تواجه الدول الأوروبية، كغيرها من دول العالم ازمات ومشكلات اقتصادية كبيرة بسبب تفشي وباء فيروس كورونا، الذي دفع دول منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي وكما نقلت بعض المصادر، إلى فرض قيود صارمة على حركة التنقل بين الحدود، واغلاق جزئي في مفاصل اقتصاداتها، لمنع تفشي الجائحة...
تواجه الدول الأوروبية، كغيرها من دول العالم ازمات ومشكلات اقتصادية كبيرة بسبب تفشي وباء فيروس كورونا، الذي دفع دول منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي وكما نقلت بعض المصادر، إلى فرض قيود صارمة على حركة التنقل بين الحدود، واغلاق جزئي في مفاصل اقتصاداتها، لمنع تفشي الجائحة، وقالت كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي إن من المرجح أن ينكمش اقتصاد منطقة اليورو بين ثمانية بالمئة و12 بالمئة هذا العام إذ يواجه صعوبات لتجاوز أثر جائحة فيروس كورونا.
وكان البنك المركزي الأوروبي قال في وقت سابق إن الاقتصاد قد ينكمش بنسبة تتراوح بين خمسة و12 بالمئة، لكن لاجارد التي كانت تتحدث في حوار مع الشباب، قالت إن التصور ”المعتدل“ عفا عليه الزمن بالفعل وإن النتيجة الفعلية ستكون بين التصورين ”المتوسط“ و“الحاد“. هذه الازمة الكبيرة دفعت وبحسب بعض المراقبين، دول الاتحاد الاوروبي الى رفع او تخفيف اجراءات العزل الصارمة، وهو ما اثار قلق ومخاوف العديد من الجهات، التي تخشى من تفشي الفيروس مجدداً خصوصا مع عدم وجود علاجات او ادوية خاصة بهذا المرض.
كما كبير الخبراء الاقتصاديين بالبنك المركزي الأوروبي فيليب لين أن اقتصاد منطقة اليورو الذي تضرر جراء تفشي فيروس كورونا لن يعود إلى مستويات ما قبل الجائحة حتى العام المقبل على أبكر تقدير، مضيفاً أن البنك مستعد لإجراء تعديلات على أدواته عند الحاجة مستبعداً في جميع الأحوال أن يعود النشاط الاقتصادي لمستوى ما قبل الأزمة قبل 2021 إذ لم يكن بعد ذلك على حد قوله. من جانب اخر حذر بعض الخبراء من استمرار الخلافات والازمات بين دول الاتحاد الاوروبي، الامر الذي قد يؤدي إلى اشتعال التوترات السياسية التي يمكن أن تفكك دول الاتحاد، وهو ما دفع بعض الحكومات الى تقديم خطط ومشاريع جديدة لدعم الاقتصاد والابتعاد عن الخلافات القديمة التي تمخضت خلال أزمة عام 2009 المالية.
الاتحاد الأوربي اقرب الى التفكك
وفي هذا الشأن قال الملياردير جورج سوروس إن الاتحاد الأوروبي ربما يتفكك في أعقاب جائحة فيروس كورونا ما لم يصدر التكتل سندات دائمة لمساعدة الأعضاء الضعفاء مثل إيطاليا. وقال سوروس (89 عاما) إن الضرر الذي لحق باقتصاد منطقة اليورو من فيروس كورونا المستجد سيستمر ”لفترة أطول مما يعتقد معظم الناس“، مضيفا أن التطور السريع للفيروس يعني أنه سيكون من الصعب تطوير لقاح يُعول عليه.
وقال الخبير المخضرم بصناديق التحوط إن السندات الدائمة، التي استخدمها البريطانيون لتمويل حروبهم ضد نابليون، ستسمح للاتحاد الأوروبي بالنجاة. وقال سوروس ”إذا لم يكن الاتحاد الأوروبي يستطيع التفكير فيها (إصدار سندات) الآن، فربما لن يستطيع النجاة من التحديات التي يواجهها حاليا... هذا ليس احتمالا نظريا، ربما تكون الحقيقة المأساوية“.
وقال سوروس، الذي نال شهرته من الرهان على انخفاض الجنيه الاسترليني في 1992، إنه مع بيع اقتصادات رئيسية مثل ألمانيا سندات بعائد سلبي، فإن السندات الدائمة ستخفف أزمة ميزانية تلوح في الأفق في أنحاء التكتل. وقال إن الاتحاد الأوروبي سيتعين عليه الحفاظ على تصنيفه الائتماني عند (AAA) لإصدار مثل تلك الديون، ولذلك سيتعين عليه أن يكون لديه السلطة لزيادة الضرائب لتغطية تكلفة السندات، لذا فمن المقترح ببساطة أنه ربما تتم إجازة الضرائب بدلا من فرضها. بحسب رويترز.
