في الملف الاقتصادي, فشل ترامب في انهاء التضخم او في اعادة الاسعار الى ما كانت عليه قبل التضخم. كما ادت فوضى التعريفات الى خسائر هائلة في اسواق البورصة وفي قيمة الدولار وسندات الخزانة وهو ما اجبر ترامب على تعليق اغلب الرسوم التي فرضها باستثناء التعريفات على سلع الصين...
يمكن اجمال ال 100 يوم الاولى لولاية ترامب الثانية بانها كانت اكثر اثارة ودرامية مما تصورها اغلب المراقبين لكنها عموما فشلت في تحقيق اهداف ترامب - باستثناء ملف الهجرة - وادت لانقلاب غالبية الاميركيين عليه.
في ملف الهجرة انخفض عدد من يعتقل على الحدود الجنوبية الى حوالي 7000 في شهر اذار الماضي وهو ادنى عدد منذ عام 2000. اما حالات ترحيل او طرد الاجانب من الولايات المتحدة فقد بلغت 139 الف وهو رقم اقل بكثير مما كان متوقعا.
رغم هذا (النجاح) المحدود, فقد غطت قضية ترحيل مهاجر سلفادوري مقيم في ولاية ميريلاند الى السلفادور على هذا الملف واصبحت مصدر ازعاج مستمر لادارة ترامب خصوصا مع القضاء الذي طالب ويطالب باعادته في حين يتجاهل ترامب اوامر المحاكم والقضاة (رفعت 210 قضايا تطعن في قرارات ترامب حتى الان).
من جهة ثانية انهى ترامب برامج اللجوء الامريكي ورحل بعض ممن يقيمون بشكل شرعي كما الغيت تأشيرات ما لايقل عن 1000 طالب اجنبي - من اصل مليون - بسبب مشاركتهم في احتجاجات غزة ومنع بعض الاجانب من دخول الولايات المتحدة بسبب ما نشروه في مواقع التواصل اما عن ترامب نفسه او اسرائيل مما ادى في النهاية الى انخفاض في عدد من يزور الولايات المتحدة.
في الملف الاقتصادي, فشل ترامب في انهاء التضخم او في اعادة الاسعار الى ما كانت عليه قبل التضخم. كما ادت فوضى التعريفات الى خسائر هائلة في اسواق البورصة وفي قيمة الدولار وسندات الخزانة وهو ما اجبر ترامب على تعليق اغلب الرسوم التي فرضها باستثناء التعريفات على سلع الصين.
لم تتحقق الى حد الان اي اتفاقية تجارية مع اي من شركاء الولايات المتحدة التجاريين وتهدد الرسوم الاقتصاد الامريكي بزيادة التضخم وتباطؤ النمو او بكساد جديد.
في ملف اعادة هيكلة الحكومة وتقليل انفاقها وحجمها تم فصل او استقال ما يقارب ال 135 الف موظفي حكومي فدرالي بالاضافة الى عدد مشابه وضع في اجازة اجبارية.
تزعم ادارة الجودة الحكومية انها وفرت حوالي 160 مليار دولار لكن ما نشرته سابقا اكد ان ارقامها خاطئة او كاذبة ولا قيمة لها حيث نشرت ارقام عن برامج لا علاقة للجودة في خفضها او وضعت اصفار لزيادة الارقام او تكررت الارقام لنفس المواد.
ايلون ماسك نفسه عانى من اكبر خسائر في شركاته وعلى راسها تسلا التي خسرت ما لايقل عن 800 مليار دولار من قيمتها السوقية في حين خسر ماسك نفسه ما لايقل غن 130 مليار دولار من ثروته بسبب غضب الامريكيين وغير الامريكيين من مشاركته في ادارة ترامب مما ترجم ذلك الى انخفاض في شراءهم لمنتجات شركاته. ولهذا قلل ماسك من الوقت الذي يقضيه مع ترامب وسيغادر منصبه قريبا في محاولة لتحسن وضع شركاته.
في ميدان السياسة الخارجية فشل ترامب في انهاء حربي اوكرانيا وغزة ولم توقع اتفاقية المعادن الاوكرانية ولا قبل بوتين ولا زيلينسكي بخطة ترامب للسلام وادت مشادة ترامب مع زيلينسكي في البيت الابيض الى احراج ترامب اكثر من زيلينسكي الذي يتمتع الان بدعم اوروبي اكبر رغم حراجة وضع اوكرانيا العسكري واعتراف روسيا الصريح الان ان نجاحاتها الاخيرة سببها قوات كوريا الشمالية.
انقلاب ترامب على اوكرانيا كان حقيقة نهاية لالتزامات الولايات المتحدة في العالم بما في ذلك امن اوروبا حيث اصبحت القاعدة الجديدة التزام امريكي لمن يدفع! في ملف ايران هناك مفاوضات وصفت بالجيدة لكنها لا تزال في مراحلها الاولى. وفي اليمن, فشلت الحملة الجوية حتى الان في تحقيق اهدافها.
انهى ترامب سياسات التنوع والمساواة والشمولية التي ركزت على السود والاقليات العرقية والدينية الاخرى والنساء وعكس هذه السياسات بتفضيل البيض المسيحيين. عفا ترامب عن مقتحمي الكونغرس. كل هذا ترجمته ارقام التأييد او الرفض الشعبي حيث تمتع ترامب في شهر شباط بدعم حوالي 52% من الامريكيين في حين انخفض هذا الى 44% الان ورفض 53% من الامريكيين سياساته. الخلاصة هي ان ترامب عاد بولاية ثانية بثقة اكبر وبفريق اكثر تطرفا وتناغما معه وبسياسات اقوى وبخبرة اكثر وقلة اكثراث اعلى تجاه المعارضة لكن الشعار الذي رفعه وهو امريكا اولا تحول على ارض الواقع الى امريكا لوحدها!
في النهاية تسير السياسات الامريكية منذ عام 2020 وظهور كوفيد فيما اسميه انا مسابقة الغباء!
ففي عام 2020 لم اتخيل مطلقا ان نجد رئيسا امريكيا اكثر غباء من ترامب خلال ادارته لازمة الكورونا - مقاومة الاغلاق والاستخفاف بالجائحة وتحريض الامريكيين ضد اللقاح وضد الكمامات مما ادى الى حوالي مليون و200 الف وفاة في الولايات المتحدة.
لكننا فوجئنا بعد عام 2021 برئيس اكثر غباء من ترامب حيث قضينا 4 سنوات من التضخم غير المسبوق الذي فتك بقدرات الامريكيين الشرائية بينما كان ملايين من المهاجرين غير الشرعيين يدخلون الولايات المتحدة وينشر بعضهم فديوهات في اليوتيوب والتكتوك عن ما يستلموها من اعانات حكومية لتشجيع ملايين اخرين على عبور الحدود!
وشاهدنا متاجر المدن الامريكية الكبرى وهي تتعرض لحملة سرقات - او نهب جماعي - يقوم بها مراهقون يصورون سرقاتهم وينشروها في وسائل التواصل!
ومرة ثانية لم اتخيل ان اجد رئيسا اغبى من بايدن, لكن ترامب - وبعد 100 يوم فقط - اثبت انني مخطئ! فقد قلب نصره التأريخي وبسرعة الى سياسات تزيد غباءا عن سلفه وتعاكسها في التطرف اليميني دون اي نجاح يذكر - اضف لذلك سخافات ضم كندا وغرينادا وقناة بنما وحربه ضد القضاء والجامعات والمناخ والمنظمات الدولية ووزارات الصحة والتعليم والمنح الحكومية الداخلية والخارجية! ما زال هناك وقت كثير لترامب فكل ما مر ليس سوى اقل من عشر ولايته الثانية...
اضف تعليق