يعاني المصريون بشدة من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها بلادهم فيما ترزح تحت عبء الديون. بالتزامن مع ثالث انخفاض فعلي لقيمة الجنيه في أقل من عام، وتقلص قيمة الجنيه 42.4 بالمئة خلال العام الماضي. لا يتجاوز الاحتياطي النقدي لدى القاهرة 33,5 مليار دولار، من بينها 28 مليار دولار ودائع...
من قيود على السحب من الحسابات الشخصية خارج مصر مرورا بتقنين كمية الأرز التي يمكن للفرد شراؤها وصولا إلى حملات دعائية عن الفوائد الصحية لتناول أرجل الدجاج.. يعاني المصريون بشدة من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها بلادهم فيما ترزح تحت عبء الديون. بالتزامن مع ثالث انخفاض فعلي لقيمة الجنيه في أقل من عام، وتقلص قيمة الجنيه 42.4 بالمئة خلال العام الماضي.
لا يتجاوز الاحتياطي النقدي لدى القاهرة 33,5 مليار دولار، من بينها 28 مليار دولار ودائع من دول الخليج الحليفة. لكن ديون مصر الخارجية تضاعفت بأكثر من ثلاث مرات في السنوات العشر الأخيرة لتصل الى 157 مليار دولار.
وبطلب من الدائنين، خفضت مصر قيمة عملتها عام 2022 بنسبة 57%.
في بلد يستورد غالبية احتياجاته من الخارج وشهدت فيه أسعار الفائدة ارتفاعا بمقدار 8% في 2022، كان التأثير فوريا اذ بلغت نسبة التضخم 18,7%، وفق الأرقام الرسمية.
على الأرض، تعاني ربات البيوت. تقول رحاب لفرانس برس عند مخرج مخبز في وسط القاهرة "رغيف الخبز الذي كنت أشتريه بجنيه واحد صار بثلاثة جنيهات".
وأضافت الشابة البالغة 34 عاما والتي رفضت الافصاح عن اسم عائلتها "زوجي يجني ستة آلاف جنيه شهريا. كنا في السابق نعيش ثلاثين يوما من هذا الراتب ولكن اليوم تبدأ النقود في النفاد اعتبارا من اليوم العاشر".
تم مجددا تقليص حجم رغيف الخبز وأقراص الفلافل وعبوات زيت الطعام وأكياس البقوليات. وتم كذلك تقليص حجم المنتجات التي كانت توزع بأسعار مدعومة على 70 مليون مصري يعتبرون "فقراء" ولديهم "بطاقات تموينية".
عند مدخل سوبرماركت كبير في القاهرة، تحذر لافتة المستهلكين من انه لا يمكن للفرد الواحد شراء "اكثر من ثلاث عبوات أرز زنة كيلوغرام واحد او عبوة واحدة زنة خمسة كيلوغرامات".
وفي الصحف، أشاد المجلس الوطني للغذاء "بأرجل الدجاج المفيدة للجسم وللميزانية".
ذلك أن اللحوم المجمدة المستوردة، التي يستهلكها الأقل دخلا لأنهم لا يستطيعون تحمل أسعار اللحوم الطازجة، "لم تعد خيارا بعد أن ارتفعت أسعارها من 85 الى 150 جنيها"، بحسب ما قالت رضا التي تعول أسرة من 13 فردا.
تبذل هذه السيدة البالغة 55 عاما والتي ترفض كذلك ذكر اسم عائلتها كل ما في وسعها لإعالة الأسرة. وتوضح "أنا موظفة وأعمل الى جانب ذلك في مستشفى ولكن حتى مع هذين المرتبين هناك الكثير من الأشياء التي لا أستطيع شراءها".
واذا كانت الأسعار ترتفع، فأحد الأسباب هو عجز المستوردين عن الحصول على الدولارات اللازمة من المصارف. وتفيد مصادر حكومية أن في الجمارك حاليا بضائع بقيمة نحو سبعة مليارات دولار.
