اربعة عقود من الزواج, بريطانيا تطلّق الاتحاد الاوربي طلاقا لا رجعة فيه لتجعل المفسرين والمنجمين والجميع امام مخاوف وشكوك وحذر لساسة وشعوب القارة الصفراء ,اسئلة كثيرة تبحث عن اجابات قابلة لاحتمالات عديدة فالقادم للاتحاد الاوربي لا يمكن ان يكون مثالي كما لا يمكن تجاهل دول الاتحاد مخاوفهم من دعوة بعض الدول لاتباع نفس منهج بريطانيا والخروج من هذا التحالف والذي بكل تاكيد سوف لن يكون انفصال دول اخرى بالشيء الهين فدول الاتحاد الاوربي لايمكن ان تمرر هذا الطلاق البريطاني من دون عقوبات اقتصادية وسياسية وربما عزل اوربي لها من اجل ايصال رسالتها لكل من يحاول العبث مع التحالف الاصفر الذي يعد دعامة للامن الاوربي دولا وشعوبا.
(لا) كلمة هارب من حقيقة يخاف ان يعترف بها رئيس المفوضية الاوربية جان كلود بونكر حين حوصر بسؤال استفزازي من قبل الصحفيين والاعلاميين مفاده (هل هذه بداية النهاية للتكتل الاوربي ) هكذا تطايرت المخاوف بلاتوقف امام مقر المفوضية الاوربية في بروكسل
باختصار شديد، إنها عملية طلاق بكل ما تعنيه من متاعب ومشقة. إذا كان بالإمكان التطلع لطلاق مسالم، في حالة الزيجات المثالية، فأمر أوروبا وبريطانيا يجعل ذلك أملاً لا رجاء منه. عملية الانفصال تنظمها المعاهدة الأوروبية في مادة مفصلة، تتضمن كل تفاصيل تصفية الإرث المشترك، من مصالح وأدوات تعايش وإدارة وصولاً إلى تصفية الموظفين الأوروبيين من بريطانيا.
واذا كان هناك ترقب وحذر مما سينتج عن خروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي في اوروبا على المستوى الاقتصادي والسياسي الا اننا كعرب لابد لنا من ان نتسائل عما اذا كان من الممكن ان تتاثر المنطقة العربية بهذه العاصفة التي احدثتها بريطانيا على المشهد السياسي والاقتصادي بعد ان انتهى الاستفتاء الشعبي البريطاني فجر الجمعة حيث خرجت النتائج بالتصويت على غير ماتمناه رئيس الوزراء البريطاني فقرار الشعب كان قرار يقضي بخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الاوربي وهذا يمكن ان يشكل صدمة بسبب التداعيات التي يمكن ان تصل الى العالم العربي وعلى وجه الخصوص الخليج العربي .
ان النتائج المتوقعة والسيناريو الاقتصادي العالمي هو ان نتائج الاستفتاء ستدخل بريطانيا في حالة ركود اقتصادي بسبب الانفصال عن الاتحاد الاوربي وهذا بكل تاكيد سيؤدي الى انعكاسات على الاقتصاد العالمي .وهذا ما اكدته اسعار النفط التي هبطت وبعد ساعات من الاستفتاء البريطاني بنسبة 6%وهذا ان استمر فسوف يؤدي الى تراجع ايرادات دول الخليج العربي النفطية.
لقد ادلى الكثير من المختصين بالاقتصاد بدلوهم حيث اكد البعض "إن الهزة التي تعرضت لها أوروبا وبريطانيا الجمعة بسبب الاستفتاء البريطاني العام يتوقع أن تنعكس سلباً على تداولات أسواق الأسهم العربية والخليجية خلال الأيام المقبلة، وهو ما يعني أن الخسائر التي مني بها الأوروبيون سوف تزحف نحو المنطقة العربية، كما حصل عندما انهار بنك ليمان براذرز في أواخر العام 2008 وأدى ذلك إلى أزمة اقتصادية عالمية استمرت لسنوات.
وبحسب بيانات صادرة عن هيئة التجارة والاستثمار البريطانية "فإن التبادل التجاري بين بريطانيا والعالم العربي يُعتبر كبيراً ومهماً للطرفين، حيث تزيد قيمة الصادرات البريطانية إلى المنطقة العربية عن 18 مليار جنيه إسترليني، فيما تبلغ قيمة الواردات نحو 17.9 مليار جنيه إسترليني، وهو الأمر الذي يعني بأن بريطانيا تمثل سوقا مهمة للمنتجات العربية، ودخولها في ركود اقتصادي يعني انخفاض الطلب على البضائع العربية.
وبحسب البيانات الرسمية فإن قيمة التجارة البينية بين بريطانيا والعالم العربي تبلغ 36.03 مليار جنيه سنوياً، وهذه الإحصائية لا تشمل الخدمات التجارية الاُخرى غير البضائع.
وفور الإعلان عن نتائج الاستفتاء في بريطانيا هوت أسعار النفط بأكثر من 6% مسجلة انتكاسة كبيرة خوفاً من دخول المنطقة الأوروبية برمتها في حالة من الركود، وهو الأمر الذي إذا استمر فسوف يؤدي إلى تراجع إيرادات النفط بالنسبة للدول الخليجية، بعد أن كانت قد تعافت من المستويات المتدنية التي وصلت إليها بدايات العام الحالي.
وخلافا للخسائر الاقتصادية التي سيتكبدها العرب فإن العديد من المراقبين يؤكدون بأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سوف يُعطي دفعة قوية لليمين في البلاد وفي دول أوروبا عموماً، وهو ما سيؤدي إلى تراجع المؤيدين للحقوق العربية في أوروبا.
اضف تعليق