لا يوجد مبدأ يعارض رغبات معاوية الا وجعل له اطارا ليتحلل معاوية من الاسلام مطلقا ولابد له من يؤطر بما يمكنه التحلل من وجوده في منصبه كخليفة لرسول الله صلى الله عليه واله، وقد وجد من قبله سنة قائمة بإقصاء ال محمد صلوات الله عليهم عن دورهم في امامة الناس فليس عليه من بأس ان يمعن أكثر في اقصائهم ولو ان الحفاظ على العهد من ثوابت الاخلاق العربية التي اقرها الاسلام وهي من اصول السياسة الإسلامية الا ان معاوية أطّر لسياسة جديدة هي نقض العهود:
فقد نقض معاوية بن ابي سفيان جميع عهوده التي اعطاها للإمام الحسن (عليه السلام) وقال في خطبة له يوم الجمعة في النخيلة: " كل شيء اعطيته الحسن بن علي تحت قدمي هاتين لا أفي به " وفي خطابه في النخيلة قال مخاطباً اهل العراق: " ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا ولا لتحجوا ولا لتزكوا انكم لتفعلون ذلك ولكن قاتلتكم لأتأمر عليكم وقد اعطاني الله ذلك وانتم له كارهون" (1).
بمعنى انه استفاد من تأطير عمر وابي بكر وعثمان للخلافة بانه قميص البسه الله لهم، فتقض العهود امر اعطاه الله له وقومه له كارهون!!!
ثم يكتب ضمن هذا الاطار الى عماله على البلدان "الا تجيزوا لأحد من شيعة علي واهل بيته شهادة".
وكتب ايضاً: " انظروا الى من أقيمت عليه البينة انه يحب علياً واهل بيته فامحوه من الديوان واسقطوا عطاؤه ورزقه.
وفي كتب اخرى كتب: " ومن اتهمتموه بموالاة القوم فنكّلوا به واهدموا داره" (2).
فقد استغل معاوية هذا الاطار الى ابعد الحدود لمنفعته ومصلحته الشخصية فلم يكتف بإقصاء معارضيه بل دعا الى ابادتهم عن اخرهم!!!.
2- تأطيرات معاوية العامة في السنة النبوية:
وقد اصدر الملك الطليق مرسوما يمنع أي احد من الناس ان يصرح بمنقبة واحدة لابي تراب: (برئت الذمّة ممّن روى شيئاً في فضل أبي تراب، وأهل بيته)(3)، بل وربما عقابه بالموت، ان لم يشترك بسب الامام علي عليه السلام، كما حصل لسعد بن ابي وقاص بالرغم انه يعادي الامام علي(عليه السلام) ولم يبايعه، الا انه رجل يحترم عقله، فليس من المنطق ان يسب هذا العبد الصالح وهو بميزات الانبياء لصالح طليق لصيق دعي حقير، فلم يطع معاوية بسب الامام على عليه السلام كما سياتي توثيقه.
ابو تراب؛ هو سيد الاوصياء الذي جعل معاوية لعنه سنة على المنابر لا صلوات لآل امية وشيعتهم تصح بدونها، والاغرب منه؛ ان لا احد ممن يسمون انفسهم علماء المسلمين، انكروا عليه لا بيد ولا بلسان، والى الآن الا القليل ممن وفى ببيعته لرسول الله.
هناك رواية ذكرتها كتب صحاحهم عن سعد بن ابي وقاص -سادس الاسلام- الذي كان قد بايع معاوية ذليلا، في حين كان من الممتنعين عن بيعة الامام علي عليه السلام؛ سعد هذا؛ طلب منه معاوية ان يلعن ابا تراب، فرفض سعد، مبررا ان ليس له ميزة واحدة مما حبا الله عليا، فمن هو بالنسبة للإمام علي (عليه السلام) حتى يجرؤ على سبه او لعنه؟!(4)... وكانت عقوبته من حزب ابناء الفتيات ان قتلوه بدس السم له في نفس الوقت الذي دسه للإمام الحسن عليه السلام.. فلله عند معاوية جنود من عسل!!!
