ينخر الفساد جسد العالم الاقتصادي بصورة هائلة في الوقت الحاضر ويلحق خسائر فادحة في اقتصاديات العديد من الدول الغنية والفقيرة، ويرى بعض الخبراء حيث تقف عدة اسباب وراء تنامي الفساد عالميا سواء كانت في البلدان المتقدمة او النامية، أهمها هيمنة السياسيات الإستراتيجية الاقتصادية الاحتكارية...
ينخر الفساد جسد العالم الاقتصادي بصورة هائلة في الوقت الحاضر ويلحق خسائر فادحة في اقتصاديات العديد من الدول الغنية والفقيرة، ويرى بعض الخبراء حيث تقف عدة اسباب وراء تنامي الفساد عالميا سواء كانت في البلدان المتقدمة او النامية، أهمها هيمنة السياسيات الإستراتيجية الاقتصادية الاحتكارية، وفقدان السبل النافعة لمعالجة الأزمة الاقتصادية الراهنة، خصوصا وان أغلب الدول الغنية بالموارد تسيء إدارة مواردها الطبيعية، كما يعد الاحتيال الاقتصادي وغسل الاموال من ابرز الاسباب التي جعلت منهما جرائم تنتج خلفها آثاراً سياسية وإقتصادية واجتماعية، التي ادت الى حدوث ازمات اقتصادية عديدة في المصارف والبورصات المالية العالمية.
ويشمل الفساد كل دول العالم من القطاع العام الى القطاع الخاص وفي كل مستويات المجتمع كما يدل على ذلك التطورات الأخيرة بما تعيشه دول شمال أوروبا من صدمة ضعف الثقة بمؤسساتها المالية بعد سلسلة فضائح، حيث يثير اكتشاف حجم أعمال تبييض الأموال في دول شمال أوروبا التي تتباهى إجمالا بالثقة التي تحظى بها مؤسساتها المالية، ذهولا وتساؤلات حول نموذج "الشفافية" الذي كان يعد مثالا يحتذى في العالم.
وأساءت الأزمة المالية عام 2008 لصورة الفضائل المفترضة التي كانت تتمتع بها مصارف دول أوروبا الشمالية، عبر كشفها حجم الاستثمارات في الأصول "الفاسدة" للمؤسسات الإيسلندية، التي تركت تحتضر تقريبا ليتم إصلاحها في ما بعد، لكن مصارف الدول الأخرى في شمال أوروبا بقيت بمنأى عن هذه الفضيحة.
وبعد أكثر من عقد، أيقظ الكشف عن تعاملات مشبوهة لفرع للمصرف الدانماركي "دانسكي بنك" في إستونيا، وعملية تفتيش مقر "سويد بنك" قرب ستوكهولم، الضمائر في هذه الدول، وأثيرت شبهات أيضا حول مصرف "نورديا" الذي يعد الأول في دول أوروبا الشمالية، والذي نقل مقره مؤخرا من ستوكهولم إلى هلسنكي لأسباب مالية أغضبت السويد.
كيف يمكن شرح تحول الدانمارك والسويد إلى "جنتين لتبييض الأموال" بعد أن كانتا على التوالي الدولتين الأولى والثالثة في التصنيف السنوي لمنظمة الشفافية الدولية بشأن الفساد في العالم؟
على صعيد ذي صلة، تبنت حكومات الاتحاد الأوروبي قائمة سوداء موسعة للملاذات الضريبية، أضافت إليها دولة الإمارات العربية المتحدة ومناطق تابعة لبريطانيا وهولندا في تعديل زاد عدد الملاذات المدرجة على القائمة إلى ثلاثة أمثال.
ووضع الاتحاد الأوروبي الذي يضم 28 دولة هذه القائمة السوداء في ديسمبر كانون الأول 2017 بعد الكشف عن مخططات للتهرب الضريبي منتشرة على نطاق واسع تستخدمها الشركات والأفراد الأثرياء لخفض مدفوعاتهم الضريبية، وتنضم تلك الملاذات إلى ساموا، وترينيداد وتوباجو، وثلاث مناطق أمريكية هي ساموا وجوام والجزر العذراء الأمريكية المدرجين بالفعل على القائمة من قبل.
