وليس السياسة وحدها من دوخت العراقيين. ربما انتقلت العدوى إلى الدراما ايضا ولعل مسلسل (حيرة) الذي وصل عدد حلقاته بحيث يُؤهله لدخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأطول مسلسل عراقي في التاريخ. حيرَ هذا المسلسل المشاهد باللف والدوان حول صلب الموضوع دون أن يمسك المتلقي برأس الخيط. ومع استمرار...
يعيش العراقيون (حيرة) في فهم الكثير من الالغاز التي تحتاج إلى تفسير كالكهرباء والاموال التي انقفت عليها، والسرقات المليارية دون معرفة الجهات المتورطة بها وغيرها من الاحاجي التي تدور في رأس بعض العراقيين التي جعلتهم يصابون بـ(الدوخة) من كثرة التفكير في هكذا امور التي لا نهاية لها.
وليس السياسة وحدها من دوخت العراقيين. ربما انتقلت العدوى إلى الدراما ايضا ولعل مسلسل (حيرة) الذي وصل عدد حلقاته بحيث يُؤهله لدخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأطول مسلسل عراقي في التاريخ. حيرَ هذا المسلسل المشاهد باللف والدوان حول صلب الموضوع دون أن يمسك المتلقي برأس الخيط. ومع استمرار دوامة التكرار الذي يبدو أنها متاهة درامية دون الوصول إلى نقطة جوهرية. وربما نهاية المسلسل قد تدفع ببعض العراقيين بالاحتفال على طريقتهم، ونحر خروف لوجه الله سبحانه وتعالى على عاقبة الامور.
لمَ هذا اللف والدوان، فالموضوع لا يحتاج الى تلك البديهية لمعرفة جزء من النهاية كما يقول أهلنا الأولون "ما يحتاجله روَحَ للقاضي"، فلم يترك المؤلف تلك الحبكة الدرامية ذات النفس البوليسي بحيث يجعل المشاهد يضع عدة احتمالات، والعثور الاخت المفقودة منذ سنوات يمكن ان يخمنه الكثير، كما نهاية أن المسلسل باردة جدا وتقليدية لدرجة أن فريدة (براء الزبيدي) لمْ تتفاعل معها.
أين رد الفعل في ان تعرف أن عدوك اللدود هو اخوك؟! لا توجد انفعالات تؤكد هذه الدهشة سوى البرود المُداف بالبلادة. كان الأجدر بكاتب النص أن يركز على التفاصيل الدقيقة، ويوظفها في خدمة الموضوع من خلال خلق جو درامي فيه التشويق والمتعة. تكرار الاحداث ومطها أفقد المسلسل بعض بريقه، ولم يترك للمتلقي تلك المساحة في المتابعة.
ربما طول الحلقات، وعدم اختزلها هو من أضعف المحتوى، ولتعويض هذا وابعاد الملل عن المشاهد كان يمكن تقسيمه إلى جزاء، بدل من حشو هذا الكم الهائل من الحلقات الذي اتعب المتابع واصابه بالدوران كما فعل بعض كتاب الدراما العراقية في مسلسل (بيت الطين) و(ذئاب الليل) وغيرها من الاعمال الناجحة التي مازالت تذكرها الكثير من العراقيين حتى اليوم.
المسلسل وفُرت له الامكانيات المالية واللوجستية، ولكنه (حير) العراقيين دون يعطهم جواباً نفعاً في المغزى من عمل معروف نهايته سلفا. يبدو أنها (حيرة) اخرى تضاف للعراقيين على حيرتهم.
اضف تعليق