شددت واشنطن من جديد عقوباتها على إيران. وبدءاً من شهر مايو/ أيار، تنتهي الاعفاءات السابقة من العقوبات لدول تستورد النفط الإيراني. ما يثير التساؤل، هل تخفي العقوبات تصعيداً حقيقياً تجاه إيران، أم مجرد مناورة من ترامب؟، يجيب المحللون الاقتصاديون بأن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تريد تجفيف...
يبدو ان العقوبات الامريكية على إيران تشكل مدخل لاستراتيجية أوسع تستهدف النظام الإيراني الذي اتهمه الرئيس الأميركي بوضع بصماته في جميع أزمات المنطقة. هذه الاستراتيجية وإن كانت لا تبدو مكتملة اليوم، تعطي ملامح اندفاعة أميركية لتغيير النظام في إيران مستفيدة من عوامل داخلية وإقليمية ودولية لهذه الغاية معظم أدواتها سياسية واقتصادية واستخباراتية وليست عسكرية.
أهمها الورقة الاقتصادية فقد شددت واشنطن من جديد عقوباتها على إيران. وبدءاً من شهر مايو/ أيار، تنتهي الاعفاءات السابقة من العقوبات لدول تستورد النفط الإيراني. ما يثير التساؤل، هل تخفي العقوبات تصعيداً حقيقياً تجاه إيران، أم مجرد مناورة من ترامب؟
يجيب المحللون الاقتصاديون بأن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تريد تجفيف منابع العملات الصعبة التي تحصل عليها إيران، فتذهب بشكل مباشر نحو النفط، النبع الرئيس الذي يغذي خزينة طهران بما تحتاجه لتصنع تأثيرا ممتدا ومثيرا للجدل في منطقة الشرق الأوسط، بالنسبة لترامب، عندما تصبح إيران غير قادرة على تأمين ما يكفي من دولار ويورو، لن يكون بإمكانها تسديد فواتير حلفائها ودفع رواتبهم وصناعة دعاية موالية لها تساهم في تثبيت أجندتها الإقليمية المناهضة لواشنطن وحلفائها في المنطقة.
ويتقاطع هذا مع جزء كبير من المطالب الـ 12 التي كان وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، قد رفعها في آيار/ مايو من العام الماضي حين خرجت بلاده من الاتفاق النووي، والتي ينصب معظمها حول الدور الإقليمي لإيران والممتد من العراق إلى اليمن وفلسطين ولبنان وسوريا.
وبعد مرور ما يقارب عام على خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، لا تبدو العقوبات وكأنها غيرت من خارطة التأثير الإيراني في المنطقة، على الرغم من أنه يصح القول إنها أثرت بشكل كبير على اقتصاد إيران وعلى تحويلاتها لحلفائها في المنطقة، تحديدا حزب الله في لبنان والفصائل الفلسطينية، لكن الأثر الذي كان يبحث عنه ترامب لم يقع وأصبحت الحاجة أكبر لتشديد الخناق وإن كان هذا على حساب بعض حلفاء واشنطن في العالم.
إذ يعاني الاقتصاد الإيراني من ضعف العملة المحلية والعقوبات الأميركية المشددة على صادراته من النفط، الأمر الذي يمكن أن يزيد من معدلات التضخم لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ عام 1980، وفقًا لصندوق النقد الدولي.
وقال محللون اخرون أسعار المستهلكين، وهو المؤشر الرئيس للتضخم، قد ترتفع في عام 2019 إلى 50 في المائة، بسبب "إلغاء الإعفاءات"، وكانت الولايات المتحدة أعادت فرض عقوبات على صادرات النفط الإيرانية في نوفمبر الماضي، وطالبت الشهر الحالي مشتري النفط الإيراني بوقف مشترياتهم بحلول مايو أو مواجهة عقوبات، منهية بذلك إعفاءات لمدة ستة أشهر أتاحت لإيران مواصلة تصدير كميات محدودة لثمانية من أكبر عملائها.
وقبل التحرك الأميركي الأخير، كان البنك، الذي يتخذ من واشنطن مقرا له، يتوقع أن يصل معدل التضخم إلى 37 في المائة، يهدف قرار الولايات المتحدة إلى خفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر، و"تجويع" الحكومة من العائدات الأساسية في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى كبح النفوذ السياسي لإيران في الشرق الأوسط، وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال مسؤول أميركي إن العقوبات الأميركية بحق إيران حرمت الحكومة من إيرادات نفطية تزيد عن عشرة مليارات دولار، حتى قبل إلغاء الإعفاءات، فقد سعر الصرف الرسمي في إيران ثلثي قيمته "ومن المتوقع أن يدخل الاقتصاد عامًا ثانيًا من الركود"، وفقدت العملة الإيرانية أكثر من 60 في المائة من قيمتها العام الماضي، مما أضر بالتجارة الخارجية، ورفع معدل التضخم السنوي.
