مضت سنوات الميزانيات الانفجارية في العراق، فبعد أن فاقت ميزانية البلاد في بعض السنوات حاجز الـ (100) مليون دولار، حدثت صدمة هبوط اسعار النفط، ونزل سعر البرميل من (100) دولار الى (25) دولار، واضطر ذلك الحكومة العراقية الى اتخاذ خطوات تقشف شديد من بينها حسم جزء من رواتب الموظفين والمتقاعدين، وتقليل الانفاق وزيادة الضرائب، واضطرت الحكومة الى اللجوء لاسلوب القروض الخارجية، وآخرها قرض من صندوق النقد الدولي تحدثت عنه وسائل الاعلام بقيمة 15 مليار دولار.
فقد قال مسؤول حكومي رفيع إن العراق وافق على إجراءات طلبها صندوق النقد الدولي لتقديم قروض من شأنها أن تساعد بلاده على تخطي أزمة في السيولة نتجت عن انخفاض إيرادات النفط. وقال مظهر صالح مستشار رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي للسياسات المالية إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه الشهر الماضي بين العراق وصندوق النقد الدولي "يمضي قدما"، وأكد الخبير نفسه على أن الحكومة العراقية وافقت على الإجراءات خلال اجتماع عقد الأسبوع الماضي وأبلغت صندوق النقد الدولي بذلك، وأضاف أن بغداد تتوقع أن يوافق مجلس إدارة الصندوق بنهاية يونيو حزيران أو أوائل يوليو تموز على منحه أول دفعة من القرض والتي تبلغ نحو 600 مليون دولار. وقال صالح إن الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة من بلاده تشمل زيادة في الضرائب وفي رسوم الكهرباء وتحسين مستوى الرقابة المصرفية لمحاربة الفساد وغسل الأموال.
ومع أن مستوى انتاج النفط العراقي بلغ أعلى مستوياته على الاطلاق، إلا ان الانفاق على رواتب الموظفين والميزانية التشغيلية وتكاليف الحرب على داعش استنزفت جميع الموارد والعائدات، كما اكد ذلك مسؤول كبير حيث قال إن العراق يضخ نحو 4.5 مليون برميل من النفط يوميا في الوقت الذي تتسبب فيه أمور مثل أعمال الصيانة وانقطاع الكهرباء في تباطؤ الإنتاج مقارنة بالمستوى القياسي الذي جرى تسجيله في يناير كانون الثاني والبالغ 4.78 مليون برميل يوميا. وذكر فلاح العامري مندوب العراق لدى منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والمدير العام لشركة تسويق النفط العراقية (سومو) أن الإنتاج تباطأ بفعل قرار بوقف إنتاج 170 ألف برميل يوميا من خام كركوك وأثر أحوال الطقس السيئة وأعمال الصيانة.
علما هناك خطط نفطية استراتيجية بعيدة المدى، وضعتها الجهات المعنية في العراق حيث يهدف الى زيادة انتاج النفط بما يصل إلى الثلث بحلول عام 2020 رغم تحذيرات بعض الشركات العاملة في ثاني أكبر منتج بمنظمة أوبك من أن المشاريع قد تتأخر بسبب تخفيضات الإنفاق، وقال فلاح العامري رئيس شركة تسويق النفط العراقية (سومو) خلال مؤتمر لقطاع النفط العراقي إن العراق يضخ نحو 4.5 مليون برمل يوميا ويطمح لزيادتها إلى ما بين 5.5 مليون وستة ملايين برميل يوميا بحلول 2020. ولم تؤثر تخمة العرض الكبير للنفط في الاسواق، ولم تجعل العراق يتردد في زيادة انتاجه النفطي.
فقد قال محافظ العراق في أوبك إن تخمة المعروض في الأسواق تنحسر وإن العراق يتوقع زيادة الطلب على خامي البصرة الخفيف والبصرة الثقيل اللذين يصدرهما من الجنوب، وثبط التوقعات بأن تتفق أوبك التي تجتمع في الثاني من يونيو حزيران على أي خطوات لدعم الأسعار بعد أن غيرت سياستها في 2014 كي تركز على حماية الحصة السوقية، وقال أيضا أن "هناك طلبا كبيرا خلال الصيف والاستهلاك الآن أكبر مما كان في مطلع العام.. بعد عامين بدأت السوق تتوازن لكنها كادت تدمر العديد من الدول."