وتواجه الملاذات المدرجة على القائمة السوداء أضرارا تلحق بسمعتها وقيودا أكثر صرامة على التعاملات مع الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أن دول الاتحاد الأوروبي لم تتفق بعد على فرض عقوبات.
الى ذلك قالت منظمة الشفافية الدولية في تقرير أشار إلى تنامي المخاطر التي تواجهها الديمقراطية في العالم إن الولايات المتحدة تراجعت أربع نقاط على مؤشر عالمي للفساد في عام 2018 لتخرج بذلك من قائمة أفضل 20 دولة لأول مرة منذ 2011.
فالفساد المالي والاداري ظاهرة عالمية، تنتشر في عموم الدول، حتى تلك الدول المتقدمة والتي يسودها قوانين صارمة، وتقودها أنظمة ومؤسسات راسخة، تعاني بين حين وآخر من فضيحة اقتصادية او مالية تهز الحكومة والدولة كلها، وفي الآونة الاخيرة بدأت مواقع معينة إلكترونية تسرب وثائق سرية تفضح شخصيات كبيرة في العالم قسم كبير منهم قادة وملوك ورؤساء متورطون في أعمال فساد، فقبل فترة ليست ببعيدة فضحت وثائق ويكيلكس مسؤولين كبار في العالم وكشف عمليات فساد هائلة.
حيث تُدار الأموال بين دول العالم وفق آلية معقدة، قد تحدث فيها حالات تلاعب كثيرة، وتشرف على الاموال الضخمة مصارف عالمية كبرى، ومؤسسات مالية مستقلة، وهناك منظمات واتحادات وبنوك مالية تراقب حركة الأموال في عموم العالم، وتراقب الخط البياني للأموال صعودا وهبوطا، حتى يمكن من خلال ذلك معرفة النمو الاقتصادي العالمي ومعلومات اخرى مهمة.
والنفس الأمارة بالسوء تدفع بالإنسان نحو شواطئ الزلل، وتشجعه على ارتكاب الخطأ، وفي الأعم الأغلب تدفعه بلا حواجز في مسارب الحرام، ولا يفكر ضعيف النفس بما يسوقه نحو الخلل، أو لماذا يرتكب الخطأ، أو لماذا يتجاوز على اموال الآخرين، وعندما يكون الانسان في موقع السلطة، تنكشف حقيقته حتى أمام نفسه، فكثير من الناس يشعر أنه أمين عندما يكون بعيد عن السلطة والمال، ويقول لنفسه أنه لا يمكن أن يمد يده الى المال العام او سواه، ولن يقرب المحرمات من الأفعال، ولكن تبقى التجربة أكبر برهان كما يُقال.
حيث تمارس هذه الظاهرة بمختلف أنواعها الإدارية والمالية كالمحسوبية واختلاس وتبييض الاموال والاحتيال، في حين يشكل الفساد في قطاع الدفاع انعطافة خطيرة لأي بلد، ليس لانه يتسبب في هدر الاموال العامة، بل لانه يهدد حياة الجنود اذا استخدموا اليات او معدات عسكرية لم تصمم لهم، كما ان الرشوة يمكن ان تساهم في سباق التسلح، واذا كانت الحكومات المعنية لا تخضع لرقابة ما فان نهب المال العام يصبح اكثر سهولة، وبالتالي يصبح الفساد واسع الانتشار ومرتع خصب لكل الآفات والأزمات العالمية.
فعلى الرغم من الإجراءات الحكومية وغير الحكومية لمواجهة هذه الظاهرة، فضلا عن الإصلاحات الإدارية والرقابية والمالية في اغلب بلدان العالم، إلا أن قضايا الفساد الإداري والمالي وغسيل الأموال والرشاوى تغرس براثن الآفات الاجتماعية، وتعيق تنفيذ الإصلاحات في أي مجال من المجالات آنفة الذكر، وعلى الرغم من الجهود الكثيفة للحد من تلك الظاهرة، الا انها تعطي حلولا خاوية او شبه مسكنات لا تقدم حلولا جذرية وأكثر فعالية.