وبسبب أزمة النقد الأجنبي التي ساهم فيها خروج حوالي 20 مليار دولار من مصر بسبب قلق المستثمرين عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا، قامت معظم البنوك بتقييد السحب بالدولار خارج مصر كما رفعت عمولة استخدام البطاقات الائتمانية في عمليات الشراء في الخارج من 3% الى 10%.
وحتى أحد أبرز أنصار النظام، المذيع عمرو أديب الذي يقدم واحدا من أكثر البرامج متابعة في مصر، قال أخيرا بعد تقييد السحب في الخارج "اتركوا على الأقل الناس التي سافرت قبل هذا القرار تسحب بعض النقود لكي تستقل سيارة أجرة الى المطار لتتمكن من العودة".
في هذه الأجواء تنتشر شائعات تتحدث عن استعداد شركات مثل ماكدونالدز واوبر للانسحاب من السوق المصرية.
لا تتدخلوا
تحاول الدولة، وهي واحدة من خمس في العالم معرضة لأن تفقد القدرة على سداد ديونها وفق وكالة موديز، توفير أكبر قدر ممكن من الدولارات.
وقرض صندوق النقد الدولي الذي حصلت عليه مصر اخيرا -- ثلاثة مليارات دولار تسدد على 46 شهرا -- ليس إلا قطرة في بحر خصوصا أن حزمة الدين التي يتعين على القاهرة سدادها خلال العام المالي 2022/2023 تبلغ 42 مليار دولار.
وقرر وزير النقل كامل الوزير الزام السياح بسداد ثمن رحلات القطار بالدولار اعتبارا من كانون الثاني/يناير الجاري.
وقال في تصريحات للتلفزيون "أنا بحاجة الى دولارات لسداد ثمن عربات القطار المستوردة. السياح يمكنهم الدفع بالدولار وهذا يناسبهم ويناسبني أيضا".
ولجني مزيد من الدولارات، تعتزم الدولة بيع الكثير من الشركات والأصول الى القطاع الخاص الى حد أن الأمر أثار القلق من فقدان السيادة على قناة السويس.
وأكد رئيس هيئة القناة أسامة عرابي أخيرا أن القناة "ليست للبيع"، لكن الرئيس عبد الفتاح السيسي يرغب في انشاء صندوق يخصص له جزء من موارد الممر الملاحي يقوم بالاشراف على إدارته بنفسه.
وقال في خطاب مؤخرا "لا تتدخلوا في القضايا المالية، أتركوني أنا أتصرف".
ويعتبر ستيفان رول الخبير في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمن أن مصر "تستدين لتثبيت نظام السيسي".
ويضيف أن "الجيش الذي يستند إليه (النظام)، هو أول المستفيدين: الديون الخارجية مكنته من حماية دخله وممتلكاته وتمويل مشروعات عملاقة تعود عليه بأرباح كبيرة" اذ أن معظم المشاريع الكبرى يسند تنفيذها الى القوات المسلحة.
وبعيدا عن المدن الجديدة والقطارات الكهربائية السريعة، فإن كل ما تتطلع إليه رحاب هو أن تشتري معطفًا لابنتها يقيها من البرد.
وقالت وهي تغالب دموعها "لكني وجدت أن ثمنه الف جنيه فصرفت النظر عنه".
الجنيه المصري يتراجع
وتراجعت العملة المصرية يوم الخميس نحو 2.3 بالمئة مقابل الدولار، على الرغم من قول مصرفيين إن التداول كان ضعيفا والطلب على الدولار كان مرتفعا بعد ثالث انخفاض فعلي لقيمة الجنيه في أقل من عام.
وأغلق الجنيه عند 27.11 للدولار، وفقا للبنك المركزي، بعد تذبذب أكثر من المعتاد. وبلغ سعر الدولار لدى تجار السوق السوداء 30.5 جنيه.
وكان الجنيه انخفض يوم الأربعاء بنحو 6.34 بالمئة، وفقا لبيانات البنك المركزي المصري مسجلا أكبر حركة يومية منذ المرة الأخيرة التي سمح له البنك المركزي بالانخفاض بشكل حاد في أكتوبر تشرين الأول، مع الإعلان عن حزمة تمويل جديدة مع صندوق النقد الدولي. وتقلصت قيمة الجنيه 42.4 بالمئة خلال العام الماضي.
وكانت مرونة سعر الصرف مطلبا رئيسيا لصندوق النقد الدولي الذي وافق على حزمة إنقاذ مالي لمصر مدتها 46 شهرا بقيمة ثلاثة مليارات دولار.
وقال كريس تورنر من شركة (آي.إن.جي) “هذا سعر صرف خاضع لسيطرة شديدة”.
كان الجنيه المصري قبل أقل من عام يجري تداوله داخل نطاق ضيق دون 16 جنيها للدولار. وبعد أن سمح البنك المركزي للجنيه بالانخفاض الحاد في مارس آذار وأكتوبر تشرين الأول من العام الماضي، سرعان ما استأنف التداول ضمن نطاق ضيق، متحركا نحو 0.1 جنيه فقط أمام الدولار في يوم الخميس.
وقال أيوميد أو ميجابي من (جيه.بي. مورجان) “من وجهة نظرنا، ربما تمثل التحركات الأخيرة خطوات أخيرة نحو نظام أكثر مرونة لسعر الصرف في مصر، ربما أقرب إلى التعويم المنظم”.
وفقدت سندات الحكومة المصرية في السوق الدولية بعض مكاسب يوم الأربعاء، وتتوقع العقود الآجلة غير القابلة للتسليم التي يستخدمها التجار لتسعير تحركات العملة في المستقبل مزيدا من الانخفاض للجنيه في فترة تمتد من الأشهر الثلاثة إلى الاثني عشر شهرا المقبلة.
وعلى الرغم من خفض قيمة العملة، استمر نقص العملات الأجنبية في إعاقة الواردات في الأشهر الماضية.
وأعلنت مصر الأسبوع الماضي أنها ألغت تدريجيا نظام خطابات الاعتماد الإلزامية للمستوردين الذي فرضته في فبراير شباط.
وقال مصرفيان إن تداول الجنيه كان ضعيفا وإن الطلب على الدولار ظل مرتفعا يوم الخميس في الوقت الذي تكافح فيه البنوك للاستجابة لطلبات ضخمة متراكمة لتوفير الدولار.
وأفاد أحد المصرفيين بأن الطلب على الدولار يتركز حول واردات في طريقها بالفعل للبلاد أو تم طلبها حديثا.
وكانت مصر واقعة بالفعل تحت ضغط مالي حين بدأت الحرب في أوكرانيا التي أضرت بعائدات السياحة وزادت كلفة استيراد السلع ودفعت المستثمرين الأجانب إلى سحب أكثر من 20 مليار دولار من البلاد.
وقال دويتشه بنك في مذكرة إن خفض قيمة العملة يوم الأربعاء ورفع البنك المركزي لسعر الفائدة الشهر الماضي “يظهران بوضوح نهجا لإعادة جذب التدفقات الأجنبية (الهيكلية) إلى الأسواق المحلية”.
ومع انخفاض الجنيه يوم الأربعاء، قدمت البنوك المملوكة للدولة شهادات ادخار لمدة عام بعائد 25 بالمئة.
ويرجى أن تسحب هذه الإجراءات السيولة من السوق وتساعد بعض المصريين على حماية مدخراتهم من الارتفاع المتوقع في التضخم الذي وصل بالفعل إلى أعلى مستوياته في خمس سنوات.
واصطفت طوابير طويلة خارج البنوك يوم الخميس للحصول على هذه الشهادات.
أسباب انخفاض الجنيه
وأرجع خبراء أسباب انخفاض الجنيه مجددًا إلى تبني البنك المركزي نظام سعر صرف مرن مستدام، بالتوافق مع صندوق النقد الدولي، وساهم فرق سعر العملة في تحقيق البورصة المصرية مستويات قياسية بالعملة المحلية سواء على مستوى رأس المال السوقي الذي تجاوز تريليون جنيه لأول مرة في تاريخه أو ارتفاع عدد العمليات المنفذة إلى أكثر من 115 ألف عملية للمرة الأولى.
وأرجعت آية زهير رئيس قسم البحوث بشركة "زيلا كابيتال" للاستشارات المالية، انخفاض سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار، بتبني البنك المركزي المصري نظام سعر صرف مرن مستدام بالتوافق مع متطلبات صندوق النقد الدولي، قائلة إنه قرار منطقي ومتوقع، بهدف القضاء على السوق الموازية للدولار، مع طرح بنكي الأهلي ومصر الحكوميين شهادات ادخار مرتفعة العائد لجذب مدخرات المواطنين، والحد من زيادة التضخم المتوقعة خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى احتمالية تحريك أسعار المنتجات البترولية بشكل تدريجي خلال الفترة المقبلة، وزيادة سعر الفائدة في آخر اجتماع للبنك المركزي الشهر الماضي.
ورأت آية زهير، في تصريحات لـCNN بالعربية، أن "السعر العادل للدولار يتراوح بين 25-28 جنيها"، متوقعة أن يواصل سعر الجنيه انخفاضه خلال الفترة المقبلة حتى يستقر عند "السعر العادل"، بصرف النظر عن تحركات سعر الدولار في السوق الموازية، مشيرة إلى ضرورة أن يوفر البنك المركزي سيولة دولارية عقب قراره بإلغاء نظام الاعتمادات المستندية في تمويل عمليات الاستيراد.
وسبق أن أصدر البنك المركزي المصري، قرارًا يوم 29 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بإلغاء العمل بنظام الاعتمادات المستندية لتنفيذ العمليات الاستيرادية، والذي طبقه منذ شهر مارس لترشيد الاستيراد في ظل نقص الدولار.
وأوضحت آية زهير، تأثير طرح شهادات ادخار مرتفعة العائد على أداء الاقتصاد المصري، قائلة إن عام 2023 يعد من الأعوام التي يتوقع لها أن تشهد انكماشًا اقتصاديًا عالميًا، مما سيؤثر على توسعات الشركات ليس محليًا فقط وإنما عالميًا، وبالتالي فإن طرح شهادات ادخار لن يؤثر كثيرا على أداء الاقتصاد المنكمش بالفعل.
دور صندوق النقد الدولي
وكانت مرونة سعر الصرف مطلبا رئيسيا لصندوق النقد الدولي الذي وافق على حزمة إنقاذ مالي لمصر مدتها 46 شهرا بقيمة ثلاثة مليارات دولار في أكتوبر تشرين الأول.
وقال فاروق سوسة من بنك جولدمان ساكس “سواء أدى ذلك إلى حل مشكلات سيولة العملات الأجنبية التي تواجهها مصر، فإن ذلك سيعتمد على ما إذا كنا سنرى تدفقات كبيرة من العملات الأجنبية في الأجل القريب”.
وأضاف “الحل هو توحيد أسعار الصرف، الأمر الذي سيتطلب الانتهاء من كل طلبات تدبير النقد الأجنبي المتراكمة والتي لم يتم تلبيتها وضمان تلبية الطلب على النقد الأجنبي في المستقبل”.
استمرار انكماش نشاط القطاع الخاص
وأظهر مسح أن نشاط القطاع الخاص غير النفطي في مصر انكمش في ديسمبر كانون الأول للشهر الخامس والعشرين على التوالي، تحت ضغط التضخم وضعف العملة واستمرار القيود على الواردات.
وارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز جلوبال لمديري المشتريات في مصر إلى 47.2 في ديسمبر كانون الأول من 45.4 في نوفمبر تشرين الثاني، لكنه ظل دون مستوى 50 الفاصل بين النمو والانكماش.
وارتفع المؤشر الفرعي للإنتاج إلى 44.8 من 40.8 في نوفمبر تشرين الثاني، كما ارتفع المؤشر الفرعي للطلبيات الجديدة إلى 45.5 من 41.4.
