لا توجد خارطة طريق لخفض انتاج النفط من اجل رفع الاسعار الى مستوى أعلى، بعد أن تهاوت الى أدنى مستوى لها خلال العام الفائت، وعدم الاهتمام بوضع مثل هذه الخارطة، يعود الى حالة التنافس بين الدول الكبرى المنتجة للنفط، كروسيا والسعودية وغيرهما، ويبدو أن الانشغال بالصراع والمنافسة يجعل الحلول بعيدة بخصوص رفع اسعار النفط مرة اخرى، لذلك يترشح عن ذلك نوع من التنافس الذي قد يتحول الى صراع، بدلا من التقارب والاتفاق على صيغة اقتصادية تضع حدا لتدهور الاسعار.
ومن صور هذا التنافس، تفوّق روسيا على السعودية لأول مرة واحتلالها المرتبة الاولى للدول التي تصدر النفط الى الصين بعد أن كانت السعودية هي التي تحتل هذه المرتبة لسنوات طويلة، ويؤكد الخبراء هذا الرأي بقولهم أن روسيا عززت مركزها في آسيا بزيادة إمداداتها إلى المنطقة بنحو الربع في 2015 لتتغير موازين القوى في واحدة من النقاط المشرقة القليلة بالسوق العالمية وتعرقل مساعي منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) الرامية لاستقطاب الزبائن. وباتت الصين واحدة من أكثر المناطق استيرادا للنفط الروسي بعدما حصلت شركات تكرير النفط المستقلة على حق استيراد الخام للمرة الأولى منذ عدة أشهر.
وما يزيد الطين بلّة حول تدهور الاسعار، فقدان منظمة اوبك لفاعليتها تقريبا، بعد أن صار الصراع بين أعضائها بديلا للتعاون واتخاذ القرارات الحاسمة، فالكل اصبح اليوم يفكر بحصته النفطية، فالسعودية تصدر اكثر من عشرة ملايين برميل يوميا وتواصل سياسة إغراق السوق بالمعروض النفطي رغم أن الاسعار هبطت الى أدنى مستوياتها، والكل متشبث بحصته، مما جعل احتمالات الهبوط اكثر من الصعود هي الأكثر توقعا، ويطرح أعضاء اوبك حجة حول عدم خفض النفط، حيث يربطون ذلك بخفض الانتاج عالميا، ومطالبة الدول النفطية من خارج المنظمة للمبادرة بالتخفيض، كما نلحظ ذلك في تصريحات مندوبة الكويت الدائمة لدى أوبك حيث قالت إنه لا يمكن للمنظمة خفض انتاج النفط من جانب واحد في الوقت الذي يرفع فيه المنتجون المستقلون إمداداتهم ولكن ينبغي للجانبين العمل معا من أجل إشاعة الاستقرار في السوق. وأضافت قائلة أمام منتدى استراتيجية الطاقة في الكويت "لا يمكن لأوبك ان تحقق استقرار السوق بمفردها وتخفض انتاجها في الوقت الذي يرفع فيه الآخرون انتاجهم ولا ينسقون من أجل استقرار السوق والأسعار.
هذه الفوضى وعدم التنسيق بين الدول المنتجة للنفط، أشعلت منحى التنافس اكثر وأبعدت فرص التنسيق حول خفض الانتاج، ويظهر ذلك من خلال نموذج المنافسة المستمرة بين روسيا والسعودية على سبيل المثال، فالأخيرة لا تزال مصرة على سقف انتاجها العالي وتواصل سياستها الانتاجية نفسها، وتصر روسيا على زيادة انتاجها كي تتفوق اكثر، وفي خضم هذا الاحتدام التنافسي، تصبح فرص إعادة التوازن لأسعار النفط اكثر تعقيدا وأقل نجاحا.
تنافس روسي سعودي على تصدير النفط
في هذا السياق تفوقت روسيا على السعودية في حجم الصادرات النفطية إلى الصين في ديسمبر كانون الأول لتصبح أكبر مورد للخام للبلد الآسيوي للشهر الرابع في 2015 بفضل قوة الطلب من شركات التكرير الصينية المستقلة التي تفضل استيراد النفط من الشرق الأقصى على الخامات العالية الكبريت من الشرق الأوسط.