أمريكا تخرج من أفضل 20 دولة
قالت منظمة الشفافية الدولية في تقرير أشار إلى تنامي المخاطر التي تواجهها الديمقراطية في العالم إن الولايات المتحدة تراجعت أربع نقاط على مؤشر عالمي للفساد في عام 2018 لتخرج بذلك من قائمة أفضل 20 دولة لأول مرة منذ 2011، وقالت المنظمة إن الولايات المتحدة سجلت في أحدث تقاريرها عن مدركات قادة الأعمال للفساد 71 نقطة انخفاضا من 75 نقطة على مقياس من 1 إلى 100.
وقالت زوي رايتر ممثلة المنظمة في الولايات المتحدة إن ذلك يطلق ”جرس إنذار“ بشأن الحاجة لمعالجة تعارض المصالح والنفوذ المفرط للقطاع الخاص واتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وقالت لرويترز ”هذا يمثل راية حمراء لأنه في الواقع جزء من نمط نشهده منذ الأزمة المالية العالمية في 2008 التي تسببت في فقد الثقة في مؤسساتنا العامة“. وأضافت ”الناس لا يرون أن لدينا آليات قائمة كافية لمكافحة الفساد وضمان مساءلة المسؤولين المنتخبين“، وتزايدت المخاوف بالفعل قبل انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتسلط الضوء عليها بسبب أفعال الرئيس الثري الذي خالف من سبقوه بالإبقاء على محاسباته الضريبية الشخصية سرية وإبقائه على أعماله التجارية أثناء توليه المنصب.
وقالت رايتر ”المخاوف المحيطة بإدارة ترامب خطيرة للغاية لكن الأوضاع تعتمل منذ بضع سنوات“. وتابعت ”تضارب المصالح لم يكن مشكلة جديدة لكنها تجلت عندما أصبح هناك من يخالف الأعراف“، وأضافت ”ترامب عرض وليس سببا. رئاسته تلقي الضوء على بعض المشكلات“، وقالت منظمة الشفافية الدولية إن الدنمرك ونيوزيلندا حققتا أفضل نتائج على مؤشر مدركات الفساد مرة أخرى في 2018 في حين ظل الصومال وسوريا وجنوب السودان في قاع القائمة وسجلت الدول الثلاث على التوالي 10 و13 و13 نقطة على المؤشر، وبشكل عام جاء أكثر من ثلثي عدد الدول دون مستوى 50 على مؤشر عام 2018، وقالت المنظمة إن 20 دولة فقط حسنت مستوياتها منذ 2012 منها الأرجنتين وساحل العاج. وتراجعت 16 دولة منها أستراليا وتشيلي ومالطا، وقالت المنظمة إن محلليها توصلوا إلى صلة واضحة بين الديمقراطية السليمة ومكافحة الفساد وأشارت إلى أن تراجع أداء تركيا والمجر مرتبط بالتحديات المتعلقة بسيادة القانون وحرية الصحافة، وتراجعت المجر ثماني نقاط وتركيا تسع نقاط إلى 46 و41 نقطة على التوالي.
انعدام الثقة بالمؤسسات المالية في شمال أوروبا
يثير اكتشاف حجم أعمال تبييض الأموال في دول شمال أوروبا التي تتباهى إجمالا بالثقة التي تحظى بها مؤسساتها المالية، ذهولاً وتساؤلات حول نموذج "الشفافية" الذي يضرب به المثل في العالم، وأساءت الأزمة المالية عام 2008 لصورة الفضائل المفترضة التي كانت تتمتع بها مصارف دول أوروبا الشمالية، عبر كشفها حجم الاستثمارات في الأصول "الفاسدة" للمؤسسات الأيسلندية، التي تُركت تحتضر تقريباً ليتمّ إصلاحها في ما بعد.
لكن مصارف الدول الأخرى في شمال أوروبا بقية بمنأى عن هذه الفضيحة، وبعد أكثر من عقد، أيقظ الكشف عن تعاملات مشبوهة لفرع للمصرف الدنماركي "دانسكي بنك" في استونيا، وعملية تفتيش مقرّ "سويدبنك" قرب ستوكهولم، الضمائر في هذه الدول.
