يعد الاسكان من متطلبات الحياة العصرية، وهي متطلبات لم تتمكن اي دولة من دول العالم من الوصول الى حل قاطع لها، وهو من اكثر المشاكل تفاقماً بسبب الطلب المتزايد عليه من الافراد، والاسكان مشكلة متحركة تتحرك مع التطور الاجتماعي والاقتصادي للشعوب ليس فقط لسد احتياجات المجتمع...
يعد الاسكان من متطلبات الحياة العصرية، وهي متطلبات لم تتمكن اي دولة من دول العالم من الوصول الى حل قاطع لها، وهو من اكثر المشاكل تفاقماً بسبب الطلب المتزايد عليه من الافراد، والاسكان مشكلة متحركة تتحرك مع التطور الاجتماعي والاقتصادي للشعوب ليس فقط لسد احتياجات المجتمع من الوحدات السكنية ولكن لمواجهة متطلباته المعيشية المتغيرة، والاسكان تتكامل فيه الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والفنية والعمرانية والقانونية والادارية والتخطيطية واي قصور في جانب منها يؤدي الى خلل في خطط وبرامج الاسكان، يتمتع سوق الاسكان بتأثير جوهري وقوي جداً على النظام الاقتصادي في صورته الاوسع وقد ظلت حالات الازدهار والتخلف في سوق الاسكان ترتبط بحلات التوسع والركود في النظام الاقتصادي ككل في مناسبات وظروف عديدة في الماضي، وفي الفترة الاخيرة ادى التدهور في سوق الاسكان بالولايات المتحدة للفترة من 2006 ومابعدها الى ازمة الرهن العقاري التي استمرت حتى تطورت وشكلت اكبر انهيار مالي في جيل كامل.
انواع العقارات
قبل ان نخوض في تفاصيل عمل سوق الاسكان، سوف نبين بعض الحقائق الاساسية عن الملكية الخاصة، او العقارات الثابتة كما يطلق عليها في بعض الاحيان، حيث نستطيع ان نقسم السوق الى نوعين رئيسيين:
النوع الاول: العقارات التجارية، وهي التي يحتاجها التجار او المنتجون بصفتها القاعدة او الاساس لبيع او انتاج السلع والخدمات، امثلة على ذلك (الوحدات الصناعية او المكاتب التي تقع في مركز واحد).
النوع الثاني: سوق العقارات السكنية، وهذه عبارة عن مبان ومنازل نراها دائماً مايعلن عنها للبيع او للايجار في مكاتب وكلاء او سماسرة العقارات او على مواقعهم الشبكية، ويمكن ان تكون عقارات مملوكة حيث يمتلك صاحب العقار الارض التي بني عليها العقار، او للايجار حيث يستأجر صاحب العقار الارض التي بني عليها العقار.
بالنسبة للعقارات التجارية يمكن شراء العقارات السكنية اما مباشرةً او من خلال قرض او رهن عقاري، يستطيع مالك العقار ان يعيش في نفس العقار(ويسمى ذلك"اشغال المالك")، او بدلاً من ذلك يتحول المالك الى صاحب عقار يقوم بتأجير عقاره لأحد المستأجرين، لا يحتاج اصحاب العقارات (مؤجروا العقارات) لأن يعملوا كأفراد مالكين فقط، فالمستأجرون يستأجرون منازلهم من شركاتهم الخاصة او احياناً من القطاع العام، وسواء كان المنزل يقنطهُ المالك نفسه او يستأجره شخص آخر فأنه يسمى "حيازة الملكية".
سوف نستعرض في هذا الموضوع سوق العقارات التي يقنطها المالك خاصةً لان التقلبات الكبرى التي شهدتها اسعار المنازل في الماضي كان لها تأثير قوي في اداء النظام الاقتصادي ككل.
هنالك العديد من الاسواق الفرعية بالنسبة لسكن المالك على سبيل المثال يختلف نوع الذين يطلبون تملك العقارات من دولة اخرى عن الذين يطلبون شقق في احد المباني الفرعية داخل المدينة.
يعتبر الاسكان احد الاصول الثابته كالنقد سواء بسواء، ففي حين انه لايمثل سيولة مثل النقد (اي انه اكثر صعوبة في تحويله الى وسيلة للمقايضة والتبادل) الا انه عبارة "مخزن قيمة" ويمكن استغلاله كمشروع استثماري، من الان فصاعداً سوف نشير الى اسعار المنازل بأصطلاح سعر العقارات السكنية بوجه عام، وهو اصطلاح يغطي ويشمل كل انواع السكن الذي يقنطه المالك (حتى الشقق والمنازل).
كيف نحسب اسعار الاسكان
في النظم الاقتصادية المتطورة هناك اهتمام كبير بأسعار المنازل، فهذا الموضوع هو حديث اية محاورات تتم على موائد العشاء، فكل فرد يبدو له رأياً حول كيفية احتمال او عدم احتمال تحرك اسعار السكن في المستقبل، وفي بعض الدول يبدو الاهتمام في هذا الموضوع اكثر منه في دول اخرى، نأخذ مثال على ذلك بريطانيا ان فيها احصائية مدهشة تقول انه في المتوسط يتم نشر اثنين من معايير اسعار المنازل كل اسبوع خلال العام، لهذه الدرجة يركز الناس اهتمامهم على طريقة تغير سعر اصولهم الثابتة التي تعد ذات قيمه عالية بالنسبة لهم وهي العقارات التي يمتلكونها.
عادة ماتنشر اسعار السكن شهرياً، احياناً في صورة القيمة التي تتمع بها (مثلاً متوسط سعر المنزل بالجنيه الاسترليني بالمملكة المتحدة،او بالدولار بأمريكا، او ياليورو بقارة اوربا) واحياناً في صورة مؤشرات (حيث توضع الاسعار بمستوى 100 في وقت معين من العام).
عادةً ما يتم العمل على تعديل اسعار المنازل حسب التقلبات التي تحدث بمرور الوقت خلال العام، بعد كل ذلك لايجب ان نخطىء في تفسير هبوط الاسعار اثناء شهر معين ونتخذه كهبوط اساسي او ثابت في اسعار العقارات فعلى سبيل المثال، قد ترتفع اسعار المنازل كثيراً في النصف الاول من العام، وغالباً ما يهبط في النصف الثاني من نفس العام ولهذا السبب فمن الاهمية عمل بعض التعديلات الموسمية لتيسير وتبسيط تلك التباينات التي قد تحدث شهرياً.
هناك طريقتان لحساب اسعار المنازل تبعاً لنوع المنزل الذي يتم شرائه او بيعه خلال كل فترة والطريقة الاولى تتم بأستخدام عملية تعديل احصائي يطلق عليها عملية "التعديل المختلط" نقوم فيها بتعديل السعر حسب حجم المنزل بألاضافة الى العوامل الاخرى مثل الموقع الذي يوجد فيه المنزل والمرافق الملحة به، والطرقة الثانية هي ان نتأكد من فصل او عزل التغيرات الاساسية فقط في اسعار المنازل وذلك بمراجعة نفس المنزل في كل مره يعرض فيها للبيع، وهذا مايسمى اسلوب"المبيعات المتكررة" لكن مايجعل هذا الاسلوب في غاية الصعوبة هو ان نفس المنزل غالباً ما لا يعرض مره اخرى للبيع، تلك هي الطريقة الاكثر شهرة لحساب اسعار المنازل في امريكا وهي ما يطلق عليها ايضاً مؤشر كيس شيلر نسبةً الى مبتكري هذا المؤشر وهما كارل كيس وربورت شيلر.
ما الذي يحدد اسعار الاسكان؟
تتحدد اسعار السكن عموماً بتفاعل كل من الطلب على السكن وعرضه، عندما يرتفع الطلب يعرف البائعون انهم سيتطيعون ان يحصلوا على افضل الاسعار بالنسبة للعقار الذي يملكونه وسيعملون على التمسك بعقارهم حتى يظهر لهم المشتري الذي يبدو ان لديه الاستعداد لان يدفع اكثر، بالمثل عندما يتوفر الكثير من العقارات الجديدة في السوق فسوف يجدون صعوبة في ايجاد مشترين لكل تلك العقارات، ولذلك فلابد من عرض خصومات من اجل اغراء المشترين المنشودين حتى يمكن ان "يفارقوا" امولهم.