وتخوض وزارة النفط العراقية ضربا جديدا من الانتاج، حيث دخلت في مجال تسويق (الغاز) لأول مرة في تاريخ العراق، وقامت بتصدير الشحنة الثالثة منه، حيث صدر العراق شحنة حجمها 20 ألف متر مكعب من مكثفات الغاز هي الثالثة له منذ مارس آذار. وتستخلص مكثفات الغاز من الغاز الطبيعي المصاحب لإنتاج النفط من حقول جنوب العراق وتجري معالجتها بالأساس لتغذية محطات الكهرباء وللاستخدام كغاز للطهي في السوق المحلية، ومع ذلك هناك حاجة اضافية للقروض حتى تتمكن الحكومة العراقية من سد قائمة الانفاق.
اتفاق صندوق النقد والحكومة على الإصلاح
في هذا السياق قال مسؤول حكومي رفيع إن العراق وافق على إجراءات طلبها صندوق النقد الدولي لتقديم قروض من شأنها أن تساعد بلاده على تخطي أزمة في السيولة نتجت عن انخفاض إيرادات النفط. وقال مظهر صالح مستشار رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي للسياسات المالية إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه الشهر الماضي بين العراق وصندوق النقد الدولي "يمضي قدما". وأضاف أن من بين الإجراءات التي تمت الموافقة عليها تسديد كل المتأخرات المستحقة لشركات النفط الأجنبية العاملة في العراق بنهاية العام. ولم يفصح صالح عن المبلغ الإجمالي الذي تدين به بلاده لتلك الشركات.
ويسعى العراق لدعم ميزانيته للتكيف مع انهيار أسعار النفط على مدى العامين الأخيرين. وتسبب هبوط الإيرادات النفطية في تفاقم عجز الموازنة وتأخر دفع مستحقات شركات النفط الأجنبية. ووافق صندوق النقد الدولي في مايو أيار على منح العراق قرضا قيمته 5.4 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات. لكن منح العراق ذلك القرض مشروط بتنفيذه إجراءات لخفض الإنفاق وزيادة الإيرادات غير النفطية وسداد مستحقات متأخرة لشركات النفط بمليارات الدولارات.
وقال صالح إن الحكومة العراقية وافقت على الإجراءات خلال اجتماع عقد الأسبوع الماضي وأبلغت صندوق النقد الدولي بذلك. وأضاف أن بغداد تتوقع أن يوافق مجلس إدارة الصندوق بنهاية يونيو حزيران أو أوائل يوليو تموز على منحه أول دفعة من القرض والتي تبلغ نحو 600 مليون دولار. وقال صالح إن الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة من بلاده تشمل زيادة في الضرائب وفي رسوم الكهرباء وتحسين مستوى الرقابة المصرفية لمحاربة الفساد وغسل الأموال. وأضاف أن تلك الإصلاحات تتطلب أيضا ضبط العمل في الشركات الحكومية ومراجعة حسابات رواتب الموظفين الحكوميين المتضخمة للقضاء على ظاهرة منح رواتب لمن لا يأتون لتأدية أعمالهم بحسب رويترز.
ويأتي الانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية منذ 2014 في وقت يحتاج فيه العراق للمزيد من الموارد لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد الذي سيطر على مساحات واسعة من البلاد في الشمال والغرب وتسبب في تشريد نحو أربعة ملايين شخص. وقال صالح إن الزيادة الأخيرة في أسعار النفط إلى مستوى 50 دولارا للبرميل ارتفاعا من مستوى يقل عن ثلاثين دولارا في وقت سابق من العام لن تؤخر تنفيذ الإصلاحات. وكان وزير المالية العراقي هوشيار زيباري قال إن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي سيفتح الباب أمام منح مساعدات دولية للعراق تصل قيمتها إلى 18 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات. وذكر زيباري وقتها أن البنك الدولي ومجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى من بين الجهات المانحة إضافة إلى صندوق النقد الدولي.
وقال زيباري إن العراق يتوقع بيع سندات دولية بقيمة ملياري دولار في الربع الأخير من هذا العام عندما تبدأ المساعدات الدولية في التدفق بما يساعد على خفض تكلفة الاقتراض. وكانت آخر مرة باع العراق فيها أدوات دين دولية عام 2006 حينما أصدر سندات بلغت قيمتها نحو 2.7 مليار دولار تستحق في 2028 بعائد 5.8 في المئة. ويأمل العراق في أن يسهم الدعم الدولي في خفض عائدات السندات إلى خمسة أو ستة بالمئة من نحو 10-11 بالمئة حاليا.
