التعامل الغليظ مع الأطفال يجعل المنزل اشبه بساحة ملغومة، تنتظر الانفجار المدمر، تفتقد الى ابسط مقومات السعادة والمرح والأجواء التي يحتاجها الطفل للتعبير عن ذاته، ويخرج ما لديه من طاقة إيجابية تساعده على ملئ البيت بالبهجة والاشياء الإيجابية التي تعد متنفسا للآباء ومُخلصا من الهموم المتراكمة على كاهلهم...
يحصل ان يتوجه اب بالضرب لابنه في السوق او في عجلات النقل العام، ويحدث أيضا ان يتعرض الطفل للضرب في المنزل بعد اخفاقه وتحقيقه النجاح في الفصل الدراسي، كل هذه السلوكيات مع الأبناء تعكس مستويات تدني الثقافة الاسرية في التعامل مع هذه الشريحة بهذه المرحلة العمرية الحرجة.
الأطفال ربما يُعدون من أرقى المخلوقات على وجه المعمورة، فهم كالزهرة يثنيها الندى، وتذبلها نسمات الريح الساخنة، وبناء على ذلك فهم بحاجة الى رعاية وعناية خاصة ليس من قبل الآباء فحسب، بل من قبل شرائح المجتمع كافة.
في كثير من الأحيان يشعر الوالدين بالضجر من الأولاد نتيجة تخلفهم عن انجاز مهمة معنية، قد تكون منزلية او تتعلق بالواجبات الدراسية، وهنا يبدأ ذلك الاب او تلك الام بسيل عارم من عبارات التوبيخ وجمل التأنيب، وشلالات من الكلمات الجارحة التي لا تنسجم ومقدار الخطأ الذي ارتكبه هذا الطفل.
إذا كان الخطأ لا يقبل هذا النوع من العقاب، فلماذا هذه المبالغة؟
دائما ما يبالغ الآباء بردات الفعل حيال بعض التصرفات الفردية من الأبناء، فعلى سبيل المثال، عندما يكسر الطفل صحنا دون قصد، فان الدنيا تقوم ولا تقعد ابدا، وأول ما يتعرض له هذ الطفل الوديع، الى عبارة او عبارات تشعره بالذنب الكبير جراء ما اقترفه من خطأ غير مقصود.
هذه المبالغة تعود الى افتقار شريحة واسعة ومماثلة لهذا النوع من الآباء الى الثقافة التربوية، التي تعد المفتاح الأساس للتعامل مع الأبناء في المراحل الأولية من حياتهم، وغالبا ما يحصل نوع من الفجوة الكبيرة بين الابوين والابناء الذين لا يجيدون التحاور مع ذويهم، وفي ذات الوقت لا يعلمون الطرق المثالية في التنشئة الاجتماعية.
التعامل الغليظ مع الأطفال يجعل المنزل اشبه بساحة ملغومة، تنتظر الانفجار المدمر، تفتقد الى ابسط مقومات السعادة والمرح والأجواء التي يحتاجها الطفل للتعبير عن ذاته، ويخرج ما لديه من طاقة إيجابية تساعده على ملئ البيت بالبهجة والاشياء الإيجابية التي تعد متنفسا للآباء ومُخلصا من الهموم المتراكمة على كاهلهم.
وكما هو معروف كل ممنوع مرغوب، فعندما تمنع الأطفال من الاقدام على الأشياء التي يحبونها ويرغبون بمزاولتها، كأن يكون مشاركة الأصدقاء لعبة كرة قدم او الذهاب الى الأسواق وغيرها، فإنك تكون قد خلقت لديه الرغبة في كسر كلمتك وعدم الاهتمام بنصائحك دون التبرير المنطقي الذي جاء المنع من اجله.
وعلى العكس من ذلك حين اعطاءك هذه الفسحة من الحرية النسبية، تكون قد منحته الثقة بالنفس، وبالتالي تصل الى انخفاض كبير بتكرار حالات العصيان والغضب الذي عادة ما يكون النتيجة الوحيدة بعد قرار المنع غير المنطقي.
اشعار الأولاد بالرعاية الابوية واحاطتهم بالمحبة والاهتمام الكبيرين يجعلهم مرتبطين أكثر من غيرهم ببيئتهم المنزلية، إضافة الى تقبلهم بصورة كبيرة لتوجيهات الابوين والمحافظة على عاداتهم وقيمهم الاجتماعية، وبالتالي نحصل على بيئة قابلة لعيش الأبناء تحت مظلة الآباء ورحمتهم ورعايتهم المتواصلة.
ويأتي ضمن ذلك الاعتناء اختيار الالفاظ التي من الممكن ترسيخها في اذهانهم وتنعكس في تعاملاتهم وتحاورهم مع الآخرين فيما بعد، ومن هذه الصفات صدق الحديث واجتناب ذكر سيرة الآخرين بالجوانب السلبية، فضلا عن تعليمهم كيفية إدارة حالات الغضب والسلوك الانفعالي.
جميع هذه الأساليب والرؤى المتعلقة بالتعامل مع الأطفال لا يقترب منها الذي يعاني من شحة في الثقافة التربوية، فالكثير من الآباء يعمد الى تطبيق مبدأ الثواب والعقاب بصورة غير صحيحة، ويعتمد على الطرق التي تقود الى مزيد من الأخطاء، وفي النهاية يكون الخلل والارتباك في التصرفات الفردية واضحين.
اضف تعليق