لا علاقة بين أزمة هبوط أسعار النفط، واقتراب الاقتصاد المصري من حافة الانهيار فهذا الاقتصاد يعاني من مشكلات خطيرة في جميع الحكومات التي تتابعت على حكم المصريين واخطر معضلة يعانيها اقتصاد مصر الفساد المزمن والسوق السوداء وانخراط الحكومات في موجات الفساد التي تضرب هذا الاقتصاد بقوة.
يحاول عبد الفتاح السيسي حاكم مصر اليوم أن يصلح ما أفسده الدهر عبر آلية اقتراض خارجية محفوف هي الاخرى بمخاطر الفشل بحسب قول خبراء، فقد استقبلت مصر وفدا من صندوق النقد الدولي لإجراء مفاوضات على طلب مصر اقتراض 12 مليار دولار ضمن برنامج تمويلي بقيمة 21 مليار دولار على ثلاث سنوات.
فيما تحدثت تقارير عن تلميحات أشبه بالتحذيرات او التهديدات من السيسي حول اتخاذ خطوات إصلاح اقتصادية متزمتة وقيل ان الرئيس المصري عبد قد لمّح بإجراءات "قاسية" من أجل النهوض بالاقتصاد الواهن وذلك بينما تتفاوض الحكومة مع صندوق النقد الدولي لاقتراض 12 مليار دولار. ووعد السيسي بأن المواطن المصري سيتمكن قريبا جدا من التوجه للبنوك والحصول على الدولار "بسعر موحد".
وكعادته، لا يمنح صندوق النقد الدولي قرضا لدولة ما من دون فرض شروط اقتصادية قد يكون تنفيذ بعضها صعبا أو مستحيلا، فكما يُقال أن مصر سوف تحتاج لتنفيذ اتفاق مصر المزمع مع صندوق النقد على الأرجح الى التزامات بإصلاحات قد تجدها الحكومة محفوفة بالمخاطر من الناحية السياسية ومن المحتمل أن يتم خفض دعم الطاقة كما يجب أن تطبق مصر ضريبة القيمة المضافة.
ومن مؤشرات عمق المعضلات التي تواجه اقتصاد مصر، ضخامة الديون الخارجية، كما صرح
وزير المالية المصري في حديث تلفزيوني إن الدين الخارجي لمصر سيصل إلى 53.4 مليار دولار إذا حصلت بلاده على قرض صندوق النقد الدولي. وكانت مصر قالت الأسبوع الماضي إنها تسعى للحصول على أربعة مليارات دولار سنويا على مدى ثلاثة أعوام من صندوق النقد الدولي للمساعدة في سد الفجوة المتعلقة بالإنفاق
ولا تتوقف مشكلات الاقتصاد المصري على الديون وحدها، انما يوجد نقص (خطير) في العملات الصعبة، وهذا مؤشر اضافي على وقوف هذا الاقتصاد عند حافة السقوط، حيث تعاني مصر من نقص العملة الصعبة منذ انتفاضة 2011 التي أنهت حكم حسني مبارك الذي استمر 30 عاما وتسببت في ابتعاد السياح والمستثمرين الأجانب مما حرم البلاد من مصادر رئيسية للعملة الأجنبية.
وفي رأي خبراء اقتصاديون أن حاجة مصر لقرض صندوق النقد الدولي باتت حتمية، فهذا القرض بحسب هؤلاء هو المنقذ الوحيد للاقتصاد المصري ولكن على الحكومة ان تتصرف بذكاء سياسي للفوز بهذا القرض، وقال فخري الفقي الخبير الاقتصادي المصري والمسؤول السابق في صندوق النقد الدولي "يجب أن تضمن مصر أنها تحظى بمساندة الخمس الكبار في الصندوق بمن فيهم الولايات المتحدة وبريطانيا... هذه سياسة." وأضاف "مصر تحتاج القرض. إذا تم رفض طلبنا.. سيحدث انهيار."
وفي محاولة استباقية او عرض للعضلات المفتولة للحكومة شنت حملات امنية على شركات الصيرفة للحد من تعاملات السوق السوداء قبيل وصول بعثة وقد خيم التوتر على السوق الموازية للعملات في مصر مع حملات أمنية على شركات الصرافة في عدد من المحافظات قبيل وصول بعثة صندوق النقد إلى مصر للتفاوض على تمويل البلاد بنحو 12 مليار دولار على ثلاث سنوات.
وقالت وزارة الداخلية في بيان صحفي إن مباحث الأموال العامة داهمت 10 شركات صرافة في القاهرة والجيزة بعد ورود تحريات بأن مسؤوليها يقومون بالإتجار غير المشروع في النقد الأجنبي بأسعار السوق السوداء وتم تحرير محاضر لهم واخطار البنك المركزي.
إجراءات قاسية لإصلاح الاقتصاد المصري
في هذا السياق لمح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بإجراءات قاسية من أجل اصلاح الاقتصاد الواهن وذلك بينما تتفاوض الحكومة مع صندوق النقد الدولي لاقتراض 12 مليار دولار. ووعد السيسي بأن المواطن المصري سيتمكن قريبا جدا من التوجه للبنوك والحصول على الدولار "بسعر موحد" وذلك خلال مشاركته في جلسة برنامج "محاكاة الحكومة المصرية" الذي يعقد في إطار البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة.
واستقبلت مصر وفدا من صندوق النقد الدولي لإجراء مفاوضات على طلب مصر اقتراض 12 مليار دولار ضمن برنامج تمويلي بقيمة 21 مليار دولار على ثلاث سنوات. وأشار السيسي إلى أنه ستكون هناك "معالجة للدعم دون أن تطال محدودي الدخل. حرصنا خلال هيكلة أسعار الكهرباء أن تبقى الشرائح الثلاثة الأولى بأسعار تناسب معظم المصريين."
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عن السيسي قوله إن التحدي الرئيسى الذى يجابه مصر ليس الإجراءات "ولكن مدى قبول المجتمع والرأى العام لها... الإشكالية تكمن في إذا ما كان الرأي العام لديه الاستعداد أو قدر من المعرفة لقبول الإجراءات التي قد تكون صعبة أو قاسية."
ومضى قائلا "المصريون محبون لوطنهم وقادرون على تحدي الصعاب إلا أنهم مشغولون بحياتهم اليومية ولذلك يجب أن يتاح لهم قدر من المعرفة بشأن الإجراءات المطلوب اتخاذها لتجاوز الصعاب." وتوفير الغذاء بأسعار في المتناول قضية سياسية قابلة للانفجار في مصر التي يعيش عشرات الملايين من سكانها على حد الكفاف وحيث ساهم السخط على الأوضاع الاقتصادية في الإطاحة برئيسين خلال خمس سنوات.
وسيحتاج اتفاق مصر المزمع مع صندوق النقد على الأرجح التزامات بإصلاحات قد تجدها الحكومة محفوفة بالمخاطر من الناحية السياسية. ومن المحتمل أن يتم خفض دعم الطاقة كما يجب أن تطبق مصر ضريبة القيمة المضافة بحسب رويترز. ومع التلويح بإجراءات صعبة وقاسية، سعى السيسي في الوقت نفسه إلى بث الطمأنينة والتفاؤل بين المواطنين قائلا "الأيام المقبلة ستشهد الكثير من الأخبار الجيدة للشعب المصري." ولم يخض في أي تفاصيل عن تلك الأخبار.
وأكد السيسي في كلمته أن القوات المسلحة تتدخل دائما لكبح جماح ارتفاع الأسعار. وقال "القوات المسلحة تتدخل عندما ترتفع أسعار سلعة ما، كاللحوم أو الدواجن، لكبح ذلك الارتفاع في الأسعار، وذلك عن طريق طرح كميات من هذه السلعة." وعلى مدى العام المنصرم بدأت شاحنات الجيش تجوب أنحاء البلاد لبيع السلع الغذائية بأسعار زهيدة بينما انتشرت منافذ البيع التابعة للقوات المسلحة.
وبتوفير سلع مدعمة أسعارها خارج المنافسة يقول الاقتصاديون إن الدولة تقوض القطاع الخاص وتزيد الاعتماد على الدعم الذي لا تستطيع تحمله بل وينبغي تقليصه. وقال هاني جنينة من بلتون المالية إن تصريحات الرئيس يوم الاثنين "تمهيد لما هو قادم. لابد من وجود إصلاح على المدى القصير في ظل وجود بعثة الصندوق في مصر. لابد من حدوث إصلاح في ملفات الدعم في المياه والكهرباء والبنزين بجانب تحرير سعر الصرف."
