q

بعد مضي اكثر من ثلاثة عشر عاما على سقوط نظام المقبور صدام, وعلى الرغم من مرور هذه الفترة الزمنية الكبيرة من عمر العراق وشعبه والتي كان من المفروض ان تكون كفيلة بإعادة بناء العراق واعماره على المستويات كافة، وعلى الرغم من محاولات الشعب ومساندته لكل الشخصيات السياسية والحكومية وتحمل الكثير من فسادهم واخفاقهم.

لكن مع شديد الاسف يعود العراق وشعبه اليوم الى المربع الاول، هذا المصطلح "البعبعي" الذي طالما لوح به الساسة واخافوا الشعب منه في الازمات، متناسين ان المربع الاول اي الايام الاولى للاحتلال وما رافقه من فوضى, بات اليوم يمثل ايام امن وامان افضل مما عليه البلد، كما انه مربع كان فيه الشعب اكثر حب وتماسكا لأنه مربع سبق الطائفية التي راهن عليها المرضى من الساسة وادخلوها خلسة تحت جنح الظلام للعراق وشعبه.

لقد شهد العراق مؤخرا نسفا للعملية السياسية، وموتا سريريا للجانب الامني في ظل غياب للحكومة والبرلمان معا، فمنذ اعتصامات الجمعة وحتى يومنا هذا مرورا بدخول المتظاهرين لبناية مجلس النواب والعراق لا يمر عليه يوما من دون ان تشهد العاصمة بغداد وبعض من المحافظات العراقية سلسلة من الانفجارات المفردة والمزدوجة ولأكثر من منطقة سكنية مزدحمة بل باتت العمليات الارهابية هي اعمال نوعية من حيث تحيد واستمكان المناطق الحيوية والمختارة بشكل دقيق ومدروس، هذه الانفجارات التي حصدت الكثير من الارواح والتي كان ضحيتها الفقراء من الكسبة واصحاب المحلات المتوسطة والضعيفة الدخل، تلك الانفجارات كانت موضوع دسما حيث وضعت على طاولة التشريح وراح البعض يبحث عن غايته في اتهام الجهات التي تقف ورائها لغايات سياسية، فأطماع الساسة تبيح لهم الرقص على ايقاع الدم والموت.

ان الاخطر في تداعيات الوضع الامني هو غياب سلطة القانون وغياب سلطة من يمثل الجانب الامني المسؤول عن توفير الامن للمواطن والحفاظ على حياته, فلم يعد له دور يذكر لرجل الشرطة والاستخبارات والامن والصنوف الاخرى من القوة الامنية وذلك بسبب اخفاقهم جميعا في حماية المواطن مما سبب في ايجاد مبرر للفصائل المسلحة والتابعة للأحزاب والتيارات السياسية من نشر عناصرها في بعض من مناطق وشوارع العاصمة بغداد، والاخطر في ذلك حين تقسم محافظات العراق ومناطق المحافظة الواحدة على اساس الولاءات المذهبية والسياسية، ويتضح هذا جليا اليوم في العاصمة بغداد، فقد اعتبر التيار الصدري ان استهداف مدينة الصدر هو استهداف للتيار الصدري وللسيد الصدر على وجه التحديد، وتلك الانفجارات التي راح ضحيتها العشرات من اهلنا في مدينة الصدر انما هي ردود افعال بل رسالة للصدر واتباعه نتيجة اعتصامه ودخول المتظاهرين للمنطقة الغبراء وهروب اغلب نواب البرلمان العراقي، ونتيجة لإخفاق الحكومة العراقية وقيادة عمليات بغداد بحماية هذه المدينة, لذا انتشر عناصر سرايا السلام (الجناح المسلح للتيار الصدري) في شوارع مدينة الصدر لتكون البديل عن القوات الامنية في هذه المنطقة المنكوبة..!

هنا اود ان اسال: من افضل؟؟ حال اليوم ام المربع الاول الذي لوح به الساسة؟!، وكيف ستقسم الاحزاب السياسية مناطق العراق والعاصمة على وجه التحديد؟، هل على اساس المذهب، مع علمنا ان اصحاب المذهب الواحد قد انقسموا على انفسهم فكل يغني على ليلاه؟، هل سيوزع العراق بسبب الظروف الامنية على اساس الولاء للحزب؟، على اساس القومية؟، ام على اساس المناطق الاكثر اصواتا في الانتخابات؟، "وليموت من يموت", ولتقطع الاوصال وتتمزق الاجساد واي غد ينتظرنا..!

حصة من (الاعظمية، الكاظمية، الشعب، كرخ، رصافة، ديالى، كربلاء، بابل، نجف، ديوانية، سماوة، عمارة، ناصرية، بصرة، عمر لمن وعلي لمن ومحمد مع من، وفاطمة وسمية وبشرى) حصة من.. حصة من؟؟.

لكن الاخطر في كل هذا ان تتحول بعض من الفصائل المسلحة والتي شكلتها الاحزاب السياسية على اعتبارها جزء من الحشد الشعبي وتسلحت تحت ظل الفتوى واخذت شرعيتها من دخول داعش وبحجج حماية العراق ارضا وشعبا، الخوف كل الخوف ان تكون اداة لأحزابها، فيتحول الشارع العراقي الى ساحة نزاعات وخلافات سياسية والخاسر هو العراق وشعبه، عندها نقول ليتنا كنا نراوح عند منطقة المربع الاول.. ليتنا.!!!.

...............................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق