على الرغم من المقاطعة الخليجية لبعض الدول مع قطر، الا أن المسؤلون في سدة الحكم، مازالوا يرهانون على قوة الاقتصاد القطري في الصمود والاستمرار رغم المقاطعة، اذ وزير الاقتصاد القطري إن بلاده سيكون بمقدورها الحفاظ على مستوى المعيشة المرتفع لسكانها رغم قطع بعض الدول العربية العلاقات الدبلوماسية والتجارية وخطوط السفر معها، وأبلغ وزير الاقتصاد أحمد بن جاسم آل ثاني أن قطر لديها احتياطيات من المواد الأولية الضرورية لمشروعات التشييد الرئيسية تكفي لمدة عام، وكمحصلة فأن الازمة او المقاطعة الخليجية ما هي الا مقاطعة تجارية في معظمها ولسيت هيكلية او مالية، وبالتالي وان كانت الاضرار قوية الا انها لن تُضعف كثيراً من قوة الاقتصاد القطري، الذي يرى البعض أنه في مرور الوقت سيجد البدائل اللازمة للخروج من هذه الأزمة.
البحث عن موردين جدد بعد المقاطعة الخليجية
عادت العقوبات التي فرضتها السعودية ودول عربية أخرى على قطر بالنفع على محمد الكواري ومصنعه لمنتجات الألبان الذي أصبح نشاطه يزدهر مع ابتعاد المنتجات السعودية عن المنافسة، وكانت مصانع تواجه صعوبات في السابق جراء المنافسة مع المنتجات التي تصل إلى قطر في شاحنات من شركات سعودية مثل شركة المراعي كبرى شركات الألبان في الشرق الأوسط، وبعد فرض السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين مقاطعة اقتصادية ودبلوماسية على قطر، تسببت هذه الإجراءات في تعطيل حركة الواردات في قطر التي تشتري معظم حاجاتها الغذائية من جيرانها الذين قاطعوها، وتذكر شركات المنتجات الاستهلاكية في قطر ومعظمها شركات صغيرة إنها تبحث عن موردين جدد وهو ما قد يغير نماذج التجارة التقليدية في الخليج.
ويذكر الكواري إنه سيفسخ عقودا لإمدادات مواد خام من شركة جيه.آر.دي انترناشونال ومقرها دبي تبلغ قيمتها 30 مليون ريال (8.21 مليار دولار) سنويا. وبدلا منها يسعى صاحب مصنع الألبان لإبرام اتفاقات مع شركات تركية وهندية وصينية لتأمين إمدادات في المستقبل يتم شحنها إلى قطر عبر موانئ في سلطنة عمان والكويت، وفي العادة تستورد قطر البضائع القابلة للتلف عبر منفذها البري مع السعودية وتأتي إليها سلع ومواد أخرى بملايين الدولارات كل شهر من ميناء جبل علي بدبي الذي يمثل مركزا رئيسيا لإعادة التصدير للخليج، وبينت شركات في قطر إنها قررت فسح عقود إماراتية وسعودية ولا تتوقع استئنافها حتى إذا انقشعت الأزمة الدبلوماسية.
وقطر هي أغنى دولة في العالم من حيث نصيب الفرد، حيث يبلغ عدد سكانها 2.7 مليون نسمة فقط وتجني إيرادات من أكبر صادرات للغاز الطبيعي المسال في العالم. وحوالي 90 بالمئة من سكان قطر عمال أجانب معظمهم من جنوب آسيا أو الدول الفقيرة في الشرق الأوسط، وتوفر دبي تكاليف أقل وفترات شحن أقصر مقارنة مع كثير من الموانئ الأخرى في الشرق الأوسط. لكن ميناء صحار العماني يسعى لاستكمال توسعة طاقته الاستيعابية. ويمكن للشركات القطرية أن تساهم في دعم تلك الجهود، وأطلقت قطر خدمتي شحن جديدتين إلى الموانئ العمانية مع سعي البلد الغني بالغاز لتأمين الإمدادات الغذائية التي أوقفتها المقاطعة التي تقودها السعودية.
خطوط ملاحية جديدة تعطي قطر شريان حياة للغذاء
دشنت قطر وشركتان لخطوط نقل الحاويات خدمات جديدة للشحن البحري عبر سلطنة عمان في مسعى للالتفاف على حظر الموانئ الذي فرضته دول مجاورة وفتح نافذة لإمدادات الغذاء بعد أن قطعت دول خليجية علاقاتها مع الدوحة، وأغلق قطع خطوط النقل الجوي والبحري والبري منافذ استيراد مهمة لقطر البالغ عدد سكانها نحو 2.7 مليون نسمة يعتمدون على الواردات في تلبية معظم حاجاتهم الغذائية، وعلقت كوسكو الصينية لخطوط الشحن البحري وإيفرجرين التايوانية و(أو.أو.سي.إل) التي مقرها هونج كونج خدمات نقل الحاويات من قطر وإليها.
وأعلنت الشركة القطرية لإدارة الموانئ يوم الأحد عن خطين جديدين للشحن البحري يتضمنان تسيير ثلاث رحلات أسبوعيا بين ميناء حمد القطري ومينائي صحار في شمال عمان وصلالة في الجنوب، وسلطنة عمان عضو بمجلس التعاون الخليجي لكن نهجها الدبلوماسي يتسم باستقلالية نسبية عن الدول الخمس الأخرى الأعضاء في المجلس لاسيما تجاه إيران، وتعجز سفن الحاويات الضخمة عن الرسو في الموانئ القطرية لأسباب منها مياهها الضحلة ولذا تلجأ خطوط الشحن البحري إلى نقل الحاويات من ميناء جبل علي الأكبر حجما في الإمارات، وبحسب مستوردين قطريين فإن آلاف الحاويات المتجهة إلى قطر ما زالت عالقة في ميناء جبل علي.
