف السنين القادمة"، مضيفا أن "السؤال الآن هو كم عدد التغييرات التي لا رجعة فيها والتي نتجنبها"، وأكمل: "لا تزال لدينا خيارات يتعين علينا القيام بها".
إنذارا أحمر للبشرية
يمكن أن ترتفع حرارة الأرض بمقدار 1,5 درجة مئوية عن مستويات ما قبل الثورة الصناعية مع الاقتراب من 2030، أي قبل عشر سنوات من التوقعات السابقة، وفق ما أعلنه خبراء المناخ في الأمم المتحدة في تقرير جديد. وأكد الخبراء أن مسؤولية البشرية بهذا الشأن "لا لبس فيها". واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة في تعليق له، أن التقرير "إنذار أحمر للبشرية".
يتوقع أن ترتفع درجة حرارة الأرض بمقدار 1,5 درجة مئوية عن مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وفقا للتقرير الجديد الصادر عن خبراء المناخ في الأمم المتحدة، وذلك مع الاقتراب من 2030، أي قبل عشر سنوات من الموعد المتوقع سابقا لبلوغ هذا الحد.
وسيستمر الارتفاع في درجات الحرارة بعد ذلك في تجاوز هذه العتبة، أحد البنود الرئيسية لاتفاق باريس، بحلول العام 2050، حتى لو تمكن العالم من الحد بشكل كبير من انبعاثات غازات الدفيئة، وفق تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
وقال خبراء المناخ التابعون للأمم المتحدة في تقريرهم إن مسؤولية البشرية عن ظاهرة الاحتباس الحراري "لا لبس فيها"، موضحا أن النشاطات البشرية تسببت في ارتفاع درجة الحرارة 1,1 درجة تقريبا منذ القرن التاسع عشر.
وقالت فاليري ماسون ديلموت الرئيسة المشاركة لمجموعة الخبراء التي طورت هذا النص: "من الواضح منذ عقود أن نظام مناخ الأرض يتغير ودور التأثير البشري في النظام المناخي لا جدال فيه".
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس تعقيبا على تقرير خبراء المناخ التابعين للأمم المتحدة، إنه يعلن نهاية الوقود الأحفوري الذي "يدمر الكوكب"، وأضاف في بيان أن التقرير، وهو الأول من نوعه منذ سبع سنوات، هو "إنذار أحمر للبشرية. أجراس الإنذار تصم الآذان: انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الوقود الأحفوري وإزالة الغابات تخنق كوكبنا".
متى بدأ فعلا ارتفاع درجة الحرارة على الأرض؟
اكتشف باحثون من الصين والولايات المتحدة، التناقض بين نتائج نمذجة المناخ والبيانات الجيولوجية، في تفسير اتجاهات المناخ العالمي خلال 12 ألف سنة الأخيرة، وتفيد مجلة Nature، بأن النتائج المعدلة أظهرت، أنه خلال عصر الهولوسين، ارتفعت درجة حرارة المحيط العالمي بشكل مضطرد. وقد انتبه العلماء، إلى أن نتائج نمذجة المناخ لعصر الهولوسين (العصر الجيولوجي الحديث)، الذي بدأ قبل 12 ألف سنة، تتعارض مع درجات الحرارة المحسوبة على أساس بيانات جيولوجية غير مباشرة- قياس النسب النظائرية في الأصداف المتحجرة لكائنات بحرية أحادية الخلايا، وتواجد الألكونات (مركبات عضوية تنتجها الطحالب البحرية، تستخدم كمؤشرات حيوية) في الترسبات البحرية.
وتشير القياسات، إلى أن ذروة الحرارة في عصر الهولوسين كانت خلال الفترة قبل 10-6 آلاف سنة. ويعتقد الجيولوجيون، أنه خلال هذه الفترة كانت الأرض أكثر دفئا مما هي عليه في الوقت الحاضر. و كانت كذلك في بداية العصر الجليدي الأخير قبل 128-123 ألف سنة، وإن الاحترار الحالي بدأ مع العصر الصناعي.