ومن الواضح أن إعادة فرض العقوبات وإلغاء الإعفاءات سيكون لهما تأثير سلبي أكبر علي اقتصاد إيران من حيث النمو والتضخم، كما سيؤدي استمرار الحصار على الدول الإقليمية والكبرى إلى تبني وسائل تعامل مالية جديدة في مجال النفط. وخير مثال موقف الصين من العقوبات الإيرانية، إذ قررت تأسيس سوق مستقبلي في شنغهاي لتجارة النفط يستخدم «اليوان» بدلاً من الدولار. وبهذا، ستحاول الشركات الصينية تفادي العقوبات الأميركية، كما أن السوق ستتعامل في بادئ الأمر مع المشتريات الإيرانية وتتفادى الدول الأخرى. ولكن تبقى تجربة الصين مهمة في حال توسعها مستقبلاً، خصوصاً وأنها من أكبر الدول استيراداً واستهلاكاً للنفط. وتوجد أمثلة كثيرة أخرى لمحاولات استعمال المقايضة (الهند وتركيا)، إضافة إلى اعتماد العملات المحلية لإستيراد النفط من ايران.
وتصدر إيران 2.4 مليون برميل يومياً، بينما أدت العقوبات الدولية المفروضة في عهد الرئيس السابق محمد أحمدي نجاد إلى تقليص الصادرات إلى 900 ألف برميل يومياً. وبعد عقود من العقوبات، أصبح لدى ايران خبرة في تفادي جزء من الحصار، ولكن من دون شك ستشكل العقوبات ضربة في صميم النظام الاقتصادي للبلاد، الأمبر الذي عبّرت عنه التظاهرات التي عمت البلاد، وليس طهران فقط.
والسؤال الأبرز ما هو ردّ فعل إيران على العقوبات؟ هل ستقبل بالتفاوض وتعديل الاتفاق النووي؟ أم ستلجأ إلى وسائل عسكرية في إجابتها بتقييد حرية الملاحة في مضيق باب المندب، أو إشعال الجبهات العربية المتعددة الواقعة تحت نفوذها؟ وماذا سيكون ردّ الفعل العسكري لواشنطن وحلفائها؟ فعلى ضوء هذه القرارات، وطبيعة الردود عليها، ستأخذ أسعار النفط منحى جديداً سيعكس الأعمال العسكرية، بدلاً من التصريحات الكلامية.
أمريكا تنهي جميع إعفاءات استيراد النفط الإيراني
طالبت الولايات المتحدة مشتري النفط الإيراني بوقف مشترياتهم بحلول أول مايو أيار وإلا سيواجهون عقوبات، في خطوة تهدف إلى خنق إيرادات طهران من النفط ودفعت أسعار الخام لأعلى مستوى في ستة أشهر بفعل مخاوف من أزمة محتملة في الإمدادات، وقالت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الاثنين إنها لن تجدد الإعفاءات التي منحتها العام الماضي لعدد من مشتري النفط الإيراني، في قرار أكثر صرامة من المتوقع باغت بعض كبار المستوردين الذين ناشدوا واشطن الاستمرار في شراء النفط الإيراني دون الوقوع تحت طائلة العقوبات، وفي نوفمبر تشرين الثاني، أعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات على صادرات النفط الإيراني، بعد أن أعلن ترامب في الربيع الماضي انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المُبرم في عام 2015 بين إيران وست قوى عالمية لكبح برنامج طهران النووي. وجرى منح إعفاءات مدتها ستة أشهر لثمانية اقتصادات من بينها الصين والهند، وتوقع البعض تجديد تلك الإعفاءات، وما زالت طهران تتحدى قرار واشنطن، إذ قالت إنها مستعدة لإنهاء الإعفاءات، في حين كرر الحرس الثوري تهديده بإغلاق مضيق هرمز، وهو ممر رئيسي لشحن النفط في منطقة الخليج، وفقا لما ذكرته وسائل إعلام إيرانية.