وقال سوروس ”هناك حل... يجب أن تتم إجازة الضرائب فقط، لن يتعين عليهم فرضها“. وردا على سؤال بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قال سوروس إنه يشعر بالقلق بوجه خاص إزاء إيطاليا مضيفا ”ما الذي سيبقى من الاتحاد الأوروبي بدون إيطاليا؟“. وقال سوروس ”تخفيف قواعد المساعدة الحكومية... غير عادل بالنسبة لإيطاليا، وهي بالفعل رجل أوروبا المريض والأكثر تضررا من كوفيد-19“.
خطط جديدة لانعاش اليورو
على صعيد متصل قدمت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خطة إنعاش بقيمة ألف مليار يورو لدعم اقتصادات الدول الأوروبية المتضررة من تفشي وباء كوفيد-19، وتنتظرها تلك الدول بفارغ الصبر. لكن يبدو أن هذه المهمة ستكون صعبة، فالخطة تستند الى مشروع منقح لموازنة طويلة الأمد للاتحاد الأوروبي، دعّم بتمويلات جديدة للإنعاش. إلا أن الموازنة نفسها لم تكن موضع توافق بين دول الاتحاد الـ27 حتى قبل مرحلة الوباء، فقد أخفقت في شباط/فبراير في اقرار الموازنة التي تبلغ قيمتها ألف مليار يورو، وتمتد بين عامي 2021 و2027.
ولم تساهم العاصفة الاقتصادية التي ضربت الاتحاد أيضاً في رص الصفوف بين دول الشمال ودول الجنوب الأكثر تضرراً من الأزمة الصحية، بل أوجدت الأزمة خلافاً جديداً بينها، يرتبط بطبيعة الدعم الاقتصادي الذي سيقدّم للدول الأعضاء: هل يكون عبر قروض يمكنها تسديدها في وقت محدد، أم عبر إعانات؟ ويشكل مشروع فون دير لاين مزيجاً بين الخيارين، يرجح أن يؤدي إلى الإفراج عما يصل إلى ألف مليار يورو عبر أداة إنعاش جديدة، تمول من إصدار سندات من جانب المفوضية باسم الاتحاد الأوروبي، وفق عدة مصادر.
وأكد مصدر أوروبي أن مشروع رئيسة المفوضية "لن يكون نسخةً مطابقة تماماً" من المشروع الفرنسي-الألماني الذي قدمته أنغيلا ميركل وإيمانويل ماكرون الأسبوع الفائت. واقترحت باريس وبرلين خطة قيمتها 500 مليار يورو، توزع عبر آلية غير مسبوقة لتشارك الديون، في ما يعدّ تغييراً جذرياً في المبادئ الألمانية بهذا الصدد، فألمانيا كانت، حتى الآن، معارضة بشدة لهذه الفكرة.
وبموجب المشروع، يجري توزيع الأموال على شكل مخصصات، وليس قروض، على الدول والقطاعات الأكثر تضرراً، وهو ما تعارضه الدول "المقتصدة" (هولندا، النمسا، الدنمارك، السويد). ويبقى تحديد المبالغ التي ستخصص لتمويل النهوض الاقتصادي، فضلاً عن الشروط التي يجب توافرها لدى الدولة المعنية للاستفادة منه، وهما أمران يعتمدان على قدرات بروكسل على الاقتراض.
وتريد فون دير لاين من جهتها توسيع حجم الخطة عن طريق زيادة العائدات المتوافرة نظرياً في الموازنة- وهي مبالغ يمكن للاتحاد الأوروبي أن يطلبها أيضاً من الدول الأعضاء- إلى ما نسبته 2% من الدخل القومي الإجمالي للاتحاد الأوروبي، بدل نسبة 1,2% المنصوص عليها حالياً، وفق مصدر في المفوضية. وعشية تقديم خطة المفوضية، دعا ماروش سيفكوفيتش، أحد نواب رئيسة المفوضية، إلى التوصل لاتفاق سياسي بسرعة خلال القمة الأوروبية المقررة في 18 حزيران/يونيو.