وقد استنتج الباحثون من تحليل النتائج التي حصلوا عليها من البيانات الجيولوجية غير المباشرة، أن معظمها يعكس قيما موسمية لدرجات الحرارة القديمة، وليس سنوية، ولتجاوز هذا الأمر، ابتكر الباحثون طريقة لتقييم الانحرافات الموسمية، واستخدموها في احتساب متوسط درجة حرارة سطح البحر. وأظهرت النتائج، أنها خلال الـ 12 ألف سنة الأخيرة ترتفع بإضطراد: في البداية نتيجة تقلص مساحة الجليد وحاليا بسبب زيادة انبعاث غازات الاحتباس الحراري، ووفقا للباحثين فإن متوسط درجات الحرارة الحالي، هو الأعلى خلال 12 ألف سنة الأخيرة، ويقترب من قيمته التي كانت بين العصور الجليدية. وكانت درجة الحرارة خلال الفترة 128-12 ألف سنة مستقرة لعدم تغير تركيز غازات الاحتباس الحراري. أما الآن فإن متوسط درجة الحرارة في ارتفاع مستمر، وهذه الحالة وفقا لرأي الباحثين، تختلف بصورة جذرية عن تلك الفترة، ويشير الباحثون، إلى أن تحديد اتجاهات طويلة الأمد في تغير المناخ، أمر مهم جدا لفهم سياق الاحترار العالمي الحالي والتنبؤ بعواقبه.
ما حقيقة الانفجار الشمسي الذي تسبب بارتفاع درجة حرارة الأرض؟
قال الدكتور جاد القاضي، رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بمصر، إن الأنباء المتداولة حول الانفجار الشمسي ليس له أي أساس من الصحة، وذلك في ظل موجة الحر الشديدة التي تضرب مناطق كثيرة حول العالم، وقال معقبا: "أسوأ عاصفة شمسية كانت فى الثلاثينات من القرن الماضي، وكان تأثيرها كبيرا ولا يقارن بهذه الموجة التي تحدث حاليا"، وأضاف خلال مداخلة هاتفية للقناة المصرية الأولى: "نحن في بداية الدورة الـ25 للشمس، ومع بدايتها تبدأ زيادة درجة حرارة قرص الشمس وكمية الطاقة وتصل إلى حرارة عالية جدا، والمسافة ما بين الشمس والأرض 8 دقائق ضوئية".
وتابع: "الشبكة العالمية التي نتواجد عليها ترصد العاصفات الشمسية قبلها بـ3 أيام"، كما أكد أن العاصفة الشمسية ليس لها علاقة بارتفاع درجات الحرارة فى الصيف، مضيفا: "إننا نتنبأ بالعواصف المغناطيسية قبل حدوثها بثلاثة أيام".
التغير المناخي
تشير دراسة مناخية كبيرة إلى أنه أصبح من المرجح أن يصل العالم إلى حد مؤشر درجة الحرارة العالمية الذي حدده علماء المناخ، في واحدة من السنوات الخمس المقبلة، وتتوقع الدراسة أنه بحلول عام 2025، فإن هناك احتمال بنسبة 40 بالمئة، أن تكون درجة الحرارة العالمية لعام واحد على الأقل أشد سخونة بـ 1.5 درجة مئوية عن مستوى درجة الحرارة العالمية ما قبل الثورة الصناعية، وتعد (1.5 درجة مئوية) الحد الأدنى لدرجة الحرارة العالمية التي حددتها اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ، التي دعا العلماء إلى عدم تخطيها من أجل درء أسوأ آثار تغير المناخ، وجاء هذا الاستنتاج في تقرير نشرته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)، وتعتمد هذه الدراسة على النموذج الذي اتبعه مكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة وباحثو المناخ في 10 دول، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين.
وفي العقد الماضي، قُدر أن احتمالية وصول درجة حرارة العالمية لأي عام إلى حد 1.5 درجة مئوية كانت 20 في المئة فقط، لكن هذا التقييم الجديد يرفع هذا الخطر إلى 40 في المئة، وقال ليون هيرمانسون، كبير علماء مكتب الأرصاد الجوية، لبي بي سي، إن مقارنة درجات الحرارة المتوقعة مع درجات حرارة الأعوام 1980-1900، تظهر ارتفاعا واضحا، وأضاف "ما يعنيه هذا هو أننا نقترب من حد 1.5 درجة مئوية - نحن لم نصل إليها بعد لكننا نقترب"، وأردف "الوقت يكاد ينفد للقيام بالعمل القوي الذي نحتاجه الآن".
ويشير الباحثون إلى أنه حتى لو كانت درجة حرارة إحدى السنوات الخمس المقبلة أعلى بمقدار 1.5 درجة مئوية عن مستوى ما قبل الثورة الصناعة، فإن ذلك الوضع سيكون مؤقتا، وسيعني هذا التباين الطبيعي أن السنوات القليلة التالية قد لا تكون شديدة الحرارة، وقد يمر عقد آخر أو عقدين أو أكثر قبل تجاوز حد 1.5 درجة مئوية بشكل دائم، أي أن هناك احتمالا لارتفاع درجة الحرارة في المستقبل.