وقال البيت الأبيض إنه يعمل مع السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهما مُصدران كبيران للخام، لضمان تلقي سوق النفط ”إمدادات كافية“. لكن المتعاملين القلقين بالفعل من شح الإمدادات أثاروا شكوكا بشأن ما إذا كان هذا النهج المشدد، بجانب العقوبات المفروضة حاليا على قطاع النفط الفنزويلي، قد يؤتي بنتيجة عكسية في شكل ارتفاع كبير في الأسعار.
وقالت إليزابيث روزنبرج مديرة برنامج الطاقة والاقتصاد والأمن لدى مركز الأمن الأمريكي الجديد ”من المفاجئ أن يأتي طلب وقف استيراد النفط الإيراني في هذا الموعد النهائي في مايو (أيار) القادم، ”الإخطار قبل بضعة أسابيع فقط من الموعد النهائي يعني أن هناك الكثير من الشحنات التي جرى حجزها للتسليم في مايو. وذلك يعني أن خروجها قبل الموعد النهائي سيكون أكثر صعوبة“، وانخفضت صادرات إيران النفطية إلى نحو مليون برميل يوميا من أكثر من 2.5 مليون برميل يوميا قبل إعادة فرض العقوبات. وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في إيجاز صحفي يوم الاثنين ”سنصل إلى الصفر. سنصل إلى الصفر مع الجميع“، مضيفا أن الولايات المتحدة لا تخطط لمنح الدول فترة سماح بعد الأول من مايو أيار للالتزام بالقرار، وقال بومبيو إن البيت الأبيض يهدف لحرمان إيران من إيرادات نفطية حيوية تبلغ 50 مليار دولار سنويا، في الوقت الذي يضغط فيه على طهران لكبح برنامجها النووي واختباراتها للصواريخ الباليستية وتدخلها في الصراعات الدائرة بسوريا واليمن.
وقال مسؤول كبير في الإدارة إن ترامب واثق في أن السعودية والإمارات العربية المتحدة ستنفذان تعهداتهما بتعويض نقص صادرات النفط الإيرانية. وقال فرانك فانون مساعد وزير الخارجية الأمريكي المعني بموارد الطاقة إن السعودية تتخذ ”خطوات فعالة“ لضمان توافر إمدادات كافية في أسواق النفط العالمية.
ولم يلتزم وزير الطاقة السعودي خالد الفالح في بيان صادر يوم الاثنين بزيادة الإنتاج، وقال إن المملكة ”تراقب التطورات في سوق النفط“ بعد البيان الأمريكي، وإنها ستنسق مع غيرها من منتجي النفط لضمان توازن السوق. وتعقد منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) اجتماعها القادم في يونيو حزيران.
وفي حين من المتوقع أن تزيد السعودية الإنتاج مجددا، يخشى المحللون أن يؤدي التحرك الأمريكي، بجانب العقوبات المفروضة على قطاع النفط الفنزويلي، إلى عدم كفاية الطاقة الإنتاجية الفائضة في العالم.
وارتفع خام القياس العالمي برنت فوق 74 دولارا للبرميل يوم الاثنين، مسجلا أعلى مستوى منذ نوفمبر تشرين الثاني، بسبب الضبابية التي تحيط بزيادة إمدادات السعودية وبقية دول أوبك، بينما بلغ سعر النفط الأمريكي ذروته منذ أكتوبر تشرين الأول 2018 عند 65.92 دولار للبرميل، وأغلق برنت اليوم مرتفعا 2.07 دولار، أو 2.88 بالمئة، عند 74.04 دولار للبرميل، بينما زاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.70 دولار، أو 2.66 بالمئة، ليبلغ عند التسوية 65.70 دولار للبرميل.
وقال روبرت مكنالي رئيس مجموعة رابيدان إنرجي لاستشارات الطاقة ”على الرغم من أسعار النفط المرتفعة الآخذة في الصعود سريعا وارتفاع مخاطر الاضطراب الجيوسياسي، يراهن (ترامب) بثقة على أن السعودية والإمارات ستحتويان الضغوط الصعودية على الأسعار عبر تعويض النفط الإيراني وزيادة“، وبالإضافة إلى الصين والهند، حصلت اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وتركيا وإيطاليا واليونان على إعفاءات من العقوبات أيضا.