وقالت ستاندرد آند بورز جلوبال "وفقا للمشاركين في المسح، يعكس انخفاض النشاط عموما ظروف ضعف الطلب، حيث دفع ارتفاع الأسعار العملاء إلى مزيد من الخفض في الإنفاق".
وجاء الانكماش لأسباب منها ارتفاع تكلفة المواد واستمرار القيود على الواردات.
وتعاني مصر من نقص حاد في العملة الأجنبية على الرغم من خفض قيمة الجنيه بنسبة 14.5 بالمئة في أكتوبر تشرين الأول، والإعلان عن حزمة دعم بقيمة ثلاثة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي. وأدى نقص الدولار إلى تقييد واردات مدخلات المصانع وتجارة التجزئة.
وذكر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الشهر الماضي أن التضخم في مصر قفز إلى أعلى مستوى في خمس سنوات عند 18.7 بالمئة في نوفمبر تشرين الثاني.
وارتفع المؤشر الفرعي لتوقعات الإنتاج المستقبلية إلى 56.9 من 55.7 في نوفمبر تشرين الثاني. وكانت تلك أعلى قراءة منذ يونيو حزيران.
رقم قياسي في صادرات الغاز
وفي سياق متصل حقّقت مصر رقمًا قياسيًا في صادرات الغاز الطبيعي بلغت 8 ملايين طن خلال عام 2022، بقيمة 8.4 مليار دولار، وزيادة نسبتها 140% عن عام 2021، مُستغلةً زيادة أسعار تصدير الغاز المسال عالميًا، فيما أكد خبراء أن مصر تسعى لاستغلال أزمة نقص إمدادات الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية بزيادة حجم صادراتها من الغاز، متوقعين استمرار زيادة حجم الصادرات خلال الفترة المقبلة بعد الاكتشافات الجديدة وتوقيع اتفاقية مشتركة مع الاتحاد الأوروبي.
وحسب تقرير لوزارة البترول والثروة المعدنية، بلغ إجمالي إنتاج مصر من الغاز الطبيعي 50.6 مليون طن عام 2022، و1.1 مليون طن بوتاجاز، و27.8 مليون طن زيت خام ومتكثفات.
قال نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، مدحت يوسف، إن مصر حققت رقمًا قياسيًا في صادرات الغاز الطبيعي نتيجة اتباعها خطة لترشيد استهلاك الغاز المستخدم في إنتاج الكهرباء وتشغيل المصانع من خلال استخدام بدائل أقل سعرًا، مثل المازوت في إنتاج الكهرباء وتوفير فائض الغاز لتصديره لدول الاتحاد الأوروبي، وحققت نجاحًا في هذه الخطة حتى بلغت الزيادة في قيمة الصادرات 140% العام الماضي.
وسبق أن أعلنت الحكومة المصرية، في أغسطس/ آب الماضي، عن خطة لترشيد استهلاك الكهرباء بهدف توفير الغاز الطبيعي لتصديره للخارج وزيادة العائد من النقد الأجنبي.
وتوقع "يوسف"، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن تنجح مصر في زيادة صادراتها من الغاز الطبيعي لتحقق مستهدفها البالغ 12 مليار دولار خلال عام 2023، معتمدة في ذلك على استمرار ترشيد استهلاك الغاز المستخدم في إنتاج الكهرباء، وتنمية حقول إنتاج الغاز، على أن يتم توجيه صادرات الغاز لأسواق دول الاتحاد الأوروبي، وتركيا وباكستان والهند وإندونيسيا.
وقال "يوسف" إن مصر كانت إحدى البدائل الهامة لدول الاتحاد الأوروبي لتعويض تدفق الغاز الروسي للقارة العجوز، واستغلت مصر هذه الفرصة بزيادة حجم صادرات الغاز المسال، كما تم توقيع اتفاقية خلال زيارة المفوضية الأوروبية لمصر لزيادة حصة صادرات الغاز المصري لأوروبا.