وقد حددت اتفاقية باريس للمناخ هدفا لها يتمثل في إبقاء متوسط درجة الحرارة العالمية عند مستو ى لا يزيد عن درجتين مئويتين، ومحاولة عدم تجاوز حد 1.5 درجة مئوية - وهذا يعني أن يتم ذلك على مدى فترة طويلة بدلا من حدوث الارتفاع في عام واحد.
وقال الدكتور يوري روغيلى، مدير الأبحاث في معهد غرانثام، في جامعة إمبريال كوليدج لندن، "لا ينبغي الخلط بين 1.5 درجة مئوية في إعلان مكتب الأرصاد الجوية وبين حد 1.5 درجة مئوية في اتفاقية باريس".
وأوضح أن "أهداف اتفاقية باريس تشير إلى ظاهرة الاحتباس الحراري - أي زيادة درجة حرارة كوكبنا بمجرد تخفيف التغيرات من سنة إلى أخرى"، وأضاف "أن بلوغ درجة حرارة عام واحد حد 1.5 درجة مئوية لا يعني اختراق حد باريس، ولكنه مع ذلك خبر سيء للغاية".
وقال روغيلى "إن ذلك يخبرنا مرة أخرى أن الأجراءات المتخذة بخصوص التغير المناخي حتى الآن غير كافية تماما وأن الانبعاثات يجب أن تخفض بشكل عاجل إلى الصفر لوقف الاحتباس الحراري"، وأظهر تقرير تاريخي صادر عن لجنة المناخ التابعة للأمم المتحدة عام 2018، كيف أن تأثيرات تغير المناخ تكون أكثر حدة عندما تكون الزيادة أكبر من 1.5 درجة مئوية، في الوقت الحالي، تشير التوقعات إلى أنه حتى مع التعهدات الأخيرة لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فإن العالم في طريقه إلى ارتفاع في درجة الحرارة تصل إلى 3 درجات مئوية، وقال الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، البروفسور بيتيري تالاس، إن نتائج البحث الجديد كانت "أكثر من مجرد إحصائيات".
وأوضح أن "هذه الدراسة تُظهر- بمستوى عالٍ من المهارة العلمية - أننا نقترب بشكل ملموس وبلا هوادة من الحد الأدنى لاتفاقية باريس بشأن تغير المناخ"، وأضاف أن "هذا نداء إيقاظ آخر يحتاجه العالم لتسريع التزاماته لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتحقيق الحياد الكربوني"، وقال إن البروفيسور إد هوكينز، عالم المناخ بجامعة ريدينغ، أخبره أنه إذا ثبت أن التوقعات الجديدة صحيحة "فهذا لا يعني أننا تجاوزنا حد اتفاق باريس".
وأضاف البروفسور هوكينز أنه "مع ارتفاع درجة حرارة المناخ، سيكون عدد الشهور التي ستتجاوز حد 1.5 درجة مئوية أكبر، ثم ستكون الشهور المتتالية أكثر، ثم عام كامل في المتوسط فوق 1.5 ثم عامين أو ثلاثة، ثم تقريبا كل عام".
وأكد أن "علينا وضع خطط لمحاولة الحد من ارتفاع درجة الحرارة، ولكن من الواضح أننا بحاجة إلى الاعتراف بأننا نشهد آثار تغير المناخ بالفعل في المملكة المتحدة وحول العالم، وأن هذه التأثيرات ستستمر في أن تصبح أكثر حدة".
يأتي هذا التقرير مع اقتراب قمة COP26 حول تغير المناخ، المقرر عقدها في مدينة غلاسكو الاسكتلندية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وتهدف القمة إلى تحفيز قادة العالم بشأن معالجة أزمة المناخ.
موجات حارة "استثنائية" في المستقبل
شهدت أمريكا الشمالية موجة حر هي الأشد على الإطلاق خلال شهر يونيو/حزيران، وفقا لبرنامج الاتحاد الأوروبي لمراقبة الأرض، وليس هذا مفاجئا نظرا لارتفاع درجات الحرارة غير المسبوق التي سُجلت مؤخرا خلال موجة الحر التي ضربت كندا ومناطق في الولايات المتحدة، بيد أن سكان المملكة المتحدة قد يندهشون عندما يعلمون أنه على الرغم من المطر والغيوم التي شاهدوها، فقد كان ذلك ثاني أشد شهور يونيو/حزيران حرا في أوروبا، كما يعد أيضا رابع أحر شهر يونيو/حزيران يُسجل في شتى أرجاء العالم.
ويعلن "كوبرنيكوس"، وهو برنامج الاتحاد الأوروبي لمراقبة الأرض، أرقامه لدرجات الحرارة العالمية بناء على تحليلات يسجلها الكمبيوتر باستخدام مليارات القياسات المرسلة من الأقمار الصناعية والطائرات ومحطات الأرصاد الجوية حول العالم.