1- معاوية يضع سنة بديلة لسنة محمد صلى الله عليه واله:
اصدر معاوية الطليق وعلى رؤوس الاشهاد مرسوما ملكيا بمنع كتابة السنة التي تؤكد فضائل ابي تراب عليه السلام وإعلان سب سيد آل محمد سنة بديلة لسنة محمد على المنابر لا تجوز الصلوات بدونها:
قال ابن أبي الحديد: ((روى أبو الحسن، علي بن محمّد بن أبي سيف المدائني، في كتاب (الأحداث): كتب معاوية نسخةً واحدةً إلى عمّاله بعد عام الجماعة (سنة 40)(5) التي صفى بها الملك لبني امية: (أن برئت الذمّة ممّن روى شيئاً في فضل أبي تراب، وأهل بيته)(6).
2- للتعويض: الانفتاح على عميد آل امية وضخ الاموال من اجل وضع المناقب لهم:
وللذين يدافعون عن مانعي تدوين السنة نتساءل لماذا خص المنع فقط لرواية فضل ابي تراب، دون عثمان؟ فقد كتب معاوية الى عمّاله في جميع الآفاق أن:(انظروا مَنْ قبلكم من شيعة عثمان ومحبّيه وأهل ولايته، والذين يروون فضائله ومناقبه، فأدْنوا مجالسهم وقرّبوهم وأكرموهم، واكتبوا لي بكلّ ما يروي كلّ رجل منهم واسمه واسم أبيه وعشيرته. ففعلوا ذلك حتّى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه، لما كان يبعثه إليهم معاوية من الصلات، والكساء والحباء والقطائع. وقد منع معاوية الاحاديث التي تشير الى ميزات الامام علي عليه السلام وخصائصه ومناقبه وفضائله.
فقد جاء في صحيح مسلم عن اليحصبي، قال: (سمعت معاوية يقول: إيّاكم وأحاديث، إلاّ حديثاً كان في عهد عمر، فإنّ عمر كان يخيف الناس في الله عزّ و جلّ)(7).
والجميع يعلم موقف عمر من امامة الامام علي عليه السلام، وهو مثبت في صحيح البخاري(8) والكلام يطول في هذا الامر.
ومرة قال معاوية: (ما بال رجالٍ يتحدّثون عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحاديث، قد كنّا نشهده ونصحبه فلم نسمعها منه!). فقام عبادة بن الصامت، وعارضه(9).
وكتب يزيد بن معاوية إلى أبيه: أنّ جبير بن نفير قد نشر في مصري حديثاً، فقد تركوا القرآن! فبعث معاوية إلى جبير فجاءه، فقرأ عليه كتاب يزيد، فعرف بعضه وأنكر بعضه. فقال معاوية: لأضربنّك ضرباً أدعك لمن بعدك نكالاً)(10).
وقد كتب معاوية إلى عمّاله: إنّ الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كلّ مصر وفي كلّ وجه وناحية، فإذا جاءكم كتابي هذا، فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأوّلين، ولا تتركوا خبراً يرويه أحدٌ من المسلمين في أبي تراب إلاّ وتأتوني بمناقض له في الصحابة. فقرئت كتبه على الناس، فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة، مفتعلة لا حقيقة لها، وجدّ الناس في رواية ما يجري هذا المجرى، حتّى أشادوا بذكر ذلك على المنابر، واُلقي إلى معلّمي الكتاتيب، فعلّموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع، حتّى رووه، وتعلّموه كما يتعلّمون القرآن، وحتّى علموه بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم، فظهر حديث كثير موضوع، وبهتان منتشر. وأضاف ابن أبي الحديد: وقد روى ابن عرفة المعروف بن نفطويه ـ وهو من أكابر المحدّثين وأعلامهم ـ في (تاريخه) ما يناسب هذا الخبر))(11).
ومنذ عهد عمر بن الخطاب، حيث بدأ المنع لتدوين سنة رسول الله، فقد استمرّ واشتد مع معاوية، بل اضيف اليه السب العلني للوصي (عليه السلام) وجعله سنة، ولا غرو فإنّ الحزب الحاكم واحد؛ هو حزب ابناء فتيات قريش، ذو ايديولوجية واحدة، هي (لّي رقاب الناس والتأمر عليهم)(12) والسياسة واحدة، هي سياسة الملك العضوض والترف واستغلال الناس تحت شعار؛ (انا خير منه)، والتدبير متّفق عليه، والمعلن منه هو الكيد بالإمام علي عليه السلام، والمقصود والمستهدف هو رسول الله والاسلام في الصميم، لان من سب عليا فقد سب رسول الله، ومن سب رسول الله فقد سب الله(13).