والإجماع التام على خطة مماثلة بين دول الاتحاد أمر ضروري، لكن سيكون صعباً إقناع كافة دول الاتحاد، إذ إن دول الشمال "المقتصدة" مستمرة برفضها رفع الموازنة المتعددة السنوات إلى ما يفوق نسبة 1% من الدخل القومي الإجمالي. فضلاً عن ذلك، لن يبدأ تنفيذ الموازنة الجديدة إلا بحلول عام 2021، ما يعني أنه يجب إيجاد حل يتيح تقديم تمويلات للدول المتضررة اعتباراً من الخريف لدعم اقتصاداتها المهددة بالركود. بحسب فرانس برس.
وعلى خطة الإنعاش أيضاً أن تتضمن سبل وفاء المفوضية بالتزاماتها السياسية، فهي وضعت التكنولوجيا الرقمية والتحول في مجال الطاقة، بصلب مشروعها للنهوض بالقارة العجوز. يضاف إلى ذلك العمل على تطوير "الاستقلالية الاستراتيجية" للاتحاد الأوروبي، ليصبح أكثر مناعةً أمام الأزمات، وأقل اعتماداً على الخارج لا سيما على الصين. وإلى جانب آلية النهوض المساوية لنحو ألف مليار يورو والموازنة المعادلة لها، فعّلت أيضاً آلية الاستقرار الأوروبية البالغة 240 مليارا، وهي عبارة عن تمويلات طارئة في منطقة اليورو، مع 200 مليار يورو ستقدم للشركات، و100 مليار يورو عبر آلية "سور" أو "الدعم للتخفيف من مخاطر البطالة في حالات الطوارئ" للحد من وطأة البطالة الجزئية. وصادقت المفوضية أيضاً منذ بدء الأزمة على مساعدات حكومية بقيمة 2130 مليار يورو، أفرجت الحكومة الألمانية عن نصفها لدعم شركاتها.
صندوق لدعم الشركات
تقترح المفوضية الأوروبية تأسيس صندوق حجمه 15 مليار يورو (16.6 مليار دولار) لتمويل شركات استراتيجية يعتريها الضعف بفعل أزمة كوفيد-19. ويأتي الاقتراح، الذي يحتاج إلى موافقة حكومات ومشرعي الاتحاد الأوروبي، بعد أن أصبحت الشركات في أنحاء العالم مهددة بعروض استحواذ عدائية مع انخفاض الأسعار الأسهم وباتت هناك خيارات تمويل أقل خلال أزمة فيروس كورونا.
وقال تيري بريتون المفوض المعني بالصناعة خلال مؤتمر صحفي إن الصندوق الجديد قد يشتري حصصا أو يعرض قروضا على الشركات الاستراتيجية في قطاعات مثل الرعاية الصحية والفضاء والدفاع والتقنيات الرقمية والصديقة للبيئة. وزادت المخاوف بشأن تعرض بعض الشركات الأوروبية للتهديد في مارس آذار بعد تقارير ذكرت أن الإدارة الأمريكية تدرس الدخول في شركة كيورفاك ومقرها ألمانيا، وهي شركة متخصصة في التكنولوجيا الحيوية تعمل على تقنية جديدة قد تخفض تكاليف اللقاحات. وردت المفوضية الأوروبية بأن تعهدت بمبلغ 80 مليون يورو لكيورفاك.
وقال بريتون إن الدعم المالي للاتحاد الأوروبي قد يذهب إلى شركات ”في حاجة إلى المزيد من رأس المال لتواصل توسعها“ مضيفا أنه سيسمح أيضا للشركات بتجنب المساعدة من شركاء غير مرغوب بهم. والصندوق الجديد ضئيل مقارنة مع صناديق الثروة السيادية الكبيرة التي تملك مليارات الدولارات للاستثمار في شركات استراتيجية. لكن من المتوقع أن يتم تعزيز قوته المالية عبر جذب مستثمرين من القطاع الخاص مع ضمانات. بحسب رويترز.
وتقول وثيقة للاتحاد الأوروبي إنه وفقا لتقديرات المفوضية الأوروبية فإن مبلغ 15 مليار يورو، الذي سيتم اقتراضه من الأسواق المالية، ”قد يدر استثمارات تصل إلى 150 مليار يورو“ في الفترة من 2021 إلى 2027. والصندوق جزء من خطة أوسع نطاقا للاتحاد الأوروبي لدعم الشركات التي في حاجة إلى دعم مالي لرأس المال.
