تتجه الصين بقوة الآن لتصبح الإمبراطورية التجارية الأكبر في العالم. فماذا يعني ذلك إقتصادياً وسياسياً، لأمريكا وأوروبا والشرق كروسيا والهند وخاصة للشرق الأوسط والدول العربية؟، \"طريق الحرير الجديد\" أو ما يُسمى أيضاً مشروع \"عُبو\" هو إلى حد بعيد المشروع الأكثر طموحا للرئيس الصيني شي جين بينغ...
تتجه الصين بقوة الآن لتصبح الإمبراطورية التجارية الأكبر في العالم. فماذا يعني ذلك إقتصادياً وسياسياً، لأمريكا وأوروبا والشرق كروسيا والهند وخاصة للشرق الأوسط والدول العربية؟، "طريق الحرير الجديد" أو ما يُسمى أيضاً مشروع "عُبو" هو إلى حد بعيد المشروع الأكثر طموحا للرئيس الصيني شي جين بينغ، الهدف من هذا المشروع الضخم هو بناء وصلة نقل من آسيا إلى أوروبا : 10 آلاف كيلومتر من الطرق، وخط سكة حديد لنقل البضائع وطريق بحري ينطلق من غرب الصين عبر كازاخستان والأورال وموسكو وصولا إلى أوروبا، وأصبحت مبادرة إعادة طريق الحرير من الجديد لربط قارات العالم تجاريا المحرك الرئيس للسياسة الصينية داخليًّا وللدبلوماسية الصينية خارجيًّا، ويبدو أنها ستكون أحد أهم المحددات لتوجهات الصين إزاء العالم، ومنها المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط، لاسيما خلال فترة رئاسة شي جينبينغ صاحب المبادرة، والتي تستمر حتى عام 2022.
ولأهمية هذه المبادرة وما قد تحمله من تداعيات مستقبلية على دول المنطقة، سواء على المستوى الاقتصادي والسياسي، فقد بادر مركز الجزيرة للدراسات إلى إعداد ملف تحت عنوان: "طريق الحرير الجديد: رؤى ومصالح"، مكون من خمس أوراق بحثية مكثفة تراجع المبادرة نفسها وتقف على رؤى الدول الأساسية في المنطقة منها، لاسيما الدول العربية وإيران وتركيا.
يعرف باسم حزام واحد طريق واحد؛ وهي عبارة عن مبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير البحري وطريق الحرير للقرن الـ21، ويهدف طريق الحرير الجديد إلى إحياء وتطوير طريق الحرير التاريخي، من خلال مد أنابيب للغاز الطبيعي والنفط وتشييد شبكات من الطرق وسكك الحديد ومد خطوط للطاقة الكهربائية والإنترنت، ويتكون طريق الحرير الجديد من طريق بري وطريق بحري.
فيما يخص تطوراته وتأثيراتها على الشرق الأوسط، تعد السعودية ودول الخليج من أهم المحطات في طريق الحرير البحري الجديد، الذي أعلنت عنه الصين في ألفين وثلاثة عشر، وتهدف مبادرة الحزام والطريق، إلى تطوير وإنشاء طرق تجارية وممرات اقتصادية، تربط أكثر من ستين دولة.
في حين يأخذ بعدا سياسيا مثال ذلك إن أراد أحد تحليل الأزمة الأمريكية الإيرانية يجب النظر إلى ما يحدث في المنطقة من انتقال حالة الصراع من الساحة السورية والعراقية إلى الساحة التركية والإيرانية، وذلك يتعلق بمحاولات الصين لمد خط استراتيجي وشراكة استراتيجية تعرف بطريق الحرير الجديد من الشرق باتجاه أوروبا مرورا بإيران وتركيا وكان هذا الخط يعتمد على ما تسميه إيران بمحور المقاومة لكنه الآن تغيرت الاستراتيجيات والصين والاتحاد الاوروبي يراهنان على إيران وتركيا لإنشاء هذه الشراكة الجيواستراتيجية، من هذا المنطلق فبقاء تأثير الولايات المتحدة على الشرق الأوسط يعتمد على عدم مد هذه الشراكة وهذا الخط، وإذا توسعت الصين باتجاه الغرب ستخسر الولايات المتحدة وروسيا حوازات نفوذ لصالح الصين وحتى بعض الدول الأوروبية خاصة ألمانيا وفرنسا.
