تعد ظاهرة الفساد من الظواهر الخطيرة التي تعاني منها الكثير من دول العالم، فهو بحسب بعض المصادر ظاهرة دولية عابرة للقارات والحدود، وتحدث وتُمارس في الدول الغنية والفقيرة، فالتقارير الدولية تكشف أن ثلثي دول العالم تعاني من استشراء الفساد، بنسب مختلفة، وبأشكال متعددة...
تعد ظاهرة الفساد من الظواهر الخطيرة التي تعاني منها الكثير من دول العالم، فهو بحسب بعض المصادر ظاهرة دولية عابرة للقارات والحدود، وتحدث وتُمارس في الدول الغنية والفقيرة، فالتقارير الدولية تكشف أن ثلثي دول العالم تعاني من استشراء الفساد، بنسب مختلفة، وبأشكال متعددة. هذه الظاهرة ماتزال ايضاً محط اهتمام اعلامي واسع، خصوصاً مع استمرار فضائح الفساد التي تطال الكثير من الاسماء والشخصيات العالمية المعروفة، حيث ذكرت صحف إسبانية أن ملك إسبانيا السابق خوان كارلوس ذهب إلى جمهورية الدومنيكان بعد مغادرة بلاده وسط فضيحة.
وكان القصر الملكي قد أعلن أن خوان كارلوس، الذي تنازل عن العرش لابنه في 2014 بسبب فضيحة سابقة، قرر مغادرة إسبانيا ليمكن نجله الملك الحالي فيليبي أن يحكم دون منغصات أو مشاكل. لكن البيان لم يذكر إلى أين ذهب الملك السابق البالغ من العمر 82 عاما. وتتزايد الضغوط على الملك السابق الذي كان يحظى بالشعبية يوما ما لكن الآراء تنقسم حوله الآن حيث يتحرى محققون إسبان وسويسريون مزاعم رشا تتعلق بعقد خط سكك حديدية للقطارات فائقة السرعة. وتصف سويسرا الدومنيكان بأنها دولة يصعب التعاون معها قضائيا لكن إسبانيا تربطها بها اتفاقية تسليم.
وقال المدعي العام الإسباني إن مدعي المحكمة العليا الإسبانية فتح تحقيقا يتعلق بالملك السابق خوان كارلوس ضمن تحقيق في عقد قطارات سريعة مع السعودية. وقال البيان إن مدعي المحكمة العليا سيبحث ما إذا كان ممكنا ضم الملك السابق إلى القضية في ضوء أنه كان يتمتع بحصانة حتى يونيو حزيران عام 2014 عندما تنازل عن العرش لابنه فيليبي. وأضاف البيان ”يركز هذا التحقيق تحديدا على إثبات أو نفي الصلة الجنائية بالأفعال التي تمت بعد يونيو حزيران عام 2014 عندما لم يعد الملك خوان كارلوس متمتعا بالحصانة“.
بنما
من جانب اخر اتهم القضاء في بنما رئيسين سابقين للبلاد هما ريكاردو مارتينيللي وخوان كارلوس فاريلا "بغسل رساميل" بعد مثولهما أمام النيابة العامة. وقال رونييل أورتيز أحد محامي مارتينيللي رئيس البلاد من 2009 إلى 2014، إن موكله "اتهم بغسل أموال لشراء وسيلة إعلام". ومنع مارتينيللي الذي يشتبه بأنه قام بشراء مجموعة إعلامية بأموال عامة خلال ولايته الرئاسية، من مغادرة البلاد. وكان القضاء البنمي برأ في 2019 مارتينيللي الذي سلمته الولايات المتحدة إلى بنما، من تهمة التجسس على معارضيه في الخارج بعدما أمضى سنتين في الحبس الاحتياطي. وورد اسمه في العديد من فضائح الفساد التي اوقف في إطارها نحو 12 من وزراء حكومته.
