بعد التحسن في مستوى اسعار النفط عالمياً نتيجة لجهود اوبك في المحافظة على هذه الاسعار، الا انه يبدو ان سوق النفط الذي أربكته المخاوف حيال نمو الطلب، يحاول الآن استيعاب التقديرات التي تشير إلى أن العوامل الأساسية تنذر بزيادة المعروض خلال العام المقبل...
بعد التحسن في مستوى اسعار النفط عالمياً نتيجة لجهود اوبك في المحافظة على هذه الاسعار، الا انه يبدو ان سوق النفط الذي أربكته المخاوف حيال نمو الطلب، يحاول الآن استيعاب التقديرات التي تشير إلى أن العوامل الأساسية تنذر بزيادة المعروض خلال العام المقبل، وهو ما أقرت به "أوبك" والسعودية مؤخرًا. وهو ما قد ينعكس سلباً على اسعار النفط وتزامن ذلك مع الضغوطات الاميركية سيما من الرئيس ترامب في خفض الاسعار، بل وعلى مستقبل أوبك ايضاً.
فقد ساقت منظمة أوبك مبررات لتعزيز موقفها الرامي إلى خفض إنتاج النفط، محذرة من تخمة معروض نفطي قد تظهر في 2019 في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي وزيادة إنتاج منافسين بوتيرة أسرع من المتوقع، وفي وجود بواعث قلق لديها من تراجع الأسعار وزيادة الإمدادات، تتحدث أوبك مجددا عن خفض الإنتاج بعد أشهر فقط من زيادته. وسيؤدي تحول كهذا إلى إثارة غضب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي حث أوبك على عدم خفض المعروض.
وأفادت منظمة البلدان المصدرة للبترول في تقرير شهري إن الطلب العالمي على النفط سيزيد 1.29 مليون برميل يوميا العام القادم، بانخفاض 70 ألف برميل يوميا عما توقعته الشهر الماضي، في رابع خفض متتال لتوقعاتها، وشهدت أسعار النفط هبوطا حادا من أعلى مستوياتها في أربع سنوات فوق 86 دولارا للبرميل في أكتوبر تشرين الأول، تحت ضغط مخاوف من ضعف الطلب العالمي وسط إمدادات كافية، وهو ما يعوض تأثير العقوبات على إيران، التي بدأت بالفعل تخفض صادراتها النفطية.
وأوضحت أوبك في التقرير ”رغم وصول سوق النفط إلى التوازن حاليا، فإن توقعات 2019 لنمو معروض من خارج أوبك تشير إلى أحجام أعلى تتجاوز نمو الطلب العالمي على النفط، مما يفضي إلى اتساع فائض المعروض في السوق، كما ”خفض توقعات نمو الاقتصاد العالمي في الفترة الأخيرة وأوجه عدم التيقن ذات الصلة يؤكدان الضغط المتصاعد على الطلب النفطي والملحوظ في الأشهر الأخيرة“. وواصل النفط هبوطه المبكر بعد نشر تقرير أوبك، ليتم تداوله دون 69 دولارا للبرميل.
وكانت أوبك اتفقت مع روسيا ومنتجين آخرين غير أعضاء على تعزيز المعروض، بعد ضغط من ترامب لخفض الأسعار وذلك عن طريق التراجع الجزئي عن تخفيضات الإنتاج التي بدأت في يناير كانون الثاني 2017. كما بينت أوبك في التقرير إن إنتاجها النفطي شهد مزيدا من الارتفاع في أكتوبر تشرين الأول بواقع 127 ألف برميل يوميا إلى 32.90 مليون برميل يوميا، بعد اتفاق يونيو حزيران، وجاءت أكبر الزيادات من دولة الإمارات العربية المتحدة والسعودية، أكبر بلد مصدر للخام في العالم. وساعد ذلك في تعويض الانخفاضات من فنزويلا، حيث هبط الإنتاج بفعل أزمة اقتصادية، ومن إيران مع ابتعاد المشترين قبيل بدء سريان العقوبات هذا الشهر.