وعززت روسيا مركزها في آسيا بزيادة إمداداتها إلى المنطقة بنحو الربع في 2015 لتتغير موازين القوى في واحدة من النقاط المشرقة القليلة بالسوق العالمية وتعرقل مساعي منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) الرامية لاستقطاب الزبائن. وباتت الصين واحدة من أكثر المناطق استيرادا للنفط الروسي بعدما حصلت شركات تكرير النفط المستقلة على حق استيراد الخام للمرة الأولى منذ عدة أشهر وتحركت بشكل سريع لتسجيل طلبيات شراء قرب نهاية العام الماضي.
وقال مسؤول في بكين معني بتسويق نفط الشرق الأوسط "هذه الشركات الجديدة سارعت إلى استخدام الحصص الجديدة. لكن المنطق يقول إنها ليست جاهزة لشراء شحنات أكبر من الشرق الأوسط أو غرب أفريقيا." وأضاف "الشحنات الروسية -مثل خام إسبو- تناسبها."
وأظهرت بيانات الجمارك الصينية أن واردات الصين من النفط الروسي بلغت مستوى قياسيا في ديسمبر كانون الأول لتصل إلى 4.81 مليون طن أو ما يعادل 1.13 مليون برميل خام يوميا بما يزيد بنسبة 29 في المئة عن مستواها قبل عام. وانخفضت واردات الصين من السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم 1.2 في المئة في ديسمبر كانون الأول مقارنة مع الفترة المقابلة قبل عام إلى 1.05 مليون برميل يوميا. وقالت ويندي يونج من إف.جي.إي للاستشارات "لم تكن مفاجأة كبيرة أن تفوقت روسيا على السعودية لتصبح أكبر مورد للخام إلى الصين من جديد. يرجع هذا في جزء منه إلى ارتفاع الطلب من المصافي المستقلة".
وقد تقلص روسيا - باعتبارها ثاني أكبر مورد للصين في 2015 - الفجوة بينها وبين السعودية بشكل أكبر في 2016 إذ من المتوقع أن ينمو الطلب من شركات التكرير المستقلة التي فازت معا بحصص من الخام يبلغ إجماليها 1.45 مليون برميل يوميا أو ما يعادل نحو 20 بالمئة من إجمالي واردات الصين. واشترت الصين أكبر مستورد للنفط الإيراني كميات أقل من الخام الإيراني في ديسمبر كانون الأول مقارنة مع مستواها قبل عام لتصل إلى 530 ألفا و600 برميل يوميا لتنخفض وارداتها في العام الماضي كله بنحو 3.1 بالمئة عن 2014 وفقا لبيانات الإدارة العامة للجمارك بحسب رويترز.
منظمة أوبك لا تخفّض الانتاج
من جهتها قالت مندوبة الكويت الدائمة لدى أوبك نوال الفزيع إنه لا يمكن للمنظمة خفض انتاج النفط من جانب واحد في الوقت الذي يرفع فيه المنتجون المستقلون إمداداتهم ولكن ينبغي للجانبين العمل معا من أجل إشاعة الاستقرار في السوق. وقالت الفزيع أمام منتدى استراتيجية الطاقة في الكويت "لا يمكن لأوبك ان تحقق استقرار السوق بمفردها وتخفض انتاجها في الوقت الذي يرفع فيه الآخرون انتاجهم ولا ينسقون من أجل استقرار السوق والأسعار." وأضافت قائلة "انظروا إلى الانتاج الروسي وكيف زاد عن العام الماضي. انظروا إلى الولايات المتحدة وكيف رفعت حظر تصدير النفط الخام في وقت تهبط فيه الأسعار، وانظروا إلى اخرين مثل أمريكا اللاتينية، الكل يسعى لزيادة انتاجه. ولذلك فان أوبك تتطلع للتعاون." بحسب رويترز.