اما المعوقات فتكمن بالتنافس بين الهند والصين وتوجد بعض الحقائق التاريخية التي تلقي بظلالها على مصالح الوقت الحالي، فطريق الحرير على سبيل المثال يخطف الألباب على المستوى العالمي. ويشير إلى شبكة من الطرق البرية تربط الصين والهند وآسيا الوسطى وفارس وبيزنطة وروما منذ قدم التاريخ. وقد كان التجار والحجاج والمدرسون والمسافرون من كل الجنسيات على مدى السنين يسلكون تلك الطرق ويتبادلون الأفكار والبضائع، ولم تكن تلك الطرق قصرا على اليابسة حيث كانوا يسلكون الممرات البحرية بين الهند والصين عبر جنوب شرق آسيا برا وبحرا أيضا.
وعليه فان السياسة الطموحة التي تقودها الصين لتوسيع أسواقها والهيمنة على التجارة الدولية تضعها في مواجهة ليس فقط مع خصوم تقليديين مثل الولايات المتحدة وأوروبا، بل أيضاً مع حلفاء سياسيين كروسيا. لكن التنافس مع روسيا بخلاف الغرب ينحصر في إطار إقليمي على خلفية التناقضات داخل الاتحاد الاقتصادي الأوراسي في حين أنّ المواجهة التجارية مع الولايات المتحدة تأخذ طابعاً شاملاً، وتتعدّى أحياناً الصراع الاقتصادي لتصل إلى حدّ التلويح بالخيار العسكري في المناطق المتنازع عليها بين الصين وحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة. وبين المواجهتين تحاول أوروبا استمالة الصين على خلفية الصراع التجاري مع إدارة ترامب ولكن بشريطة أن لا يكون هذا التعاون على حساب وحدة أوروبا، كما تكرِّر ألمانيا دائماً.
ورغم الخطر الصيني الذي تقره استراتيجية الأمن القومي الأميركية إلا أن عدداً من الاقتصاديين الأميركيين يدافع عن العلاقة مع بكين. تجمع أميركا والصين مصالح مشتركة. تحول اعتبارات اقتصادية ومالية دون مواجهة مباشرة وكاسرة بين الطرفين. الصين أكبر دائن للولايات المتحدة. لكن "طريق الحرير" الصيني يهدد التفوق الأميركي. الموقف معقّد. الصين بالنسبة لواشنطن شريك وخصم في آن معاً.
في الوقت نفسه يمكن اعتبار الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان واحدًا من عدة مشاريع ضمن نظرية الحزام والطريق، التي تهدف الصين من ورائها لأن تصبح أستاذ العالم الجديد والأوحد، سيحتم على دول الخليج القلق من مشاريع الصين المتتابعة أولًا، ثم سيتحتم عليها الاختيار بين الصين والولايات المُتحدة بعد ذلك.
ومن المتوقع أن تصبح الصين أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2050، حيث سوف تمثل نحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، في حين سوف تأتي السعودية في المركز الأول عربيًا والـ 13 عالميًا وفقًا لتقرير شركة " برايس ووتر هاوس كوبرز" للخدمات المهنية، وقد تضمن التقرير توقعات الشركة لأقوى 32 اقتصادا في العالم بحلول 2050 والتي تشكل معًا حاليًا 85% من الناتج المحلي الإجمالي، وأشار التقرير إلى أن الاقتصاد العالمي يمكن أن يزيد على ضعف حجمه الحالي بحلول عام 2050، بفضل اتباع سياسات تنموية على نطاق واسع.
يبدو ان الصين تسعى حاليا الى انتهاج خارطة طريق جديدة تمهد لإعادة التوازن على الصعيدين المحلي والدولي، لا سيما على المستوى الاقتصادي والاجتماعي من أجل تحقيق طفرات تنموية ومستقبل اكثر اشراقا على المدى القريب، وهذا الامر قد يرسم اطر الصدارة التنافسية العالمية للصين في العقد المقبل.
إذ تبدي القيادة الصينية الشيوعية الجديدة زعامة أكثر مرونة وجرأة بعد تسلمها مقاليد الرئاسة خلال الاونة الأخيرة، فقد كشفت الصين عن مجموعة من أجرأ الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية في نحو ثلاثة عقود تضمنت تخفيف سياسة الطفل الواحد وتحرير الأسواق بصورة أكبر لتعزيز استقرار ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وساهمت هذه التغييرات الكبيرة في تبديد الشكوك إزاء رغبة القيادة في الإصلاحات الضرورية لإعطاء الاقتصاد دفعة جديدة بعدما بدأت تظهر مؤشرات على تباطؤ النمو السريع الذي استمر على مدى ثلاثة عقود.
