q

هناك مؤشرات على ازدياد معدلات التلوث البيئي التي اثارت المخاوف العالمية، بسبب انتشار سموم في الهواء والماء والتربة التي أثرت بشكل واضح على الصحة العامة، ويعرف التلوث بانه احداث تغير في البيئة التي تحيط بالكائنات الحية بفعل الانشطة المختلفة في التوسع الصناعي والتقدم التكنولوجي وسوء استخدام الموارد التي يقوم الانسان باستخدامها، وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن التلوث البيئي الخطير في العالم أجمع، تسبب بوفاة أكثر من سبعة ملايين شخص في العام 2012. وينقسم التلوث بشكل عام الى ثلاث مستويات هي:

التلوث غير الخطير: وهو التلوث المتجول الذي يستطيع الإنسان أن يتعايش معه بدون أن يتعرض للضرر أو المخاطر كما انه لا يخل بالتوازن البيئي وفي الحركة التوافقية بين عناصر هذا التوازن.

التلوث الخطر: وهو التلوث الذي يظهر له أثار سلبية تؤثر على الإنسان وعلى البيئة التي يعيش فيها ويرتبط بالنشاط الصناعي بكافة أشكالها وخطورته تكمن في ضرورة اتخاذ الإجراءات الوقائية السريعة التي تحمي الإنسان من هذا التلوث.

اما المستوى الثالث فهو التلوث المدمر: الذي يحدث فيه انهيار للبيئة والإنسان معا ويقضي على أشكال التوازن البيئي كافة وهو متصل بالتطور التكنولوجي الذي يظن الإنسان انه يبدع فيه يومآ بعد يوم ويحتاج إصلاح هذا الخطأ سنوات طويلة ونفقات باهظة.

التلوث في الصين

وفي هذا الشأن فقد قالت وزارة البيئة الصينية إن نحو 90 في المئة من المدن الصينية الكبيرة لم تف بمعايير جودة الهواء في 2014 ولكن هذا مازال يمثل تحسنا عن 2013 مع بدء سريان "حرب(الصين) على التلوث". وقالت وزارة حماية البيئة على موقعها على الإنترنت إن ثماني مدن فقط من 74 مدينة قامت بمراقبتها نجحت في الوفاء بالمعايير الوطنية في 2014 بشأن سلسلة من معايير التلوث مثل معيار (بي إم 2.5) الذي يمثل قراءة للجزئيات الموجودة في الهواء وأول أكسيد الكربون والأوزون.

ووسط استياء عام متزايد من الضباب والدخان وأخطار بيئية اخرى قالت الصين العام الماضي إنها "ستعلن الحرب على التلوث" وبدأت في تقليص استهلاك الفحم. وفي 2013 لبت ثلاث مدن فقط المعايير وهي هايكوو في اقليم هاينان ولاسا عاصمة اقليم التبت ومدينة تشوشان الساحلية.

وانضمت لها في 2014 مدن شينتشين وهوتشو وتشوهي في اقليم قوانغدونغ وفوتشو في اقليم فوجيان وكونمينغ في جنوب غرب الصين. وقالت الوزارة إن من بين أسوأ عشر مدن لم تف بالمعايير في 2014 تقع سبع مدن في إقليم هيبي الذي يحيط بالعاصمة بكين وتوجد به صناعات ثقيلة.

الى جانب ذلك تجد معظم المؤسسات الاميركية في الصين صعوبات في العثور على مرشحين لمناصب ادارية، بسبب تجنب الكثيرين منهم للإقامة في المدن الصينية التي يغزوها التلوث الجوي، على ما كشفت دراسة. واظهرت هذه الدراسة التي تعدها سنويا غرفة التجارة الاميركية ان 53% من المؤسسات الاميركية كشفت للمرة الاولى هذا العام ان التلوث الجوي في المدن الصينية يحول دون قدرتها على العثور على مرشحين اميركيين لتولي مسؤوليات ادارية في الصين.

وارتفعت هذه النسبة الى 48% في العام 2014، بعدما كانت عند حدود 34% في العام 2013، بحسب غرفة التجارة التي اعدت دراستها استنادا الى معطيات جمعت من 477 مؤسسة اميركية من أصل 1012 مؤسسة مسجلة فيها. وبذلك يضاف التلوث الجوي الى اسباب اخرى تعيق عمل المؤسسات الاميركية في الصين التي باتت تلحظ تدهورا في المناخ المناسب لقطاع الاعمال.