ومستوى إنتاج أوبك في أكتوبر تشرين الأول أعلى بكثير مما تتوقعه المنظمة لطلب المستهلكين العام القادم، واضافت أوبك إن العالم سيحتاج 31.54 مليون برميل يوميا من نفط أعضائها البالغ عددهم 15 دولة في 2019، بانخفاض قدره 250 ألف برميل يوميا عن توقعات الشهر السابق، وهو ما يشير إلى فائض في المعروض في السوق بنحو 1.36 مليون برميل يوميا إذا استمرت أوبك في ضخ الكميات ذاتها مع ثبات عوامل أخرى، ويتباطأ الطلب على النفط مع تباطؤ الاقتصاد العالمي، حيث خفضت أوبك توقعاتها للنمو في 2019 في التقرير، ولا يزال التعافي في أسعار النفط، الذي أعقب خفض الإمدادات بقيادة أوبك في 2017، يحفز مزيدا من النمو في إنتاج المنافسين، كما ذكرت أوبك، إن الإنتاج من خارجها سيرتفع في 2019 بمقدار 2.23 مليون برميل يوميا، بزيادة 120 ألف برميل يوميا عن تقديرات سابقة، وبما يفوق كثيرا نمو الطلب العالمي.
الفالح: التحليل يظهر ضرورة خفض إنتاج النفط مليون ب/ي
صرح وزير الطاقة السعودي خالد الفالح إن أوبك وحلفاءها متفقون على أن التحليل الفني يُظهر الحاجة إلى تحقيق التوازن في السوق عن طريق خفض المعروض النفطي العام القادم بنحو مليون برميل يوميا مقارنة مع مستويات أكتوبر تشرين الأول، وبين إن الطلب من عملاء السعودية في ديسمبر كانون الأول سينخفض أكثر من نصف مليون برميل يوميا مقارنة مع نوفمبر تشرين الثاني وإن ثمة توافقا على عدم السماح بزيادة المخزونات.
وأضاف الفالح ”إذا ظلت جميع العوامل الأخرى كما هي، وهذا لن يكون بالتأكيد لأن الأشياء ستتغير - فهي سوق ديناميكية - فإن التحليلات الفنية التي اطلعنا عليها أمس... تخبرنا بأنه ستكون هناك حاجة إلى خفض الإمدادات بالمقارنة مع مستويات أكتوبر (تشرين الأول) وبما يقارب المليون برميل“. وأنه يوجد ”توافق في الآراء على أننا بحاجة لفعل كل ما ينبغي لتحقيق التوازن في السوق. إذا كان ذلك يعني خفض الإمدادات بمقدار مليون برميل (يوميا)، فسنفعل“.
واتفقت أوبك وحلفاؤها بما في ذلك روسيا في يونيو حزيران على تخفيف قيود الإنتاج السارية منذ 2017، بعد ضغط من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لخفض أسعار النفط وتعويض فاقد إمدادات إيران، وتتعرض أسعار النفط منذ ذلك الحين لضغوط جراء تنامي الإمدادات، على الرغم من العقوبات الأمريكية الجديدة على إيران. وتتأثر السوق سلبا بتوقعات حدوث فائض في الإمدادات وتباطؤ الطلب في 2019.
وأكد الفالح إن السعودية لا تعد لتفكيك منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وإنها تعتقد أن المنظمة ستظل البنك المركزي العالمي للنفط لفترة طويلة، وقد كانت صحيفة وول ستريت جورنال نقلت عن مصادر مطلعة أن أهم مركز أبحاث تموله الحكومة السعودية يدرس التأثيرات المحتملة على أسواق النفط لتفكك منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك). من جهته أعلن الفالح أن بلاده تعتزم خفض إمداداتها من النفط للأسواق العالمية 500 ألف برميل يوميا في ديسمبر كانون الأول وذلك في الوقت الذي تواجه فيه أوبك آفاقا غامضة في محاولاتها لإقناع المنتجين الآخرين بالموافقة على خفض منسق للإنتاج.
أوبك تحث منتجي النفط على زيادة الاستثمار في ظل انكماش الطاقة الفائضة
حث محمد باركيندو الأمين العام لمنظمة أوبك شركات إنتاج النفط على زيادة القدرات وتعزيز الاستثمار لتلبية الطلب في المستقبل في الوقت الذي تنكمش فيه طاقة إنتاج النفط الفائضة عالميا، وارتفعت أسعار النفط هذا العام بفعل توقعات بأن العقوبات الأمريكية على إيران ستضغط على المعروض عبر خفض شحنات ثالث أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول. وتجاوز خام برنت أعلى مستوى في أربع سنوات ليبلغ 86.74 دولار للبرميل في وقت سابق من الشهر الحالي وهو الأعلى منذ 2014.
وصرح باركيندو إن قطاع النفط العالمي بحاجة إلى استثمارات بنحو 11 تريليون دولار لتلبية الاحتياجات النفطية في الفترة حتى 2040، مضيفا أن الدول المعتمدة على الاستيراد مثل الهند قلقة بشأن مستقبل إمدادات النفط، وبما السعودية أكبر منتج في أوبك، هي المنتج الوحيد للنفط الذي يمتلك طاقة فائضة كبيرة متاحة لإمداد السوق إذا اقتضت الضرورة، وتخطط المملكة لاستثمار 20 مليار دولار في السنوات القليلة القادمة في توسعة محتملة لطاقتها الفائضة من النفط.