وذكر مالك شركة قطرية للأغذية إن الشحنات بدأت تصل قادمة من عمان وإن حوالي 12 سفينة في طريقها إلى قطر من صحار وصلالة، وأضاف أن هناك حوالي 30 حاوية أغذية طازجة ومجمدة قادمة. البعض وصل والبعض الآخر في الطريق، وإن الحاويات ما زالت عالقة في جبل علي لكن حاويات أخرى، من مناطق مثل أوروبا، يجري تحويل اتجاهها إلى الموانئ العمانية، في حين ذكرت ميرسك الدنمركية أكبر شركة لخطوط نقل الحاويات في العالم يوم الاثنين إنها ستقبل الحجوزات الجديدة لشحن الحاويات إلى قطر انطلاقا من عمان، أما (ام.اس.سي) والتي مقرها سويسرا وهي ثاني أكبر شركة لنقل الحاويات بينت إنها ستخصص خدمة جديدة للشحن البحري لقطر انطلاقا من صلالة، كما قد أرسلت إيران وتركيا بالفعل إمدادات غذائية بطريق الجو إلى قطر مع بحث البلد الغني بالغاز عن مصادر بديلة.
مصانع قطر تسعى لسد الفجوة الغذائية
في مصنع لإنتاج اللحوم بالمنطقة الصناعية المترامية الأطراف في الدوحة يرابض العمال في مواقعهم ليلا مرتدين أقنعتهم يحملون بدأب صناديق الدجاج على طول خط الإنتاج الممتد على تلك الأرضية البالغة النظافة على بساطتها، حيث يداوم العمال لساعات إضافية منذ أن قطعت السعودية والإمارات ودول أخرى علاقاتها وأوقفت جميع خطوط النقل مع قطر مما أثار مخاوف من حدوث نقص في السلع الغذائية في البلد الذي يعتمد على الواردات، وأدت الحملة التي تقودها السعودية لعزل قطر من خلال قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع الدوحة في اتهام للأخيرة بدعم "الإرهاب" إلى توقف واردات الغذاء من نقاط عبور رئيسية في السعودية والإمارات وأحدثت حالة من التزاحم على الشراء.
وكان من شأن ذلك الشقاق أن اضطر البلد الصغير الغني بالغاز إلى التماس سبيله صوب دول أخرى مصدرة من بينها تركيا وإيران. بيد أنه لجأ أيضا إلى شركات الأغذية المحلية لإمداد المتاجر بما يكفيها من السلع، وفي مصنع اللحوم كان العمال يسارعون لتلقيم المفارم المعدنية البراقة بصدور الدجاج المجمد المستوردة من البرازيل قبل حملها على عربات اليد إلى عنبر مجاور حيث تتم تعبئتها، وتعكف الشركة القطرية لإنتاج اللحوم على زيادة إنتاجها من الدجاج ولحم البقر والضأن إلى المثلين ليصل إلى 40 طن يوميا.
ويعتمد البلد الخليجي الصغير بشدة على الواردات لتوفير الغذاء لسكانه البالغ تعدادهم 2.7 مليون نسمة، ومعظمهم من الأجانب. وكان نحو نصف كميات الغذاء القادمة لقطر يأتي عبر الحدود من المملكة العربية السعودية، وشأنها شأن العديد من الشركات المحلية، تستورد الشركة القطرية لإنتاج اللحوم جميع كميات اللقيم الذي تصنعه وتعبئه.، وتعتمد الخليج للمنتجات الغذائية أيضا بكثافة على الاستيراد بما في ذلك استيراد الحليب من فرنسا.
وزير الاقتصاد القطري: ضرر الحصار وقع على الموردين
من جهة أخرى صرح وزير الاقتصاد والتجارة القطري الشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني إن الموردين لدولة قطر هم من تضرروا من الحصار المفروض عليها، وأضاف أن قطر توجهت نحو بدائل استيراد بأسعار أرخص مما كانت تدفعه سابقا في بعض الحالات، وكشف وزير الاقتصاد والتجارة عن أن الدوحة كانت مستعدة لمثل هذه الأزمة، مؤكدا أن الوضع الاقتصادي الحالي في قطر يسير بشكل سلس ودون صعوبات، وعن كيفية تأثير الحصار على حركة التجارة والأعمال في قطر ذكر الشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني إن هذا الحصار جاء بقرار مفاجئ وغير مبرر، وقد تعاملنا مع إغلاق الحدود البرية بسرعة وتعويض جميع المنتجات التي كانت تأتي عبر البر من مصادر أخرى عبر البحر والجو لذلك فإن المستهلك لم يلاحظ أي تغيير ولا ليوم واحد.
وأضاف أن بعض المناطق التي سوقت لنفسها على أنها مناطق تجارة حرة احتجزت دون مبرر آلاف الحاويات لرجال الأعمال القطريين، وهو ما يضع علامة استفهام على مصداقية حركة التجارة بين دول الخليج واستمراريتها لأننا كنا ننظر للاقتصاد الخليجي كاقتصاد متكامل، وأشار وزير الاقتصاد والتجارة إلى أن "الاقتصاد القطري متنوع وقوي، إذ إن 70% من الناتج يأتي من القطاعات غير النفطية ومن قطاعات متنوعة وصادرات قطر لجميع أنحاء العالم، وأوضح أن جميع هذه المؤشرات وضعت الاقتصاد القطري في وضع قوي يستطيع أن يواجه أي أزمة من الأزمات.
اضف تعليق