ويقول أستاذ الاقتصاد في جامعة آرهوس في الدنمارك كريستيان بيورنسكوف "ما إن تُثار قضية من هذا النوع تكون ردة الفعل عنيفة جدا (...) إنها مسألة طريقة تفكير: الاسكندنافيون لديهم ثقة بمؤسساتهم"، وابتكرت هذه الدول الاسكندينافية "نموذجاً" للازدهار مبني بشكل عام على توازن بين حرية الاستثمار والحماية الاجتماعية، كل ذلك تكفله الشفافية بدرجة عالية.
وتصل قيمة المبالغ المشبوهة المعني بها "دانسكي بنك" إلى 200 مليار يورو، وكتبت صحيفة "داغينس اندستري" المالية السويدية الجمعة أن "وقت البراءة انتهى منذ زمن. حان وقت الإقرار بأن المصارف الشمالية الكبرى (...) قد قوّضت سمعتها العالمية".
وأضافت "أنها بالضبط هذه السمعة الممتازة التي كانت تعرّض (المصارف) لأن تصبح أداة لغسل الأموال القذرة"، وأثيرت شبهات أيضاً حول مصرف "نورديا" الذي يُعدّ الأول في دول أوروبا الشمالية، والذي نقل مقره مؤخراً من ستوكهولم إلى هلسنكي لأسباب مالية أغضبت السويد، كيف يمكن شرح تحول الدنمارك والسويد الى "جنتين لتبييض الأموال" بعد أن كانتا على التوالي الدولتين الأولى والثالثة في التصنيف السنوي لمنظمة الشفافية الدولية بشأن الفساد في العالم؟، وفق ما كتبت صحيفة "داغينس اندستري"؟.
ويرى الخبير في مكافحة الجرائم المالية مارتن نورد أن "المجتمع كان بطيئاً جداً في فرض ما يريده على القطاع المالي"، ودُقّ جرس الإنذار بعد توجيه الاتحاد الأوروبي توصياته الرابعة بشأن تبييض الأموال عام 2017، "التي دعت الشركات المعنية إلى اتخاذ تدابير فعلية ضد الجرائم المالية".
ودعا رئيسا وزراء السويد ستيفان لوفن والدنمارك لارس لوكي راسموسن هذا الأسبوع في ستوكهولم إلى فرض عقوبات نموذجية على المصارف التي ارتكبت مخالفات، وحذّر لوفن من أن "هذا الأمر يدمّر الثقة بالنظام المالي بأكمله، وسمعة بلادنا". فيما ذكّر راسموسن بأن الدنمارك وعلى غرار السويد، شدّدت الغرامات لتكون "رسالة قوية جداً" الى المؤسسات التي يُشتبه بارتكابها مخالفات مالية، ورفعت كوبنهاغن مؤخراً قيمة غراماتها ثمانية أضعاف وباتت المصارف الدنماركية حالياً تواجه عقوبات مالية توازي عشرين مرة قيمة الأرباح التي جُمعت بطريقة غير قانونية. ويواجه القيمون على هذه المصارف عقوبات تصل إلى السجن لمدة ستّ سنوات، وتعتبر لويز براون من منظمة الشفافية الدولية أن رئيسة مصرف "سويدبنك" التي أقيلت الخميس ليست إلا "كبش محرقة"، رغم أنها تتحمل بالطبع جزءاً من المسؤولية لكن تمّت التضحية بها لإنقاذ مجلس الإدارة.
وأوردت صحيفة "داغينس اندستري" أن"النيابة المالية في السويد قد تواجه صعوبات في إدانة المصرف لجنائيا، لكن لا تزال المحكمة الأفضل هي البورصة"، حيث خسر "سويدبنك" أكثر من ثلاثين في المئة من رأس ماله منذ مطلع العام، وأشارت صحيفة "بورسن" إلى أن المسألة الكبرى تبقى معرفة ما إذا كانت المصارف فهمت الرسالة. هل لديها الإرادة الصادقة للعب دور بناء في المجتمع أكثر من السابق؟".