وقلصت مصر في السنة المالية 2015-2016 دعم الوقود إلى 61 مليار جنيه (حوالي 6.9 مليار دولار) من نحو 100 مليار جنيه في 2014-2015. وفي يوليو تموز 2014 خفضت الحكومة المصرية الدعم ورفعت أسعار البنزين والسولار والغاز الطبيعي بنسب وصلت إلى 78 بالمئة. وبدأت مصر في 2014-2015 خطة على خمس سنوات لتحرير أسعار الكهرباء تدريجيا.
وتدعم مصر أسعار المياه والكهرباء والوقود بجانب دعم السلع التموينية الأساسية لنحو 90 بالمئة من تعداد الشعب المصري الذي يتجاوز 91 مليون نسمة. وأضاف جنينة "تحرير سعر الصرف لابد أن يتبعه رفع سعر الفائدة وأيضا سنشهد ارتفاعا في الأسعار وخاصة الأغذية والأدوية لأنهم الأكثر تأثرا بسعر العملة."
وبينما تواجه مصر أزمة شديدة في توفير العملة الصعبة حيث قفز الدولار في السوق السوداء إلى مستوى 13 جنيها خلال الأسبوع الماضي، قال السيسي إن المواطن المصري سيتمكن قريبا جدا من التوجه للبنوك والحصول على الدولار "بسعر موحد." دون أن يكشف عن كيفية حدوث ذلك. ويبلغ السعر الرسمي للجنيه في البنوك 8.88 جنيه للدولار لتعاملات الأفراد بينما يبلغ أكثر من 12 جنيها في السوق السوداء.
وقال خمسة متعاملين في السوق الموازية للدولار أنهم نفذوا يوم الاثنين عمليات بيع للعملة الأمريكية بين 12.40 و12.70 جنيه. وأضاف الرئيس السيسي أن الدولار "تحول خلال الأعوام الخمسة الماضية إلي سلعة تجارية البعض فضل الاحتفاظ به. الحكومة تحتاج إلى اتخاذ إجراءات لإنهاء قضية أن الدولار سلعة يحتفظ بها ويتم الاتجار بها مع مراعاة عامل الوقت".
ولم ينجح البنك المركزي في القضاء على السوق السوداء أو حتى تخفيف حدة هبوط الجنيه من خلال الإجراءات التي اتخذها خلال الفترة الماضية سواء بخفض سعر العملة في مارس آذار أو العطاءات الاستثنائية أو سحب تراخيص نحو 23 شركة صرافة في الأشهر الستة الأولى من العام. ولم تنجح أيضا حملات مباحث الأموال العامة على شركات الصرافة في القضاء على السوق الموازية.
ديون مصر الخارجية تصل إلى 53.4 مليار
من جهته قال وزير المالية المصري في حديث تلفزيوني إن الدين الخارجي لمصر سيصل إلى 53.4 مليار دولار إذا حصلت بلاده على قرض صندوق النقد الدولي. وكانت مصر قالت الأسبوع الماضي إنها تسعى للحصول على أربعة مليارات دولار سنويا على مدى ثلاثة أعوام من صندوق النقد الدولي للمساعدة في سد الفجوة المتعلقة بالإنفاق. ووصلت بعثة من صندوق النقد الدولي إلى مصر في زيارة تستغرق أسبوعين للتفاوض بشأن القرض.
وعزز احتمال حصول مصر على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي المعنويات في دوائر الأعمال المصرية غير أن ذلك لن يترجم إلى استثمارات أجنبية أو تدفقات مالية على البلاد قبل أن تنفذ القاهرة إصلاحات قاسية وتحل أزمة العملة التي تعاني منها. وقالت مصر إنها تسعى للحصول على أربعة مليارات دولار سنويا لمدة ثلاث سنوات من الصندوق للمساعدة في سد عجز في التمويل. وتأمل الحكومة في إنجاز الاتفاق في أغسطس آب.
وقفزت الأسهم المصرية بدعم آمال في أن ينعش الاتفاق الثقة ويسمح لمصر بإلغاء القيود على الحصول على العملة الصعبة وهي القيود التي ألحقت الضرر بالصناعة والتجارة وجعلت من الصعب على الشركات الأجنبية تحويل أرباحها للخارج. وقال مسؤولون تنفيذيون بشركات عالمية تعمل في مصر إن تمويل صندوق النقد قد يتيح لمصر فرصة لتنفيذ إصلاحات مؤلمة لكن الاستثمارات الأجنبية لن تأتي قبل حل مشكلة نقص العملة الصعبة.
