ادارة ترامب لم تكتفي بكل ذلك بل انها اليوم تشن حملة شعواء ضد شركات المحاماة التي تتحدى اوامر ترامب وترفع دعاوى ضدها فتمنع محاميها من دخول المحاكم او تمنعهم من الوصول الى البيانات الحكومية السرية لعرقلة اداء عملهم. وقد رضخ بعض هذه الشركات لضغوط ادارة ترامب...

منذ بدء ولاية ترامب الثانية قبل اقل بقليل من 3 اشهر, رفعت 192 دعوى قضائية تتحدى اوامر وقرارات ترامب في مختلف المجالات، كثير من هذه الدعاوى انتهت بقرارات للمحاكم الامريكية المختلفة تنقض قرارات ترامب، ما حدث في كثير من هذه الحالات ان ترامب وادارته تتحدى قرارات المحاكم او تحاول الالتفاف عليها او تتجاهلها وتتباهى بذلك علنا احيانا! قرارات المحاكم الامريكية ملزمة عمليا لان من لا يلتزم بها ينتهي الى السجن .

هذه العقوبات لا تشمل ترامب لان المحكمة العليا قررت ان الرئيس الامريكي يتمتع بحصانة مطلقة او شبه مطلقة وبالتالي لا تستطيع المحاكم الامريكية سجن الرئيس لانه لا يلتزم بقراراتها، كما ان الرئيس لا يمكن عزله الا باغلبية مطلقة في مجلس الشيوخ وهو ما لا يمكن تحقيقه الان.

اما موظفي ادارة ترامب الذين قد ينتهي الامر بهم الى السجن بسبب تحديهم لقرارات المحاكم, فيستطيع ترامب العفو عنهم حيث يمتلك الرئيس سلطة عفو مطلقة فيما يخص الجرائم الفدرالية!

مثال على ذلك: امرت محكمة امريكية باعادة مهاجر سلفادوري مقيم في ولاية ميريلاند رحل الى سجن في السلفادور بناء على خطأ اداري باعتباره عضو في عصابة - وهو ليس عضوا فيها - لكن اركان ادارة ترامب بما فيهم ترامب ووزيرة عدله قالوا يوم امس انهم لن يفعلوا ذلك وبحضور رئيس السلفادور نفسه في البيت الابيض!

مثال ثان: امر ترامب وزيرة عدله بتعليق قضية عمدة نيويورك المتهم بالفساد لان هذا العمدة يتعاون مع ترامب في مجال الهجرة! مثال اخر: امر ترامب بتعليق اتفيذ قانون يمنع الشركات الامريكية من رشوة مسؤولي الدول الاجنبية للحصول على العقود. مثال رابع: طرد ترامب اغلب المفتشين العموميين من الوزارات والوكالات الامريكية المختلفة.

مثال خامس: تم الغاء تأشيرات 752 طالب اجنبي - او متخرج حديثا - يدرس بشكل قانوني في الولايات المتحدة بسبب مشاركتهم في احتجاجات الجامعات ضد حرب اسرائيل في غزة. مثال اخر: امرت محكمة امريكية ادارة ترامب بايقاف ترحيل بعض المهاجرين لكن ادارة ترامب رحلتهم مع ذلك !

علاوة على كل هذا, ترامب يريد الان نقل من يعتبره مجرما عنيفا من الامريكيين الى السلفادور ايضا! سيادة سلطة القانون اهم اركان الديموقراطية وبدونها لا تتحقق. النتيجة هي ان دولة وحكم وسلطة القانون انتهت عمليا في الولايات المتحدة الان! 

القانون هو ما يريده ترامب. 

من امثلة الواقع الامريكي الجديد هو ان كثير من المحامين الامريكيين ينصحون كل اجنبي مقيم في الولايات المتحدة بشكل قانوني بتجنب السفر لان وضعه القانوني معرض للنقض وبالتالي للترحيل. بل ان يعضهم نصح الامريكيين المتجنسين نفس النصيحة!

من جهة ثانية نصح كثير من المحامين ايضا كل امريكي لاتيني او متجنس ويحمل اسما غير غربي او لكنة ان يحمل معه جواز سفره دائما لتجنب اي مشاكل غير متوقعة مع موظفي الهجرة الذين يشنون مداهمات في كل مكان بحثا عن المهاجرين غير الشرعيين واحيانا الشرعيين ايضا!

ادارة ترامب لم تكتفي بكل ذلك بل انها اليوم تشن حملة شعواء ضد شركات المحاماة التي تتحدى اوامر ترامب وترفع دعاوى ضدها فتمنع محاميها من دخول المحاكم او تمنعهم من الوصول الى البيانات الحكومية السرية لعرقلة اداء عملهم. وقد رضخ بعض هذه الشركات لضغوط ادارة ترامب.

للانصاف ان الديموقراطيين حذروا خلال الحملة الانتخابية من ان ترامب يشكل خطرا على الديموقراطية لكن الكثيرين - ومنهم انا - ظنوا ان هذا مبالغة وكانوا مخطئين.

لكن ولكي تكتمل الصورة فان الرئيس بايدن عفا ايضا عن ابنه المدان بجرائم حيازة الاسلحة والكذب بشأن تعاطيه للمخدرات... 

المحصلة: لقد انتهت دولة القانون وتحولت الولايات المتحدة ولمدة 4 سنوات مقبلة الى دولة فاشية من دول العالم الثالث!

ما يخفف من وطأة الامر هو ان الولايات المتحدة ليست حقيقة دولة اعتيادية. هي في الواقع اتحاد مهلهل بين 50 ولاية كل منها اشبه بالدولة ولها دستورها وحاكمها وكونغرسها ولهذا فاغلب سكان الولايات المتحدة لا يتعاملون الا قليلا مع الحكومة الاتحادية واغلب تعاملاتهم تكون طوال حياتهم مع حكومة الولاية والمدينة وهذه احدى ايجابيات النظام الفدرالي. 

هذه نتيجة السياسات الداخلية الامريكية المتطرفة التي استندت على كره الطرف الاخر. كره الديموقراطيين للجمهوريين ادى لترشيح هيلاري كلينتون وكره الجمهوريين للديموقراطيين ادى لترشيح ترامب 3 مرات!

اضف تعليق