واتفقت أوبك ومنتجون حلفاء، ليس من بينهم الولايات المتحدة، في يونيو حزيران على العودة إلى مستوى امتثال عند 100 بالمئة بتخفيضات الإنتاج التي بدأت في يناير كانون الثاني 2017، بعد أن تسبب تراجع الإنتاج في فنزويلا وأماكن أخرى إلى دفع مستوى الالتزام لما يزيد على 160 بالمئة، وبين باركيندو إن من المتوقع أن تسهم الهند بنحو 40 بالمئة من إجمالي الزيادة في الطلب العالمي حتى 2040. ومن المتوقع ارتفاع الطلب على النفط في ثالث أكبر مستورد للخام في العالم 5.8 مليون برميل يوميا بحلول 2040، حيث وضح باركيندو ”من المتوقع أن تشهد الهند أكبر زيادة في الطلب على النفط (3.7 بالمئة سنويا) وأسرع معدل للنمو في الفترة حتى عام 2040“. في حين أبدى مسؤولون هنود مخاوفهم إزاء آفاق المعروض النفطي على الرغم من أن منتجي الخام قللوا من احتمال حدوث عجز.
واشترت الهند، التي تستورد أكثر من 80 بالمئة من احتياجاتها النفطية، 4.2 مليون برميل يوميا من النفط من الخارج في 2017، وطلبت الهند شروط سداد أيسر من موردي النفط لمواجهة ارتفاع أسعار الوقود، ولامست أسعار بيع الوقود بالتجزئة في الهند مستويات قياسية مرتفعة في الآونة الأخيرة بسبب زيادة أسعار النفط وتراجع الروبية مما أدى إلى احتجاجات في أنحاء البلاد.
هل يتغير مسار أوبك وحلفائها مع زيادة المخزونات
قالذكرت ت لجنة وزارية إنه قد يتعين على منتجي النفط من أوبك وخارجها، الذين اتفقوا على تخفيف قيود المعروض في يونيو حزيران، تغيير المسار بسبب زيادة مخزونات الخام وأوجه الضبابية على الصعيد الاقتصادي، وقد يزيد البيان تعقيد العلاقات بين أوبك والولايات المتحدة التي انتقد رئيسها دونالد ترامب مرارا المنظمة قائلا إنها لا تزود الأسواق بما يكفي من النفط، وفقد خام برنت نحو عشرة دولارات للبرميل منذ سجل أعلى مستوى في أربعة أعوام عند 86.74 دولار في الثالث من أكتوبر تشرين الأول وذلك بفعل مؤشرات على وفرة المعروض غم قرب تطبيق عقوبات أمريكية على إيران تهدف لخفض صادرات طهران النفطية.
كما راجعت لجنة المراقبة الوزارية المشتركة بين أوبك وغير الأعضاء تقريرا فنيا خلص إلى التزام الدول بنسبة 111 بالمئة من تخفيضات المعروض المتفق عليها في سبتمبر أيلول حسبما ذكر البيان الصادر عن أوبك، وكانت نسبة الالتزام 129 بالمئة في أغسطس آب.
وافاد البيان ”عبرت اللجنة عن رضاها بوجه عام عن الأداء الجماعي للدول الأعضاء في شهر سبتمبر أيلول.”لكن اللجنة أبدت أيضا بواعث قلق بشأن تنامي المخزونات في الأسابيع الأخيرة وتشير إلى أوجه عدم تيقن تلوح في أفق الاقتصاد الكلي بما قد يتطلب تغيير المسار.“ وتشير توقعات جهات مثل وكالة الطاقة الدولية إلى أن تباطؤ نمو الطلب العالمي على النفط في العام المقبل وزيادة الإمدادات من خارج أوبك مما قد يؤدي لارتفاع المخزونات إذا واصلت أوبك الإنتاج بنفس المستوى.
يبدو من كل هذا ان القلق واضح من حالة السوق وحالة الاقتصاد العالمي ومن حالة العرض والطلب، في الوقت نفسه باتت المؤشرات التي تنذر أوبك بالتفكك أقوى من ذي قبل، بل وان البعض بدأ بطرح سيناريوهات عن مصير سوق النفط بدون أوبك، بينما يرى اخرون وهم الفريق المتفائل ان أوبك قادرة على الوقوف بوجه التحديات الحالية وانها ستنجو بل ويذهبون بعيدا في قدرة اوبك في المحافظة على مستوى الاسعار عالمياً.
اضف تعليق