لكن في الوقت نفسه توقع محللون آخرون بان مهمة تحقيق إصلاحات فعالة تتسم بالصعوبة، إذ يتعين عليهم الانكباب سريعا على انجاز مهمتهم الشاقة محليا ودوليا، فعلى الرغم من ان المشهد مهيئاً للتغيير التدرجي من خلال المرونة في السياسية والقرارات، الا انه لا يتوقع حدوث تغيير ما لم تقرن الوعود بالافعال، كون الحزب الشيوعي الصيني يعاني من سياسة الانغلاق القديمة والصارمة مع الخارج، وهذا الموقف من قيادة الحزب يأتي في وقت تطلق حملة واسعة ضد الفساد على كافة مستويات الجهاز الاداري، لذا يرى اغلب المحللين انه لا يمكن تحقيق اصطلاحات اقتصادية واجتماعية ناجعة ما لم تحكي هذه الإصلاحات تحسين نظام المعاقبة والوقاية من الفساد وبناء عالم سياسي نظيف.
التصادم مع امريكا
وجهت وسائل الإعلام الرسمية الصينية انتقادات حادة لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بعد إدلائه بتصريحات في أمريكا اللاتينية حذر فيها من أخطار السعي إلى الحصول على استثمارات صينية، وكان بومبيو يقوم بجولة في أمريكا اللاتينية حيث التقى مع رئيسي بنما والمكسيك. وقال بومبيو للصحفيين خلال الجولة ”عندما تأتي الصين لا يكون ذلك دائما أمرا طيبا لمواطنيكم“.
وطبقا لتعليقات نشرت على الموقع الالكتروني لوزارة الخارجية الأمريكية قال بومبيو يوم الخميس في مكسيكو سيتي ”عندما يأتون بصفقات تبدو جيدة جدا بشكل يصعب تصديقه يكون هذا هو الحال في حقيقة الأمر“.
ووصفت صحيفة تشاينا ديلي في مقال يوم الاثنين تصريحات بومبيو بأنها ”متغطرسة وحاقدة“ وقالت إن انتقاداته لمبادرة الحزام والطريق الصينية الطموحة للبنية الأساسية بأنها تؤدي إلى وقوع الدول الأخرى في مصيدة ديون كاذبة.
ويطرح الرئيس الصيني شي جين بينغ هذه الخطة لتوسيع الطرق التجارية على امتداد طريق يربط آسيا وأوروبا وأفريقيا حيث يضخ ائتمانات في عمليات شق طرق وإقامة سكك حديدية وموانئ في مبادرة تبلغ تكلفتها تريليون دولار لبناء بنية أساسية.
وتحرص الصين على مشاركة دول أمريكا اللاتينية أيضا على الرغم من أن هذه المبادرة بدأت تواجه انتقادات متزايدة لأن بعض الدول مثل سريلانكا أصبحت مثقلة بديون تواجه صعوبة في سدادها، وقال بومبيو إن الولايات المتحدة ترحب بالمنافسة من الصين ولكنه انتقد عدم وجود شفافية في مشروعاتها المملوكة للدولة وما وصفه ”بالنشاط الاقتصادي الضاري“، وقال في تصريحات أدلى بها في بنما إنه يجب على الدول أن ”تتنبه جيدا“ عندما يتعلق الأمر بالاستثمارات الصينية، وأضاف ”الحقيقة ببساطة هي أن الصين استثمرت في مناطق من العالم بأساليب جعلت الدول في حالة أسوأ ويجب ألا يكون هذا هو الحال أبدا“.
وقالت صحيفة جلوبال تايمز المملوكة للدولة في مقال افتتاحي منفصل يوم الاثنين إن تصريحات بومبيو ”مهينة“ وأضافت أن الولايات المتحدة تحاول ”دق اسفين“ في العلاقات الآخذة في النمو بين الصين ودول أمريكا اللاتينية.