وارتفعت السندات العراقية القائمة بشكل مطرد منذ أوائل مايو أيار حينما بدأ العمل على التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد. وزادت السندات التي تستحق في 2028 من أقل من 70 سنتا للدولار في أوائل مايو أيار إلى 77.75 سنت في الثامن من يونيو حزيران. وجرى تداولها بنحو 75.75 سنتا بعائد يبلغ حوالي 10.5 بالمئة.
وقال ألان كاميرون الخبير الاقتصادي لدى إكزوتكس في لندن "نعتقد أن ذلك مجرد بيع لجني الأرباح بعدما ارتفع السعر بشكل مطرد منذ أوائل مايو أيار حينما تم التوصل إلى اتفاق من حيث المبدأ مع صندوق النقد الدولي." وأضاف أن أسعار النفط واتفاق صندوق النقد هما العاملان الرئيسيان في تحريك أسعار السندات العراقية. وقالت وكالتا موديز وفيتش للتصنيف الائتماني الشهر الماضي إن اتفاق العراق مع صندوق النقد الدولي إيجابي للتصنيف الائتماني. وصنفت فيتش ديون العراق في المدى الطويل عند B- أي أقل من درجة الاستثمار.
العراق يحث المواطنين لاستخدام الخدمات المصرفية
من جهته قال البنك المركزي إن العراق يخطط لإنشاء صندوق ضمان ودائع لحث العراقيين على استخدام الخدمات المصرفية وتطوير القطاع المالي. وقال البنك المركزي في بيان تلقت رويترز نسخة منه إن هناك سيولة تقدر بنحو 30 تريليون دينار (25.71 مليار دولار) خارج النظام المصرفي العراقي. ويحتفظ العراقيون بنحو عشرة تريليونات دينار فقط في النظام المصرفي. وظل العراق فريسة للحرب والأعمال المسلحة منذ الإطاحة بالرئيس السابق صدام حسين عام 2003. ونتيجة لذلك عزف العراقيون عن استخدام البنوك خشية أن تمنعهم أحداث العنف من الوصول لأموالهم أو فرض قيود على عمليات السحب.
كما يشعر كثير من العراقيين بالقلق أيضا من احتمال ضياع مدخراتهم إذا حدث انهيار لأي بنك. وفي العام الماضي أوقفت الحكومة المدفوعات لفروع البنوك الموجودة في مناطق يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد الذي يسيطر على أراض في شمال وغرب العراق بحسب رويترز.
وقال بيان البنك إن الصندوق الخاضع لإشراف البنك المركزي سيكون برأس مال 100 مليار دينار وسيحصل نسبة مئوية معينة من الودائع الموجودة لدى البنوك الخاصة والمملوكة للدولة. ولم يحدد البيان حجم المبلغ. وقال البنك المركزي إن نحو 70 بالمئة من إجمالي ودائع القطاع المصرفي الخاص موجودة الآن في بنوك حكومية.
العراق يضخ 4.5 مليون ب/ي
في سياق مقارب قال مسؤول كبير إن العراق يضخ نحو 4.5 مليون برميل من النفط يوميا في الوقت الذي تتسبب فيه أمور مثل أعمال الصيانة وانقطاع الكهرباء في تباطؤ الإنتاج مقارنة بالمستوى القياسي الذي جرى تسجيله في يناير كانون الثاني والبالغ 4.78 مليون برميل يوميا. وذكر فلاح العامري مندوب العراق لدى منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والمدير العام لشركة تسويق النفط العراقية (سومو) أن الإنتاج تباطأ بفعل قرار بوقف إنتاج 170 ألف برميل يوميا من خام كركوك وأثر أحوال الطقس السيئة وأعمال الصيانة بحسب رويترز.
وقال للصحفيين على هامش مؤتمر حول النفط العراقي في لندن إن هناك حالة من التقلب تطال ما يتراوح بين 100 ألف و200 ألف برميل يوميا في كل شهر. وأشار إلى أن انقطاع الكهرباء يؤثر على إنتاج ما يتراوح بين 50 ألفا و70 ألف برميل يوميا من جنوب العراق. ويسهم هذا في تباطؤ الصادرات العراقية منذ بداية مايو أيار. والعراق هو ثاني أكبر منتج للنفط في أوبك بعد المملكة العربية السعودية.