قائمة الملاذات الضريبية وإيطاليا تعارض إدراج الإمارات
يتجه وزراء مالية الاتحاد الأوروبي إلى إضافة إقليم برمودا البريطاني وجزيرة أروبا الهولندية الواقعة في الكاريبي إلى قائمة الاتحاد السوداء للملاذات الضريبية، حسبما تفيده وثائق للاتحاد ومسؤولون، تضم مسودة القائمة أيضا الإمارات العربية المتحدة، لكن إيطاليا وإستونيا تعارضان إدراج الإمارات، وفقا لما تظهره وثيقة اطلعت عليها رويترز، ومن المتوقع أن تشهد أكبر مراجعة للقائمة منذ تبنيها في ديسمبر كانون الأول 2017 زيادة عدد النطاقات القضائية المدرجة عليها لثلاثة أمثالها من خمسة حاليا.
وتظهر وثائق الاتحاد الأوروبي أن مسودة القائمة الموسعة تضم أيضا جزيرة باربادوس في الكاريبي وسلطنة عمان فضلا عن مناطق أخرى في الكاريبي والمحيط الهادي، وضع الاتحاد الأوروبي المؤلف من 28 عضوا القائمة بعد انكشاف تفشي التهرب الضريبي من جانب شركات وأفراد أثرياء، يضر الإدراج على القائمة بسمعة الدول والأراضي ويعرضها لقيود أشد في تعاملاتها مع الاتحاد الأوروبي، وإن كانت دول الاتحاد لم تتفق حتى الآن على فرض عقوبات، وضغطت بريطانيا على باقي دول الاتحاد الأوروبي من أجل عدم إدراج برمودا، لكنها رفعت اعتراضاتها بعد أن قالت المفوضية الأوروبية إن الجزيرة ”تتلاعب“ من أجل التحايل على متطلبات الاتحاد الأوروبي، وفقا لمحضر وقائع اجتماع لممثلين عن دول الاتحاد في هذا الشأن، تُدرج الدول على القائمة السوداء للملاذات الضريبية إذا كانت في قواعدها الضريبية ثغرات قد تسمح بالتهرب الضريبي في بلدان أخرى. وتُرفع منها إذا تعهدت بإصلاحات ذات أطر زمنية محددة، وقالت المفوضية في الوثيقة إنه كان من المقرر أن تعدل برمودا قواعدها الضريبية بنهاية فبراير شباط، لكنها أضافت ثغرات جديدة في تشريع معدل ولم تقدم نصا نهائيا بنهاية المهلة.
الفساد يتصدر النقاش في الحملات الانتخابية
يتصدر النقاش حول الفساد الحملات الانتخابية في نيجيريا، مع اتهام المعارضة الرئيس الحالي بالفشل في الوفاء بتعهده القضاء على الفساد ومواجه مرشح المعارضة شبهات فساد مرتبطة بماضيه، ويواجه الرئيس النيجيري محمد بخاري البالغ 76 عاما الجنرال المتقاعد المعروف بالتزامه الديني نائب الرئيس السابق عتيق أبو بكر البالغ 72 عاما في الانتخابات المقررة في 16 شباط/فبراير، وينتمي المرشحان الى عرقية الهاوسا، وهما مسلمان من شمال البلاد حيث الغالبية من المسلمين.
وكان بخاري الذي وصل إلى السلطة عام 2015 قد وعد بمجابهة "سرطان" الفساد المستشري في نيجيريا البلد الأكثر سكانا في أفريقيا مع 180 مليون نسمة تعاني غالبيتهم من الفقر، إلا ان حملته ضد الفساد لم تسفر وفق معارضيه إلا عن ملاحقات قضائية قليلة استهدفت شخصيات معارضة.
ووصف بولا تينوبو "الأب الروحي" للسياسة في نيجيريا والمقرب من بخاري في وقت سابق من هذا الشهر الأخير بأنّه "رجل نزيه ومستقيم"، وقال "اترك نيرة (عملة محلية) على الطاولة بوجود بخاري واترك الغرفة. ستجد النيرة على الطاولة حين تعود".
