هل سألت نفسك يوماً وأنت تطالع النشرة الأقتصادية اليومية عن ماذا يعني حصول إنخفاض في أسعار سهم شركة معينة او حصول أرتفاع او إنخفاض في سعر صرف عملة معينة تجاه باقي العملات، وماذا يعني ارتفاع او إنخفاض مستوى التضخم او سعر الفائدة، يشكل الوعي جانب مهم ورئيسي من الثقافة، او هو القاعدة التي تستند اليها أي ثقافة وأي كان نوعها ومسارها، فالوعي هو مدى الالمام بالشيء الذي تحتويه ثقافة معينة، ويشمل ايضاً السلوك التطبيقي لهذه الثقافة، اي ان الوعي هو الممارسة الفعلية لأي نوع من الثقافة، وبالتالي بناء ثقافة معينة، يحتاج في بادىء الأمر الى بناء وعي او تشكيل وعي معين وفقاً لمعايير محددة، تستند الى أهداف وغايات معينة قد يكون أهمها هو رفع مستوى الادراك البشري للفرد من أجل ضمان تحقيق تعامل وسلوك وتفاعل إيجابي مع جميع المتغيرات المحيطة بالفرد، وعليه ومن أجل تحقيق ثقافة إقتصادية رصينة او إيجابية على الأقل، نرى ضرورة البدء في إيجاد او خلق وعي إقتصادي للأفراد.
لماذا الوعي الاقتصادي مهم
قد يُثار الى ذهن البعض هو لماذا التركيز على ضرورة وجود وعي إقتصادي لدى أفراد المجتمع؟ وجواباً على ذلك، يكمن في أهمية علم الأقتصاد بالنسبة للفرد والدولة، فجزء كبير من نشاطنا اليومي هو إقتصادي بحت، فعمليات البيع والشراء وإبرام العقود والاتفاقيات والمضاربة والمتاجرة، والحصول على القروض والقيام بالأستثمارات وعمل المشاريع الاقتصادية وأختيار السلع للأستهلاك او ماشابه، كله يحتاج الى معلومات من أجل إنجاز كل هذه الأشياء، وعليه من الضروري ونحن نقوم بعملية بيع او شراء معينة، أن نعلم شيء ما عن مستوى التضخم وسعرف صرف العملة المحلية وهل سيحدث أي تغيير قريب على هذه المستويات، حتى فيما يتعلق بالحصول على القروض او منح القروض، فأنه من الضروري معرفة مقدار الفائدة على هذه القروض وهل هي تصاعدية ام نسبية وكيف يتم حسابها واستقطاعها، مالفرق ما بين الودائع الثابتة والودائع الجارية والودائع الادخارية ..الخ، ومالذي يمكن أن تتركه هذه المتغيرات من أثار عليك وعلى مستوى دخلك الشخصي وإنفاقك واستهلاكك الخاص.
اذ ان كل مايحصل هو مرتبط بالنشاط الاقتصادي وبالتالي بحياتنا وفعالياتنا اليومية، وهذا يعتمد على مدى توفر المعلومات وسهولة الحصول عليها، الا انه في ظل عدم المعرفة بهذه المعلومات والبيانات، فأن وجودها هو من عدمها بالنسبة للمتعامل بها او المتلقي لها، وبالتالي تسعى المجتمعات الى تحديث معلوماتها الخاصة بالاقتصاد أولاً بأول، إدراكاً منها بأهمية هذه المعلومات على نشاطهم الأقتصادي.
كيفية بناء الوعي الاقتصادي
تتطلب عملية بناء او تشكيل الوعي الأقتصادي لأفراد المجتمع، هو وجود آلية تواصل او خلق جسر من التواصل بين المؤسسات الاقتصادية والبحثية مع أفراد المجتمع، وذلك عبر مختلف الآليات والطرق الخاصة بذلك، وأهم نقطة في هذا المجال يتم التركيز عليها، هي الشفافية، اي أن تكون المعلومة متاحة للجميع وأن تكون دقيقة وصحيحة، فهذا يساعد على بناء الثقة بين الفرد والدولة في مايتعلق والتعامل مع القرارات المتخذة من قبل الحكومة وأجهزتها الأقتصادية كوزارة المالية والبنك المركزي والمصارف الحكومية والخاصة والأسواق سواء كانت المالية منها او تلك التي تعرض السلع والخدمات المادية، هذا من جانب، ومن جانب أخر فأنه من الضروري التركيز على مسألة دراسة الاقتصاد في مراحل مبكرة من الدراسة، والتأكيد على أهمية الاقتصاد ودوره في الحياة والفرد.
وعلى هذا الأساس لانستغرب ظهور نظرية إقتصادية، تدعى بنظرية التوقعات العقلانية او التوقعات الرشيدة، والتي تقوم فكرتها من على أساس أنه في ظل توفر المعلومات الاقتصادية لأفراد المجتمع، فأن أي قرار تتخذه الجهات المسؤولة لن يولد ردود فعل او نتائج كبيرة بسبب علم أفراد المجتمع بأثار هذه القرار مُسبقاً، وبالتالي سيعدل الأفراد قرارتهم وفقاً لهذا القرار وتبعاته الاقتصادية، والعكس في حال عدم معرفة الأفراد بطبيعة مايجري في الاقتصاد او حركته وحركة المتغيرات الداخلة فيه والمكونه له، اذ ستكون ردود الأفعال والنتائج كبيرة، ومثال على ذلك فرض ضريبة اعلى او تخفيضها او فرض ضريبة جديدة، او رفع أسعار الفائدة على القروض، وبالتالي فأنه من مصلحة الدولة أن تسعى الى خلق وعي إقتصادي إجتماعي لأفراد المجتمع خاصة في حالة الأزمات والتقلبات، كما يجب على الأفراد ان يسعوا الى تحديث وتطوير معلوماتهم ووعيهم الاقتصادي تحسباً لأي طارىء او اي تغير ممكن أن يؤثر على قرارتهم المستقبلية بشأن الأنفاق والاستهلاك والادخار وحتى الاستثمار.
اضف تعليق