فالموازنة برمتها خاضعة للمحاصصة الادارية في الوزارات اولاً، والمحاصصة السياسية في مجلس الوزراء ثانياً، والمحاصصة البرلمانية لبنود الموازنة في مجلس النواب ثالثاً، ناهيك عن الكوادر الوظيفية مادون الكوادر العليا للجهة التنفيذية والتشريعية، فعندما نلاحظ هشاشة السياسة المالية في كل سنة مالية تبتعد تماماً عن متطلبات الاستدامة المالية...
بعد عام 2003 تولت الأحزاب السياسية ادارة الدولة العراقية وفق مفهوم التوافقية، ولم تستطع أي الحكومات المتعاقبة من وضع حداً للفساد المستشري في الدولة العراقية، اذ بلغ ترتيب العراق (160) من بين (180) دولة مشاركة في مؤشر مدركات الفساد، وحقق نسب ضعيفة جداً في هذا المؤشر منذ العام (2003) وبلغ في نهاية العام (2020) نحو (17) وهو منخفض جداً أي فاسد جداً إذا وصل الى (0) أما الدرجة (100) فتعبر عن الدولة الخالية من الفساد تماماً.
لذلك عجزت الاحزاب السياسية عن تشكيل حكومات اقتصادية تأخذ قرارها السياسي بناءً على متطلبات الاقتصاد العراقي، ولم تعي هذه الأحزاب علاقة السياستين المالية والنقدية في تحريك عجلة الاقتصاد العراقي عبر النمو الاقتصادي، ولم تحسن استخدام السياسة المالية في تنفيذ الخطط الاقتصادية التابعة لوزارة التخطيط لتحقيق معدل نمو اقتصادي مستدام في القطاعات غير النفطية.
فالموازنة برمتها خاضعة للمحاصصة الادارية في الوزارات اولاً، والمحاصصة السياسية في مجلس الوزراء ثانياً، والمحاصصة البرلمانية لبنود الموازنة في مجلس النواب ثالثاً، ناهيك عن الكوادر الوظيفية مادون الكوادر العليا للجهة التنفيذية والتشريعية، فعندما نلاحظ هشاشة السياسة المالية في كل سنة مالية تبتعد تماماً عن متطلبات الاستدامة المالية، فهي بعيدة عن البرامج والاداء وحوكمة المالية العامة، والسبب في ذلك هو التوافقات والهيمنة السياسية على الانفاق الحكومي الجاري والاستثماري، دون وجود ملامح لبرنامج اقتصادي يتم مراقبته ومحاسبته عند التقصير او الهدر.
يتم تداول الاغلبية الوطنية الآن لتشكيل الحكومة ويمثل هذا المفهوم تكتلين أولهما معارضاً يصحح مسار الحكومة، والثاني تنفيذياً مسؤولاً تاماً عن أي خلل او فساد يحصل خلال الاربع سنوات القادمة، وفي تقديري لهذا النموذج السياسي- الاقتصادي يمثل خطوة إلى الأمام تنبثق منه الاغلبية الاقتصادية.
واقصد بها أن تكون هناك شخصيات اقتصادية تقود الوزارات والوكالات والهيئات والدوائر ذات الصلة بالاقتصاد، وشريطة النجاح هو دعم حكومة الاغلبية الوطنية لهذه للكوادر الاقتصادية المهنية وعدم فرض الارادات السياسية لكي نضمن نجاح المشاريع الاقتصادية، إذ كما لاحظنا في الحكومات السابقة لا الشخصيات الحزبية التوافقية استطاعت العمل بنجاح داخل الوزارة، ولا اياً من الشخصيات "المستقلة" التي تولت الوزارات حالياً بسبب ضعف التمثيل السياسي لها، لذلك نحن على مفترق طرق، اما حكومة توافقية يشترك فيها الجميع (الأحزاب السياسية) تبدأ بما انتهت به الحكومات السابقة، او حكومة اغلبية ذات طابع اقتصادي وإداري مهني يتم محاسبتها إذا فشلت من قبل ثلاث جهات، الاولى المنتمية لها، والثانية المعارضة البرلمانية أما الجهة الثالثة هي الاحتجاجات الشعبية.
اضف تعليق