العراق يخطط لبيع سندات بملياري دولار
من ناحيته قال وزير المالية العراقي هوشيار زيباري إن بلاده تتوقع بيع سندات دولية بقيمة ملياري دولار في الربع الأخير من العام عندما يبدأ تدفق المساعدات الدولية إذ سيساعد ذلك على تخفيض تكلفة الاقتراض على بغداد. وقال زيباري إن الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) تتوقع تلقي 600 مليون دولار في سبتمبر أيلول من صندوق النقد الدولي كدفعة أولى من تسهيل بقيمة 5.4 مليار دولار من المنتظر أن يحصل عليه العراق من الصندوق على مدار ثلاث سنوات بموجب اتفاق استعداد جرى الإعلان عنه الشهر الماضي.
ويسعى العراق للحصول على دعم دولي بعد تقلص إيراداته جراء انهيار أسعار النفط قبل نحو عامين. وتعتمد الحكومة على النفط في 95 بالمئة من دخلها. وكانت آخر مرة يبيع فيها العراق أدوات دين دولية في عام 2006 عندما أصدر سندات بنحو 2.7 مليار دولار لأجل حتى سنة 2028 بعائد 5.8 بالمئة بحسب رويترز. وقالت وكالتا موديز وفيتش للتصنيف الائتماني الشهر الماضي إن اتفاق العراق مع صندوق النقد الدولي إيجابي من الناحية الائتمانية. وأعطت فيتش تصنيف B- للائتمان العراقي طويل الأجل.
اتفاق ايجابي بين العراق وصندوق النقد
من جهتها قالت موديز في بيان إن الاتفاق الذي أبرمه العراق وصندوق النقد الدولي بخصوص قرض تحت الطلب قيمته 5.4 مليار دولار إيجابي للتصنيف الائتماني وسيحسن السيولة لدى الحكومة التي تشتد حاجتها إليها. وقالت وكالة التصنيفات الائتمانية إن الاتفاق سيساعد العراق على تمويل عجز الميزانية وعجز ميزان المعاملات الجارية. وقد يتيح الاتفاق مساعدات دولية إضافية قيمتها 15 مليار دولار على مدى الأعوام الثلاثة المقبلة لدعم الاقتصاد المتضرر بفعل انخفاض أسعار النفط منذ منتصف 2014 والحرب باهظة التكلفة ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال محافظ البنك المركزي علي العلاق خلال مؤتمر صحفي بعد أسبوع من المباحثات مع الصندوق في الأردن إن القرض سيكون بفائدة سنوية قدرها 1.5 بالمئة لكنه لم يتطرق إلى مدة القرض. وبحسب زيباري سيسمح الاتفاق للعراق بتأمين مساعدات مالية إضافية بقيمة تبلغ نحو 15 مليار دولار على مدار السنوات الثلاث المقبلة بعضها في صورة سندات دولية. أضاف أن الاتفاق مرهون بتقليص العجز في موازنة العراق وإجراءات أخرى غير محددة. ويعتزم العراق العضو البارز في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) خفض توقعاته لأسعار النفط مما سيزيد عجزه المالي الحالي البالغ 24 تريليون دينار (21 مليار دولار) بمليارات الدولارات.
وقال رئيس بعثة الصندوق إلى العراق كريستيان جوتش للصحفيين إن الاتفاق خطوة أولى مهمة قد تعطي الثقة للمانحين الآخرين لتقديم المزيد من التمويل. وما زال الاتفاق بحاجة لموافقة مجلس صندوق النقد الدولي الذي سيجتمع في يونيو حزيران.
العراق متمسك بخطة زيادة إنتاج النفط
ويتمسك العراق بهدف زيادة انتاج النفط بما يصل إلى الثلث بحلول عام 2020 رغم تحذيرات بعض الشركات العاملة في ثاني أكبر منتج بمنظمة أوبك من أن المشاريع قد تتأخر بسبب تخفيضات الإنفاق. وقال فلاح العامري رئيس شركة تسويق النفط العراقية (سومو) خلال مؤتمر لقطاع النفط العراقي إن العراق يضخ نحو 4.5 مليون برمل يوميا ويطمح لزيادتها إلى ما بين 5.5 مليون وستة ملايين برميل يوميا بحلول 2020.
وقال مشيرا إلى ذلك الهدف "إذا توافر استثمار جيد وإذا أتيح الاستثمار للأعوام المقبلة فلا مشكلة لدي في ذلك... لن نخفض إنتاجنا بل سيواصل النمو لكن ببطء." ونال انهيار أسعار النفط - البالغة حاليا 49 دولارا للبرميل أي أقل من نصف مستواها قبل عامين - من إيرادات العراق والمنتجين الآخرين وأجبر بغداد في العام الماضي على تقليص هدف أكثر طموحا لزيادة الإمدادات. وأثار هبوط السعر بواعث قلق من تباطؤ نمو إنتاج النفط العراقي أو توقفه. وبالفعل حذرت شركات النفط العراق من تأخر المشاريع إذا أصرت الحكومة على تخفيضات الإنفاق الجذرية هذا العام. لكن العراق نجح في مواصلة رفع إنتاجه حتى الآن رغم بعض التوقعات المغرقة في التشاؤم بحسب رويترز.
ففي العام الماضي كان البلد هو المصدر الأسرع لنمو المعروض بمنظمة البلدان المصدرة للبترول حيث زاد إنتاجه أكثر من 500 ألف برميل يوميا رغم تخفيضات الإنفاق والحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وفي ظل استنزاف موارده المالية طالب العراق شركات النفط الأجنبية بتقليص ميزانياتها للعام الثاني على التوالي. وتعكف رويال داتش شل التي تشغل حقل مجنون العراقي على خفض التكاليف عن طريق تقليص أعداد العاملين الأجانب. وقال ماركوس أنتونيني مدير شل في العراق "نقوم بما يتعين علينا القيام به" مضيفا أن الشركة قلصت عدد العاملين الأجانب في مجنون نحو النصف وتنوي المزيد. وأبلغ المؤتمر "يسمح لنا هذا بتوفير مبالغ كبيرة في نفقات التشغيل" قائلا إن خفض عدد العاملين الأجانب لم يؤثر على إنتاج مجنون البالغ 220 ألف برميل يوميا.
وقال العامري الذي يشغل أيضا منصب محافظ العراق في أوبك إن تخمة المعروض في الأسواق تنحسر وإن العراق يتوقع زيادة الطلب على خامي البصرة الخفيف والبصرة الثقيل اللذين يصدرهما من الجنوب. وثبط التوقعات بأن تتفق أوبك التي تجتمع في الثاني من يونيو حزيران على أي خطوات لدعم الأسعار بعد أن غيرت سياستها في 2014 كي تركز على حماية الحصة السوقية.
وقال "هناك طلب كبير خلال الصيف والاستهلاك الآن أكبر مما كان في مطلع العام.. بعد عامين بدأت السوق تتوازن لكنها كادت تدمر العديد من الدول." وعلى شركات النفط في العراق الحصول على مصادقة الحكومة على الإنفاق في كل عام ثم تتلقى مستحقاتها عن طريق النفط المنتج من الحقول القائمة. وفي ظل انهيار السعر يكافح العراق لإيجاد ما يكفي من النفط للسداد. ولم تتفق الشركات والحكومة حتى الآن على مستويات الإنفاق. وقال مسؤول تنفيذي نفطي طلب عدم نشر اسمه إن المدفوعات العراقية للشركات النفطية في 2015 كانت أعلى 30 بالمئة من المتوقع وإنه رغم الحديث عن خروج شركات من العراق فلم يحدث شيء حتى الآن.
شركات النفط ترفض خفض الإنفاق
من جهته قال مسؤول عراقي بارز إن شركات النفط العالمية حذرت العراق من أن المشروعات التي تهدف إلى زيادة إنتاجه من الخام ستتأخر إذا أصرت الحكومة على تخفيضات كبيرة في الإنفاق هذا العام. وتلعب شركات النفط التي تساعد العراق على تطوير حقوله النفطية الواسعة بفاعلية دورا مشابها لذلك الذي تلعبه شركات الخدمات النفطية من حيث أنه يتعين على تلك الشركات تحديد الإنفاق مع الحكومة كل سنة على أن يتلقوا مستحقاتهم بعد ذلك من النفط المنتج من الحقول القائمة بالفعل.
