كان يظن بعض الناس بأن جميع الأشياء في هذا العالم يجب أن تكون من الملموسات وإلا سوف تخرج من قائمة العقل والعقلاء، ولكن بعد ذلك وعندما تطور العلم، عرف العلماء بأن الحب والفرح والحزن.. أيضا لا يمكن لمسه بعد ذلك قبلوا بعلم المحسوسات أيضا!.
فليس بالضرورة أن يرى الإنسان الأشياء حتى يُؤْمِن بها لأن العلل تدل على ان هناك منشئ وخالق حتى وان لم نرَهُ بأعيننا.. كانت العقيدة فى الله لدى جميع الأنبياء، أنه تعالى رب واحد عظيم، ليس كمثله شيء ولا يمكن رؤيته ولا يأكل ولا يشرب ولا ينام، وليس له شريك وهو الذي خلق كل شيء وتخضع لأسمائه كل المخلوقات، ولكن بعد فقد الأنبياء راحت الأمة تبحث عن معتقدات جديدة، وتأخذ برأي أي شخص يتكلم حول هذا الموضوع، حتى لو جاء القول حسب هواه، لذلك نجد العقائد تتغير عند بعض الفرق كما أشير الى ذلك في كتاب زبدة الأفكار.
يعتقد أهل السنة والجماعة برؤية الله تعالى في الآخرة وان هذه الرؤية ستكون حقيقة لا مجازا-1- فإن الله سبحانه سيتجلّى لخلقه ويرونه كما يَرَوْن القمر ليلة البدر-2- ويظن البعض أن الله يضحك ويمشي وينزل الى سماء الدنيا كل ليلة-3- ويكشف عن ساقه التي بها علامة يعرف بها ويضع رجله في جهنم فتمتلئ وتقول: قط قط!!-4-.
الى غير ذلك من الروايات التي تجعل من الله سبحانه وتعالى جسما يتحرك ويتحول من مكان الى مكان، له يدان ورجلان وله أصابع خمسة، يضع على الأول منها السماوات وعلى الإصبع الثاني الأرضين، والشجر على الإصبع الثالث، وعلى الرابع يضع الماء والثرى ويضع بقية الخلائق على الإصبع الخامس-5- وله دار يسكن فيها، ومحمد يستأذن للدخول عليه في داره ثلاث مرات!!-6-.
السؤال هنا كيف استدلوا على كل ذلك، قيل قد استدلوا بآيات منها:
(وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ)-7-.
وقال تعالى أيضا: (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا)-8-، وقال (كُلُّ من عليها فَانٍ ويَبقى وَجْه رَبِّك)-9-.
وهكذا فهم يعتقدون بأنهم سوف يَرَوْن الله كما يَرَوْن القمر ليلة البدر ليس دونها سحاب ويستدلون بالآية الكريمة: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) -10-.
أما الشيعة الإمامية فإنهم يؤولون هذه الآيات ويحملونها على المجاز وينفون التشبيه والتجسيم والرؤية، فهم يؤمنون أن الله ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )-11-، وانه ( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ )-12-.
وقد ورد في رواية لأمير المؤمنين علي عليه السلام:
(الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصي نعماءه العادون ولا يؤدي حقه المجتهدون، لا يدركه بعد الهمم ولا يناله غوص الفطن، الذي ليس لصفته حد محدود ولا نعت موجود ولا وقت محو دولا اجل ممدود.. فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه فقد ثنّاه ومن ثنّاه فقد جزّأه ومن جزّأه فقد جهله ومن جهله فقد أشار إليه ومن أشار إليه فقد حدّه ومن قال حدّه فقد عدّه ومن قال فيم فقد ضمّنه ومن قال علام فقد أخلى منه كائن لا عن حدث، موجود لا عن عدم، مع كل شيء لا بمقارنة وغير كل شيء لا بمزايلة فاعل لا بمعنى الحركات والآلة، بصير اذ لا منظور إليه من خلقه..)-13-.
إذاً هناك فرق واضح بين العقائد، عقيدة أهل السنة تقول بالتجسيم، وتجعل من الله سبحانه وتعالى جسما وشكلا يُرى ويمكن تصوره وكأنه إنسان، فهو يمشي وينزل ويحوي جسمه دار الى غير ذلك من الأشياء المنكرة وغير المقبولة ولا المعقولة بالنسبة لنا نحن الشيعة وبحسب مراجعنا العظام، تعالى ربنا عن ذلك علوا كبيرا، فعقيدة الشيعة واضحة في هذا المضمار، حيث أنهم ينزهون الله عن المشاكلة والمجانسة والتجسيم ويقولون باستحالة رؤيته في الدنيا والآخرة -14-.
اضف تعليق