ويضيف بيتر ستوت، من مكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة: "اعتدنا الآن تسجيل درجات حرارة عالية تُسجل في مكان ما في العالم كل عام"، ويقول إن ما خلص إليه خبراء الأرصاد الجوية أمثاله كان مخيفا، ليس لأن العالم يشهد المزيد من موجات الحر، بل إن تسجيلات درجات الحرارة تتغير على نحو متزايد بفروق كبيرة.
ففي كندا وشمال غربي الولايات المتحدة، سجلت مدن عديدة درجات حرارة أعلى من الأرقام القياسية السابقة بمقدار 5 درجات مئوية، كما سجلت موجة الحر في سيبيريا العام الماضي درجات حرارة أعلى من 5 درجات مئوية في المنطقة الروسية خلال الفترة بين يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران، وخلصت دراسة أجراها مكتب الأرصاد الجوية بشأن الحرارة الشديدة في المنطقة الروسية إلى أن تسجيل درجات حرارة مثل هذه يكاد يكون مستحيلا لولا تغير المناخ بسبب الإنسان.
3 مليارات من سكان العالم قد يعيشون في مناخ شديد الحرارة بحلول عام 2070
توصلت دراسة جديدة إلى أنه إذا استمر ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض عند المستويات الحالية على مدى الـ50 عاماً المقبلة، فقد يعيش حوالي 3 مليارات شخص في مناطق شديدة الحرارة تفوق تحمل البشر، ولآلاف السنين، عاش البشر في "بيئة مناخية" محدودة حيث توجد درجات الحرارة المثالية لإزدهار المجتمع، والظروف المناسبة للزراعة والحفاظ على الماشية، من خلال نتائج الدراسة التي نشرت في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم يوم الإثنين، قال فريق دولي من علماء الآثار، والمناخ، والبيئة إنه إذا استمرت انبعاثات الغازات المسببة للإحتباس الحراري في مستوياتها الحالية، فإنه بحلول عام 2070، سيعيش مليارات الأشخاص في ظروف أكثر سخونة من تلك التي سمحت للحياة بالإزدهار طوال الـ 6 آلاف عام الماضية، ووجدت الدراسة أنه مقابل كل درجة مئوية من الإحترار، سيتعين على مليار شخص إما الهجرة إلى مناطق أكثر برودة أو التكيف مع ظروف الحرارة الشديدة.
وأوضح عالم الآثار في جامعة واشنطن والمؤلف المشارك للدراسة، تيم كوهلر، أن هذه النتائج يمكن اعتبارها أسوأ احتمال لما يمكن أن يحدث إذا لم نغير أساليبنا، ومن خلال الإستعانة بالبيانات المتعلقة بدرجات الحرارة العالمية التاريخية وتوزيع السكان، وجد الباحثون أنه تماماً مثل الأنواع الأخرى من الحيوانات، يزدهر البشر بشكل أفضل في "غلاف مناخي" ضيق حول العالم، ويعيش معظم سكان العالم في مناطق يتراوح متوسط درجة حرارتها السنوية بين 11 و 15 درجة مئوية. ويشمل نطاق أصغر، يتراوح بين 20 إلى 25 درجة مئوية، في مناطق بجنوب آسيا متأثرة بالرياح الموسمية الهندية والأمطار السنوية التي تروي مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية الحيوية لإنتاج الغذاء.
ويرى العلماء أن الأمر المثير للدهشة هو أن البشر فضلوا العيش في هذه الظروف على مدى الـ6 آلاف عام الماضية، وذلك على الرغم من التطورات التكنولوجية الحديثة، مثل أجهزة تكييف الهواء الذي سمح لنا بدفع هذه الحدود.
وتسير الأرض حالياً على مسار ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 3 درجات مئوية بحلول عام 2100. وتشير الدراسة إلى أنه نظراً لإرتفاع درجة حرارة مناطق الأرض بشكل أسرع من المحيطات، فمن المرجح أن ترتفع درجات الحرارة بنحو 7.5 درجة مئوية بحلول عام 2070.
ووجدت الدراسة أنه مع ارتفاع حرارة كوكبنا بسرعة بسبب ارتفاع نسبة الإنبعاثات، من المتوقع أن تتغير درجة الحرارة التي يمر بها الشخص العادي في العقود القادمة أكثر مما تغيرت على مدى الـ6 آلاف عام الماضية، ويمكن أن يكون لهذا المناخ الشديد عواقب وخيمة على إنتاج الغذاء، والوصول إلى مصادر المياه، و قد يؤدي الأمر إلى الصراعات واختلال النظم الناجم عن الهجرة.
اضف تعليق