الكثير من الاسر اليوم هي بحاجة الى الوقوف معها وتخلصيها من العيش بتعاسة وحرمان، لا سيما ونحن نعيش في بلاد صيفها لاهب شديد الحرارة، وشتاءها قارص شديد البرودة، وبين الفصلين يوجد من يعاني الامرين، ولا يجد من يقيه شر هذه الأجواء المؤذية بالنسبة له...
لا شيء أجمل من التعاون والتراحم بين الافراد، لا شيء أجمل من المساعدة بين الأشخاص، فهي تعني ان الرحمة الإلهية لا تزال تنثر عبيرها في ارجاع المعمورة، لكن ومع جميع المبادرات والفعاليات التي تؤكد تعاضد المجتمع، لا نزال نفتقر الى تفعيل مبدأ التعاون في الكثير من الأحيان، وهو ما ينبأ بالأمية الفريدة بهذا المبدأ الإنساني المهم.
يقول أحد الحكماء "ان السعادة في العطاء"، وعند ادخال هذه المفردة الى حقل التجربة، فأنها تشعر جميع الافراد بالسعادة المطلقة عن البذل والوقوف الى جانب الانسان المحتاج لهذه الوقفة والتضامن الحقيقي المبني على الأسس الإنسانية.
فالكثير من الاسر اليوم هي بحاجة الى الوقوف معها وتخلصيها من العيش بتعاسة وحرمان، لا سيما ونحن نعيش في بلاد صيفها لاهب شديد الحرارة، وشتاءها قارص شديد البرودة، وبين الفصلين يوجد من يعاني الامرين، ولا يجد من يقيه شر هذه الأجواء المؤذية بالنسبة له، لكنها رحمة للآخرين الذين ينعمون ببيوت آمنة تتوفر على جميع وسائل الراحة.
كثير من الحالات الإنسانية الصعبة يعيشها الافراد خلف الجدران ولم تظهر للعلن، فالفقر من الامراض التي تستشري بشكل غريب في المجتمع، اذ يلاحق الملايين من البشر الذين لا يجدون فرصة عمل وسط تزاحم الافراد وتنافسهم عليها، وفي المقابل نجدها خلفت الكثير من الاسر المكسورة والمنكوبة التي تقتات على الفتات.
هذه الصفة الاجتماعية أي ضعف التراحم والمساعدة بين الافراد، اخذت في الانتشار سريعا، خصوصا في المجتمعات التي شهدت قفزة اقتصادية محدودة النطاق، فترى من يرتدي أجمل الثياب وأكثرها اناقة، إضافة الى ذلك يقتني عجلة تتمتع بجميع وسائل الرفاهية، وقد يكون جاره نائم يجتر الجوع في جوفه.
بالتأكيد يتعارض ذلك مع احكام ومبادئ الشريعة الإسلامية التي حرصت وأكدت على تقليل الفوارق بين الطبقات الاجتماعية، فهي الغت جميع الامتيازات التي يتمتع بها الملوك والحكام، وقالت ان الجميع سواسية ولا فرق بين هذا او ذاك الا بالتقوى، وبالتالي فقد وضعت دستور مبدأ للبشرية لا تريدهم الحياد عنه والتمسك فيه لتحقيق قضية العدالة السماوية وعدم تكدس الأموال بيد جماعات وفقر جماعات أخرى.
بعض الأشخاص يعانون طوال سنين حياتهم، وقد وصلوا الى حالة من التذلل والابتذال الذي فقدوا معه ماء وجهوهم، وقضوا اغلب حياتهم يطاردهم الحرمان وعند موتهم، يشمر الأقارب عن سواعدهم، ويعقدون مجالس عزائية رنانة لا تمت لواقعهم المأساوي بصلة، ذلك لان هذا الفعل يدعم المكانة الاجتماعية للأقارب امام الجمهور العام في المنطقة او المدينة التي يسكنون بها.
وقد يكون الراحل لا يحتاج جميع ما أنفق اقربائه في مجلس عزاءه ليكون بصحة تامة وجيدة، لكن الذي حرمه من الحصول عليها هو الامية التراحمية التي يفتقر اليها العديد من الافراد، ولو تم الوقوف الى جانبه وتخليصه من أزمته الصحية والنفسية، لأصبح ذلك درسا اجتماعيا في الإيثار ونكران الذات.
ولم يكن المجتمع وحده مسؤول عن هذا التقصير والقصور بحق الافراد، فالجهات الحكومية المعنية هي الشريك والتي تتحمل المسؤولية بكل ما يحدث من حالات مرضية لا يجد أصحابها المكان والمبلغ الكافي لمعالجتها، فلو عملت الحكومة على توفير الإعانات الكافية لمثل هذه الحالات من المجتمع لما تكاثرت مؤخرا.
الجهات المعنية في الحكومة العراقية وعلى الرغم من ان لديها مبادرة التكافل الاجتماعي، التي تستهدف تقليل وتقليص حالات الفقر في المجتمع، لكنها لم تكن بمستوى الطموح ولم ترتق لتكون الكف التي تنتشل شريحة واسعة من الافراد لم يجدون المعيل الحقيقي والمحامي الذي يخفف عنهم حكم الفقر الجائر.
التعاون وعلى جميع المستويات يحكي قصص من التسامح ورص البنيان الاجتماعي، ويدك عروش المال الذي ينفق بغير موضعه، فبالتراحم وتقديم المعونة يكون المجتمع قد حقق اعلى مستويات السعادة والوصول الى المثالية او التكامل الذي لا مكان فيه لشخص غير قادر على دفع فواتير علاجه او تناول ما تشتهيه نفسه من طعام.
اضف تعليق