وقال مارتينيللي بعد توجيه الاتهام إليه "أنا غاضب. إنه اضطهاد سياسي بلا نهاية. هذه قضية لم يذكر اسمي فيها من قبل، ولا سبب ولا أساس لها"، معتبرا "أنهم يريدون توريطي للقضاء علي". من جهتها، أكدت النيابة الخاصة لمكافحة الفساد اتهام فاريلا، الذي شغل المنصب من 2014 إلى 2019، بغسل أموال في إطار قضية أوديبريشت المجموعة البرازيلية العملاقة للأشغال العامة التي اعترفت بدفع رشاوى للعديد من القادة السياسيين في أميركا اللاتينية في السنوات الأخيرة.
واستمعت النيابة الخاصة لفاريلا في قضية تمويل يشتبه بأنه غير قانوني من قبل مجموعة أوديبريشت، لحملات انتخابية خلال الحملة الانتخابية التي فاز على أثرها. وقال فاريلا قبل استجوابه "جئت تلبية لاستدعاء من النيابة للرد على كل الأسئلة التي تطرح علي". وأكد في بيان صدر عن مكتبه أن التحقيق "لا علاقة له" بعمله خلال ولايته الرئاسية بل يتعلق بتبرعات لحملات انتخابية "مطابقة للقانون". بحسب فرانس برس.
والرئيسان اليمينيان السابقان كانا حليفين سياسيين. وقد ترشح فاريلا لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات التي فاز فيها مارتينيللي في 2009. لكنهما اختلفا في 2011 وأقيل فاريلا من حكومة مارتينيللي. وكانت حكومة الرئيس الحالي لورينتينو كورتيز (يسار الوسط) كلفت العام الماضي النائب العام ادواردو أولوا الخبير في قضايا الفساد والجنح المالية، لمحاولة تحسين صورة القضاء البنمي الذي يواجه انتقادات من منظمات للدفاع عن المواطنين والنقابات. وفي السنوات الأربع الأخيرة فتح حوالى ثلاثين ملف فساد في بنما لكن لم تتمكن إدانة أي مسؤول وأسقطت الملاحقات في العديد من القضايا بسبب أخطاء إجرائية أو نقص الأدلة.
إيران
في السياق ذاته أدرجت وكالة رقابية دولية متخصصة في مكافحة الأموال القذرة إيران على قائمتها السوداء بعدما تقاعست طهران عن الالتزام بالقواعد الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب. وجاء القرار بعد أكثر من ثلاثة أعوام من التحذيرات التي وجهتها مجموعة العمل المالي ومقرها باريس لحث طهران على سن قوانين ضد تمويل الإرهاب. وقال أعضاء المجموعة وعددهم 39 في بيان بعد جلسة عمل ”في ظل تقاعس إيران عن تطبيق اتفاقيات باليرمو وتمويل الإرهاب بالتوافق مع معايير مجموعة العمل المالي، ترفع المجموعة كليا تعليق الإجراءات المضادة وتدعو أعضاءها وتحث جميع السلطات القضائية على تطبيق الإجراءات المضادة الفعالة“.
وهذا يستلزم مزيدا من التدقيق في المعاملات مع إيران ومراجعة خارجية أكثر صرامة لشركات التمويل العاملة في البلاد وضغوطا إضافية على عدد قليل من البنوك والشركات الأجنبية التي لا تزال تتعامل مع إيران. وقال دبلوماسي غربي ”سيؤدي تقاعس إيران لزيادة تكاليف الاقتراض وعزلة عن النظام المالي“. ومع ذلك تركت المجموعة فيما يبدو الباب مفتوحا أمام إيران قائلة إن ”الدول ينبغي أيضا أن يتسنى لها تطبيق تدابير مضادة بشكل مستقل عن أي دعوة من مجموعة العمل المالي لفعل ذلك“. بحسب رويترز.
ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء عن محافظ البنك المركزي الإيراني عبد الناصر همتي قوله إن القرار الصادر عن المجموعة لن يكون له أي تأثير على التجارة الخارجية للبلاد. وقال همتي ”القرار مدفوع بدوافع سياسية وليس قرارا فنيا... يسعني التأكيد لأمتنا على أنه لن يكون له أي تأثير على تجارة إيران الخارجية ولا على استقرار سعر الصرف لدينا“.
أمريكا وبريطانيا
على صعيد متصل اعتقلت السلطات الأمريكية موظفا سابقا بإدارة مكافحة المخدرات بتهمة التآمر مع مهربي مخدرات كولومبيين لسرقة ملايين الدولارات التي كانت الحكومة الأمريكية قد صادرتها من أشخاص يًشتبه بأنهم مهربو مخدرات. وقال ممثلو الادعاء في لائحة اتهام إن خوسيه إيزاري ”أصبح ثريا من خلال استغلال منصبه سرا وقدرته الخاصة على الوصول للمعلومات“. وأضافوا أنه استخدم هذه الأموال ليعيش حياة فيها بذخ من منازل وسيارات باهظة الثمن وخاتم تيفاني ثمنه 30 ألف دولار.
وقال ممثلون للادعاء الاتحادي إن إيزاري استغل منصبه في إدارة مكافحة المخدرات في غسل أموال بمساعدة ما وصفوه ”بمنظمة مقرها كولومبيا لتهريب المخدرات وغسل الأموال“ كان يتظاهر بأنه يحقق معها. ووجه ممثلو الادعاء أيضا اتهامات لزوجته ناتاليا جوميز إيزاري. واعتقل أفراد مكتب التحقيقات الاتحادي إيزاري وزوجته في بويرتوريكو. وُوجه لهما 19 اتهاما بالاحتيال والتآمر وسرقة هوية.
وقال ممثلو الادعاء إن إيزاري استغل نوعا حساسا بشكل خاص من التحقيقات السرية لإدارة مكافحة المخدرات والتي يتظاهر فيها أفراد الإدارة بأنهم أشخاص يقومون بغسل أموال ثم يجمعون الأموال من مهربي المخدرات ويقومون بتحويلها من خلال حسابات مصرفية سرية. وقال إن إيزاري حول سرا هذه الأموال إلى حسابات كان يسيطر عليه هو والمتآمرون معه.
الى جانب ذلك قضت محكمة في لندن بسجن مدير سابق لشركة أونا أويل للاستشارات ثلاث سنوات، وهو ثاني مسؤول تنفيذي بالشركة يُسجن فيما يتصل بتقديم رشا لمسؤول عراقي للحصول على اتفاق نفطي قيمته 55 مليون دولار بعد سقوط صدام حسين في 2003. وأدانت هيئة محلفين ستيفن وايتلي وهو بريطاني يبلغ من العمر 65 عاما، بتهمة التآمر لدفع أكثر من نصف مليون دولار رشا للحصول على عقد بعد تحقيق رفيع المستوى استمر أربع سنوات وأجراه مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة.
وصدر الحكم بحق وايتلي، الذي كان مديرا لأونا أويل في العراق وقازاخستان وأنجولا، بعد الحكم على زياد عقل، وهو لبناني بريطاني كان مديرا لأونا أويل في الأراضي العراقية بالسجن خمسة أعوام بالتهمة ذاتها. وقال عقل إن المدفوعات كان مصرحا بها لأسباب أمنية. ونفى وايتلي معرفته بشأن دفع الأموال. بحسب رويترز.
وقال القاضي مارتن بيدو ”الجرائم ارتٌكبت عبر الحدود في وقت كانت فيه الحكومة العراقية في حاجة ماسة لإعادة البناء بعد سنوات من العقوبات ودمار الحرب“. وأضاف ”انطوت (الجرائم) على استغلال كامل بينما كان الوضع الاقتصادي والسياسي في العراق هشا للغاية“. والحكم هو علامة فارقة أخرى في الجانب البريطاني المعقد من تحقيق عبر الأطلسي في كيفية مساعدة أونا أويل، التي كانت تديرها يوما ما عائلة أحسني القوية، لشركات غربية كبرى في الحصول على مشروعات طاقة على مدى عقدين من الزمان.