مطبات الديون
تخشى البلدان الغارقة في الديون والمستفيدة من مشاريع البنى التحتية ضمن "طريق الحرير" الذي اطلقته بكين من تزايد حجم ديونها الى درجة تثير قلق صندوق النقد الدولي وتدفع بعض الدول الى التردد، في صيف عام 2013، أطلق الرئيس الصيني شي جينبينغ مبادرته العملاقة لبناء الموانئ والطرق والسكك الحديد عبر آسيا وأفريقيا وأوروبا بتكلفة عشرات المليارات من الدولارات، وبعد خمس سنوات، تثير "طرق الحرير الجديدة" هذه الانتقادات والقلق، مع اتهام بكين باستخدام قوتها المالية لتوسيع نفوذها، وقال جينبينغ الاثنين الماضي إن المشروع "ليس ناديا صينيا" مشيدا ب"تعاون منافعه متبادلة".
لكن اذا كان المشروع يشمل نظريا نحو 70 دولة يفترض أن تساهم في الاستثمارات معا، إلا أن العديد من المشاريع تمولها فعليا المؤسسات الصينية، وفي غضون السنوات الخمس، تجاوزت الاستثمارات المباشرة التراكمية للعملاق الآسيوي في البلدان المعنية مبلغ 60 مليار دولار، في حين بلغت قيمة المشاريع التي وقعتها الشركات الصينية أكثر من 500 مليار دولار، وفقا لما اعلنته بكين، وتعرض هذه المشاريع الدول لمخاطر مالية.
فقد ألغت ماليزيا للتو ثلاثة مشاريع، ضمنها تشييد خطوط للسكك الحديد بكلفة 20 مليار دولار، مؤكدة عدم قدرتها على تمويل ذلك نظرا لديونها التي يبلغ حجمها 250 مليار دولار، وقال رئيس الوزراء مهاتير محمد "لن نتمكن من السداد"، وهذا ما حدث لسريلانكا التي اقترضت 1,4 مليار دولار من بكين لتطوير احد موانئها، لكنها اضطرت أواخر عام 2017 إلى منح الصين السيطرة الكاملة على المرفأ لمدة 99 عاما.
استثمار العلاقات مع باكستان
قال الرئيس الصيني شي جين بينغ لقائد الجيش الباكستاني الجنرال قمر جاويد باجوا إن الصين تولي ”أهمية كبيرة“ لعلاقاتها مع باكستان وتعتقد أن مشروعا اقتصاديا رئيسيا سيكون ناجحا، وذلك بعد أيام من إثارة وزير باكستاني القلق بشأن خطط مبادرة طريق الحرير الصينية، والجنرال باجوا هو أرفع مسؤول باكستاني يزور الصين، البلد الحليف لباكستان، منذ تولي الحكومة الجديدة التي يقودها رئيس الوزراء عمران خان السلطة في أغسطس آب. وتأتي زيارته بعد أسبوع من زيارة أكبر دبلوماسي في الصين لإسلام أباد.
ووطدت باكستان العلاقات مع الصين في السنوات الأخيرة بعد أن توترت علاقاتها مع الولايات المتحدة، وربما يأمل باجوا خلال زيارته لبكين في تهدئة أي مخاوف صينية من التعليقات التي أدلى بها وزير التجارة الباكستاني عبد الرزاق داود والتي اقترح فيها تعليق مشروعات لمدة عام في الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني وهو الجزء الواقع في باكستان ضمن مبادرة الحزام والطريق الصينية التي تتضمن إحياء طريق الحرير التجاري القديم.
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية (شينخوا) يوم الخميس عن الرئيس الصيني قوله خلال اجتماعه يوم الأربعاء مع باجوا إن البلدين تجمعهما ”صداقة صلبة“، ونسبت الوكالة إلى الرئيس قوله ”الصين تولي دائما أهمية كبيرة للعلاقات الصينية-الباكستانية“، وعبر الرئيس الصيني عن تقديره للدعم والضمانات الأمنية التي تقدمها باكستان لمبادرة الحزام والطريق وبناء الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، وقال الرئيس الصيني ”طالما هناك ثقة كبيرة متبادلة وإجراءات ملموسة فإن بناء الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني سينجح ويعم بالخير على شعبي البلدين“، كانت بكين تعهدت باستثمار نحو 60 مليار دولار بباكستان في البنية التحتية المرتبطة بمشروع الحزام والطريق.
السعودية تنضم من بعيد
قال وزير الإعلام الباكستاني إن إسلام أباد دعت السعودية لأن تصبح الشريك الثالث في ممر الحزام والطريق الذي تموله بكين ويتضمن مشاريع كبرى للبنية التحتية داخل باكستان، ويأتي الإعلان في أعقاب زيارة إلى السعودية استمرت يومين قام بها رئيس الوزراء الباكستاني الجديد عمران خان الذي من المتوقع أنه سعى للحصول على دعم مالي من حليف لبلاده لمساعدة إسلام أباد في معالجة أزمة متفاقمة للعملة.