استمرار السباق بين روسيا والشرق الأوسط
في السياق نفسه ربما تخفض الشركات النفطية إنفاقها في 2016 بنحو 20 في المئة في مواجهة الهبوط المستمر في أسعار الخام وسيكون الجزء الأكبر من هذا الخفض في أمريكا الشمالية بينما من المنتظر أن تعزز الشركات الشرق أوسطية والروسية ميزانياتها مع استمرار الحرب بينها على الحصة السوقية. ومع أسوأ هبوط تشهده صناعة النفط في ثلاثة عقود فإن الأزمة التي أطاحت بآلاف الوظائف وألغت مشروعات تزيد قيمتها على 200 مليار دولار العام الماضي لا تظهر أي علامة على الانحسار مع هبوط أسعار الخام صوب 30 دولارا للبرميل مسجلة أدنى مستوياتها في 13 عاما ومتراجعة بنحو 70 في المئة من مستوياتها في يونيو حزيران 2014.
وقال بنك باركليز في مسحه السنوي الذي شمل 225 شركة على مستوى العالم إن شركات النفط والغاز العالمية تعتزم خفض الإنفاق على التنقيب والانتاج بحوالي 15 بالمئة إذا تراوحت أسعار النفط الخام بين 45 و50 دولارا للبرميل لكن الخفض قد يقترب من 20 بالمئة إذا حومت الأسعار حول 40 دولارا للبرميل. ويأتي خفض الإنفاق هذا العام في أعقاب خفض بلغ 23 في المئة العام الماضي. وهذه هي المرة الثانية فقط منذ إطلاق المسح في عام 1985 التي تتقلص فيها الميزانيات لعامين متتاليين وكانت المرة السابقة في عام 1987. ومن المتوقع أن يبلغ متوسط سعر العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت المستخرج من بحر الشمال 52.52 دولار للبرميل في 2016 بحسب استطلاع لرويترز شمل 20 محللا. وفي أمريكا الشمالية - حيث أدت طفرة النفط والغاز الصخري إلى نمو مذهل في الإنتاج منذ 2008 - من المنتظر أن يكون خفض الإنفاق في 2016 الأشد إيلاما إذ سيصل إلى 27 في المئة وفقا لباركليز.
ومع خفض الإنفاق فإن معدلات الكفاءة وهبوط نفقات الخدمات أدت إلى انخفاض تكلفة الآبار 20 في المئة وهو ما يظهر أن إنتاج النفط الصخري في أمريكا الشمالية أكثر مرونة مما كان يتوقعه البعض. وأظهر المسح أيضا أن الأسواق خارج أمريكا الشمالية مستمرة في التماسك بشكل أفضل حيث من المنتظر خفض الإنفاق العالمي 11 في المئة هذا العام. ومن المنتظر أن تستجيب شركات النفط الوطنية التي تشكل 58 في المئة من الإنفاق العالمي بحسب باركليز بشكل مختلف في مواجهة الهبوط. فمن المتوقع أن تخفض تلك الشركات في أمريكا اللاتينية وآسيا الإنفاق بين 13.5 و18 في المئة هذا العام. لكن من المنتظر أن ترفع الشركات الوطنية في الشرق الأوسط إنفاقها ستة في المئة في 2016 رغم أن الميزانيات في الدول النفطية الغنية تحتاج غالبا أسعارا للخام أعلى بكثير من تلك الحالية حتى تتوازن.
وتحتاج السعودية - أكبر بلد مصدر للخام في العالم والتي قادت قرار منظمة أوبك بعدم خفض الإنتاج رغم هبوط الأسعار - سعرا للنفط عند 100 دولار للبرميل للتوازن المالي لكن من المنتظر أن تزيد شركتها الوطنية أرامكو الإنفاق خمسة في المئة هذا العام بحسب باركليز. وخارج أمريكا الشمالية من المنتظر أن ينخفض الإنفاق على مشروعات الحقول البحرية التي تستغرق عادة ثلاثة إلى خمسة أعوام لتطويرها 20-25 في المئة في 2016 إلى نحو 72 مليار دولار بعدما هبط 16 في المئة العام الماضي.
