q

نأتي الى هذه الحياة ونحن نجهل كل شيء ثم نبدأ رحلة الاستكشاف العظيم منذ سنينا الاولى من عمرنا، عقائد وافكار وآداب نتلقفها من الاهل والاقرباء والاصدقاء ومن يتولى تعليمنا اضافة الى ما نلتقطه من انطباعات من خلال تجاربنا الخاصة في هذه الحياة والمهم من هذا كله هو الرؤية التي تتشكل لدى كل واحد منا عن إمكاناته وأوضاعه وعن القيم والمبادئ التي يؤمن بها، وعن المراتب والأهداف التي يسعى إليها.

فهل صحيح ما يعتقده البعض بان الحياة غرفة مظلمة!!، الكثير منا يشعر بهذا الإحساس بين وجدانه، والبعض الآخر قد يخفيه مستعينا بالثقة الظاهرية وعادة ما تكون هذه الأحاسيس سبب موت القدرات الداخلية.

وهذا يعود إلى عدد من العوامل، أهمها المفاهيم والمعتقدات التي يسترشدون بها في مسيرتهم وحركتهم اليومية . فهناك من ينظرون إلى العالم بمنظار أسود، فلا يرون إلا الشرور والمفاسد، ويعتقدون أن ما هو أسوأ متوقع دائماً . ومنهم من نشأ في أسر يغلب عليها الجهل، وحظها من الاستقامة قليل، فلم ينالوا التربية الجيدة التي يستحقونها، ولا تلقوا الإرشاد والتحفيز والعون الذي يحتاجون إليه، فصاروا ينظرون إلى أنفسهم نظرة استخفاف واستصغار، وصار اهتمامهم بالفضائل ضعيفًا ومنهم من نشأوا في أسُرٍ يغلب عليها الفقر وشظف العيش، فلم تنبت في قلوبهم الطموحات الكبيرة وحب الإنجاز العالي، فصاروا يرضون بالقليل من كل شيء، ويستكثرون على أنفسهم أي شيء وجل همهم الحصول على ما يسد الرمق.

لقد زودنا الخالق – عز وجل - بقدرات هائلة وأتاح لنا فرصاً كثيرة لذا يجب أن تكون حياتنا مليئة بالتحدي والمغامرات، ومشبعة بالآمال والأمنيات وأن نتمتع بنعمها التي تتقلب فيها بروعتها وبهائها لأن هناك أناساً يتمنون سعادة حياتنا في بؤس حياتهم ولننطلق من مبدأ ان الذي رزقنا واطعمنا واوجدنا في هذه الحياة قادر على تحقيق ما نصبوا إليه وكل ماعلينا فعله هو أن نغرس قدر ما نستطيع فسوف يأتي المطر لا محال.

وليراجع كل منا مكونات رؤيته للحياة حيث ان من المؤكد ان بعضها غير صحيح ولنغلب جانب التفاؤل والثقة بالله تعالى والاعتداد بالنفس على اليأس واحتقار الذات ولنعلم ان هذه الدنيا لا تخلوا من الاخيار ومن الاشرار و هناك دائماً فرصة للتحسن ومجال للازدهار بشرط الا نصغي للمثبطين واليائسين والمخفقين.

ولنبتعد عن مبدأ قراءة الحياة من خلال حدث مر بنا نتوقف عنده منكسرين ولا نحاول التغيير من الواقع وننتظر أن نستمر للنهاية ولو تأملنا شريط حياتنا فسنجد أن ألاماً عشناها ومع محاولتنا المستمرة سواء نجحنا فيها أو أخفقنا فيها كانت سبب خيراً وأفراحاً حصدناها فلا ننتقي من الحياة الألم ونترك الأمل ونقول هذا هو القدر فمتى ما تكونت لدى الإنسان قناعات بأن كل ما حوله جميل فسيراه جميلاً ومريحاً مهما كان متعباً أو مليئاً بالمشقة والتعب، وتأتي هذه القناعة من إيماننا بأن الله سبحانه وتعالى قد وزع الأرزاق قبل وجودنا على الدنيا وأن كل أقدارنا مرسومة ومخطط لها مسبقا وأن كل البشر الذين نتعامل معهم لا يمكنهم تغيير ما كُتب لنا في اللوح المحفوظ وعليه يجب أن نقبل كل ما يواجهنا بقوة وبسماحة نفس وتقّبل ومحاولة التأقلم لأنه سبحانه لن يضرنا في كل ما يخططه لنا.

ولكن للأسف أن الكثير لا يقتنع بهذه الحقيقة فيُعّقد الحياة حوله، وينشر سلبيته على من يتعامل معه، ويظل يوسوس بحدوث الأمور السيئة والتي وإن حدثت مؤقتاً فهي ستنعكس إيجابيا يوماً، ونجده يضع العراقيل أمام سعادته ويتقوقع على نفسه والبعض يصل بهم الحال إلى كره الآخرين ونبذهم ومحاولة إحباطهم أو أذيتهم.

لكل منا نظرة خاصة في الحياة، وله أهدافه، وله نظامه الفكري ومبادئه التي يسير عليها والبعض تعج أفكاره بالإيجابية والبعض الآخر بالسلبية، والبعض متصالح مع نفسه لدرجة أنه يرى الكون جميلاً ويحاول أن يحّول كل ما يواجهه إلى نجاح ويستفيد من صغريات الأمور من أجل توظيفها في الحياة لخدمة الآخرين وللأسف أن البعض الآخر يقف عند توافه الأمور ويحاول أن يكّره نفسه في الحياة فينعكس ذلك على تعاملاته مع الناس فعوضاً عن مساعدتهم على النجاح نجده يقصيهم ويحبطهم ويفتعل المشاكل ويؤرق نفسه وكل من يعيش في بيئته الأسرية والعملية والاجتماعية. مثل هؤلاء يتمكن الشر منهم ونجد السواد يحيطهم ولا يعرفون كيف ينجحون بأنفسهم ولا يسمحون لغيرهم بالنجاح رغم أن أي عمل ناجح يجب أن يكون خلفه مجموعة ناجحة في التعاون والتفكير والاشتراك في الأهداف فلنجعل لحياتنا معنى وقيمة ونعيشها كما نريد ولنعلم ان حياتنا التي نعيشها هي صورة منعسكة لما نعتقده.

اضف تعليق