ولم يكشف وزير الإعلام فؤاد تشودري عما إذا كانت السعودية ستقرض باكستان أموالا للمساعدة في تعزيز احتياطياتها المتناقصة من العملات الأجنبية، لكنه قال إن من المتوقع أن المملكة ستقوم باستثمارات كبيرة في باكستان.
وفي إشارة إلى الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني، المحطة الباكستانية في مبادرة الحزام والطريق الضخمة للبنية التحتية التي أطلقتها الصين، قال تشودري ”السعودية هي البلد الأول الذي دعوناه ليكون الشريك الثالث في سي.بي.إي.سي“.
وتعهدت بكين بتقديم 60 مليار دولار لبناء محطات للكهرباء وطرق سريعة رئيسية وإنشاء وتطوير طرق للسكك الحديدية وزيادة طاقة الموانئ، للمساعدة في تحويل باكستان إلى طريق بري رئيسي يربط غرب الصين بالعالم.
وقال تشودري إن وفدا سعوديا، يضم وزيري المالية والطاقة، سيزور باكستان في الأسبوع الأول من أكتوبر تشرين الأول وإن ذلك من شأنه أن يرسي ”الأساس لشراكة كبيرة جدا“، وأضاف قائلا ”إن شاء الله، ستأتي استثمارات كبيرة جدا إلى باكستان من السعودية في هذا المجال“، وأشارت باكستان في السابق إلى أن دولا أخرى يمكن أن تنضم إلى سي.بي.إي.سي، لكن الرد كان فاترا بسبب القلق من أن الصين ستهيمن على أي علاقة.
وللسعودية تاريخ في تقديم العون المالي لباكستان. ففي 2014، بعد ستة أشهر من حصول باكستان على قرضها السابق من صندوق النقد الدولي، أقرضت السعودية إسلام أباد 1.5 مليار دولار استخدمتها الحكومة في تعزيز عملتها (الروبية)، وقبيل زيارة خان إلى السعودية، ترددت تكهنات بأن إسلام أباد ستطلب قرضا لمساعدة باكستان في تفادي أن تضطر إلى طلب دعم مالي آخر من صندوق النقد.
الجزائر تنضم للصين
انضمت الجزائر إلى مبادرة "طرق الحرير الجديدة" الصينية خلال المنتدى السابع للتعاون الصيني الأفريقي في بكين وفق وزارة الخارجية الجزائرية، وأكدت الوزارة في بيان أنه على هامش هذه القمة الدبلوماسية والتجارية التي شارك فيها قادة 53 بلداً أفريقياً، وقعت الجزائر والصين مذكرة تفاهم تنص على انضمام الجزائر إلى المبادرة الصينية، وتمثل مبادرة "طرق الحرير الجديدة" الصينية التي أطلقها الرئيس شي جينبينغ في 2013 مجموعة من مشاريع البنى التحتية الضخمة الرامية إلى تعزيز العلاقات التجارية بين بكين وقارات آسيا وأوروبا وأفريقيا، والمشروع الذي يطلق عليه كذلك في الصين اسم "حزام وطريق" هو عبارة عن حزام أرضي يصل الصين بأوروبا الغربية عبر آسيا الوسطى وروسيا وطريق بحري يتيح لها الوصول إلى أفريقيا وأوروبا عبر بحر الصين والمحيط الهندي.
شكلت البضائع الصينية 18% من واردات الجزائر في 2017 لتجعل الصين في المرتبة الأولى قبل فرنسا (9%) وثلاث دول أوروبية أخرى، في حين أن الصين لم تستورد سوى 2% من صادرات الجزائر وحلت في المرتبة الثالثة عشرة بين الدول التي تستورد منها.
وبكين حريصة على إقامة علاقات مميزة مع الجزائر رغم أنها ضاعفت استثماراتها في المغرب الذي تشهد علاقاته توترا مع الجزائر، وفي نيسان/ابريل، قالت المفوضة الأوروبية للتجارة سيسيليا مالمستروم ان الجزائر لا تحترم اتفاقاتها التجارية مع الاتحاد الأوروبي علما بأنه ابرز شركائها الإقليميين، وبأنها باتت تراعي مصالح الصين.