وقال باركليز إن شركات النفط العالمية "كانت تعاني بالفعل من تكلفة المشروعات حتى قبل نهيار أسعار النفط لكن الهبوط هذه المرة مستمر منذ 18 شهرا ولا تلوح له نهاية في الأفق وتجمدت ميزانيات التنقيب وتعثر تطوير الحقول البحرية وألغيت عقود استئجار منصات حفر للمرة الأولى وفق ما نتذكر." لكن معظم إنتاج الحقول البحرية تحت سيطرة شركات وطنية أو شركات أمريكية مستقلة أو شركات عالمية مثل إكسون موبيل ورويال داتش شل والتي لا يوجد أمامها خيارات سوى تطوير الإنتاج الأعلى تكلفة في المياه العميقة.
ولا يزال هبوط أسعار النفط منذ بداية العام يرسل موجات صدمة في القطاع. وقالت بي.بي إنها ستسرح خمسة في المئة من قوتها العاملة هذا العام. وقلصت بتروبراس البرازيلية النفطية الحكومية خطتها الاستثمارية للمرة الثالثة في ستة أشهر. بحسب رويترز.
روسيا بحاجة للعمل مع أوبك
من جهته قال ليونيد فيدون نائب رئيس لوك أويل ثاني أكبر منتج للنفط في روسيا في تصريحات نشرت مؤخرا إن على موسكو بدء العمل مع أوبك بشأن خفض إمدادات النفط للأسواق العالمية لمحاولة دعم الأسعار. وأبلغ فيدون وكالة تاس للأنباء في مقابلة "في اعتقادي أنه في حالة اتخاذ مثل هذا القرار السياسي فسينبغي على روسيا العمل مع أوبك لخفض الإمدادات في السوق... من الأفضل بيع برميل واحد من النفط بسعر 50 دولارا بدلا من برميلين بسعر 30 دولارا."
وترفض أوبك وروسيا أكبر منتجين للنفط في العالم التعاون للمساعدة في دعم أسعار النفط العالمية مع قيامهما بالدفاع عن حصتهما السوقية في مواجهة بعضهما البعض وفي مواجهة الولايات المتحدة التي تشهد ازدهارا في إنتاج النفط الصخري منذ سنوات. ونتيجة لذلك تراجع برنت إلى حوالي 31 دولارا للبرميل من 115 دولارا في منتصف 2014 بفعل تخمة المعروض والأداء الضعيف للاقتصاد الصيني مما أدى إلى تراجع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة. وتضر أسعار النفط الضعيفة بميزانية روسيا المعتمدة على تجارة السلع الأولية وبالروبل الذي لامس أدنى مستوياته على الإطلاق عند حوالي 86 للدولار الأمريكي الأسبوع الماضي.
ودأبت أوبك على القول إنها ستوافق على الخفض إذا انضم المنتجون الآخرون مثل روسيا لتلك الخطوة. لكن المسؤولين الروس يقولون إن الظروف الجوية الصعبة لا تسمح بخفض الإنتاج وإنهم يتوقعون أن تستعيد السوق العالمية توازنها ذاتيا بعد خفض إمدادات المنتجين ذوي التكلفة المرتفعة. وعدلت وزارة الطاقة الروسية بيانات إنتاج النفط لشهر ديسمبر كانون الأول تعديلا طفيفا إلى 10.80 مليون برميل يوميا من قراءة أولية كانت تبلغ 10.83 مليون برميل يوميا لكن الرقم الجديد يظل مستوى قياسيا مرتفعا لما بعد الحقبة السوفيتية.
كان وحيد علي كبيروف الرئيس التنفيذي للوك أويل أبلغ رويترز الأسبوع الماضي أن إجمالي إنتاج النفط الروسي قد يتراجع اثنين أو ثلاثة بالمئة هذا العام وربما أكثر إذا رفعت الحكومة الضرائب. وقالت الشركة في وقت سابق إن إنتاجها النفطي يزيد على 100 مليون طن (مليوني برميل يوميا). ولم تذكر تفاصيل لكل منطقة على حدة لكن بيانات وزارة الطاقة أظهرت أنها تضخ في المتوسط 1.7 مليون برميل يوميا في روسيا وحدها. واستبعد فيدون مهندس توسع لوك أويل في الخارج أن يظل إنتاج الشركة مرتفعا مثل العام الماضي لكنه لم يذكر رقما.
وقال "سياسة إغراق السوق بالنفط الرخيص خاطئة ويمكن بيعه بعد ستة أشهر أو عام بمثلي سعره." وأضاف أن لوك أويل في سبيلها لخفض الإنتاج من حقل غرب القرنة-2 في العراق. وقال فيدون لتاس "في السابق قالت الحكومة العراقية إنها مستعدة لسحب ما بين 300 و500 ألف برميل يوميا من السوق. ستكون حصتنا متناسبة." وبحسب مسح لرويترز بلغ إنتاج العراق 4.2 مليون برميل يوميا في ديسمبر كانون الأول في حين كان آخر مستوى إنتاج معلن لحقل غرب القرنة-2 يوازي 450 ألف برميل يوميا.
استبعاد التنسيق مع أوبك
في حين قال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك إن بلاده لا تدرس التنسيق مع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لدعم أسعار النفط المتدنية نظرا لأن المنظمة فقدت نفوذها في تنظيم السوق. وأبقت روسيا التي تعد أحد أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم على اتصالات غير رسمية مع أوبك لفترة طويلة ولمحت في الماضي إلى أنها قد تكون مستعدة لخفض إنتاج النفط لدعم الأسعار. لكنها غيرت نهجها في الآونة الأخيرة وقالت إنها لا تستطيع وقف الإنتاج في معظم آبارها وإعادتها للعمل بسرعة إذا اقتضت الحاجة بسبب قسوة الطقس الروسي.
وقال نوفاك للصحفيين في فلاديفوستوك "لم تغير أوبك حصص الإنتاج منذ عام 2008 ولا تلعب الدور الذي كانت تضطلع به في السبعينات والثمانينات... لا ندرس جدوى أي نوع من التنسيق." ولم تتوصل أوبك إلى قرار خلال اجتماعها الأخير في وقت سابق هذا الشهر وهو ما دفع خام برنت للاقتراب من أدنى مستوياته في 11 عاما دون 37 دولارا للبرميل.
وتحاول السعودية صاحبة أكبر نفوذ في أوبك الضغط على المنافسين ذوي تكلفة الإنتاج المرتفعة وبخاصة منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة من خلال إبقاء الأسعار عند مستويات متدنية بهدف الحفاظ على الحصة السوقية. وقال نوفاك إن السوق متخمة بالمعروض لأسباب منها إنتاج دول اعتادت الاستيراد مثل الولايات المتحدة التي خفضت وارداتها. وأضاف أن تقليص الاستثمارات العالمية سيؤدي حتما إلى تراجع إنتاج النفط العالمي. وقال "نشهد هذا بالفعل حيث تراجع إنتاج النفط الصخري بالفعل بواقع 500 ألف برميل يوميا."
وهبطت أسعار النفط بنحو 70 بالمئة في الأشهر الثمانية عشر الماضية وهو ما يرجع في الأساس إلى وفرة المعروض وتراجع الطلب الصيني. كما تتعرض السوق لضغوط بفعل احتمال عودة إيران إلى الأسواق العالمية حالما ترفع عنها العقوبات المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي. وتتجلى عدم رغبة روسيا في خفض إنتاجها في حجم أنشطة الحفر الروسية. ويبلغ الإنتاج الروسي حاليا نحو 10.78 مليون برميل يوميا مسجلا أعلى مستوياته عقب انهيار الاتحاد السوفيتي السابق. وقال نوفاك إنه يتوقع تراوح أسعار النفط بين 45 و50 دولارا للبرميل العام المقبل مضيفا أن "هذا سعر سوقي طبيعي سيسمح للجميع بالتنافس مع الآخرين." بحسب رويترز.
تعزيز مبيعات النفط في آسيا
من ناحية اخرى عزز منتجو النفط الروس مكانتهم في آسيا من خلال زيادة إمداداتهم من الخام بنحو 25 بالمئة هذا العام محدثين تغييرا في ميزان القوة في إحدى النقاط القليلة المشرقة بالسوق العالمية ومقوضين مسعى حثيثا من اوبك لكسب زبائن. واحتلت روسيا مكانة إيران ضمن أكبر خمسة موردين للخام الى آسيا بدعم من تراجع سعر الروبل وخطوط أنابيب جديدة لتزيد مبيعاتها بنسبة 23 بالمئة إلى 1.3 مليون برميل يوميا في الاحد عشر شهرا الاولى من العام مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي بحسب بيانات جمعتها رويترز استنادا إلى التدفقات التجارية وبيانات الجمارك.
وزادت حصة روسيا في أكبر سوق للنفط في العالم إلى 7.3 بالمئة من 4.7 بالمئة قبل خمسة أعوام بما يظهر كيف أن الجهود التي بذلها الرئيس فلاديمير بوتين لخطب ود دول آسيوية مثل الصين بدأت تؤتي ثمارها حيث تتطلع موسكو إلى تقليص اعتمادها على أسواقها التقليدية مثل أوروبا. وشهدت الصين وكوريا الجنوبية أكبر قفزات في حجم الواردات القادمة من روسيا بحسب البيانات. ونظرا لقرب روسيا من كبار مشتري النفط في شمال آسيا فإن بإمكان موسكو تصدير الخام على متن ناقلات عبر جزيرة ساخالين وبواسطة خطوط أنابيب إلى الصين مباشرة أو عبر ميناء كوزمينو الروسي على بحر اليابان. وتتمتع روسيا بمزية أخرى وهي تراجع قيمة الروبل بأكثر من 50 بالمئة أمام العملة الأمريكية منذ منتصف العام الماضي وهو ما يساهم في خفض نفقات الإنتاج في أسواق النفط العالمية التي تتعامل بالدولار.
وقالت أمريتا سين كبيرة محللي النفط لدى إنرجي أسبكتس "نظرا لأن آسيا هي الوحيدة المتبقية التي تعاني نقصا في إمدادات الخام في هذه السوق فإن المعركة على الحصة السوقية تبقى شديدة." وكان العراق الرابح القوي في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) حيث زادت إمدادته إلى آسيا بواقع 25 بالمئة بفضل إنتاج قياسي وخصومات كبيرة تبين إلى أي مدى باتت حرب الاسعار من أجل كسب الزبائن محتدمة حتى داخل أوبك.
وقيد التوسع الروسي والعراقي في آسيا هذا العام من نصيب المملكة العربية السعودية من الزيادة مما يعطي إشارة إلى أن الاستراتيجية التي يقودها العضو الرئيسي في أوبك والمتمثلة في ضخ المزيد من الخام لزيادة الحصة السوقية نجحت لكن في حدود. وقررت أوبك بقيادة السعودية في نوفمبر تشرين الثاني العام الماضي عدم خفض إنتاجها لدعم زيادة الأسعار وآثرت أن تستمر في الإنتاج دفاعا عن الحصة السوقية في مواجهة المنتجين الآخرين مثل روسيا أو شركات انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة.
وبينما تمكنت السعودية من وقف تقلص حصتها في السوق الآسيوية العام الماضي وحافظت على مركزها كأكبر مورد الى المنطقة من خلال زيادة صادراتها بواقع 2.7 بالمئة في الأحد عشر شهرا الأولى من العام الحالي إلى 4.2 مليون برميل يوميا فإن بيانات أوبك تظهر أن مبيعاتها الى آسيا بلغت ذروتها في 2013 عند 4.59 مليون برميل يوميا.
وفي أوبك احتل العراق مكانة الكويت كثالث أكبر مورد للنفط إلى آسيا بعد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة هذا العام. وزاد ثاني أكبر منتج للخام في أوبك شحناته إلي كبار المستهلكين في آسيا بما يقارب 360 ألف برميل يوميا إلى 1.77 مليون برميل يوميا في الاحد عشر شهرا الاولى بحسب بيانات رويترز. وزادت صادرات العراق النفطية إلى الهند بمقدار الثلث متجاوزة 600 ألف برميل يوميا بما يساوي تقريبا حجم صادراتها إلى الصين -أكبر المشترين للنفط العراقي في اسيا- بينما عززت شركات للتكرير مثل ريلاينس اندستريز مشترياتها في الوقت الذي كانت تنشيء فيه الهند مخزونات استراتيجية.