فقد بعث أمير معاوية على الكوفة؛ عبيد الله بن زياد بن أبيه(ابن مرجانة)! إلى الصحابي زيد بن أرقم فقال: ما أحاديث بلغني عنك تحدّث بها عن رسول الله لا نجدها في كتاب الله !؟ تزعم أنّ له حوضاً في الجنّة !(14)
فقال: حدّثنا ذاك رسول الله (صلى الله عليه واله) ووعدناه.
فقال: كذبت، ولكنّك شيخ قد خرفت؟!(15).
وأضيف في بعض مصادر الحديث: قال زيد: اما إني قد سمعتها أذناي ووعاه قلبي يقول: من كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من جهنّم، فما كذبت عليه!(16)
وروى الحاكم بسنده عن شهر بن حوشب قال: لما جاءت بيعة يزيد بن معاوية قلت: لو خرجت إلى الشام فتنحّيت من شرّ هذه البيعة فخرجت حتى قدمت الشام، فأخبرت بمقام يقومه نوفٌ، فجئته فإذا رجل فاسد العينين عليه خميصة، وإذا هو عبد الله بن عمرو بن العاص، فلما رآه نوف أمسك عن الحديث ! فقال له عبد الله: حدّث بما كنت تحدّث به ! قال: أنت أحقّ بالحديث منّي، أنت صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله)! قال: إنّ هؤلاء منعونا عن الحديث - يعني الأمراء - (17).
ولقد استمرتْ سياسة الحزب الحاكم العدائية الغاشمة لله ولرسوله ولشريعته ايضا بذات مجراها في عهد ملوك بني الزرقاء (بني مروان) في منع فضائل أئمة أهل البيت عليهم السلام في الحديث الشريف: (فواجه مروان أبا هريرة لما روى حديثاً في فضل عليّ وفي فضل الحسن عليهما السلام فقال له: إنّك -والله- قد أكثرت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحديث، فلا أسمع منك ما تقول، فهلمّ غيرك يعلم ما تقول ؟! قال أبو هريرة:هذا أبو سعيد الخدري !
قال مروان: لقد ضاع حديث رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، حتى لا يرويه إلاّ أنت وأبو سعيد الخدري !؟ والله ما أبو سعيد يوم مات رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلاّ غلام ! ولقد جئت أنت من جبال دوس قبل وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)! فاتّق الله، يا أبا هريرة.
قال أبو هريرة قلت: نعم ما أوصيت به وسكتُّ عنه !؟)(18).
ويصرح مروان للغرض الذي دعاه للتعرّض لأبي هريرة عندما أتاه في مرض موته فقال له: (ما وجدت عليك إلا في حبّك الحسن والحسين !؟ فتحفّز أبو هريرة فجلس وذكر حديثاً في فضل الحسن والحسين عليهما السلام وإرضاع رسول الله (صلى الله عليه وآله) لهما بلسانه، ثم قال: فأنا لا أحبّ هذين وقد رأيت هذا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) !؟)(19).
وتجرّأ الحجّاج الثقفي، عامل حزب ابناء فتيات قريش المخلص، فختم على الصحابة الإجلاء بالرصاص، بهدف منعهم من الحديث في فضائل اهل البيت عليهم السلام، ففي ما رواه ابن الأثير الجزري، قال: (كان الحجّاج بن يوسف الثقفي، قد ختم في يد جابر بن عبد الله، وفي عنق سهل بن سعد الساعدي، وأنس بن مالك، يريد إذلالهم، وأن يجتنبهم الناس، ولا يسمعوا منهم)(20).
وقال اليعقوبي في تاريخه: (وختم أعناق قوم من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليذلّهم بذلك، منهم (و ذكر هؤلاء الثلاثة)وجماعة معهم، وكانت الخواتم رصاصاً)(21).
وهذا الخطيب البغدادي نقل عن كتاب حسين بن عمار، عن يحيى بن معين في ترجمة موسى بن عبد الله بن الحسن المثنى أنه قال فيه: ثقة مأمون، دخلت عليه هاهنا ببغداد، وتشفّع إليه رجل فقال: قد منعتُ من الحديث ولولا ذلك لحدّثتك. قال يحيى: فلم نسمع منه شيئاً(22).