والصين الشريك التجاري الأول لأفريقيا حيث تستثمر عدة مليارات من الدولارات في مشاريع البنى التحتية من طرق وسكك حديد ومرافئ أو مصانع. في حين تلقى هذه المشاريع ترحيبا من الدول الأفريقية ينتقدها الغرب خشية عواقب الديون الصينية التي ستثقل كاهل تلك الدول.
مصر ترحب بالاستثمارات الصينية
قالت وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي المصرية سحر نصر يوم الأحد إن مصر تقبل فقط الاستثمارات الصينية في المشروعات التي تعود بالنفع على الجانبين، وسط شكوك متنامية في بعض الدول بشأن المخاطر المتصلة باستثمارات مبادرة ”الحزام والطريق“.
ومبادرة الحزام والطريق خطة طموحة لتوسيع الممر التجاري للعملاق الآسيوي لربط آسيا وأوروبا وأفريقيا، بضخ قروض لبناء طرق وسكك حديدية وموانئ ضمن مشروعات بنية تحتية تتكلف تريليون دولار.
وقالت نصر في مقابلة على هامش اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في بالي إن مصر والصين وقعتا صفقات بقيمة 18 مليار دولار في إطار المبادرة، وأكدت الوزيرة أن بلادها لن تقبل سوى المشروعات القائمة على المنفعة المتبادلة.
وتابعت ”إذا كان لدينا المزيد من الصناعات الصينية في مصر توفر فرص عمل لنا وتقلل من اعتمادنا على بعض الواردات، بل ونصدر لأوروبا ولأفريقيا.. فذلك ما يحقق المنفعة للجانبين“.وأضافت أن مصر تحرص على تنويع مصادر تمويلها حتى في نفس القطاع، مشيرة إلى أن الصين تشارك في بناء خط سكك حديدية ولكن القاطرات وعربات القطار تأتي من مصادر أخرى.
وفي الآونة الاخيرة، علقت ماليزيا، وهي من أكثر الدول التي تغدق عليها الصين، العمل في خط سكك حديدية بتكلفة 20 مليار دولار يربط بين الساحلين الشرقي والغربي للبلاد بعدما وصف رئيس وزراء ماليزيا شروط المشروع بأنها تضر بالاقتصاد، وقوبلت مبادرة الحزام والطريق بشكوك متنامية في دول من بينها سريلانكا المثقلة بديون تجد صعوبة في سدادها، وأقرت نائبة وزير المالية الصيني تسو جيا يي يوم السبت بوجود مشاكل خاصة بديون بعض مشروعات مبادرة الحزام والطريق، وقال إن الحكومة ستعزز الرقابة الكلية بخصوص القدرة على الوفاء بالدين فيما يتعلق بالاستثمارات الخارجية، وأكبر المستثمرين الأجانب في مصر حاليا الدول الأوروبية بجانب الولايات المتحدة.
وذكرت نصر أن مصر، التي تجري إصلاحات واسعة بعد اتفاق مع صندوق النقد الدولي في 206، تمثل جسرا بين آسيا وأفريقيا بفضل قناة السويس واتفاقات التجارة مع بقية الدول الأفريقية.
وأضافت أن استثمارات الصين المتعلقة بمبادرة الحزام والطريق تشمل مشروعات طاقة وخط سكك حديدية وعقارات ومصفاة نفط، وتستهدف الوزيرة استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة عشرة مليارات دولار في السنة المالية 2018-2019، ارتفاعا من 7.9 مليار في السنة المنتهية في في يونيو حزيران 2018، وقالت نصر إنها تريد أن تضخ الشركات المحلية مزيدا من الاستثمارات لأنه ”إذا لم ير المستثمرون الأجانب أن المستثمرين المصريين لديهم ثقة ويعاودون الاستثمار في مصر فسيكون من الصعب جدا علي جذب استثمارات أجنبية مباشرة“.
طرق الصين تنعش آمال النهوض في كازاختسان
يبدو ميناء اكتاو على بحر قزوين في كازاخستان مع رافعاته المعطلة وأرصفته شبه المهجورة كأنه في حالة غيبوبة... غير أن هذا المرفق المترنح قد يشهد ولادة ثانية بفضل "الطرق الجديدة" المخصصة للتجارة الصينية.
