الغياب هنا يعني تعطيل لاهم وظيفة من وظائف مجلس النواب العراقي، وفي المقابل نجد هؤلاء النواب على شاشات الفضائيات يطلقون الخطب النارية المؤكدة حرصهم على مؤسسات الدولة ومحاربة الفساد والمضي بطريق الإصلاح الشامل للقطاعات الحكومية المتخلفة والتي كثيرا ما تعاني من سوء الإدارة...
أجل مجلس النواب جلسته الاعتيادية الى يوم الاثنين المقبل لعدم اكتمال النصاب، هذه الجملة كثيرا ما تطرق اسماعنا في نشرات الاخبار، يتم تكرارها لتكرار كسر النصاب من قبل أعضاء مجلس النواب، تُرى من يحاسب أعضاء المجلس الذين تتجاوز غيابتهم الحد المسموح به قانونيا.
ويعطي النظام الداخلي لمجلس النواب الحق لرئيس المجلس ونائبيه مجتمعين في حالة تكرر الغياب من دون عذر مشروع خمس مرات متتالية أو عشر مرات غير متتالية خلال الدورة السنوية أن يوجهوا تنبيهاً خطياً إلى العضو الغائب يدعونه إلى الالتزام بالحضور، وفي حالة عدم امتثاله لرئيس المجلس ونائبيه يُعرض الموضوع على المجلس بناء على طلب منهم.
وتنص ثالثا من المادة (18) على استقطاع من مكافأة عضو مجلس النواب في حالة غيابه نسبة معينة يحددها المجلس.
لم توضح هذه المادة النسبة المحددة، وترك المدة غير معلومة يحمل تفسيرات كثيرة، من بينها ان المجلس اعطى اعضاءه الحرية النسبية في عدم الحضور دون مساءلة قانونية وعقوبات تحتم عليهم حضور الجلسات وتمرير القوانين المعطلة والمتراكمة من الدورات السابقة.
عدد أعضاء مجلس النواب الحالي (329) عضو لكن العدد الحقيقي الذي يحضر للجلسات لا يتجاوز المئتين عضو من العدد الكلي، وهنا نطرح التساؤل الآتي، إذا كان الحضور لا يتعدى الثلثين فلماذا تم رفع العدد حسب النسبة السكانية؟
الزيادة كالنقصان هذه هي الحقيقية الواضحة، وهذه الزيادة تعني مضاعفة النفقات العامة وتكبيد الموازنة احمال ترهق كاهلها وبالنتيجة أصبح ارتفاع العدد مظهر من مظاهر الاضرار في البلد وليس عنصرا من عناصر تقويم وتقوية العملية السياسية.
مجلس النواب من المظاهر الحية على الديمقراطية في البلاد، وجاء أيضا وسيلة لخدمة الشعب من خلال اقتراح القوانين والتصويت عليها، لكنه تحول في الدورات الأخيرة الى ساحة لتبادل الاتهامات وتقديم عروض ملّت الناس من مشاهدتها، وتحولت شيئا فشيئا الى مقاطع كوميدية رخيصة في صالات عرض من الدرجة الثالثة.
استخدمت باحة مجلس النواب كوسيلة لتمرير الخطابات الطائفية والاستهدافات الشخصية وتصفية الحسابات بين الكتل، حتى وصلت الى مرحلة الشتائم والتدافع والضرب بقناني المياه البلاستيكية، مكونين مشهد لا يليق بالسياسة العراقية، وباعثين برسالة صريحة عن ترهل العملية السياسية ووصولها الى حالة غير متعافية كما المجالات والقطاعات الأخرى.
للغياب عن مجلس النواب تأثيرات كثيرة واضرار لا يمكن حصرها، خذ على سبيل المثال غياب رئيس اللجنة المعنية بقراءة قانون مهم كقانون النفط والغاز، او مرتبط بقضية جدلية كقضية المادة 140 المتعلقة بمصير كركوك والنزاع الدائر حولها مع حكومة الإقليم.
الغياب هنا يعني تعطيل لاهم وظيفة من وظائف مجلس النواب العراقي، وفي المقابل نجد هؤلاء النواب على شاشات الفضائيات يطلقون الخطب النارية المؤكدة حرصهم على مؤسسات الدولة ومحاربة الفساد والمضي بطريق الإصلاح الشامل للقطاعات الحكومية المتخلفة والتي كثيرا ما تعاني من سوء الإدارة.
بتنا اليوم بحاجة الى نظام داخلي لمجلس النواب أكثر وضوحا وصرامة لمعاقبة الأعضاء غير الملتزمين في الحضور المنتظم لمبنى البرلمان، وكما الموظف في الوزارات او الدوائر الأخرى يخضع لنظام البصمة عند الحضور والانصراف، فما الضير إذا وضعت أجهزة البصمة لضمان الحضور وإنجاز مشروعات القوانين المعطلة؟
اضف تعليق