حكمة تعني لنا الكثير في حياتنا وتجول بعقولنا الى حيث المال واهميته في حياتنا وتحقيق ذلك الحلم الذي يراود الكثير وهو (متى اصبح غنيا؟ وكيف اصبح غنيا؟) لكن لنسأل انفسنا ما هو الغنى؟، وما الذي نسعى اليه من خلال حصولنا على المال؟، ومتى نجعله خادم جيد؟، وكيف نمنعه من ان يسود بفساده؟؟.
لا يختلف اثنان على ان المال هو الوسيلة التي نسير بها امور الحياة ومع التطور اصبح المال هو رمز التفاخر بين الناس اذ يتفاخر الناس بما يملكون من امول وبالتاكيد السعي لجمع الثروات هو هدف من يريد ان يعيش حياة مادية مترفة.
لكن هل كل من يملك المال يعيش حياة سعيدة!، وهل كل من يظهر بمظاهر الترف يحمل روحا انسانية في جوهره!، ان ما يحتاجه المجتمع هو الثروة الانسانية بكل ما تحمل من اخلاق سامية, صدق عقيدة, عزة نفس, مبادئ نتخذها دستورا لحياتنا ليس بعيدا عن ان علاقة الإنسان بالمال علاقة وثيقة وانه يمثل عصب الحياة ومصدر معين على الوفاء باحتياجات ومتطلبات الأفراد والمجتمعات وهذا ما أشار القرآن الكريم اليه بقوله عز وجل "ويحبون المال حبا جما"، كما أشار إلى قيمته المعنوية كما ورد في الآية الكريمة "المال والبنون زينة الحياة الدنيا". ومع إدراك حقيقة هذه العلاقة لا بد من التأكيد أن قيمة المال مهما علت لا يمكن أن تجعله هدفا، بل هو وسيلة تحقق من خلالها بعض الغايات والأهداف الأخرى.
ان اجراف المجتمعات الى المادية ادى الى انتشار قيم بعيدة عن الانسانية ومنها الأنانية ورغبة كل فرد في الحصول على أكبر قدر من المنافع الشخصية وكذلك الانتهازية فكل فرد يسعى لاستغلال المنصب أو الموقف من أجل تحقيق مصالح شخصية وكذلك التباهي والتفاخر بامتلاك الماركات العالمية كونه متميز عن الآخرين والاستهلاك أصبح قيمة لدى الكثيرين الذين يرون في الاستهلاك تعبيرا عن وجودهم وعن أهميتهم بل وعن قيمتهم في المجتمع والتي تقدر بما يستهلكونه من وسائل الترف والمتعة.
ومن الجدير بالذكر ان نذكر هنا ان الغنى الحقيقي هو ان لا يحتاج الانسان إلاّ لله سبحانه وتعالى ولا يسأل غيره فقد جاء عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ((غنى المؤمن بالله سبحانه))، لذا عبّر عنه (عليه السلام) بأعظم الغنى، ومن استغنى بغير الله تعالى فهو في فقر وشقاء لذا فمن يطلب الغنى فليطلبه من الله سبحانه وتعالى وليكن على ثقة بما يعطيه فيأتي الغنى بصورة أساسية من قناعة المؤمن بما رزقه الله سبحانه.
وفي كلّ الأحوال فانّ الانسان لا ينال أكثر من رزقه الذي يقسمه الله تعالى له ولن يكون أكثر من ذلك أبداً إلاّ بما شاء تعالى حتى لو حفر الصخر وقطع الوديان، ونحن نعرف قصة الامام علي (عليه السلام) عندما استأمن أحداً على فرسه أمام المسجد، فقام بسرقة السرج وبيعه بخمسة دراهم، فقال الامام (عليه السلام) ((سبحان الله، لقد كنت أنوي أن أدفع للرجل السارق خمسة دراهم عند خروجي من المسجد لقاء أمانته، لكنه أستعجل رزقه وسرق السرج وباعه، ولو لم يستعجل رزقه بالحرام لأخذه بالحلال)).
فالنفس إذا لم تكن قانعة ولم تيأس مما في أيدي الناس فهي نفس فقيرة شقية لا يمكن أن تستغني أبداً وقد جاء، لذا فانّ السعادة الحقيقية هو أن يكون العبد مؤمناً بالله تعالى مستغنياً به مفتقراً اليه قانعاً بما يأتيه راغباً عما في أيدي الناس مستغنياً عنهم، فلا يسأل إلاّ الله تعالى، ليكون عزيزاً غنياً بين الناس ذليلاً فقيراً بين يدي الله تعالى، فيرفعه تعالى الى أعلى الدرجات.
اضف تعليق