في يونيو/ حزيران الماضي، وقعت مصر والاتحاد الأوروبي وإسرائيل مذكرة تفاهم ثلاثية بالقاهرة تحت مظلة منتدى غاز شرق المتوسط، التي تهدف لنقل الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى أوروبا باستخدام البنية التحتية والتسهيلات المصرية.
من جانبها، قالت الدكتورة وفاء علي، أستاذ الاقتصاد والطاقة، إن الحكومة المصرية عملت على تنمية قطاع البترول والثروة المعدنية من خلال 3 محاور؛ الأول ضخ استثمارات ضخمة للبحث والاستكشاف والتنقيب عن البترول، سواء بصحراء مصر الشرقية والغربية والبحرين الأحمر والأبيض المتوسط؛ بهدف زيادة إنتاج مصر من الثروة البترولية، والتأكيد على احتياطات مصر المرجحة منها، ونجحت الدولة في التعاون مع كبرى الشركات العالمية العاملة في هذا الصدد، بفضل اهتمام القيادة السياسية بالملف وحرصها على أن تتحول مصر من دولة مستهلكة إلى منتجة للطاقة.
وانتهت وزارة البترول من تنفيذ 4 مشروعات لتنمية وإنتاج الغاز من الحقول المكتشفة بهدف إنتاج كميات من الغاز الطبيعي تصل إلى حوالي 185 مليون قدم مكعب غاز يوميًا، بالإضافة إلى 1000 برميل متكثفات يوميًا، بإجمالي تكلفة استثمارية 183 مليون دولار، وفقًا لبيان رسمي.
وأوضحت "علي"، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، المحور الثاني المتمثل في زيادة القيمة المضافة على اكتشافات البترول من خلال صناعة البتروكيماويات، التي تحتل فيها مصر مكانة رائدة ولديها خطة واضحة المعالم حتى عام 2035. أما المحور الثالث فهو اعتماد مصر على أحدث التقنيات في البحث والاستكشاف، مشيرة إلى أن مصر تتعاون مع كبرى الشركات العالمية لاستخدام أحدث الحلول التكنولوجية في التنقيب والاستكشاف والمسح السيزمي، في إطار سعيها لأن تصبح مركزًا إقليميًا للطاقة، من خلال زيادة إنتاجيتها من الغاز وإسالتها لتصديرها للخارج، إضافة إلى دورها السياسي من خلال قيادة منتدى غاز شرق المتوسط.
وفي عام 2022، تم تنفيذ 5 مجمعات ومشروعات جديدة لتكرير وتصنيع البترول في محافظات الإسكندرية، وأسيوط، والسويس؛ لإنتاج منتجات بترولية عالية الجودة لتغطية احتياجات السوق المحلي بتكلفة إجمالية تزيد عن 8 مليارات دولار.
وذكرت وفاء علي أن مصر أمامها فرصة لزيادة صادراتها من الغاز الطبيعي لدول الاتحاد الأوروبي خلال الفترة المقبلة لتحقيق أمن الطاقة للقارة، مشيرة إلى زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية لمصر منتصف العام الماضي من أجل لتأمين إمدادات الطاقة لأوروبا، التي تعاني من أزمة في الطاقة على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية. إلى جانب تبني مصر خطة للتحول إلى مصادر للطاقة منخفضة الكربون وخفض الانبعاثات الكربونية، بحسب "علي".
توقعت أستاذ الاقتصاد والطاقة أن تنجح مصر في سعيها لزيادة حجم الصادرات من الغاز الطبيعي خلال عام 2023، من خلال زيادة الكميات التي يتم إسالتها، سواء بالمصانع أو الوحدات العائمة، وزيادة إنتاجية الآبار الحالية وبدء إنتاج آبار جديدة، لافتة إلى الكشف حقل نرجس 1 في البحر المتوسط، الذي سيدخل الإنتاج خلال الفترة المقبلة.
وسبق أن أعلن وزير البترول المصري، طارق الملا، عن اكتشاف جديد للغاز الطبيعي بمنطقة النرجس بواسطة شركة شيفرون الأمريكية.
اضف تعليق