ولئن جرت محاولات للخلاص من تهمة الكفر في منع السنة النبوية الشريفة، فقد رفع الحزب المنع العلني عن رواية الحديث بشكل عام، إلاّ أن المنع على الأحاديث التي كانت تخالف سياسته ظلّ على شدّته حتى عصر متأخّر، وهو الى الآن مؤثر تاريخي فعال في بناء عقائد التكفيريين النواصب اليوم.
هذا هو الإطار العام القاتم الظالم المظلم الذي صنعه معاوية بفضل السقيفة.
فالتأطير بمعناه السياسي وعلى شكلة معاوية اعطى لمعاوية تغير المنهج الاسلامي العاصم من الضلال الى منهج محض ضلال وباسم الاسلام والى الان.. كيف ولماذا؟
لان معاوية استعمل التأطير السياسي لإقصاء وابادة الثقل الثاني العاصم من الضلال وهم ال محمد صلى الله عليه واله حيث ثبت باليقين ان رسول الله صلى الله عليه واله قال: (اني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الارض، وعترتى اهل بيتي، وان اللطيف الخبير اخبرنى: انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا ماذا تخلفونى فيهما)(23)
جاء في مقاتل الطالبيين:
(عن سعيد بن سويد قال: صلى بنا معاوية بالنخيلة الجمعة في الصحن، ثم خطبنا فقال: إني والله ما قاتلتكم لتصلوا، ولا لتصوموا، ولا لتحجوا، ولا لتزكوا، إنكم لتفعلون ذلك. وإنما قاتلتكم لأتأمر عليكم، وقد أعطاني الله ذلك وأنت كارهون)(24).
قال شريك في حديثه: هذا هو التهتك.
وعن نفس المصدر:
عن أبي إسحاق قال: سمعت معاوية بالنخيلة يقول.
ألا إن كل شيء اعطيته الحسن بن علي تحت قدمي هاتين لا افي به. قال ابو إسحاق وكان والله غدارا.
(وفي تأطير لسياسة معاكسة لسياسة الاسلام تماما فقد شرَّع معاوية سبّ علي (عليه السلام) على المنابر وأمر ولاته بذلك: " حتى يشّب عليه الصغير ويشيب عليه الكبير "(25).
3- النبي يحذر من التأطير الا بالحق:
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه: (إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل، كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده. فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض. ثم تلى قوله تعالى: (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى بن مريم...)(26)، ثم قال:
كلا والله لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، لتأخذن على يدي الظالم، ولتأطرنه على الحق أطرا (27)، ولتقصرنه على الحق قصرا، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم ليلعنكم كما لعنهم " (28)، ولا حجة لهم بعد هذا.
4- معاوية يثبت اركان ملكه الوراثي العضوض بسب علي عليه السلام:
حين جاء معاوية بن أبي سفيان الى الملك، جعل سب الإمام علي سنة، وسنة سب الامام علي على منابر الاسلام ومنابر رسول الله تأطير لحرف الاسلام والانقلاب عن جوهره وتسفيه ضمانته الكبرى لعدم ضلال الامة.
نجد في صحيح مسلم رواية أصرح في سب الإمام علي، وهي في الجزء (السابع) صفحة (124) عن عبد العزيز بن أبي حازم عن سهل بن سعد، قال: استعمل على المدينة رجل من آل مروان وآل مروان كما تعلمون من بني أمية قال أبو حازم فدعى سهل بن سعد، فأمره أن يشتم علياً فأبى سهل: فقال له الأمير: أما إذا أبيت فقل لعنة الله على أبي تراب، فقال سهل: ما كان لعلي اسم أحب إليه من أبي تراب وما سماه إلا النبي.
إذن هذا صحيح مسلم يفسر رواية البخاري بأن والي المدينة، هو مروان بن الحكم في زمن معاوية كان يسب ويأمر بسب علي على المنابر. وهنالك نصوص كثيرة صحيحة في الكتب الستة تشرح لنا الأطر التي جعلت الناس يتركون الاسلام الحق الى الاسلام المؤطر باطر معاوية والانقلابيين من قبله.
