ان الاعتراف بالتقصير وتقبله والسماح بمشاعر التندم ووخز الضمير وتحليل وتفسير الاخطاء هي جزء من عملية التعليم والتربية الذاتية بشرط عدم التوقف عندها كثيرا والسماح لها بالسيطرة على التفكير والشعور بالوهن واليأس وتثبيط الهمة، وبين كل ذلك هناك شمعة الأمل نورها علاج للاوجاع ومرهم لليأس...
تحمل الحياة في طياتها تقلبات لا تخطر على بال، حزن يقطع نياط القلب، وفرح يشرح الصدر ويسارع النبضات، انجازات تثبت الخطوات، وخيبات تعيق وتربك، مصائب ومسرات، وبين هذا وذاك تعاش مشاعرها كما هي، بتقلباتها وتغيراتها، ولا يمكن التجرد منها، فدوام الحال من المحال.
في تقلبات الأيام تتوالى الاحداث الهينة والجسام، منها تقذفها الاقدار دون تدخل البشر ولا تفسير لها سوى القبول بها والإيمان بعدالة الله وقضاءه وقدره، ومنها من تتدخل ارادة وقرارات فتجلب الندم الذي يعقب الخطأ في الاختيارات، ويضاعف مشاعر الندم إجراءات التصحيح اذا كانت غير متاحة أوقد فات اوانها.
ومشاعر الندم تأتي بصور عديدة ولم يسلم منها شخص على ارض المعمورة ولو لمرة واحدة، فقد يتخذ فرضيات لو اني ذهبت بهذا الطريق لكانت النتيجة افضل او لو لم اقل كذا او لو لم افعل كذا، ومفهوم الندم في علم النفس كل الافعال التي تمت في الماضي كأن تكون قبل دقائق او عام واكثر والتي يعتقد المرء ان نتيجتها ستكون افضل لو كان لها بديل اخر.
من بين الأمور النافذة التي تجلب التأسف والتحسر وكما يقول القائل (دربٌ بكيت منه ثم بكيت عليه)، عند اتخاذ قرارات غير مدروسة او متسرعة، مثلا يعمد الكثير على ترك العمل بعد الشعور بالضغوط المستنزفة للطاقة أو الإجهاد البدني أو النفسي وعدم التقييم الصحيح لعملهم ودون البحث عن حلول سواء مع انفسهم او مسؤول العمل واسباب الندم تعود أساسا إلى انتشار البطالة فلا يتمكنون من إيجاد فرص عمل افضل او متساوية، مما ينعكس على صحتهم النفسية ويزيد من مشاعر الندم وتدفعهم بالقبول بعمل اقل من مستواهم.
انهاء علاقة زواج او خطوبة ومشاعر الندم مرهونة بالفشل ببناء علاقة جديدة صحية ومناسبة او بمدى نجاح الطرف الاخرة في حياته الاجتماعية والعملية، او درجة احتياجه غير المقيمة بشكل صحيح، فلا يبقى سوى التحسر والتأسف على الفرصة الضائعة.
الرحيل المفاجئ، لأناس مقربين ولهم مكانة كبيرة في القلب احدثت الخلافات قرار القطيعة الواثق او عدم قضاء وقت معهم واهمالهم، يجعل وخز الضمير والبكاء والندم السلوى بعد ان يخطفهم الموت.
التعامل مع الندم يستوجب تحليل أسباب هذا الندم، ومن اهم اسبابه عدم التقييم الصحيح للحياة والمحيطين والمعرفة الدقيقة بالظرف الذي يمر به وتحليله وعدم التسرع باتخاذ القرارات وادراك النتائج قبل الاقدام على التصرف لتلافي الوقوع فيها، كما يعكس مدى التعلم من التجارب السابقة والقدرة على الاستفادة من اخطاء الاخرين وتجاربهم على سعة التفكير والقدرة على التحكم بالأفعال والقرارات.
ان الاعتراف بالتقصير وتقبله والسماح بمشاعر التندم ووخز الضمير وتحليل وتفسير الاخطاء هي جزء من عملية التعليم والتربية الذاتية بشرط عدم التوقف عندها كثيرا والسماح لها بالسيطرة على التفكير والشعور بالوهن واليأس وتثبيط الهمة.
وبين كل ذلك هناك شمعة الأمل نورها علاج للاوجاع ومرهم لليأس، التي تحول الفشل إلى دروس لتكون حافزا للنجاح في المستقبل، وهي الإيمان ان كل ما يأتي من الله جميل، واحتساب الخطوات والتمهل في ردود الافعال، لحصاد أقصى استفادة ممكنة من القرارات.
اضف تعليق