وكان ذلك النظام يسير بسلاسة عندما كانت أسعار الخام فوق 100 دولار للبرميل لكن منذ أن انهارت أسعار النفط إلى 40 دولارا للبرميل يواجه العراق صعوبة لإيجاد ما يكفي من الخام لسداد مستحقات الشركات عما نفذته من استثمارات. ويعتمد العراق في كل إيراداته تقريبا على النفط كما ينفق بكثافة في حربه ضد تنظيم الدولة الإسلامية في المحافظات الواقعة بشمال وغرب البلاد.
ومع تضرر وضع العراق المالي طالبت بغداد شركات النفط الأجنبية بتقليص ميزانياتها الخاصة بتطوير موارد البلاد النفطية للعام الثاني على التوالي لكن الطرفين لم يتوصلا حتى الآن إلى اتفاق بشأن مستويات الإنفاق. وورد طلب الحكومة العراقية في خطابات من وزارة النفط اطلعت عليها رويترز وكانت موجهة إلى بي.بي ورويال داتش شل وإكسون موبيل وإيني ولوك أويل وبتروناس.
وقال المسؤول العراقي "لم يتم التوصل إلى اتفاق حتى الآن مع الشركات الأجنبية بشأن الميزانيات المقترحة.. وهذا يتسبب في تأخيرات في جميع مشروعات حقول النفط الرئيسية" مضيفا أن المباحثات مستمرة. وتقول الحكومة أيضا إن أسعار السلع والخدمات هبطت هبوطا حادا مع تراجع السوق ومن ثم ينبغي خفض ما تحصل عليه شركات النفط. لكن المسؤول قال إن بعض الشركات الأجنبية شكت من أن الميزانيات المقترحة قد تمنعها من مواصلة عمليات بالعراق. ولم يذكر مزيدا من التفاصيل. وقال إن شركات بي.بي وشل ولوك أويل اعترضت بالفعل على ميزانيات الاستثمار المقترحة.
وكان وزير النفط العراقي المنتهية ولايته عادل عبد المهدي قال في فبراير شباط إن ميزانية تكاليف عمليات التطوير التي تقوم بها شركات النفط الأجنبية قد عُدلت بالخفض إلى ما يزيد قليلا عن تسعة مليارات دولار في 2016 من 23 مليار دولار بعد مفاوضات معقدة. وارتفع إنتاج العراق من الخام إلى مستوى قياسي بلغ 4.775 مليون برميل يوميا في يناير كانون الثاني 2016.
وبحسب ملخص للمقترحات العراقية اطلعت عليه رويترز:
- طلب العراق من شركة بي.بي تخفيض ميزانيتها لسنة 2016 إلى 2.48 مليار دولار مع إنتاج مستهدف 1.4 مليون برميل يوميا من حقل الرميلة الذي تقوم بتشغيله. واقترحت بي.بي ميزانية بقيمة 3.25 مليار دولار لسنة 2015 لكن المبلغ الذي اتفقت عليه مع العراق ربما كان مختلفا.
- من المتوقع أن تخفض لوك أويل إنفاقها إلى 1.26 مليار دولار وتسعى لإنتاج 400 ألف برميل يوميا من مشروع غرب القرنة-2. واقترحت الشركة الروسية ميزانية بقيمة 2.1 مليار دولار في 2015.
- من المتوقع أن تخفض إيني إنفاقها إلى 1.62 مليار دولار وتستهدف إنتاج 351 ألف برميل يوميا من حقل الزبير. وقالت الشركة الإيطالية في فبراير شباط إنها ستخفض إنفاقها العام 20 بالمئة هذا العام من دون تحديد حجم تخفيض الإنفاق في العراق.
- طلب العراق من إكسون موبيل تخفيض إنفاقها إلى 878 مليون دولار وتهدف الشركة لإنتاج 379 ألف برميل يوميا من مشروع غرب القرنة-1. وأصرت الشركة الأمريكية العام الماضي على إنفاق 1.8 مليار دولار بحسب رويترز.
- من المتوقع أن تخفض شركة شل إنفاقها إلى 855 مليون دولار وتهدف لإنتاج 200 ألف برميل يوميا من حقل مجنون. واقترحت الشركة العام الماضي ميزانية بقيمة 1.5 مليار دولار.