وجاء في الدراسة "تعتبر نصف المؤسسات ان الشركات الاجنبية لم تعد تجد بيئة مرحبة في الصين كما كان الحال من قبل". ورأى مسؤولون عن 83% من الشركات المستطلعة ان الرقابة التي تفرضها بكين على الانترنت تؤثر سلبا على اعمالها. وبات التلوث الجوي في الصين من القضايا الاكثر اثارة للقلق في صفوف مواطني هذا البلد، مع ما يسببه من انعكاسات صحية ولاسيما ارتفاع نسبة الاصابة بأمراض السرطان. بحسب فرانس برس.

وتؤكد الحكومة الصينية انها تتصدى للأسباب الاساسية لهذا التلوث، منها الارتفاع الكبير في اعداد السيارات، واستخدام الفحم لتوليد الطاقة، والمصانع والورشات المسببة للكثير من التلوث. لكنها تصطدم بمقاومة شديدة من جانب السلطات المحلية التي ترى في اجراءات الحد من التلوث كبحا لعجلة التنمية الاقتصادية فيها.

تلوث الهواء يقلل الأمطار

على صعيد متصل ذكرت دراسة أن تلوث الهواء الناجم عن النشاط الصناعي في نصف الكرة الشمالي تسبب على نحو شبه مؤكد في انخفاض نسب الأمطار فوق أمريكا الوسطى في دليل جديد على أن النشاط الإنساني يمكن أن يضر بالمناخ. وكتب علماء في دورية نيتشر جيوساينس بعد دراسة معدل النمو منذ 1550 في رواسب كلسية عثر عليها في كهف بدولة بيليز الصغيرة بأمريكا الوسطى "حددنا جفافا لم يسبق له مثيل منذ عام 1850."

والرواسب الكلسية صخور مدببة تشكلت نتيجة مياه غنية بالمعادن تتساقط من أسقف الكهوف. وقال العلماء وهم من بريطانيا والولايات المتحدة وسويسرا وألمانيا إن قلة الأمطار في بيليز "تتزامن مع ازدياد انبعاث المواد الملوثة للهواء في نصف الكرة الشمالي" حيث تسببت الثورة الصناعية في اتساع نطاق استخدام الوقود الأحفوري. وربط العلماء الجفاف بتلوث حاجب للشمس مشيرين إلى أن أكبر تسع ثورات بركانية بنصف الكرة الشمالي منذ عام 1550 نفثت حمما حجبت أشعة الشمس تبين أنها كانت هي الأخرى فترات جفاف بالنسبة لنمو الرواسب الكلسية.

وساق العلماء مثالا لفرضيتهم وقالوا إن ثورة بركان لاكي في ايسلندا عام 1783 التي صحبها انخفاض في منسوب مياه نهر النيل تزامنت مع موجة جفاف في بيليز. وأوضح الباحثون أن التلوث الذي يحجب أشعة الشمس يتسبب في تراجع درجات الحرارة في نصف الكرة الشمالي حيث تتركز معظم الصناعات. وتؤدي هذه التغيرات إلى دفع نطاق التقارب بين المدارين وهو حزام من الامطار يلف الكرة الأرضية نحو الجنوب لانه يتحرك باتجاه نصف الكرة الأكثر دفئا.

وكانت لجنة علمية تابعة للأمم المتحدة قالت في 2013 إنها ترى بنسبة 95 في المئة أن الغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض السبب الرئيسي لظاهرة الاحتباس الحراري. بحسب رويترز.

وفرضت العديد من البلدان الصناعية قوانين منذ عام 1970 للحفاظ على نقاء الهواء مما يدل على أن العالم شهد تحولا في التلوث باتجاه البلدان الناشئة سريعة النمو وفي مقدمتها الصين والهند. وقال هاريت ريدلي رئيس الفريق والباحث في جامعة دورهام ان زملائه فحصوا الرواسب الكلسية في بيليز للوقوف على أي دلائل عن وقوع موجات جفاف منذ نحو الف عام. ويرحج أن يكون الجفاف سبب انهيار حضارة المايا.

رواسب غامضة

في السياق ذاته قال مسؤولون أمريكيون ان العلماء في مختبرين في الساحل الشمالي الغربي للولايات المتحدة المطل على المحيط الهادي يعتزمون اجراء اختبارات على الرواسب الغامضة التي سقطت فوق المنطقة في وقت سابق، على أمل معرفة مصدر ما أطلق عليها "الأمطار اللبنية" التي حيرت السكان. وصرح مسؤولون في مختبر باسيفيك نورث وست الوطني ووكالة بنتون كلير اير وهما في ولاية واشنطن بأنهم جمعوا عينات من تلك الامطار التي خلفت مترسبات غريبة على شكل مسحوق فوق السيارات والنوافذ في مناطق واسعة من ولايتي اوريجون وواشنطن.