غلق مضيق هرمز
قال مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية إن أي تحرك من إيران لإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي ردا على إنهاء الولايات المتحدة إعفاءات شراء النفط الإيراني لن يكون مبررا ولا مقبولا، وأبلغ المسؤول مجموعة صغيرة من الصحفيين طالبا عدم ذكر اسمه أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب واثق من أن السعودية والإمارات العربية المتحدة ستلتزمان بتعهداتهما لتعويض الفارق في إمدادات النفط للدول الثماني التي حصلت على إعفاءات من العقوبات الأمريكية، وأضاف أن الولايات المتحدة لا ترى ضرورة لدراسة استخدام الاحتياطي البترولي الاستراتيجي عقب إنهاء الإعفاءات، وأشار إلى أن المسؤولين الأمريكيين يبحثون الآن سبل منع إيران من الالتفاف على العقوبات النفطية القائمة.
في المقابل حذّر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الولايات المتحدة من "عواقب" لم يحددها إذا حاولت إغلاق مضيق هرمز أمام طهران، ويأتي التحذير بعد أن صعّدت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذا الأسبوع ضغوطها على الجمهورية الإسلامية بقرارها وقف العمل بالاستثناءات التي كانت واشنطن منحتها لثماني دول لمواصلة شراء النفط الايراني رغم العقوبات الأميركية، وذلك اعتبارا من الثاني من أيار/مايو المقبل.
وقال ظريف خلال مؤتمر لـ"منظمة آسيا" في نيويورك حيث يشارك في جلسة للأمم المتحدة قال ظريف "نعتقد أن إيران ستواصل بيع نفطها، سنواصل إيجاد مشترين لنفطنا وسنواصل استخدام مضيق هرمز كممر آمن لبيع نفطنا"، وتابع وزير الخارجية الإيراني "لكن إذا اتّخذت الولايات المتحدة التدبير الجنوني بمحاولة منعنا من ذلك، عندها عليها أن تكون مستعدّة للعواقب"، وسبق أن شهد مضيق هرمز، الذي يشكل ممرا استراتيجيا إلى الخليج الغني بالنفط، مواجهات بحرية طفيفة بين الولايات المتحدة وإيران التي هددت مرارا بإغلاق المضيق الذي تمر عبره 20 بالمئة من الصادرات النفطية العالمية.
وقال ظريف إن "إبقاء الخليج الفارسي ومضيق هرمز مفتوحين يصب في مصلحة أمننا القومي. لقد أبقيناهما مفتوحين في الماضي وسنواصل ذلك في المستقبل"، مضيفا "لكن على الولايات المتحدة أن تدرك أنه يتعيّن عليها عندما تدخل مضيق هرمز أن تتحدث مع الجهة التي تحمي مضيق هرمز أي الحرس الثوري الإيراني".
ومؤخرا قررت الولايات المتحدة إدراج الحرس الثوري الإيراني على اللائحة السوداء الأميركية "للمنظمات الإرهابية الأجنبية"، وهو أول قرار من نوعه تتّخذه واشنطن بحق جهاز تابع لحكومة أجنبية وسط مطالبة الإدارة الأميركية لطهران بوضع حد للدعم الذي تقدّمه للحركات المسلّحة في المنطقة.
ويتولى الحرس الثوري المكلّف حماية النظام، الدفاع البحري عن مضيق هرمز كما يتولى إدارة مجموعة من المصالح الأخرى بما في ذلك مصالح تجارية، وقال ظريف إن ترامب يرضخ لمن وصفهم بـ"فريق الباءات" ويعني بذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد ومستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي جون بولتون، وأضاف ظريف أن "فريق الباءات يريد أن تتخذ الولايات المتحدة تدابير جنونية، وهي لن تكون المرة الأولى التي تغامر فيها الولايات المتحدة باتّخاذ تدابير خطط لها آخرون".
آسيا ستدفع ثمن تشديد العقوبات الأمريكية على نفط إيران
يشير محللون وبيانات التجارة إلى أن المشترين الآسيويين للنفط الخام الإيراني في وضع يؤهلهم للتغلب على قرار الولايات المتحدة إنهاء العمل بالإعفاءات من العقوبات الأمريكية إذ برهن هؤلاء المشترون على أن بوسعهم الاستمرار بدونه في الوقت الذي يمتلك فيه المنتجون في أنحاء العالم القدرة على تعويض الأسواق عنه.
وكانت الولايات المتحدة طالبت مشتري النفط الإيراني يوم الاثنين بالتوقف عن الشراء بحلول مايو أيار المقبل وإلا فستُفرض عليهم عقوبات منهية بذلك إعفاءات استمر العمل بها ستة أشهر وسمحت لأكبر ثمانية مشترين للنفط الإيراني، وأغلبهم في آسيا، بمواصلة استيراد كميات محدودة، وجاء هذا الإعلان في فترة تشهد فيها السوق تقييدا للمعروض إذ عمدت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجون كبار آخرون من بينهم روسيا إلى الحد من المعروض منذ شهر يناير كانون الثاني لدعم الأسعار.