في المقابل، يواجه أبو بكر اتهامات بتكديس عدة ملايين من الدولارات عبر إساءة استخدام الأموال العامة اثناء توليه منصب نائب الرئيس خلال حكم الرئيس أولوسيغون أوباسانجو بين عامي 1999 و2007، إلا أنّه لم يتعرض لاي تحقيق، ومع ذلك فهو ينفى ارتكاب أي مخالفات ويقول "أنا أتحدى أي شخص في أي وقت لإظهار دليل على الفساد ضدي"، مضيفا "سأفاجئ الجميع في مكافحة الفساد أكثر من أي وقت مضى".
لكن تحقيقا أجراه مجلس الشيوخ الأميركي في العام 2010 أشار إلى ان أبو بكر مرتبط بقضية تبييض أموال في الولايات المتحدة.
ففي الفترة بين عامي 2000 و2008 ساعدت زوجته الرابعة وهي مواطنة أميركية في تحويل 40 مليون دولار من الأموال المشبوهة إلى الولايات المتحدة عبر حسابات أوف-شور، وفق التحقيق الذي أضاف ان بعض هذه الأموال كانت لدفع رشى، كما واجه وزوجته اتهامات بتلقي مليوني دولار كعمولات من شركة سيمنز الألمانية العملاقة.
إقالة رئيس برلمان
أقال برلمان منغوليا رئيسه ميجومبو إنخبولد بعد أسابيع شهدت احتجاجات مناهضة له بسبب اتهامه بالضلوع في فساد، وتظاهر عشرات الآلاف في الشوارع في أواخر ديسمبر كانون الأول ضد إنخبولد والحزبين الرئيسيين وهما حزب الشعب المنغولي والحزب الديمقراطي.
وتزايدت الاضطرابات خلال يناير كانون الثاني وقاطعت مجموعة نواب من عدة أحزاب جلسات البرلمان. وبدأ بعض المحتجين إضرابا عن الطعام في ميدان سوخ باتور بوسط العاصمة أولان باتور في العاشر من يناير كانون الثاني.
ونفى إنخبولد اتهامات الفساد ورفض الاستقالة، لكن البرلمان صوت لصالح إجباره على التنحي في وقت متأخر يوم الثلاثاء في إجراء استهله الرئيس خالتما باتولجا، الذي هزم إنخبولد في انتخابات أجريت عام 2017، وقال إنخبولد ”أنا لا أتحايل لأحتفظ بمنصبي، أعتقد أن هذه المشكلة يجب أن تحل بشكل قانوني“. وأضاف أن إقالته تقوض ديمقراطية البرلمان.
استقالة كبير مستشاري ترودو
قدّم جيرالد باتس، كبير مستشاري رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، استقالته من الحكومة الإثنين لكي ينصرف "للدفاع عن نفسه" في مواجهة اتّهامات موجّهة إليه بالتدخّل للحؤول دون محاكمة شركة هندسة كندية متورّطة بفضيحة فساد في ليبيا، في قضية تحوّلت إلى أزمة سياسية تهزّ الحكومة الليبرالية قبل أشهر قليلة من الانتخابات التشريعية.
وباتس الذي يعتبر الساعد الأيمن لرئيس الوزراء ومهندس الانتصار الذي حقّقه ترودو في انتخابات 2015، أكّد لدى إعلانه استقالته من الحكومة أنّه لم يحاول البتّة الضغط على النيابة العامّة لتجنيب شركة إس.إن.سي-لافالين المحاكمة والاستعاضة عن ذلك باتفاق ودّي بين الشركة الهندسية العملاقة والقضاء الكندي.
وهذه أسوأ أزمة سياسية تشهدها كندا منذ تسلّم ترودو مقاليد الحكم، كما أنّ ارتدادات هذه القضية انعكست سلباً على حزبه الليبرالي قبل أشهر قليلة من الانتخابات التشريعية المقرّرة في تشرين الأول/أكتوبر، وكانت صحيفة "غلوب أند ميل" التي فجّرت هذه الفضيحة قبل أسبوعين أفادت أنّ مكتب رئيس الحكومة مارس عبثاً ضغوطاً لكي يبرم المدّعون العامّون اتّفاقاً مع الشركة الهندسية تدفع بموجبه الأخيرة غرامة ماليّة مقابل تجنيبها المحاكمة التي يمكن أن تطول وأن تكون عواقبها كارثية عليها.