وقد تضرر هذا الميناء بشدة بفعل المنافسة الشرسة المتأتية من أنابيب النفط الأكثر ربحية التي تم إنشاؤها أو تجديدها بين روسيا وكازاخستان خصوصا منذ نهاية العقد الفائت، وأيضا بين الصين وغرب كازاخستان. وبعدما كان أكثر من 14 مليون طن من النفط الخام يعبر سنويا عبر ميناء اكتاو حتى أواسط العقد الماضي، تراجعت الحركة بدرجة كبيرة في السنوات الأخيرة، ويقول اوراز كوبتليوف المتحدر من تركمانستان وهو مسؤول التصليحات في الميناء منذ 1995 لوكالة فرانس برس "كان هذا ميناء قديما في وضع مأسوي مع تجهيزات متهالكة. أما اليوم فبدأت الأجهزة الحديثة تشق طريقها إليه "لكن الحركة ضعيفة".
ولا يتعدى عدد الموظفين في ميناء أكتاو 500 شخص حاليا بعدما كانوا بحدود 700 قبل بضع سنوات. ويعكس هذا الوضع المصاعب الاقتصادية التي تواجهها كازاخستان وهي بلد غني بالمحروقات لكنه يدفع فاتورة باهظة جراء تدهور أسعار النفط في 2014.
وتعتزم هذه الجمهورية السوفياتية السابقة في آسيا الوسطى البالغ عدد سكانها 18 مليون نسمة تقليص اعتمادها على المواد الأولية عبر تطوير مكانتها كنقطة عبور تجارية.
وفي هذا المجال، يأمل ميناء أكتاو الاستحواذ على حصة من نمو الأنشطة الصينية إذ أطلقت بكين مشروعا واسعا بعنوان "طريق الحرير الجديد" بقيمة تفوق ألف مليار دولار وهو يرمي إلى إقامة بنى تحتية من طرقات وسكك حديد ومرافق بحرية في سائر انحاء العالم لتسهيل التبادلات مع الصين.
وفي خلال خمس سنوات، في إطار هذه المبادرة التي أطلقت في 2013، أنفقت الصين أكثر من 70 مليار دولار في استثمارات مباشرة في بلدان مختلفة وفق وزارة التجارة الصينية. كما أن القيمة التعاقدية للمشاريع الجديدة الموقعة من جانب شركات صينية مع هذه البلدان تفوق 500 مليار دولار، وتعلق كازاخستان آمالا كبيرة على هذه المشاريع التي تحدث عنها الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال زيارة إلى هذا البلد في 2013.
تشيلي ستنضم إلى مبادرة الحزام والطريق
الى ذلك قال وزير الخارجية التشيلي روبرتو أمبويرو إن بلاده ستنضم إلى مبادرة الخزام والطريق التي تقودها الصين، في خطوة تهدف لتوسيع التعاون الاقتصاد والسياسي مع العملاق الآسيوي في منطقة نفوذ قوي للولايات المتحدة.
وقال أمبويرو في بيان إن الانضمام إلى المبادرة سيساعد تشيلي على أن تصبح أكثر جاذبية للمستثمرين الصينيين وسيجعل البلد الواقع في الانديز ”مهبطا للاستثمارات في أمريكا اللاتينية“، وقال البيان إن من المتوقع أن يتم توقيع الاتفاق، والصين هي أكبر شريك تجاري لتشيلي ويعمل البلدان على تعميق الروابط الثنائية. وفي الأسبوع الماضي وقًعت تشيلي والصين اتفاقا للتجارة لتبسيط الإجراءات الجمركية وتوسيع فرص دخول المنتجات التشيلية إلى السوق الصيني، وتهدف مبادرة ”حزام واحد.. طريق واحد“ التي اقترحها الرئيس الصيني شي جين بينغ في 2013 إلى توسيع الروابط بين آسيا وأفريقيا وأوروبا من خلال استثمارات بمليارات الدولارات في البنية التحتية.
وتسعى الصين إلى لعب دور أكبر في الخارج منذ انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعرض اتفاق تجاري لشراكة اقتصادية إقليمية شاملة كبديل لإتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي التي تخلت عنها الولايات المتحدة.
وتختبر الصين بالفعل الهيمنة الأمريكية في أمريكا اللاتينية بعرض استثمارات بقيمة 250 مليار دولار على المنطقة على مدار الأعوام العشرة القادمة. وهي أكبر شريك تجاري لدول كثيرة أخرى في المنطقة من بينها البرازيل والأرجنتين.
اضف تعليق