وقال علماء المختبر ان الامطار ربما تكون محملة برماد بركان ثائر في اليابان بينما قالت وكالة كلير اير إن علماءها يعتقدون ان السبب هو الرياح التي اجتاحت وسط اوريجون. وقالت الهيئة القومية الأمريكية للأرصاد الجوية إن الأمطار الغريبة التي أدت الى تراكم طبقة من الرواسب الغامضة على مساحة واسعة من شمال غرب الولايات المتحدة هي فيما يبدو نواتج ثانوية لعواصف ترابية على بعد مئات الكيلومترات في نيفادا لكنها لم تستبعد الرماد البركاني من اليابان. لكن الهيئة قالت أيضا إنها غير مجهزة للقيام بتحليل كيميائي للأمطار وهو ضروري لتحديد مصدرها على وجه الدقة. بحسب رويترز.

وبغض النظر عن مصدر الامطار اللبنية صرح المسؤولون بأنهم لا يعتقدون انها تشكل اي مخاطر صحية. وقالت روبن بريسلي بريدي المديرة التنفيذية لبنتون كلير اير ان محطات مراقبة الهواء لم ترصد أي شيء غير معتاد أثناء سقوط الأمطار. وأضافت "ليس هناك ما يدعونا للاعتقاد بأن هناك اي شيء على غير ما يرام لكن ليس هناك ما يمنع ايضا ان تكون حذرا اذا كنت قلقا. الأفضل ان تزيحها من على سيارتك بالماء لا بيديك وتفادى لمسها او استنشاقها."

المخلفات البلاستيكية

من جانب اخر تعج محيطات العالم بالمخلفات البلاستيكية.. لكن كم منها يجد طريقه الى البحار سنويا؟... إنها كمية تكفي لوضع ما يعادل خمسة أكياس بقالة مملوءة بالمخلفات البلاستيكية على كل 30 سنتيمترا من طول سواحل كل دولة في شتى أرجاء العالم. تلك هي نتائج بحث نشره العلماء، يقول إن كمية مذهلة من الملوثات تقدر بنحو ثمانية ملايين طن متري من المخلفات البلاستيكية تتسلل الى المحيطات كل عام من 192 دولة ساحلية في العالم وذلك بناء على بيانات عام 2010. ووردت هذه النتائج في دورية (ساينس) العلمية.

واستنادا الى زيادة مستويات المخلفات تشير تقديرات العلماء الى ان أكثر من تسعة ملايين طن ستستقر في المحيطات العام الجاري. وكان الخبراء قد دقوا ناقوس الخطر في السنوات الاخيرة بشأن الكم الهائل من أعداد الطيور والثدييات والسلاحف البحرية والمخلوقات الاخرى الذي تقتله المخلفات البلاستيكية التي تفسد أيضا المنظومة البيئية للمحيطات. والصين مسؤولة عن معظم تلوث المحيطات بالبلاستيك سنويا بما يقدر بنحو 2.4 مليون طن -أي نحو 30 في المئة من الاجمالي العالمي- تليها اندونيسيا ثم الفلبين وفيتنام وسريلانكا وتايلاند ومصر وماليزيا ونيجيريا وبنجلادش.

والولايات المتحدة هي الوحيدة من الدول الصناعية الغنية المدرجة ضمن قائمة أكبر عشرين دولة في العالم تلوث المحيطات بالمخلفات البلاستيكية وترتيبها العشرون أما الدول الساحلية التابعة للاتحاد الاوروبي فتحتل مجتمعة المركز الثامن عشر. وتشتمل المخلفات البلاستيكية على كل ما يتبادر الى الذهن من مصنوعات بلاستيكية من أكياس البيع بالمتاجر والعبوات وألعاب الاطفال ورقائق تغليف المنتجات الغذائية وأدوات الصيد وفلاتر السجائر والنظارات الشمسية والدلاء ومقاعد المراحيض.

وهذه التقديرات مستمدة من بيانات منها البنك الدولي عن كمية النفايات الناتجة عن الفرد في جميع الدول ذات السواحل وكثافة السكان على السواحل وكميات المخلفات البلاستيكية الناتجة عن كل دولة ومدى جودة ممارسات هذه الدول المتعلقة بإدارة مخلفاتها. وقالت جينا جامبك أستاذ الهندسية البيئية بجامعة جورجيا "أعتقد انه جرس إنذار الى كميات النفايات التي تتخلف عنا". بحسب رويترز.