وبحسب الصحيفة الصادرة في تورونتو فإنّ وزيرة العدل السابقة جودي ويلسون-ايبولد "تجاهلت" أوامر مكتب رئيس الوزراء بأن تطلب من النيابة العامة إجراء تسوية مع شركة "لافالان"، ولكنّ رفض ويلسون-ايبولد الامتثال لأوامر رئاسة الوزراء لم يمرّ مرور الكرام بل كلّفها منصبها، إذ إنّ ترودو بدّل حقيبتها في منتصف كانون الثاني/يناير من العدل إلى شؤون قدامى المحاربين، في خفض لمرتبتها لم يستمر طويلاً، إذ إنّ الوزيرة استقالت من الحكومة برمّتها، وقال جيرالد باتس في كتاب الاستقالة "أنفي نفياً قاطعاً المزاعم التي تفيد بأنني، أو أي فرد آخر من الحكومة، حاولنا أن نؤثّر على قرار السيدة ويلسون-إيبولد. نحن نحترم الدور الفريد الذي يؤدّيه وزير العدل".
وأضاف "لكنّ حقيقة الأمر أنّ هذه المزاعم موجودة. لا يمكن لهذه المزاعم ولا ينبغي لها، بأي حال من الأحوال، أن تعرقل العمل الأساسي الذي يؤدّيه رئيس الوزراء ومكتبه باسم جميع الكنديين. إنّ سمعتي هي مسؤوليتي، ومن واجبي أن أدافع عنها".
وسارع ترودو إلى التعليق على استقالة كبير مستشاريه، مؤكّداً في تغريدة على تويتر أنّ جيرالد باتس خدم حكومتنا - وبلدنا - بنزاهة وحكمة وتفانٍ. أودّ أن أشكره على خدمته وصداقته الراسخة"، وتضغط المعارضة على رئيس الوزراء لحمله على الكشف عن كل ما يتعلّق بهذه القضية، وبحسب الشرطة الفدرالية فإن شركة إس.إن.سي لافالين قدّمت لمسؤولين ليبيين وشخصيات 48 مليون دولار كندي (32 مليون يورو) "لاقناعهم باستخدام مناصبهم للتأثير على أعمال أو قرارات" الحكومة الليبية، وحصلت وقائع الاتهامات المفترضة بين 2001 و2011، العام الذي سقط فيه نظام العقيد الليبي الراحل معمّر القذافي.
وأشرفت الشركة الكندية على مشاريع بمليارات الدولارات في ليبيا، بما في ذلك بناء سجن خارج طرابلس ومطار في بنغازي، وتتعلق الاتهامات بمشروع "النهر الصناعي العظيم" لتوفير المياه العذبة لمدن طرابلس وبنغازي وسرت والذي يعدّ من أكبر المشاريع المائية في العالم، وتوظف الشركة 50 ألف شخص في أنحاء العالم وفي حال أدانها القضاء الكندي ستكون ممنوعة من التقدّم بعروض لمشاريع حكومية كندية.
اختلاس ملايين اليورو من برامج التسلح في روسيا
أعلنت النيابة العامة الروسية الثلاثاء اختلاس أموال تفوق قيمتها 20 مليون يورو في القطاع العسكري الصناعي وخصوصا برامج تسلح جديدة ما يكشف الفساد في هذا المجال الاستراتيجي جدا بالنسبة إلى الكرملين.
ونقلت وكالات الأنباء عن تقرير للنيابة العامة مخصص لأعضاء مجلس الشيوخ أن أكثر من 1,6 مليار روبل (21,9 مليون يورو) تم اختلاسها من مؤسسات تديرها مجموعتا روستك وروسكوزموس العسكرية الصناعية.
وأضاف التقرير أن هذه الأموال "كانت مخصصة لتحديث قدرات الانتاج وصناعة أحدث الأسلحة"، وروستك الشركة القابضة العامة توظف أكثر من 500 ألف شخص وتدير المؤسسات المنتجة للأسلحة. وهذا القطاع الذي تراجع إثر انهيار الاتحاد السوفياتي تم تحسينه في السنوات الأخيرة بفضل الرئيس فلاديمير بوتين الذي تباهى في الأشهر الماضية بالصواريخ "التي لا تقهر" في روسيا حاليا.