وقال مسؤول تنفيذي بشركة متعددة الجنسيات "تواجه الشركات حاليا أصعب أوقاتها على الإطلاق فيما يتعلق بالحصول على الدولارات... لا يهم إن كنت تجني مليار دولار من الأرباح .. إذا لم تكن قادرا على إخراجها من البلاد فلن تستثمر." وأضاف "تظهر محادثات صندوق النقد الدولي ضوءا في نهاية النفق. المستقبل إيجابي.. مصر بلد يبلغ تعداد سكانه 90 مليونا وسوف تتجاوز هذا الوضع.. لكن الطريق سيكون صعبا للغاية."
وتعاني مصر من نقص العملة الصعبة منذ انتفاضة 2011 التي أنهت حكم حسني مبارك الذي استمر 30 عاما وتسببت في ابتعاد السياح والمستثمرين الأجانب مما حرم البلاد من مصادر رئيسية للعملة الأجنبية. وأجبرت الاضطرابات البنك المركزي على بيع الدولار في عطاءات. وهوت الاحتياطيات النقدية من حوالي 36 مليار دولار قبل الانتفاضة إلى حوالي 17.5 مليار في يونيو حزيران مع دفاع الدولة عن العملة- التي تضررت بسبب الغموض- واتساع العجز في الميزانية.
وتتوقع الحكومة تسلم شريحة أولى لا تقل عن ملياري دولار في غضون شهرين من الاتفاق مع صندوق النقد الدولي. وتخطط أيضا لإصدار سندات دولية بقيمة 2-3 مليارات دولار في سبتمبر أيلول أو أكتوبر تشرين الأول. وعلاوة على نحو 4.5 مليار دولار تعهدت بها السعودية والإمارات العربية المتحدة هذا العام وثلاثة مليارات دولار منتظرة من البنك الدولي على مدى ثلاث سنوات فقد يتيح هذا التمويل لمصر وقتا لتنفيذ خطط لإدراج شركات مملوكة للدولة بالبورصة. وربما يساعد الاتفاق أيضا الحكومة إلى أن تتمكن مجددا من جذب السياح إلى منتجعاتها على البحر الأحمر بعدما دفع تفجير طائرة في العام الماضي روسيا وبريطانيا إلى تعليق الرحلات الجوية بحسب رويترز.
ويتعين على الحكومة في الوقت نفسه تنفيذ خطط إصلاح قائمة ستشكل على الأرجح أساس الاتفاق مع الصندوق. تشمل تلك الإصلاحات خفض الدعم وتقليص أجهزة الخدمة المدنية المتضخمة وتطبيق ضريبة القيمة المضافة. ويقول اقتصاديون إنه ما أن تُتخذ تلك الخطوات فإن خفض قيمة الجنيه إلى سعر أكثر واقعية أو استدامة قد يعزز الصادرات ويحفز الاستثمار الأجنبي في نهاية المطاف. غير أن الطريق إلى ذلك محفوف بالمخاطر.
وقال سايمون وليامز كبير الخبراء الاقتصاديين المتخصصين في شؤون وسط وشرق أوروبا والشرق الأوسط وشمال افريقيا لدى (إتش.إس.بي.سي) "إصلاح نظام الصرف الأجنبي سيكون اختبارا كبيرا. أربعة مليارات دولار مبلغ ضخم.. لكنه سيغطي فقط ثلث العجز في ميزان المعاملات الجارية." وأضاف قوله "التوصل إلى اتفاق خطوة أولى إيجابية للغاية.. لكن بعد الخسائر والاخفاقات السياسية في السنوات الخمس الماضية .. ينبغي عدم التهوين من شأن المصاعب المنتظرة."
ويقول خبراء اقتصاديون إن التفاصيل التي تحدث بها المسؤولون المصريون تشير إلى أن الاتفاق في مراحله الأخيرة. لكن المحادثات بشأن حزمة أصغر بكثير قد تعثرت في الماضي.
وقال فخري الفقي الخبير الاقتصادي المصري والمسؤول السابق في صندوق النقد الدولي "يجب أن تضمن مصر أنها تحظى بمساندة الخمس الكبار في الصندوق بمن فيهم الولايات المتحدة وبريطانيا... هذه سياسة." وأضاف "مصر تحتاج القرض. إذا تم رفض طلبنا.. سيحدث انهيار." ويقول خبراء اقتصاديون إن الإصلاحات ستؤدي إلى تفاقم التضخم الذي بلغ أرقاما في خانة العشرات في البلد الذي يعتمد فيه عشرات الملايين على دعم الدولة.
وتم بالفعل إقرار إصلاحات للخدمة المدنية. ونفذت الحكومة جولة أولى من خفض الدعم. وبلغ مشروع قانون ضريبة القيمة المضافة مراحله النهائية لكنه يواجه معارضة في البرلمان.
ومما يسلط الضوء على المخاطر أيضا حزمة اتفقت عليها مصر بالفعل مع البنك الدولي في ديسمبر كانون الأول وتستند إلى خطة الإصلاح القائمة. ولم يتم صرف التمويل بعد حيث ينتظر البنك موافقة البرلمان على إصلاحات معلقة. ويشير رجال أعمال أيضا إلى سلسلة من الفرص الضائعة التي ألحقت الضرر بالمصداقية في السنوات الأخيرة.
توتر في السوق السوداء للعملة في مصر
وقد خيم التوتر على السوق الموازية للعملات في مصر مع حملات أمنية على شركات الصرافة في عدد من المحافظات قبيل وصول بعثة صندوق النقد إلى مصر للتفاوض على تمويل البلاد بنحو 12 مليار دولار على ثلاث سنوات. وقالت وزارة الداخلية في بيان صحفي إن مباحث الأموال العامة "داهمت 10 شركات صرافة في القاهرة والجيزة بعد ورود تحريات بأن مسؤوليها يقومون بالإتجار غير المشروع في النقد الأجنبي بأسعار السوق السوداء وتم تحرير محاضر لهم واخطار البنك المركزي."
وتراجع سعر الدولار في السوق الموازية من مستويات بين 13 جنيها و13.25 جنيه للدولار يوم الاثنين إلى ما بين 12.30 و12.50 جنيه يوم الخميس. وقال متعامل في السوق الموازية "لدينا تعليمات صريحة بعدم بيع أي دولار اليوم في السوق لعدم إحراج الحكومة قبل زيارة وفد صندوق النقد. قالوا لنا 'من يبيع أي دولار اليوم فليتحمل ما سيحدث له'."
وتستقبل القاهرة بعثة رسمية من صندوق النقد لاستكمال مفاوضات الحصول على التمويل. وقال خمسة متعاملين لرويترز إن الدولار يباع يوم الخميس بعيدا عن الأنظار بين 12.30 و12.50 جنيه. وقال أحد المستوردين لرويترز "معروض علينا 200 ألف دولار بسعر 12.35 جنيه. لم نتخذ قرار الشراء بعد لأننا نتوقع نزول السعر."
وكانت توقعات بخفض وشيك في سعر صرف الجنيه ساهمت في تفاقم حدة نقص الدولار بشدة على مدى الأيام القليلة الماضية ليقفز سعر الدولار في السوق الموازية إلى أكثر من 13 جنيها قبل أن يتراجع عقب أنباء التفاوض على تمويل مع صندوق النقد. وقال متعامل في السوق "نحاول شراء الدولار بين 11.70 و11.75 جنيه لعمل متوسطات ونبيع على 12.50 جنيه لمن نعرفه ونثق فيه فقط حتى لا نتعرض للإغلاق."
ولم ينجح البنك المركزي في القضاء على السوق السوداء أو حتى تخفيف حدة هبوط الجنيه من خلال الإجراءات التي اتخذها خلال الفترة الماضية سواء بخفض سعر العملة في مارس آذار أو العطاءات الاستثنائية أو سحب تراخيص نحو 23 شركة صرافة في الأشهر الستة الأولى من العام. وقالت وزارة الداخلية في بيانها يوم الخميس إن مباحث الأموال العامة داهمت أيضا "بعض الشركات في الاسكندرية والقاهرة لمزاولة نشاطها بالرغم من صدور قرار من محافظ البنك المركزي بالغاء التراخيص الممنوحة لهم."