جزر كايمان
من جانبها تبذل جزر كايمان، وهي أراض بريطانية فيما وراء البحار، أقصى ما في وسعها لمساعدة أغنى أغنياء العالم على إخفاء وغسل الأموال حسبما كشف تصنيف نشرته مجموعة مطالبة بالإصلاح. وتختبر الدراسة التي أجرتها شبكة العدالة الضريبية إلى أي مدى تتيح النظم القانونية والمالية في البلدان إخفاء الثروات وذلك عن طريق تتبع قوانين مكافحة غسل الأموال والضوابط الرقابية وحجم النشاط المالي في أي بلد على سبيل المثال. وتأتي الدراسة في وقت يتجدد فيه النقاش حول الإصلاح المالي في أعقاب فضائح في أوروبا من ضمنها أن أموالا روسية تستخدم دول البلطيق كنقطة انطلاق إلى العالم الغربي.
وقال أليكس كوبهام، الرئيس التنفيذي لشبكة العدالة الضريبية، إن ”محور السرية الأنجلو أمريكي“ يفاقم الفساد والتهرب الضريبي. وقال مؤلفو الدراسة إن جزر كايمان جزء مما وصفته بأنه ”شبكة عنكبوتية“ بريطانية، تؤثر فيها لندن على القوانين وعلى تعيين المسؤولين. وتستضيف جزر كايمان، القريبة من كوبا والتي وضعتها الدراسة على رأس القائمة كأبرز مراكز السرية المالية، أكثر من 100 ألف شركة، وهو عدد يفوق عدد سكانها. وقالت حكومتها إن الدراسة تجاهلت حقيقة أنها أوفت بالمعايير العالمية، مضيفة أنها لا تعمل ”في السر“ بل تتعاون مع السلطات في جميع أنحاء العالم.
وأظهرت وثيقة للاتحاد الأوروبي أن وزراء المالية في دول التكتل أضافوا بنما وسيشل وجزر كايمان وبالاو إلى قائمة سوداء للدول التي تُعتبر ملاذات ضريبية لكنهم أمهلوا تركيا مزيدا من الوقت لتجنب الإدراج في القائمة. وأعد التكتل تلك القائمة في 2017 بعد الكشف عن عمليات ومخططات تهرب ضريبي واسعة النطاق. وتضم القائمة الآن 12 منطقة ولاية قضائية. وتمثل إضافة مراكز مالية مثل بنما وجزر كايمان تحولا في سياسة الاتحاد الأوروبي. وكانت عدة مراجعات قد جعلت القائمة تقتصر تقريبا على جزر في المحيط الهادي والبحر الكاريبي لا تربطها علاقات مالية تُذكر بالاتحاد الأوروبي مما أثار انتقادات بأن التكتل متساهل جدا مع الملاذات الضريبية. بحسب رويترز.
ولا تزال القائمة السوداء تضم فيجي، وسلطنة عمان، وساموا، وترينيداد وتوباجو، وفانواتو، وثلاث مناطق أمريكية هي ساموا الأمريكية، وجوام، والجزر العذراء الأمريكية. وتواجه المناطق المدرجة على القائمة الإضرار بسمعتها وتدقيقا أكبر في تحويلاتها المالية وتجازف بخسارة تمويل الاتحاد الأوروبي. وفيما يتعلق بتركيا، جاء في وثيقة الاتحاد الأوروبي أنها لم تنفذ التحويلات التلقائية لمعلومات الضرائب لجميع دول الاتحاد لكنها مُنحت مزيدا من الوقت للوفاء بالتزاماتها لأنها أجرت تغييرات تشريعية تتيح نقل المعلومات.
اضف تعليق