وتشير حسابات الباحثين الى أن 275 مليون طن من النفايات البلاستيكية نتجت عن 192 دولة ساحلية هذا العام وأن ما يقدر بنحو ثمانية ملايين طن تسللت الى مياه المحيطات وبمتوسط محتمل يتراوح بين 4.8 مليون و12.7 مليون طن. وقالت كارا لافندر لو أستاذ بحوث المحيطات لدى جمعية (سي اديوكيشن) التعليمية ومقرها ماساتشوسيتس "تتمثل الضرورة الملحة في انتشال النفايات البلاستيكية لمنعها من تلويث البيئة. يعني ذلك الاستثمار في البنية التحتية لادارة المخلفات لا سيما في تلك الدول ذات الهياكل الاقتصادية السريعة النمو". واضافت "في الدول ذات الدخول المرتفعة لدينا ايضا مسؤولية الحد من كميات المخلفات لا سيما البلاستيكية منها التي تتخلف عنا".

حظر سيارات الديزل

الى جانب ذلك دعت رئيسة بلدية باريس الى حظر سير السيارات التي تعمل بوقود الديزل في العاصمة الفرنسية بحلول عام 2020 وقالت إنه يجب أن تقتصر بعض الأحياء في وسط المدينة على المشاة فقط في إطار خطة لمكافحة التلوث. وقالت آن ايدالجو لصحيفة جورنال دو ديمانش إن خطتها لمكافحة التلوث ستناقش في اجتماع لمجلس المدينة. وأضافت "أريد أن أرى نهاية الديزل في باريس بحلول 2020" مضيفة أن من الممكن وضع استثناءات لملاك السيارات منخفضي الدخل بحيث يتسنى لهم استخدام السيارات القديمة من حين لآخر. وقالت "60 في المئة من سكان باريس اليوم لا يملكون سيارات مقارنة بأربعين في المئة عام 2001. الأوضاع تتغير بسرعة."

وتشمل خطة ايدالجو قيودا على الحافلات السياحية التي تخنق شوارع باريس ومنع مرور الشاحنات من العاصمة. وتقترح ايدالجو مجموعة من الإجراءات لمكافحة التلوث استكمالا لجهود سلفها وأستاذها رئيس بلدية باريس السابق برتران ديلانو. وكان يدعم برامج تأجير الدراجات والسيارات ووسع الحارات المخصصة للحافلات والدراجات في الطرق وخفض السرعات المسموح بها ضمن سعيه لتشجيع سكان باريس على خفض استخدام السيارات لتحسين ظروف الحياة بالمدينة. بحسب رويترز.

وأظهر استطلاع للرأي أجراه مركز ايفوب لحساب صحيفة جورنال دو ديمانش وشمل 804 أشخاص أن نحو 84 في المئة من سكان باريس يعتبرون أن مكافحة التلوث أولوية بينما يؤيد 54 في المئة حظر سير السيارات التي تعمل بوقود الديزل بحلول 2020.

الهند واستخدام المراحيض

في السياق ذاته أطلق رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي برنامجا الكترونيا في جميع أنحاء البلاد للتأكد من استخدام المواطنين للمراحيض وذلك في إطار حملة يقودها بنفسه لتحسين حالة النظافة العامة في الهند. وسيستخدم المسؤولون الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر اللوحي والآيباد للإبلاغ عن استخدام المراحيض في المناطق الريفية على أن يتم نشر المعلومات فورا على موقع الكتروني.

وذكرت دراسة للبنك الدولي أن نقص عدد المراحيض يكلف الهند أكثر من 50 مليار دولار سنويا لأسباب أهمها حالات الوفاة المبكرة والأمراض المرتبطة بالنظافة الشخصية. وأضافت الدراسة أن الهند تتكبد خسائر أكبر من باقي الدول الآسيوية بسبب سوء جمع الفضلات البشرية. وقالت منظمة الصحة العالمية في تقرير عام 2012 إن عدد من يتغوطون في العراء بالهند يبلغ نحو 626 مليون شخص مقابل 14 مليونا في الصين. بحسب رويترز.

وضاعفت الحكومة الإنفاق على برنامج لبناء المراحيض وطلبت تبرعات مالية من بعض أكبر الشركات الهندية للمساعدة في هذا البرنامج. وقالت الحكومة في بيان "كانت المراقبة تقتصر في السابق على بناء المراحيض لكن الآن سيتم التحقق من استخدام الناس لهذه المراحيض." وكان مودي قد أثار ضيق مسؤولي الحكومة في أكتوبر تشرين الأول عندما أمرهم بتنظيف المراحيض في أماكن عملهم في يوم عيد وطني.

اضف تعليق