ويبلغ السعر الرسمي للجنيه في تعاملات ما بين البنوك 8.78 جنيه بينما يبلغ السعر للأفراد في البنوك 8.88 جنيه. ويسمح البنك رسميا لمكاتب الصرافة ببيع الدولار بفارق 15 قرشا فوق أو دون سعر البيع الرسمي لكن من المعروف أن مكاتب الصرافة تطلب سعرا أعلى للدولار عندما يكون شحيحا. وقال هاني جنينة من بلتون المالية "هناك حرب نفسية تدور الآن بين البنك المركزي وتجار العملة وهو ما يؤكد التمهيد لحدوث شيء ما. "أعتقد أن المركزي أقرب للتعويم سواء اليوم أو خلال الأسبوعين المقبلين حتى ولو تعويم مدار. أعتقد أن ذلك قد يحدث أثناء وجود بعثة صندوق بمصر."
وقال أحمد كوجك نائب وزير المالية للسياسات المالية في مؤتمر صحفي يوم الخميس إن بلاده ستحصل على شريحة أولى بقيمة لا تقل عن ملياري دولار من قرض صندوق النقد الدولي خلال شهرين إذا توصلت لاتفاق مع الصندوق وإن سداد كل شريحة من شرائح القرض سيكون على خمس سنوات منها ثلاث سنوات وربع السنة فترة سماح بحسب رويترز.
وتكافح مصر التي تعتمد اعتمادا شديدا على الواردات لإنعاش اقتصادها منذ انتفاضة 2011 وما أعقبها من قلاقل أدت إلى عزوف المستثمرين الأجانب والسياح - وهما مصدران رئيسيان للعملة الصعبة - وانخفاض إيرادات قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين في الخارج. وقالت وزارة الداخلية في بيان آخر إن مباحث الأموال العامة تمكنت من "ضبط أحد العاملين بإحدى شركات الصرافة لقيامه بالإتجار غير المشروع في العملات الأجنبية وبحوزته 300 ألف جنيه مصري و1750 جنيها إسترلينيا."
وقال متعامل آخر "هناك حالة من السكتة القلبية والجمود في السوق الموازية. الجميع يترقب خفض المركزي للجنيه ولذا لا أحد يريد أن يشتري أو يبيع غير المضطر فقط." وقال أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين في اتحاد الغرف التجارية في مصر "المستوردون يشترون الدولار من السوق السوداء بأسعار تتراوح بين 12.30 و12.50 جنيه. لم تحدث انفراجة من قبل البنوك لتوفير الدولار للمستوردين ولذا اتجهوا للسوق السوداء."
وخفض البنك المركزي قيمة الجنيه بنحو 14 بالمئة في مارس آذار ليقلص الفارق بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازية لفترة قصيرة. لكن الجنيه تراجع بعد ذلك إلى مستويات قياسية في السوق السوداء مما زاد الضغط على المركزي لخفض العملة مجددا. ويقول مصرفيون وخبراء اقتصاد إن خفض العملة بات حتميا لكن يتعين جذب دولارات إلى الاقتصاد لتجنب الدخول في فترة طويلة من الغموض وتعديل أسعار الصرف بشكل متكرر. ورغم أن البنك المركزي قال إنه سيتبنى سعر صرف أكثر مرونة عقب تخفيض العملة في مارس آذار إلا أن السعر الرسمي لم يتغير منذ ذلك الحين.
حديث عن خفض قيمة الجنيه في مصر
وقد هبط الجنيه المصري إلى مستوى لم يسبق له مثيل أمام العملة الأمريكية في السوق السوداء ليتجاوز سعر الدولار 13 جنيها مؤخرا وسط توقعات بخفض قيمة الجنيه في ظل النقص الحاد للعملة الصعبة الذي يعرقل حركة التجارة في بلد يعتمد على الواردات. وتسببت توقعات تخفيض قيمة العملة في تفاقم حدة نقص الدولار الذي أثر سلبا على الاستثمارات بالفعل إذ يلوح الخفض في الأفق منذ أن قال محافظ البنك المركزي طارق عامر في أوائل يوليو تموز إن الحفاظ على سعر غير حقيقي للجنيه كان خطأ.
وفي الأسبوع الماضي استبعد عامر تعويم الجنيه في الوقت الحالي لكنه قال إن الخفض "يرجع لما يراه البنك في الوقت المناسب". وعززت تصريحات عامر التوقعات في السوق بأن البنك المركزي يستعد للتحرك. وقال أحد المتعاملين "الناس لا يريدون بيع دولاراتهم لأنه يتوقعون خفضا للعملة." وتواجه مصر نقصا في العملة الأجنبية منذ انتفاضة 2011 وما أعقبها من اضطرابات أدت إلى ابتعاد السياح والمستثمرين الأجانب.