- من المتوقع أن تخفض بتروناس تكاليفها إلى 712 مليون دولار وتهدف لإنتاج 100 ألف برميل يوميا من حقل الغراف.
وانقسمت شركات النفط المذكورة ما بين رافضة للتعليق وأخرى قالت إنه ليس لديها تعليق على الفور.
تصدير ثالث شحنة من الغاز
من جهتها قالت وزارة النفط العراقية إن العراق صدر شحنة حجمها 20 ألف متر مكعب من مكثفات الغاز هي الثالثة له منذ مارس آذار. وتستخلص مكثفات الغاز من الغاز الطبيعي المصاحب لإنتاج النفط من حقول جنوب العراق وتجري معالجتها بالأساس لتغذية محطات الكهرباء وللاستخدام كغاز للطهي في السوق المحلية.
وقال وحيد علي كبيروف الرئيس التنفيذي لشركة لوك أويل الروسية إن العراق فاجأ شركات النفط الكبرى بشكل إيجابي بالبدء سريعا في سداد ديون متراكمة وتعهد بزيادة الاستثمارات بما يسمح للبلد ثاني أكبر منتج للخام في أوبك بالحفاظ على النمو القوي في الانتاج. وقفز انتاج العراق 50 بالمئة منذ أن وقع عقودا بعشرات المليارات من الدولارات مع شركات كبرى منها لوك أويل وبي.بي وإكسون موبيل في أواخر العقد الماضي لمساعدته في تطوير حقول عملاقة.
لكن نمو الانتاج إلى نحو 4.5 مليون برميل يوميا تأخر عما كان مخططا له في الأصل مع شكوى الشركات مرارا من الروتين والوضع الأمني وزيادة الديون. وتباطأ سداد الديون المستحقة للشركات الكبرى عن استثماراتها خلال العامين الماضيين بدرجة أكبر مع الهبوط الشديد لأسعار النفط لكن كبيروف الرئيس التنفيذي والمساهم الكبير في لوك أويل قال إن الوضع بدأ يتغير.
وقال لرويترز على هامش اجتماع أوبك في فيينا حيث اجتمع مع عدد من الوزراء والمسؤولين من الدول الأعضاء "يسدد العراق مستحقات الشركات بشكل نشط للغاية. تغير الوضع كثيرا." وبسبب تراجع النفط من المتوقع أن يواجه العراق عجزا في التمويل بقيمة 17 مليار دولار هذا العام ما لم يتمكن من تدبير مزيد من التمويل وفقا لما ذكره صندوق النقد الدولي. ويشكل تمويل الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية عبئا آخر.
وتوصل العراق في مايو ايار إلى اتفاق قرض بقيمة 5.4 مليار دولار مع الصندوق يمكن أن يتيح له الحصول على مساعدات دولية أخرى بقيمة 15 مليار دولار خلال ثلاث سنوات. وقال كبيروف "نعلم بأمر محادثات الصندوق ونعلم أن الصندوق يشترط على العراق سداد مستحقات المتعاقدين." وأضاف "نأمل أن يسددوا كل الديون بحلول نوفمبر حتى يتسنى لنا بدء دورة استثمار جديدة قبل نهاية العام. هدفنا الخاص بالانتاج في العراق لا يزال كما هو .. 1.2 مليون برميل يوميا."
من ناحية أخرى عبر كبيروف عن أمله في أن تعلن طهران تفاصيل عقود الاستكشاف الجديدة مع الشركات الكبرى- التي تنتظر هذا منذ أكثر من عامين- قبل نهاية 2016 من أجل تحفيز الاستثمار. وقال إن لوك أويل على استعداد لاستثمار المليارات. وقال كبيروف إنه يتوقع استمرار نمو الانتاج في دول مثل السعودية وإيران والعراق في حين أن أعضاء أوبك الأقل ثراء والذين يواجهون تكاليف أعلى في الانتاج سيجدون صعوبة بسبب أوضاعهم الاقتصادية.
وقال "نيجيريا وفنزويلا غير قادرتين على زيادة الانتاج في الوقت الحالي." وذكر كبيروف أن الانخفاض الحاد في أسعار النفط أدى إلى هبوط كبير في الاستثمار في أرجاء العالم. وأضاف "العواقب ستكون وخيمة. ارتفاع الأسعار في المستقبل قد يكون كبيرا جدا."
اضف تعليق