ونحن نمر بهذه المحطة التاريخية نتوقف كثيرا عن تداعياتها على الشعب العراقي، الذي دفع الثمن ورغم هزيمة النظام في حرب الكويت، إلا إن قرار الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك عدم إسقاطه والإبقاء عليه لفترة أخرى، وهذه جريمة كبيرة ارتكبت من قبل أمريكا بحق الشعب العراقي، والمتمثلة بإبقاء النظام بل والسماح له بقمع الانتفاضة الشعبانية...
ستظل الذاكرة العراقية تحتفظ بما حدث في الثاني من آب 1990 من زاوية، تؤكد عدوانية النظام الصدامي كنظام فردي يتخذ القرارات المصيرية، وفق مزاجية فردية تعكس حجم ما كان يعيشه الشعب العراقي من مأساة في ظل نظام كهذا زج البلاد والعباد في حروب لا مبرر لها مما أفقد البلد فرصة التقدم أو على الأقل المحافظة على ما موجود من بنى تحتية وركائز اقتصادية وعلاقات دولية وعربية طبيعية جدا وهذا ما يجعلنا ندرك أن النظام آنذاك كان يهرب من الحلول نحو الأزمات الدولية.
وهذا ما تجلى بوضوح في غزو الكويت، حيث مثل فائض القوة العسكرية الموجود لدى النظام بعد نهاية حرب الخليج الأولى، وجعله يتصور أن الفرصة متاحة للهيمنة والسيطرة والعبث بخرائط المنطقة. ووجد أن الحرب من شأنها أن تغطي على الكثير من الأزمات، التي يعيشها النظام وفي مقدمتها الأزمات الاقتصادية عن تكلفة الحرب العراقية – الإيرانية.
إن ما حدث في الثاني من آب 1990 هز المنطقة والعالم بأسره، وضرب ثوابت كثيرة وشعارات كثيرة كان يرفعها النظام السابق بخصوص وحدة الصف العربي، وإن العدوان على أي بلد عربي عدوان على الأمة العربية وغيرها من الشعارات، التي تم تجاهلها من قبل إعلام النظام آنذاك، الذي بات يتغنى بما سمي (عودة الفرع إلى الأصل).
غزو الكويت لم يكن مفاجئا للشعب العراقي وحده، بل للكثير من أعضاء القيادة السياسية والعسكرية وأغلبهم سمع الخبر عبر المذياع، بما فيهم وزير الدفاع ورئيس الأركان، بل والكثير من الضباط والجنود، الذين شاركوا في هذا الغزو لم يعرفوا ذلك إلا لحظة دخولهم الكويت.
وهذا ما يعكس إن القرار فردي بامتياز ولكن ثمن ذلك دفعه شعب العراق وشعوب المنطقة، التي تحولت أراضيها لأكبر قاعدة عسكرية ضمت مئات الآف من الجنود من مختلف الجنسيات، وكانت النتيجة تدمير الجيش العراقي والبنى التحتية للبلد.
ونحن نمر بهذه المحطة التاريخية نتوقف كثيرا عن تداعياتها على الشعب العراقي، الذي دفع الثمن ورغم هزيمة النظام في حرب الكويت، إلا إن قرار الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك عدم إسقاطه والإبقاء عليه لفترة أخرى، وهذه جريمة كبيرة ارتكبت من قبل أمريكا بحق الشعب العراقي، والمتمثلة بإبقاء النظام بل والسماح له بقمع الانتفاضة الشعبانية، رغم إن اسقاط النظام آنذاك مبرر جدا ومقنع لكل العالم، خاصة إنه أظهر عدوانيته تجاه دول الجوار وعبث بأمن واستقرار العالم، وإن تركه يحكم مجددا يؤكد إن أمريكا لم تكن راغبة بإسقاطه واكتفت بتحرير الكويت كهدف رئيس لها.
ولم تفكر أمريكا بحماية سكان جنوب العراق من قمع النظام لهم، وتركت الأمر يجري وفق ما مخطط له من قبل صدام وأعوانه، الذين تفننوا في قمع الشعب العراقي في الجنوب. لذا فإن الشعب العراقي دفع فاتورة الثاني من آب مضاعفة، مرة بقصف طائرات وصواريخ التحالف الدولي لكل العراق، والمرة الثانية ما فعلته الآلة القمعية للنظام بملايين العراقيين في الجنوب العراقي الذي انتفض ضد النظام.
والمرة الثالثة بفاتورة التعويضات المادية والتي قدرت بأكثر من خمسين مليار دولار، تم تسديها من موارد الشعب العراقي للمتضررين من الدول والشركات والأفراد جراء مغامرة فردية قادها رأس النظام.
اضف تعليق