وفرض ذلك ضغوطا على الاحتياطيات الأجنبية المصرية التي نزلت من 36 مليار دولار في 2011 إلى نحو 17.5 مليار دولار الشهر الماضي. ويعمل البنك المركزي على ترشيد صرف الدولارات والإبقاء على الجنيه المصري قويا بشكل مصطنع من خلال عطاءات أسبوعية لبيع العملة الصعبة في حين تلجأ الشركات إلى السوق السوداء لتدبير احتياجاتها من العملة الأجنبية بعلاوات سعرية.
وخفض البنك المركزي قيمة الجنيه بنحو 14 بالمئة في مارس آذار ليقلص الفارق بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازية لفترة قصيرة. لكن الجنيه تراجع بعد ذلك إلى مستويات قياسية في السوق السوداء بما زاد الضغط على المركزي لخفض العملة مجددا. وقال رجل أعمال يحصل على الدولارات من السوق السوداء من أجل نشاطه في مجال استيراد وبيع إطارات السيارات "توقفت عن بيع منتجاتي أمس إذ ننتظر لنرى ما سيحدث لسعر الصرف وما إذا كنا سنحتاج لرفع أسعارنا." وأضاف "في الآونة الأخيرة أخذ سعر الصرف يصعد بطريقة غريبة جدا. فقبل نحو أسبوع كان السعر 11.5 جنيه للدولار."
ويقول مصرفيون وخبراء اقتصاد إن خفض العملة بات حتميا لكن يتعين جذب دولارات إلى الاقتصاد لتجنب الدخول في فترة طويلة من الغموض وتعديل أسعار الصرف بشكل متكرر. ورغم أن البنك المركزي قال إنه سيتبنى سعر صرف أكثر مرونة عقب تخفيض العملة في مارس آذار إلا أن السعر الرسمي لم يتغير منذ ذلك الحين.
وقالت رزان ناصر الخبيرة الاقتصادية لدى بنك اتش.إس.بي.سي الشرق الأوسط "إذا أريد لخفض العملة أن يكون ناجعا فعلى البنك المركزي أن يسمح بنظام أكثر مرونة لسعر الصرف يتيح للعملة أن تصل إلى مستواها المناسب بدلا من مجرد إعادة ربطها بسعر أضعف."
12 مليار دولار من صندوق النقد لمصر
من جهته قال وزير المالية المصري عمرو الجارحي في تصريحات لقناة سي.بي.سي المحلية "نستهدف الحصول على 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي على 3 سنوات بواقع أربعة مليارات سنويا. وفد صندوق النقد يصل القاهرة. "نلجأ للصندوق لأن معدلات عجز الموازنة عالية جدا وتتراوح بين 11 و 13 بالمئة خلال الست سنوات الماضية. قرض الصندوق يعطي شهادة ثقة للمستثمرين الخارجيين."
وقالت الحكومة المصرية في بيان إنها تستهدف تمويل برنامجها الاقتصادي بنحو 21 مليار دولار على ثلاثة سنوات بدعم من صندوق النقد الدولي. وقال الجارحي إن بلاده تستهدف الحصول على تمويل 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي والباقي من إصدار سندات وتمويل من البنك الدولي ومصادر أخرى وطرح ما بين خمس إلى ست شركات حكومية في البورصة خلال 2016-2017.
ويمثل بيان الحكومة المصرية أول إعلان رسمي من الحكومة عن وجود مفاوضات مع صندوق النقد الدولي بعد أن نفت ذلك مرارا خلال الأشهر القليلة الماضية. وكانت مصر سعت بعد الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك إلى الاقتراض من صندوق النقد وكانت على وشك إبرام اتفاق إبان حكم المجلس العسكري بقيمة 3.2 مليار دولار بحسب رويترز.
لكن ذلك الاتفاق لم ير النور نظرا لانتقال الحكم في منتصف 2012 إلى الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين الذي سعت حكومته لاحقا لاقتراض 4.5 مليار دولار من صندوق النقد وإن كان ذلك الاتفاق لم يكتمل أيضا عقب عزل مرسي في منتصف 2013.
اضف تعليق