الاقتصاد القائم على الريع لا ينهض وسيبقى دائماً عرضة للتقلبات، لأنه احادي الجانب ومختل من جانب القطاعات القائدة الرئيسية، التي تكون السبب الاساسي في نهوض الاقتصاد. لذلك تقر ادبيات التنمية على تصحيح الاختلالات في الاقتصاد وخصوصاً الزراعي والصناعي لأنهما ركيزتان اساسيتان في بناء اي اقتصاد...

دائماً ما نؤكد على حقيقة ان الاقتصاد القائم على الريع لا ينهض وسيبقى دائماً عرضة للتقلبات، لأنه احادي الجانب ومختل من جانب القطاعات القائدة الرئيسية، التي تكون السبب الاساسي في نهوض الاقتصاد.

لذلك تقر ادبيات التنمية على تصحيح الاختلالات في الاقتصاد وخصوصاً الزراعي والصناعي لأنهما ركيزتان اساسيتان في بناء اي اقتصاد، فالبلد لا يقوم إلا عند توافر شروط النهوض، والشروط هي تنمية حقيقية تنقل الاقتصاد بصورته المعتمدة على القطاع النقدي الى القطاع الحقيقي، اي نحتاج الى تنمية جانب العرض وهو ما اكدت عليه اقتصاديات جانب العرض وتشبه تلك التي اطلقها ساي (Say law) في قانونه الذي يقر بأن العرض يخلق الطلب المساوي له، ففي ثمانينات القرن الماضي خطط الاقتصاديون المؤيدون لحملة الرئيس الأمريكي رونالد ريغان Ronald Reagan لانتخابات الرئاسة عام 1980 إلى إظهار أهمية اقتصاديات جانب العرض كبديل للنموذج الكينزي في الطلب الكلي، وتهدف الى تخفيض حجم الضريبة لرفع معدل الاستثمار والادخار، فضلاً عن تشجيع عمل القطاع الخاص في زيادة العرض الكلي والنمو الاقتصادي.

هناك فرق بين بيع النفط من اجل التدفئة، وحرقه من اجل التدفئة، فنحن نحرق النفط ولا نستفيد من موارده، فنسبة (95%) من الايرادات العامة هي من الايرادات النفطية وهذا يبين مدى ضآلة الإيرادات غير النفطية والمتأتية من موارد الحكومة الاخرى وقطاعاتها الاقتصادية التي لم يتجاوز منها القطاع النفطي كنسبة من اجمالي الناتج المحلي (10%) وكذلك القطاع الصناعي بنسبة من الناتج نفسه (15%) في أحسن الاحوال.

لذلك نلاحظ ان المنطق الاقتصادي غائب تماماً عن مشاريع الحكومات السابقة، وقد يكون السبب في ذلك، الحروب والفساد المالي والاداري وغياب الرؤية والارادة لتنمية القطاعات الاقتصادية الأخرى.

لا مفر من الانهيار عند اكتشاف بدائل النفط، وتنص ادبيات الاقتصاد الجزئي الى ان الطلب يقل على السلع الضرورية عند اكتشاف بدائلها، فالاقتصاد يتغير بتغير الزمان والمكان نتيجة اختلاف السلوك الانساني والتطور التكنلوجي الذي يجعل من سيد الطاقة النفط مطموراً تحت الارض لا يجد من يستخرجه، فالسلع الضرورية تصبح في عداد الاموات عند اكتشاف بديلها، فلا نحرق النفط من أجل الاستهلاك الترفي، ولا نستدين المزيد من أجل تلبية احتياجات الجيل الحاضر واضرار الجيل المستقبلي، هذا بالضبط ما تتحدث عنه التنمية المستدامة، وبالضبط ما يحذر منه اغلب اقتصاديي العالم.

نتمنى في المرحلة المقبلة ان يحرق النفط من أجل بناء اقتصاد يعتمد على الصناعة والزراعة وزيادة الانتاج والانتاجية في القطاعات غير النفطية، فهي كفيلة بالخلاص من: البطالة، المديونية، عجز الموازنة، الاختلالات الهيكلية، الامن القومي، المناخ الاقتصادي.. هذا ما نعاني منه بالضبط وما يجب فعله ايضاً.

* باحث اقتصادي

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق