تعددت النوافذ التي تعرض المرأة من خلالها مشاكلها، واحدة من هذه النوافذ التي غيرت المعادلة لصالحها في بعض الأحيان هي مواقع التواصل الاجتماعي، وفي أحيان أخرى كانت سيف ذو حدين، فقد جاءت نتائجها سلبية بصورة غير متوقعة، فبات ما يحصل على البيوت عرضة امام الجميع...
يوما بعد آخر تضيق بها السبل ويزيد الخناق على المرأة العربية التي لا تجد من ينصفها من الظلم الذي يحيط بها من المجتمع والاسرة على اختلاف افرادها، فقد تتعرض الى الظلم من الاب والاخ والزوج وحتى بيئة العمل هي الأخرى أصبحت غير آمنة لعملها.
ضيق الواقع الحقيقي اجبرها على الهروب بتجاه الواقع الافتراضي، فالكثير منهن وجدن في الشبكات الاجتماعية متنفسا للترويح عن نفوسهن المتعبة، وآلامهن المتراكمة، فغدت المواقع الاجتماعية هي الرفيق الذي ينصت لها ويعرف ما يدور بداخلها.
لا توجد امام المرأة العربية الفسحة وخيارات كثيرة للجوء اليها وتحديثها عن مظلوميتها، فالنظام القضائي القائم في اغلب البلدان العربية لا ينصف المرأة ولا يقف معها في اشد الظروف وأكثرها قساوة، فالأب او من يقوم بدور ولي الامر غالبا ما يكون ذو عقلية مغلقة لا يراعي المتغيرات ولا التطورات التي حصلت بالنظام الاجتماعي بفترات متفاوتة.
فلا تزال السلطة المجتمعية هي المتحكمة في الكثير من القرارات لاسيما ما يتعلق بالمرأة، ولا تعطيها الحق حتى وان كان معها، بدواعي اجتماعية ومبررات هزيلة كسمعة العائلة او سمعة البيت، وغيرها من المصطلحات التي صنعها المجتمع لحماية الذكور من أي محاسبة، وحصر هذه الجرائم في الشأن الخاص لا العام، كي يحرم المرأة من حقها في الدفاع عن نفسها.
الآن ليس كما السابق فقد تعددت النوافذ التي تعرض المرأة من خلالها مشاكلها، واحدة من هذه النوافذ التي غيرت المعادلة لصالحها في بعض الأحيان هي مواقع التواصل الاجتماعي، وفي أحيان أخرى كانت سيف ذو حدين، فقد جاءت نتائجها سلبية بصورة غير متوقعة، فبات ما يحصل على البيوت عرضة امام الجميع.
ساعد عصر التواصل الاجتماعي الجديد على تغير الأمر وأصبحنا نعلم بالوقائع حال وقوعها او بعد ذلك بقليل، فقد كسرت الشبكات الاجتماعية جدران المنازل لتخبرنا ماذا يجري بداخلها من انتهاكات بحق المرأة.
شعور المرأة بقسط من الراحة على مواقع التواصل الاجتماعي حتم علينا ملاحظة العشرات من القصص الغريبة، تشرح ما تتعرض له الفتيات والنساء من تعنيف لا يقبله شرع ولا قانون، حيث ظهرن بتسجيلات مصورة في أغلب الأحيان وهن يطالبن بالدعم، المساندة من قبل منظمات المجتمع المدني او الجهات الدولية، في بعض الحالات لاحظنا تفاعل محلي ودولي مع المناشدات وتحول بعضها الآخر حملات ومبادرات لكسر الصمت.
يتحول الكثير من الافراد الى أعداء حقيقين للمرأة بدلا من الوقوف الى جانبها، وصب اهتمامهم على اتباع خطوات لازمة لمساعدتها واخراجها من واقعها القاسي والاليم، وتوفير واحة خضراء لتعيش فيها بسلام بعيدة عن الضغط الاجتماعي وتوفير الحماية لها وإبعادها عن العوامل التي تهدد حياتها.
فائدة كبيرة تنتظر المرأة جنيها عندما تشرع بنشر حالتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وربما تكون هذه الخطوة مغامرة محفوفة بالمخاطر، ولا تبدو هذه الرحلة الجديدة سهلة لمن يريد ان يخوض عالم مليء بالمصاعب، وهنا قد تذهب الفتاة في مهب الريح نتيجة سخط الاهل المتسببين بتلك المعناة في الاساس، او هنالك من يقف الى جانبها كمنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية.
تظن الفتاة التي افصحت عن همومها وما تتعرض له انها ستضع الأعباء جانبا، وهو في اغلب الأحيان يكون اعتقاد مغلوط، فبعد الايضاح لما تعانيه قد تمر بمرحلة اشد خطورة من التي واجهتها في السابق وبالنتيجة يتخذ الأهل إجراءات وترهيبية، مثل منعها من الخروج من المنزل أو الوصول إلى الإنترنت، كذلك وضع قيود على لقائها بصديقاتها أو منعها من حقها في التعليم لسنوات بدعوى تأديبها.
رأت النساء بصورة عامة ان في الأدوات الرقمية فرصة قوية ومثالية لمعالجة مشاكلهن والحد من ثقافة الصمت التي أضرت الكثيرات ودفعت بعضهن إلى فقدان حياتهن، وهنا تكون مواقع التواصل الاجتماعي قد اضافت حسنة أخرى الى جانب ما تتمتع به من إيجابيات كثيرة يصعب حصرها، كما انها جنبتهن ردات الفعل الهجومية والمدمرة لما تبقى من ايامهن.
اضف تعليق