والفساد المتفشي في روسيا يعتبر من أبرز العقبات للنمو الاقتصادي، لا يوفر أي قطاع ولطخت فضائح عديدة في السنوات الاخيرة القطاعات المرتبطة بالدفاع والفضاء، وقال الكرملين إنه مستعد "لإيلاء هذه المؤسسات الاهتمام اللازم، وغرد المعارض ألكسي نافالني قائلا أنها "قضية غير مسبوقة"، وأكدت روستك ضمنا التحقيق الذي يطالها موضحة أن أجهزتها الأمنية "أبلغت العام الماضي بخسائر تقدر ب3,4 مليار روبل" ما يوازي 46 مليون يورو، وأعلنت روسكوزموس أنها "ساهمت بشكل ناشط" في تحقيقات النيابة العامة وأنها اتخذت اعتبارا من نهاية 2018 "تدابير شاملة لتنظيم صناعة الصواريخ الفضائية".
رئيس بيرو السابق ينتحر أثناء اعتقاله
انتحر رئيس بيرو السابق ألان غارسيا النار بإطلاق النار على رأسه عندما حضر أفراد من الشرطة لإلقاء القبض عليه، وكان مستشفى كازيميرو أويوا في العاصمة ليما قد أعلن أن غارسيا خضع لعملية جراحية إثر إصابته "بطلق ناري في رأسه". ولكن رئيس البلاد مارتين بيثكارا أعلن وفاة الرئيس السابق.
ووجهت الاتهامات إلى غارسيا بقبول رشى من شركة أوديبريشت البرازيلية للبناء، وهي اتهامات عكف على نفيها مرارا، وقال وزير الداخلية كارلوس موران إن الرئيس السابق طلب من رجال الشرطة عند وصولهم لإلقاء القبض عليه إجراء مكالمة هاتفية وذهب إلى غرفة أخرى، وأضاف الوزير "بعد دقائق، سمع ضباط الشرطة صوت طلق ناري فاقتحموا الغرفة ووجدوه ممدا على الأرض مضرجا في دمائه".
وتولى غارسيا رئاسة البلاد في الفترتين بين 1985 وحتى 1990، وبين 2006 وحتى 2011.
ويقول المحققون إنه حصل على رشى من الشركة خلال الفترة الثانية من شغله المنصب، وكان الأمر يتعلق بمشروع بناء خط للمترو في العاصمة.
واعترفت شركة اوديبريشت بدفعها رشى بقيمة 30 مليون دولار أمريكي (أي نحو 23 مليون جنيه استرليني) في بيرو منذ عام 2004، إلا أن غارسيا قال إنه ضحية اضطهاد سياسي، وكتب في تغريدة على تويتر يوم الثلاثاء إنه "ما من قرينة أو دليل" ضده، وشركة أوديبريشت هي شركة برازيلية عملاقة للبناء تقف خلف مشاريع كبرى للبنية التحتية في جميع أنحاء العالم، بما فيها أماكن استضافت الألعاب الأولمبية في 2016 ومباريات كأس العالم في البرازيل عام 2014، إلا أنه وفي خضم تحقيقات لمكافحة الفساد، اعترفت الشركة بدفع رشى في أكثر من نصف دول أمريكا اللاتينية، بالإضافة إلى أنغولا وموزمبيق في أفريقيا.
ويقول المحققون إن أوديبريشت دفعوا رشى إلى مسؤولين أو مرشحين في الانتخابات مقابل عقود بناء مغرية، وتسببت فضيحة الفساد هذه في الإيقاع بسياسيين من دول أمريكا اللاتينية، ويخضع آخر أربعة رؤساء في بيرو للتحقيقات بمزاعم الفساد هذه، فيما يقضي ألبيرتو فوجيموري، عقوبة بالسجن لإدانته بالفساد وانتهاكات لحقوق الإنسان.
اضف تعليق