انواع العوامل التي تؤثر على طلب المنازل:
1. اسعار الرهن العقاري: معظم الناس يحتاجون الى قرض رهن عقاري، وكلما ازدات تكلفة اقتراض تلك الاموال كلما قل احتمال ورود المشترين المحتملين.
2. توافر الائتمان: ليس مجرد تكلفة اقتراض الاموال هي التي تعبير في غاية الاهمية، لكن توافر القروض له نفس الاهمية ايضاً فأذا قلت النقود لدى البنوك، ووجدت البنوك صعوبة في ان توفر القروض اذاً فسيحد ذلك بدوره من الطلب على شراء المنازل.
3. دخل الاشخاص والعوائل: يعتبر المنزل او الشقة هو اكبر شيء يمكن شرائه في حياة كل فرد وكل اسرة، ويعتبر حجم المنزل الذي يمكن للفرد او للاسرة شرائه على ما يكسبونه الان وفي المستقبل.
4. الخصائص السكانية: يمثل النمو السكاني والتغيرات التي تطرأ على التركيبة السكانية خاصةً عدد الذين يندرجون تحت الفئة العمرية التي تمتلك القدرة على شراء المنزل اهمية في التأثير على الطلب الاجمالي للعقارات في النظام الاقتصادي.
5. الامال والثقة: قد لايشعر الفرد بالميل نحو شراء منزل عندما يظن ان الاسعار ستنخفض بالمستقبل، ولكن قد يشعر بميل اكبر نحو الشراء ان ظن ان الاسعار سترتفع، لهذا السبب فأن دوائر التقلبات في مجال الاسكان غالباً تدعم بذاتها.
6. النظام الضريبي: تشجع بعض النطم الضريبية عملية شراء المنازل وقد لايشجع البعض الاخر على الشراء، كأستثمار حيث ان المنازل التي تباع للمرة الثانية عادةً ما تجتذب ضريبة ارباح رأس المال عندما تباع.
7. العملة: اذا كانت العملة ضعيفة فربما تشجع المشترين من الخارج على دخول السوق حيث انها تجعل اسعار السكن في تلك الدولة اكثر انخفاضاً.
8. معدل التضخم: قد يكون لمعدل تضخم الاسعار العامة اثر هام على طلب الاسكان، لايتجه التضخم المرتفع نحو رفع اسعار الفائدة فقط، بل انه ايضاً يرفع خلال السنوات الاولى من القرض العقاري المبلغ الذي يفترض ان يسدده مشتري العقار نسبةً الى دخله.
الاقتصاد القياسي
عالم اقتصاد بريطاني متخصص في استخدام الجدول الاحصائية وعلم الاحصاء بوصف وشرح العلاقات الاقتصادية (فرع في علم الاقتصاد يسمى الاقتصاد القياسي)، كان اول من استخدم هذا الاسلوب لشرح كيف يتفاعل كل من العرض والطلب في سوق الاسكان لتحديد اسعار المنازل.
يلعب الاقتصاد القياسي دوراً هاماً في حياة خبراء الاقتصاد، فهو يسمح لنا بالقياس الكمي للعلاقة بين احد المتغيرات الاقتصادية والمتغيرات الاخرى، على سبيل المثال تخيل اننا اردنا ان نبرهن على اثر دخل كل اسرة مقابل اسعار الفائدة على اسعار المساكن، نستطيع ان نقوم بتلك المهمة بأستخدام احد اساليب الاقتصاد القياسي وهو اسلوب يطلق عليه "تحليل الانحدار" يمكن ان يخبرنا بمدى قوة العلاقات وكم يمكن ان نعتمد على الدخل واسعار الفائدة (في هذه الحالة للتنبؤ بأسعار الاسكان في المستقبل).
يتضح مما تقدم ان اسعار السكن تتحدد مثل اسعاِر الخدمات والسلع اليومية بتفاعل العرض والطلب، هناك اكثر من طريقة لتحديد ما اذا كانت اسعار السكن يمكن تحملها، لكن الاسعار يمكن في الغالب ان تتحرك بعيداً عن تلك المقاييس الخاصة بالقيمة العادلة، يمكن ان يكون لأسعار المنازل تأثير خطير ومربك على النظام الاقتصادي في كل من حالة الازدهار وحالة الركود.
اضف تعليق