وأظهرت بيانات رويترز أن صادرات إمارة أبوظبي -أكبر منتج للخام في الإمارات العربية المتحدة- هبطت بواقع 3.7 بالمئة في الأحد عشر شهرا الأولى بفعل زيادة في الطلب المحلي لكن مصادر بالقطاع قالت إن الإمارة قد تستعيد بعضا من حصتها عندما تزيد الإنتاج في النصف الثاني من 2016 . وقالت سين "تتمتع آسيا الآن برفاهية الاختيار من بين بدائل كثيرة ومن ثم سيتعين على المنتجين مواصلة خفض أسعار الخام لدخول السوق." ومن بين المنافسين الذين زادوا مبيعاتهم في آسيا منتجا النفط في أمريكا اللاتينية فنزويلا والبرازيل اللتان ارتفعت صادراتهما بأكثر من 100 ألف برميل يوميا. ويعني ازدحام السوق الآسيوية أن خطط إيران لزيادة الصادرات حالما ترفع عنها العقوبات العام المقبل قد تكون أكثر صعوبة. بحسب رويترز.
توقعات بعودة التوازن الى سوق النفط
في السياق ذاته قالت روسيا ان التوازن بين العرض والطلب قد يعود الى سوق النفط العالمية بحلول نهاية العام القادم إذا لم يرفع المنتجون انتاجهم من المستويات الحالية. وتراجعت اسعار النفط عن 40 دولارا للبرميل للمرة الاولى منذ اواخر 2008 بعد أن فشلت منظمة اوبك في الاتفاق على سقف للانتاج اثناء اجتماعها الوزاري في وقت سابق هذا الشهر.
وتتنافس روسيا مع السعودية كأكبر منتج للنفط في العالم ورفضت دوما خفض الانتاج او التعاون مع اوبك وهو ما يزيد فعليا تخمة المعروض العالمي بضخها الخام عند أعلى مستويات منذ انهيار الاتحاد السوفيتي. وأبلغ وزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاك محطة تلفزيون روسيا-1 "أولا سياستنا تتضمن الحفاظ على الانتاج عند 525-530 مليون طن (سنويا) وفقا لاستراتيجيتنا للطاقة" معطيا ارقاما للانتاج تعادل 10.5-10.6 مليون برميل يوميا.
وفي نوفمبر تشرين الثاني ضخت روسيا النفط عند مستوى بلغ 10.78 مليون برميل يوميا وهو الاعلى منذ انتهاء العهد السوفيتي وامتنعت عن ارسال وفد الى اجتماع اوبك الذي عقد في الرابع من ديسمبر كانون الاول. وقال نوفاك "نعتقد انه إذا كان لدى كل الدول التي تعمل الان في السوق سياسة لعدم زيادة الانتاج... عندئذ فانه قد يحدث توازن بين الطلب والعرض بحلول نهاية 2016 ." وقال مسؤولون روس في السابق ان اسعار النفط المنخفضة من شانها ان تدفع الانتاج المرتفع التكلفة مثل النفط الصخري الامريكي للخروج من السوق وهو ما يقلل فعليا مستوى الوفرة في المعروض العالمي.
وتتضمن توقعات البنك المركزي الروسي سيناريو مخاطر للاعوام الثلاثة القادمة تهبط فيه اسعار النفط إلى 35 دولارا للبرميل. وفي ظل هذا السيناريو فان اقتصاد روسيا سينكمش بنسبة 2-3 بالمئة في 2016 . وتتكهن بعض البنوك مثل جولدمان ساكس بأن اسعار النفط قد تهوي الى 20 دولارا للبرميل مع استمرار العالم في انتاج الخام عند مستويات أعلى من الاستهلاك ونفاد طاقة تخزين الفائض. وقال عبد الله البدري الامين العام لاوبك ان اسعار النفط الخام لن تستمر عند أدنى مستوياتها في عدة سنوات وقد تتجه للصعود في غضون عام. وقال نوفاك انه يتوقع ان تبلغ اسعار النفط العالمية حوالي 50 دولارا للبرميل في 2016. بحسب رويترز.
اضف تعليق