وقد ارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت في المعاملات الآجلة إلى 74.69 دولار للبرميل يوم الثلاثاء مسجلا أعلى مستوى له هذا العام. وسيؤدي ارتفاع أسعار الخام إلى زيادة تكلفة الوقود على الدول الآسيوية، وأكبر أربعة مشترين للخام الإيراني هم الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية، ورغم ارتفاع التكلفة فمن المستبعد أن يحدث نقص في المعروض.
وقال بنك جولدمان ساكس الاستثماري يوم الاثنين إن من المنتظر أن يؤدي انتهاء العمل بالإعفاءات إلى انخفاض الصادرات الإيرانية بواقع 900 ألف برميل يوميا، وتعمل على تعويض ذلك وزيادة طاقة الانتاج الفائضة ”المتاحة على الفور“ لدى منتجين من بينهم السعودية والإمارات وروسيا والتي تبلغ حوالي مليوني برميل يوميا وقد ترتفع إلى 2.5 مليون برميل يوميا في العام المقبل.وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في بيان عن نهاية العمل بالإعفاءات إن الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ستضمن تزويد أسواق النفط باحتياجاتها بالكامل.
مضيق هرمز.. أهم شريان نفطي في العالم
قالت إيران إنها ستغلق مضيق هرمز إذا مُنعت من استخدام ذلك الممر المائي الاستراتيجي الذي يعبر منه نحو خُمس كميات النفط المستهلكة عالميا، جاء التهديد الذي وجهه قائد بالحرس الثوري الإيراني في أعقاب إعلان الولايات المتحدة يوم الاثنين أنها ستنهي الإعفاءات التي منحتها العام الماضي لثمانية مشترين للنفط الإيراني، مطالبة المستوردين بوقف مشترياتهم بحلول أول ماي، أيار وإلا واجهوا عقوبات، وارتفعت أسعار النفط العالمية لأعلى مستوياتها في ستة أشهر، ومضيق هرمز ممر ملاحي حيوي يربط منتجي النفط في الشرق الأوسط بأسواق آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية وما ورائها، ويقع منذ عقود في قلب التوتر الإقليمي، وسبق أن هددت إيران بإغلاق مضيق هرمز دون أن تنفذ تلك التهديدات.
* ما هو مضيق هرمز؟
- يفصل ذلك الممر المائي بين إيران وسلطنة عمان، ويربط الخليج بخليج عمان وبحر العرب.
- يبلغ عرض المضيق 33 كيلومترا عند أضيق جزء منه، لكن الممر الملاحي لا يتجاوز عرضه ثلاثة كيلومترات في كلا الاتجاهين.
* ما سبب أهميته؟
- قدرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن 18.5 مليون برميل من النفط المنقول بحرا يوميا مرت عبر المضيق في 2016. وشكل ذلك نحو 30 بالمئة من الخام وغيره من السوائل النفطية التي جرى شحنها بحرا في 2016.
- قالت شركة فورتيكسا للتحليلات النفطية إن ما يقدر بنحو 17.2 مليون برميل يوميا من الخام والمكثفات جرى نقلها عبر المضيق في 2017، ونحو 17.4 مليون برميل يوميا في النصف الأول من 2018.
- مع بلوغ الاستهلاك العالمي للنفط نحو 100 مليون برميل يوميا، فإن ذلك يعني أن قرابة خُمس تلك الكمية يمر عبر مضيق هرمز.
- يمر عبر المضيق معظم صادرات الخام من السعودية وإيران والإمارات العربية المتحدة والكويت والعراق، وجميعها دول أعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).
- يمر من المضيق أيضا كل إنتاج قطر تقريبا من الغاز الطبيعي المسال. وقطر أكبر مُصدر للغاز المسال في العالم.
- سعى كل من العراق وإيران خلال حربهما بين عامي 1980 و1988 إلى عرقلة صادرات نفط البلد الآخر فيما عرف في ذلك الوقت بحرب الناقلات.
- الأسطول الأمريكي الخامس المتمركز في البحرين مكلف بحماية السفن التجارية في المنطقة.
- قال محلل في بنك آر.بي.سي في 22 أبريل نيسان ”على الرغم من أن وجود الأسطول الأمريكي الخامس من المفترض أن يضمن بقاء ذلك الممر المائي الحيوي مفتوحا، فمن المرجح أن تجري إيران في المستقبل القريب مناورات عسكرية مستفزة وأن تستأنف نشاطها النووي كذلك“.
