ضبط النفس والقدرة على التحكم والسيطرة على النزعات هو السلاح المنيع عند اجتماع البلايا والمصائب ليؤمن الابتعاد الكامل عن الانتقام والضغينة والظلم عند الغضب، وتقدير المشاكل التي تصادفه ونحن نشهد ونسمع ونرى في عصرنا هذا حوادث وجرائم يندى لها جبين الإنسانية والأرقام في ارتفاع مخيف...
في معترك الحياة علينا الانتباه لأنفسنا جيدا، ليس في المأكل والمشرب والمظهر أو حين نقود السيارة او نعبر الشارع فحسب، وأن كان كل هذا مهم ومن ضروريات الحياة الصحية السليمة، ولكن ما نقصده هو الانتباه لأنفسنا من الداخل، اذا لم ننتبه لها ونعرف حقيقتها وصنفها وكيفية معالجة أحوالها وتقلباتها والعمل على تهذيبها تكون اكبر عدو لنا.
فما هو طريق العدو المخبوء في داخلنا ماذا يفعل بنا وكيف نتحصن منه؟، في حقيقة الأمر قد يدمر الإنسان نفسه بنفسه، فالجهل يضعف التحكم بالرغبة الحسية، والفهم الخاطئ يضعف البصيرة عن الطرق الصحيحة للمعالجة، وضعف الأيمان يهدم ضبط النفس وتحصينها، ولا يمكن بالطبع القضاء على هؤلاء الأعداء، الجهل، الفهم الخاطئ، ضعف الأيمان، والسيطرة على حالة الصراع معهم ألا من خلال الانتباه للنفس لنفهم ذواتنا، والذات في تعريف مبسط هي الإجابة بوضوح لمن يسأل نفسه من أنا ليجيب وفق تصوراته السلوكية اليومية، وتشمل المستوى النفسي والاجتماعي، كيف يرى نفسه وما يعرفه الأفراد عنه.
من خلال معرفة الذات والاهتمام بالعمل على الارتقاء في اتجاه الوعي، وبقوة صلته لكل ما هو خير يشع في قلبه الطمأنينة وفي نفسه الثبات ويرتفع تقدير ذاته ويمنع الانهزام الداخلي، ويتجنب كل الصراعات ولا يملك أعداء ليس فقط من الداخل والخارج ايضا، فمن فهم ذاته فهم الأخرين، فتكون الأفعال سليمة مدروسة متأنية بكل أشكالها واتجاهاتها، وأن اخطأ فكل بنو ادم خطاؤون يصحح الاعوجاج ويتلافى الأخطاء.
نستطيع ان نستعيذ من الشيطان الرجيم عدو الانسان، ليحصنه ويحفظه منه رب العرش القدير، وبالاستعاذة بالآيات القرآنية والأدعية نواجه هذا العدو اللدود بقوة الله وقدرته ونتغلب عليه، ونتحصن من شره.
وكذلك الأنسان حين تكون مشاعر الكُره والحقد والغيرة تغلغلت فيه واصبح عدو أخيه، ففي الغالب بالحيطة والحذر والانتباه يردعه، وجميل المعاملة وعدم إظهار البغض اتجاهه ومسامحته يرد كيده ويقتل شروره ويطفئ نار احقاده.
هؤلاء وغيرهم هم العدو الخارجي الذي ينتبه منه الأنسان وينأ بنفسه عنه ولكن من يؤثر بالإنسان ويستطيع تدميره دون ان يعلم هو العدو الداخلي، تنقل لنا وسائل الأعلام اعترافات بعض المجرمين وندمهم الكبير وعدم ادراكهم لما قاموا به من اجرام، فهم لا يعلمون ان النفس الأمارة بالسوء قد استوطنت اجسادهم وفقدوا القدرة على التحكم بدوافعها الدنيوية.
ان الانتباه لضبط النفس وتربيتها تأتي من عوامل كثيرة منها: بالعلم والمعرفة كما أمرنا الله بقوله: (اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم)، للحفاظ على صحة وسلامة الدماغ، ليكون اكثر وعيا لفهم الأفكار واختيارها وتنظيمها، وبالتالي يكون واعيا لطباعه ومشاعره حين تداهمه الرغبات، ومعرفة اخبار واحداث الأولين والأخرين والأمم السابقين والاعتبار من عواقبهم وتجاربهم، وأحياء شغف القراءة وحب الاطلاع والمعرفة والذي اصبح شبه مغيب عند جيل عصرنا هذا وحلت مكانه التعلق او الإدمان بمواقع التواصل الاجتماعي ومشاهدة الفيديوهات، وهو عامل من عوامل التشويش الذهني وسرقة الوقت.
الفهم الصحيح والعميق لمسؤولياته كخليفة في الأرض وأفضل خلق الله وواجباته كمسلم وما هو مصيره بعد الموت، وما هو وجوده في الحياة وفي اي جانب هو هل هو في الجانب المصلح والقدوة الحسنة في عائلته ومجتمعه ام الجانب المظلم المخرب؟
ضبط النفس والقدرة على التحكم والسيطرة على النزعات هو السلاح المنيع عند اجتماع البلايا والمصائب ليؤمن الابتعاد الكامل عن الانتقام والضغينة والظلم عند الغضب، وتقدير المشاكل التي تصادفه ونحن نشهد ونسمع ونرى في عصرنا هذا حوادث وجرائم يندى لها جبين الإنسانية والأرقام في ارتفاع مخيف وأصبح الأخ يقتل اخيه ليس اخيه في الاسلام وانما اخيه من بطن واحدة من اجل أتفه الاسباب.
اضف تعليق