لكن ماذا عن الضرائب الجديدة؟
الى جانب ذلك قررت اوروبا وكما نقلت بعض المصادر، اللجوء الى الضرائب جديدة تفرض على عمالقة التكنولوجيا مثل جوجل وفيسبوك وأمازون فى محاولة لإنقاذ اقتصادها. وترى أوروبا أن التجارة الإلكترونية والتكنولوجيا هي بعض القطاعات التي حققت أفضل أداء اقتصادي خلال جائحة كورونا، مما سيجعل هذا القطاع سيتكبد المزيد من الضرائب في الاتحاد الأوروبي، حسبما قالت صحيفة "إيه بي سي" الإسبانية.
وأجلت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD هدفها المتمثل في الوصول إلى خطة ضريبية رقمية من يوليو إلى اكتوبر، ويمكن تنفيذها في عملية متعددة المراحل من الممكن أن تستمر حتى 2021، وفى غضون ذلك قالت المفوضية الاوروبية إنها تستأنف المحادثات على المستوى الأوروبي إذا لم تتفق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية هذا العام، حيث تدفع الشركات الرقمية في المتوسط ضرائب فعالة بنسبة 9.5 % في الاتحاد الاوروبي.
وفتحت أزمة كورونا إعادة النقاش حول الضرائب والاستفادة منها، وقال كوبهام، مدير جمعية العدالة الضريبية في هولندا إن "هولندا ودول آخرى تشعر بضغط أكبر من العام الماضي، مؤكدا طلب المواطنين المتزايد على إظهار الشفافية ويضرب مثالا لألمانيا حيث نشهد ضغوطا على الشركات في ألمانيا لتتحلى بالشفافية ولإظهار أنها تدفع الضرائب في بلادها". لتنفيذ خطة التعافي الأوروبية، تعتقد بعض الأطراف أنه يجب إيجاد موارد جديدة لتعزيز الميزانية الأوروبية على المدى الطويل. اقترحت المفوضية الأوروبية في وقت سابق ثلاث أنواع من الضرائب بقيمة إجمالية تبلغ 20 مليار يورو سنويًا.
كما تقترح المفوضية الأوروبية ميزانية مشتركة للاتحاد الأوروبي بين 2021 و2027 تبلغ بنحو 1.1 تريليون يورو، وذلك بالتزامن مع صندوق جديد للتعافي سيحشد 500 مليار يورو في صورة منح وقروضا قيمتها 250 مليار يورو للدول الأعضاء لمساعدتها في تحفيز النمو الاقتصادي المتضرر بفعل جائحة كورونا. وفي السياق نفسه، قال مجموعة اليورو ماريو سينتينو، إن خطط ألمانيا وفرنسا إن صندوق إنعاش اقتصادي الذى يصل إلى 500 مليار يورو، للتصدي لتداعيات وباء كورونا، وستكون خطوة صوب اتحاد مالي وقال إن "هذه المبادرة خطوة شجاعة في الاتجاه الصحيح للتغلب على هذه الأزمة"، مشيرا إلى أن "المقترح الألماني الفرنسي سيكون خطوة عظيمة صوب اتحاد مالي ووحدة نقدية سليمة، حتى لو كان صندوق الإنعاش مؤقتاً فحسب".
وقالت صحيفة "اكسبانثيون" المكسيكية إن الاقتصاد الأوروبي سيخسر 22.7% من قيمته إذا تم تفكيك الاتحاد الاوروبي، حيث يمكن تخفيض القيمة مجتمعة لاقتصاد الاتحاد الاوروبي بنسبة تتراوح بين 17% و22.7% في حالة تفكيك السوق الموحدة وعدم إحزار أي تقدم في مختلف البرامج والاجراءات المشتركة التي يمكن أن تطورها الاتحاد الأوروبي في السنوات القادمة نتيجة لأزمة كورونا.
وحلل البرلمان الأوروبي الفوائد الاقتصادية التي انتجها الاتحاد الاوروبي وما هي الآثار السلبية التي يواجهها الاتحاد في مواجهة الانتعاش الاقتصادي المستقبلي بعد كوفيد19 إذا توقفت عملية التكامل الاوروبي، وأشار التقرير الصادر عن البرلمان الأوروبي أن تفكيك السوق الأوروبية الموحدة سيكلف اقتصاد المنطقة بين 480 مليار يورو و1.38 تريليون يورو سنويا، وهو ما يمثل ما بين 3% و8.7% من الناتج المحلي الإجمالي المشترك لجميع البلدان.
اضف تعليق