- وافقت إيران على الحد من برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات بموجب اتفاق أبرمته عام 2015 مع الولايات المتحدة وخمس قوى عالمية أخرى. وانسحبت واشنطن من الاتفاق في 2018. وتخشى القوى الغربية أن تكون إيران تريد صنع أسلحة نووية، وهو ما تنفيه طهران.
- قال محللو آر.بي.سي ”ربما توحي كل هذه العوامل الجيوسياسية بأن صيفا قاسيا ينتظر الرئيس (دونالد) ترامب بينما يسعى لإبقاء أسعار النفط قيد السيطرة“.
* هل من طرق بديلة لنفط الخليج؟
- تسعى الإمارات العربية المتحدة والسعودية لإيجاد طرق أخرى لتفادي المرور بمضيق هرمز، بما في ذلك مد مزيد من خطوط أنابيب النفط.
- وفيما يلي بيانات لوكالة الطاقة الدولية تظهر خطوط الأنابيب القائمة والمشروعات المقترحة
- خطوط الأنابيب العاملة التي لا تمر بمضيق هرمز (2016)
* خط بترولاين (خط أنابيب شرق-غرب): هو خط سعودي عامل تبلغ طاقته الاستيعابية 4.8 مليون برميل يوميا، ويُستخدم منها بالفعل 1.9 مليون برميل يوميا بينما تبلغ طاقته غير المستغلة 2.9 مليون برميل يوميا.
* خط أنابيب أبوظبي للنفط الخام: خط إماراتي عامل سعته 1.5 مليون برميل يوميا، يُستخدم منها نصف مليون برميل بينما تبلغ الطاقة غير المستغلة مليون برميل.
* خط أبقيق-ينبع لسوائل الغاز الطبيعي: خط سعودي عامل تبلغ طاقته الاستيعابية 300 ألف برميل يوميا، ومستغلة بالكامل.
* خط الأنابيب العراقي في السعودية: خط سعودي تحول لضخ الغاز الطبيعي.
* تبلغ الطاقة الإجمالية لجميع هذه الخطوط 6.6 مليون برميل يوميا، يُستغل منها 2.7 مليون برميل بينما تصل السعة غير المستغلة إلى 3.9 مليون برميل.
* وقائع سابقة شهدها مضيق هرمز
- في يوليو تموز 1988، أسقطت البارجة الحربية الأمريكية فينسينس طائرة إيرانية مما أسفر عن مقتل 290 شخصا هم جميع من كانوا على متنها، فيما قالت واشنطن إنه حادث اعتقد فيه الطاقم أن الطائرة التجارية طائرة مقاتلة. وقالت الولايات المتحدة إن فينسينس كانت في المنطقة لحماية السفن المحايدة من هجمات البحرية الإيرانية.
- في مطلع 2008، قالت الولايات المتحدة إن الزوارق الإيرانية هددت سفنها الحربية بعدما اقتربت من ثلاث سفن تابعة للبحرية الأمريكية في المضيق.
- في يونيو حزيران 2008، قال قائد الحرس الثوري الإيراني وقتها محمد علي جعفري إن إيران ستفرض قيودا على المرور في المضيق إذا تعرضت للهجوم.
- في يوليو تموز 2010، تعرضت ناقلة النفط اليابانية إم ستار لهجوم في المضيق. وأعلنت جماعة متشددة تعرف باسم كتائب عبد الله عزام، والتي لها صلة بالقاعدة، مسؤوليتها عن الهجوم.
- في يناير كانون الثاني 2012، هددت إيران بإغلاق مضيق هرمز ردا على عقوبات أمريكية وأوروبية استهدفت إيراداتها النفطية في محاولة لوقف برنامج طهران النووي.
- في مايو أيار 2015، أطلقت سفن إيرانية طلقات صوب ناقلة ترفع علم سنغافورة قالت طهران إنها دمرت منصة نفطية إيرانية، مما دفع الناقلة للفرار. كما صادرت سفينة حاويات في المضيق.
- في يوليو تموز 2018، لمح الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى أن بلاده قد تعطل مرور النفط عبر مضيق هرمز ردا على دعوات أمريكية لخفض صادرات إيران من الخام إلى الصفر. وقال قائد بالحرس الثوري أيضا إن إيران ستوقف كل الصادرات عبر المضيق إذا تم إيقاف الصادرات الإيرانية.
اضف تعليق