ان قبول الامة بجعل سب الامام علي سنة على المنابر اطار سفه كل اصول الاسلام بحيث صارت السنة ليست سنة هكذا يقول ابن تيمية:
أن بني أمية كانوا يجبرون الصحابة على سب الإمام علي، فكيف يسمحون لهم باتباع شريعة الإمام علي عليه السلام وفقهه، وهذا يصرح به ابن تيمية: (أن أهل السنة تركوا الإمام علي، مع أن أهل السنة أجمعوا أن الثقل الثاني هو أهل البيت، لمن راجع شروح مسلم، الثقل الثاني هم أهل البيت)
وهذه ملاحظة جد جديرة بالاعتبار؛ فان كل من شرح مسلم قال: إن الثقل الثاني هم أهل البيت(عليهم السلام)، وحورب أهل البيت، وحوصرت أقوالهم، وسلب حقهم في المرجعية الدينية فضلا عن الخلافة.
واستمر هذا الاطار إلى آخر يوم في الدولة العباسية، مع ان العباسيين جاؤوا للحكم تحت شعار يا لثارات الحسين لانه اطار يحفظ حقوق اهل الباطل فقط، فنشأ الناس على ترك أهل البيت ولحد فاطار نفسه موجود ولكن باقل قيود
في اطار الاستفراد بالسلطة وتسخير كل ما في الاسلام لصالح الملك الاموي العضوض فرض معاوية سب الإمام علي (عليه السلام) على المنابر وهو من أشهر الامور التي شهدها القاصي والداني، وطرقت أسماع الأصم
أصدر معاوية أمره بجعل سب الامام علي عليه السلام سنة على المنابر لعماله، وعاقب من الناس من لم يقدم على سباب الإمام علي (عليه السلام) لقد أمر معاوية عماله في الأمصار باتخاذ لعن الإمام علي سنة يسمعونها الناس من على المنابر، ولما استاء بعض الصحابة من هذه السنة أمر معاوية بقتلهم (29).
كتب زياد بن أبيه والي معاوية على الكوفة كتابا إلى معاوية يخبره أن حجرا وأصحابه قد خالفوا الجماعة في لعن أبي تراب وخرجوا عن الطاعة، فأمر معاوية بقتلهم، فقتلوهم بمكان يعرف ب (مرج عذراء)، وقد قالت عائشة لمعاوية: سمعت رسول الله (ص) يقول: " سيقتل بعذراء ناس يغضب الله لهم وأهل السماء " (30).
استمر معاوية في سب الإمام علي (عليه السلام) ولعنه على المنابر، وصارت سنة لأهل الشام يرددونها بعد كل صلاة، وكأن الصلاة لا تقبل إلا بسب علي (عليه السلام). هذا الذي قام الإسلام به، وبه كان الصحابة يميزون بين منافق مبغض له ومؤمن محب له، حتى قال الشاعر:
أعلى المنابر تعلنون بسبه * وبسيفه نصبت لكم أعوادها
وكان معاوية يقنت في صلاته بلعنه، وأمر الناس بلعنه.
5 – التأطير ؛ فقدان الضمانات الربانية العاصمة من الضلال:
اهل البيت عليهم السلام مطهرون بنص الكتاب بارادة الله تعالى ولارادته وهي ميزة لهم وضمان للامة بالاقتداء بهم من الضلال فالمطهر من الرجس احق بالاتباع من ابناء ذوات الرابات، واهل البيت مكتوب على الامة ودهم ومحبتهم في كتاب الله تعالى، ولذا اوصى رسول الله صلى الله عليه واله بهم عصمة للناس من الضلال فقال:
(إنى أوشك أن أدعى فأجيب وإنى تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتى كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتى أهل بيتى وإن اللطيف الخبير خبرنى أنهما لن يتفرقا حتى يَرِدَا علىَّ الحوضَ فانظروا كيف تخلفونى فيهما(31)
الاسلام المؤطر بالباطل لصالح السياسات الوضعية منع الامة من الاعتصام باهل البيت وعدم الالتزام بوصايا الرسول مع ان كل كتب صحاحهم تنقل احاديث تطلب من الامة التمسك باهل البيث عليهم السلام.
الاغرب من هذا كله ان حتى الذين يدعون انهم اتباع اهل البيت عليهم السلام من السياسيين يتبعون اسلام معاوية المؤطر بالباطل مع الاسف لان الاسلام الحق واتباع اهل البيت عليهم السلام يتطلب العدل ملاكا للسياسة وهم ليسوا بمستوى ذلك الملاك الذي يتطلب اعدادا روحيا وعقائديا يناسب الغاية.
اضف تعليق